مع استمرار الحرب في قطاع غزة وتعثر المساعدات الدولية، سعت بعض الشركات الخاصة إلى سد احتياجات السكان وتزويدهم بالغذاء والسلع الأساسية، لتصبح مسؤولة عن توريد نسبة كبيرة من الحاجات الغذائية، متفوقة بذلك على وكالات الإغاثة الإنسانية التقليدية، وفق تقرير لصحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية.

بيد أن ذلك التحول، أفسح المجال أمام "استغلال" المواطنين من خلال رفع الأسعار بشكل كبير، حسب "الصحيفة البريطانية".

ووفق بيانات الجيش الإسرائيلي، فقد ارتفعت حصة المساعدات القادمة من الجهات الخاصة من 5 بالمئة في أبريل، إلى حوالي 60 في المئة في أغسطس وسبتمبر المنصرمين.

 ومع ذلك، يعاني الفلسطينيون في قطاع غزة من ارتفاع جنوني في الأسعار، حيث يتعين على التجار دفع رسوم ضخمة في السوق السوداء للحصول على تصاريح استيراد صادرة عن إسرائيل، بالإضافة إلى تكاليف باهظة لتأمين الحماية المسلحة لقوافلهم. 

ووفقًا لعدد من العاملين في مجال الإغاثة والتجار في غزة، فإن هذه التكاليف "يتم تحميلها مباشرة على السكان المحليين"، الذين يعانون من الجوع ونقص الغذاء.

ولفت أحد التجار الفلسطينيين إلى أن "كل وسيط يأخذ حصته من الأرباح على طول الطريق، وهناك قلة قليلة تربح بشكل كبير، بينما يعاني المستهلك"، مؤكدا أنه رغم توفر بعض المواد الغذائية بكميات جيدة، فإن أسعارها أصبحت خارج متناول الكثيرين.

ويتم توفير السلع الطازجة من قبل التجار الخاصين، كتكملة للمواد الجافة والمعلبة التي توفرها وكالات الإغاثة. لكن هؤلاء التجار يستوردون أيضًا سلعًا غير ضرورية مثل رقائق البطاطا، حسب "فاينانشال تايمز". 

وتعتبر إسرائيل جميع هذه السلع التجارية مساعدات إنسانية. ومع ذلك، أظهرت البيانات العسكرية الإسرائيلية أن حجم المساعدات الغذائية التي دخلت غزة الشهر الماضي، هو "الأدنى منذ فبراير".

وفي هذا الصدد، قال مدير التخطيط في وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، سام روز: "السلع التي يجلبها القطاع الخاص ليست مساعدات"،  مضيفا أن تلك السلع لا تلبي احتياجات السكان المحليين، "بل تعكس فقط ما يمكن أن يتوفر في السوق".

خبراء مستقلون: المجاعة تنتشر في أنحاء غزة قالت مجموعة من الخبراء المستقلين في مجال حقوق الإنسان المفوضين من الأمم المتحدة، الثلاثاء، إن زيادة عدد الوفيات مؤخرا بين الأطفال بسبب سوء التغذية في قطاع غزة تشير إلى انتشار المجاعة في أنحاء القطاع.

وفي الفترة بين مايو ويوليو، دخلت قطاع غزة شاحنات خاصة أكثر بمرتين من تلك التي أرسلتها المنظمات الإنسانية، حيث تعمل شبكة من التجار بين القاهرة والضفة الغربية وإسرائيل وغزة على تنسيق دخول الشاحنات عبر معبر كرم أبو سالم.

تراجع دور الأمم المتحدة

ومع ازدياد الفوضى وانعدام الأمن على طول طرق التوصيل، تراجع دور الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية في إيصال المساعدات، حيث أدى إغلاق معبر رفح مع مصر إلى تقليل عدد الشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية إلى أقل من الثلث، مقارنةً بالفترة بين أبريل وسبتمبر.

ووصف أحد التجار الفلسطينيين كيف أجبرته تكاليف السوق السوداء، التي تشمل شراء تصاريح الاستيراد واستئجار الحماية المسلحة، على رفع الأسعار في غزة.

وأوضح أن تكلفة استيراد شاحنة واحدة من الضفة الغربية إلى غزة كانت لا تتجاوز 300 دولار قبل الحرب، بينما تصل التكاليف في الوقت الحالي إلى ما بين 5000 و35000 دولار، حسب قيمة البضائع، بالإضافة إلى 3000 دولار للحماية و4000 دولار كحد أدنى لرسوم النقل.

ومنذ نوفمبر وحتى مايو، سمحت السلطات الإسرائيلية لخمس شركات فلسطينية فقط بالحصول على تصاريح لإدخال البضائع إلى غزة، مما منح هذه الشركات سيطرة كاملة على السوق، "لتبدأ في بيع التصاريح لتجار آخرين"، وفق "فاينانشال تايمز".

وعلى الرغم من توسيع نطاق منح التصاريح منذ أبريل، فإن التصاريح لا تزال تتركز في أيدي عدد قليل من التجار، مما يثير تساؤلات بشأن آلية منحها.

وفي هذا الصدد، أوضحت الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن الشؤون الإنسانية في غزة (كوغات)، أن "العديد من التجار يُسمح لهم بتسليم المساعدات، بشرط اجتيازهم فحوصات أمنية دقيقة".

ومنذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر، تعاني غزة من نقص حاد في السيولة وارتفاع البطالة، مما جعل المواد الغذائية المتوفرة بأسعار مرتفعة، غير متاحة للكثير من السكان.

في ذكرى حرب غزة.. مسيرات مؤيدة للفلسطينيين حول العالم خرج آلاف المتظاهرين إلى الشوارع في عدة مدن رئيسية حول العالم اليوم السبت للمطالبة بوقف إراقة الدماء في قطاع غزة مع اقتراب حلول الذكرى السنوية الأولى للصراع في الجيب الساحلي واتساع نطاقه في المنطقة.

وأوضح أبو شكري، الذي يعمل في مبادرة تضامن مجتمعية بوسط غزة، أنه لم يعد يستطيع تحمل شراء الطعام الطازج لجيرانه. 

وحسب برنامج الأغذية العالمي، ارتفعت أسعار الخضروات الطازجة بنسبة 170في المئة منذ بداية الحرب، بينما زادت أسعار الفاكهة الطازجة بنسبة 228 بالمئة.

وفي خان يونس، قفز سعر الكيلوغرام الواحد من الطماطم إلى 5 أضعاف. وفي هذا الصدد، أوضح الباحث في وزارة الاقتصاد الفلسطينية في غزة، محمد بربخ أن سعر الكيلوغرام من الطماطم وصل إلى 35 شيكلًا (حوالي 9.17 دولار). 

وقد تسببت المخاوف من إغلاق المعابر في الفترة القادمة، بسبب سلسلة من الأعياد اليهودية، في زيادة تخزين السلع، مما أدى إلى تفاقم الأزمة.

وفي شمال غزة، حيث تزداد الأوضاع سوءًا، يعيش السكان على الدقيق والمواد المعلبة القادمة من شاحنات الإغاثة، في ظل عدم السماح للتجار بجلب البضائع عبر المعابر التي تفصل الجنوب عن الشمال.

وأحد التجار الفلسطينيين، الذي كان يستورد بضائع من دبي والهند، أشار إلى أنه قلّص وارداته بشكل كبير لأن السكان لم يعودوا قادرين على شراء المنتجات، مضيفا: "السوق ممتلئ، لكن الناس لا يملكون القوة الشرائية".

ارتفاع جنوني للأسعار بمدينة غزة

وفي مدينة غزة، ارتفعت أسعار الطماطم بنسبة تتجاوز 8690 بالمئة، فيما ارتفعت أسعار البيض بنسبة 1829بالمئة. 

وما يزيد الوضع تعقيدًا، أن إسرائيل لا تسمح بمرور السلع بين مناطق القطاع المختلفة، مما يعمق من حدة الجوع في الشمال.

ولحماية بضائعهم من السرقات والنهب، يلجأ معظم التجار إلى توظيف "شركات أمنية"، وهي عبارة عن مجموعات مسلحة تتألف من 20 شخصًا أو أكثر، يحملون أسلحة تتراوح بين العصي والبنادق. 

وأوضح تاجر يدير أعماله من العاصمة المصرية القاهرة: "لا خيار أمامنا سوى توظيف الحماية".

من جهتها، ترفض الأمم المتحدة استخدام الحماية المسلحة، مما يجعلها عرضة للنهب، خاصة أن السجائر، الممنوعة من قبل إسرائيل، يتم تهريبها ضمن شاحنات المساعدات، مما يزيد من جاذبيتها كهدف للنهب، وفق الصحيفة البريطانية.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الأمم المتحدة فی قطاع غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

مواطنون يشكون ارتفاع أسعار الغاز في عدن بنسبة 90% ويتهمون الجهات الحكومية بحماية التجَّار

تشهد العاصمة اليمنية المؤقتة عدن أزمة خانقة في مادة الغاز المنزلي، إثر رفض مالكي المحطات التجارية الخاصة ببيع المادة بأقل من 14 ألف ريال للأسطوانة سعة 20 لتراً، بزيادة بلغت نحو 90%.

يأتي ذلك وسط اتهامات شعبية واسعة لوزارتي النفط والداخلية بالتواطؤ مع التجار المخالفين، وحمايتهم بدلاً من فرض الرقابة وضبط الأسعار، لا سيما بعد مضي أكثر من أسبوع على اندلاع الأزمة.

وأوضحت مصادر محلية لوكالة خبر، الأحد 2 مارس/ آذار 2025، أن مالكي المحطات الخاصة افتعلوا الأزمة قبل أيام من حلول شهر رمضان المبارك، حيث أغلقت المحطات أبوابها بشكل مفاجئ أمام المواطنين ومالكي مركبات النقل التي تعمل بوقود الغاز.

واستغل مالكو المحطات ارتفاع الطلب على الغاز خلال شهر رمضان، حيث سارع معظمهم إلى إغلاق محطاتهم بحجة نفاد الكمية، بينما قام آخرون برفع سعر الأسطوانة من 7500 ريال إلى 11 ألف ريال، مما أدى إلى تكدس طوابير طويلة من المواطنين الباحثين عن الغاز للطهي، إضافة إلى سائقي المركبات التي تعتمد عليه كوقود.

أزمة مفتعلة

كشفت المصادر أن الأزمة المفتعلة دفعت التجار إلى رفع السعر مجدداً ليصل إلى 14 ألف ريال للأسطوانة، مستغلين حاجة المواطنين الماسة للغاز، وسط غياب أي دور رقابي من الجهات الحكومية المختصة. وفتحت بعض المحطات أبوابها منذ فجر اليوم الأحد وحتى العاشرة صباحاً، لتبيع بالتسعيرة الجديدة.

وأكد مواطنون أن مفاوضات تجري بين الجهات الحكومية ومالكي المحطات بشأن خفض السعر إلى 8500 ريال للأسطوانة، أي بزيادة 1500 ريال عن التسعيرة السابقة، إلا أن التجار رفضوا ذلك، في خطوة اعتبرها المواطنون ابتزازاً ممنهجاً وسط غض طرف حكومي غير مبرر.

وأشار المواطنون إلى أن مالكي المحطات يسعون إلى فرض تسعيرة 14 ألف ريال بشكل دائم، معتبرين أن هذه الأزمة –إلى جانب أزمة الكهرباء التي شهدتها عدن منتصف فبراير الماضي– تكشف تورط جهات نافذة في الحكومة في افتعال الأزمات لتحقيق مكاسب خاصة.

وأكدوا أن الجهات الحكومية قادرة على ضبط الاحتكار ومعاقبة المخالفين، مطالبين بتشكيل لجان رقابية تلزم التجار بالبيع بالسعر الرسمي، بدلاً من تحميل المواطن تبعات هذه الأزمة، في ظل التدهور المعيشي والاقتصادي المستمر.

واتسعت دائرة الأزمة لتضرب المحافظات المجاورة، على رأسها لحج، أبين، شبوة والضالع، بحسب تأكيدات محلية.

وقبل اندلاع الحرب مطلع 2015، كان سعر الأسطوانة يتراوح بين 1200 - 1500 ريال، لكن منذ انقلاب الحوثيين في 21 سبتمبر/ أيلول 2014، شهدت الأسعار ارتفاعات متتالية.

ووفقاً لمصادر اقتصادية وأمنية، فإن الفساد المتغلغل في مؤسسات الدولة بالحكومة المعترف بها دولياً يلعب دوراً رئيساً في تفاقم الأزمات الاقتصادية والخدمية، حيث تسعى قوى نافذة إلى افتعال الأزمات لتحقيق مكاسب مالية على حساب معاناة المواطنين.

ويتهم المواطنون هذه القوى بالضلوع المباشر في الأزمة، والتواطؤ مع التجار وشركات الصرافة مقابل الحصول على نسبة من فوارق الأسعار، مؤكدين أن الجهات المسؤولة باتت جزءاً من المشكلة بدلاً من أن تكون جزءاً من الحل.

ولم تصدر الجهات الحكومية المعنية أي توضيح رسمي بشأن الأزمة حتى اللحظة، ما يزيد من حدّة الاتهامات الشعبية الموجهة إليها.

مقالات مشابهة

  • مواطنون يشكون ارتفاع أسعار الغاز في عدن بنسبة 90% ويتهمون الجهات الحكومية بحماية التجَّار
  • مع بداية رمضان.. ارتفاع في أسعار الخضراوات والفواكه بأسواق الدمام
  • عاجل - مع بداية رمضان.. ارتفاع في أسعار الخضراوات والفواكه بأسواق الدمام
  • 250 جنيًها على بطاقة التموين.. التجار يواجهون الحبس وغرامة 100 ألف جنيه حال قيامهم بهذا الفعل
  • السلطات تطلق رقما هاتفيا للتبليغ على التلاعب بجودة المواد الغذائية
  • جهود متواصلة لتوفير السلع الغذائية بالظاهرة
  • نقابة المواد الغذائية: مخزون وفير من المواد الغذائية وبأسعار مناسبة
  • ازدحام في أسواق القاهرة مع حلول رمضان: إقبال على المواد الغذائية والزينة وسط شكاوى من ارتفاع الأسعار
  • حصاد الزراعة| الوزير يفتتح معرض السلع الغذائية بأسعار مخفضة بالدقي
  • استعدادات مكثّفة لضمان استمرار توفر السلع الغذائية بمحافظة الظاهرة خلال شهر رمضان