مختصون لـ"الرؤية": اكتتاب "أوكيو للاستكشاف والإنتاج" يدعم إدراج بورصة مسقط ضمن "الأسواق الناشئة"
تاريخ النشر: 6th, October 2024 GMT
◄ الاكتتاب فرصة واعدة للمواطنين والمقيمين والمستثمرين
◄ اللواتي: الاكتتاب يدعم إيرادات "جهاز الاستثمار" ويزيد من القيمة السوقية لبورصة مسقط
◄ السيابي: اكتتاب "أوكيو للاستكشاف والإنتاج" يجذب المستثمرين المحليين والأجانب
الرؤية- ريم الحامدية
أكد عدد من المختصين أن طرح ما يصل إلى 25% من أسهم شركة "أوكيو للاستكشاف والإنتاج" للاكتتاب العام الأولي، سيشكل نقلة نوعية في تداولات بورصة مسقط، وذلك لأن هذا الطرح يعد الأكبر في سلطنة عمان، كما أنه الأول في قطاع الاستكشاف والإنتاج بعد نجاح اكتتابين سابقين لشركة أبراج لخدمات الطاقة وأوكيو لشبكات الغاز.
وسوف يجري الاكتتاب العام على فئتين، حيث تطرح الفئة الأولى (المؤسسات) من 30 سبتمبر 2024 إلى 10 أكتوبر 2024، أما الفئة الثانية (الأفراد) فتبدأ من 30 سبتمبر 2024 حتى 9 أكتوبر 2024.
وجرى تحديد النطاق السعري للاكتتاب في الفئة الأولى، والذي يتراوح بين 370 و390 بيسة للسهم الواحد، وسعر الاكتتاب في الفئة الثانية للمواطنين العمانيين 351 بيسة للسهم الواحد محسوبا على السعر الأعلى وهو 390 بيسة، مطروحا منه 10 في المائة، وللأفراد غير العمانيين بالسعر الأعلى وهو 390 بيسة للسهم الواحد.
ومن المتوقع أن يجمع الطرح العام الأولي ما يصل إلى 780 مليون ريال عماني (ما يعادل 2.026 مليار دولار) عند الحد الأقصى للنطاق السعري، مما يرفع قيمة الشركة إلى 3.120 مليار ريال عماني (ما يعادل 8.104 مليار دولار).
وقال الدكتور حيدر بن عبدالرضا اللواتي كاتب في الشؤون الاقتصادية، إن طرح أسهم أوكيو للاستكشاف والإنتاج للاكتتاب العام سوف يدعم إيرادات جهاز الاستثمار العماني، كما أن إعطاء أفضلية استثمارية للمواطن العماني من خلال تخفيض سعر سهم الاكتتاب يعزز إقبال المواطن على مثل هذه الطروحات الأولية، إذ يمكن للمكتَتِب الاحتفاظ بالسهم والحصول على العوائد المالية السنوية.
وأشار إلى أن هذا الاكتتاب يزيد من القيمة السوقية لبورصة مسقط ومن القيمة السوقية لأسهم الشركة، إذ إن الاكتتاب يجذب الكثير من المستثمرين من داخل السلطنة وخارجها، وذلك في إطار سياسة جهاز الاستثمار العُماني بالتخارج من بعض الأصول الحكومية وتحقيق أهداف "رؤية عُمان 2040"، وهذا الأمر يدعم جهود تنويع الاقتصاد العماني وتوسيع قاعدة المساهمين في سوق المال.
وأضاف اللواتي: "الاكتتاب سيجذب استثمارات وطنية وأجنبية وبالتالي تتحقق فوائد مرتبطة بالسيولة المحلية وزيادة الموارد الدولارية من الخارج، إذ إن حصة الفئة الأولى والتي تمثلها المؤسسات تبلغ 40% من إجمالي الطرح، فيما تم تخصيص نسبة 40% من الاكتتاب لكبار وصغار المستثمرين بالتساوي، وأخيرا تم تخصيص 20% من حجم الطرح لفئة المستثمرين الرئيسيين وهي لعدة شركات معروفة في إنتاج النفط وتصديره سواء على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي، ووجود هذه الشركات كمؤسسين رئيسيين يساعد على نجاح خطط الشركة الآنية والمستقبلية، خاصة وأن هناك أخبار سارة باكتشافات جديدة للنفط والغاز، الأمر الذي يساعد عىل تعزيز خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية لعمان في المستقبل".
وبيّن اللواتي أن هذا الاكتتاب يدعم خطط بورصة مسقط لتكون ضمن فئة "الأسواق الناشئة" ويزيد من قيمة الاستثمارات في السوق المالي ومن عمليات التداول اليومي، الأمر الذي يعطي الفرصة للمستثمرين وشركات الوساطة والمصارف في التفاعل فيما بينها، كما أن احتساب سعر السهم للأفراد العُمانيين بقيمة 351 بيسة للسهم يهدف إلى تحفيز العُمانيين على المشاركة في هذا النوع من الإصدارات وتمكنيهم لاستغلال الفرص الاستثمارية المتاحة أمامهم، بالإضافة إلى أن الاحتفاظ بأسهم هذه الشركات التي تضمن أرباحا مستقبلية سوف يساعد الاشخاص على مزيد من الادخار في سوق المال والحصول على عوائد أرباح ربع سنوية من هذه الأسهم.
من جانبه، قال الدكتور إبراهيم بن سالم السيابي خبير في الشؤون المالية، إن طرح أوكيو للاستكشاف والإنتاج سيدعم الإيرادات الحكومية لأن العائد من الاكتتاب سيتم تحويله إلى خزينة الدولة، مبينا: "بلا شك العائد من الاكتتاب عائد نقدي للخزانة، فهذا الاكتتاب يمكن أن يعود بسيولة من أجل إقامة مشاريع أخرى، وسيشهد سوق المال نشاطا كبيرا".
وأكد الخبير في الشؤون المالية أن الاكتتاب سيزيد من القيمة السوقية لبورصة مسقط، لأن المستثمرون يراهنون على شراء الأسهم التي من المتوقع أن تدر عليهم دخلا جيدا كالاستثمار طويل الأجل، أو من ارتفاع قيمة الأسهم والاستفادة من فرق الأسعار بين البيع والشراء، لافتا إلى أن الاكتتاب سيجذب استثمارات وطنية وأجنبية كثيرة، وبالتالي تتحقق فوائد مرتبطة بالسيولة المحلية وزيادة الموارد الدولارية من الخارج، إذ إن الاكتتاب سيحقق سيولة متوقعة لأن الشركة تحقق أرباحا ملحوظة ولها قيمة سوقية عالية، وبالتالي من المتوقع أن تشهد إقبالا واسعا على شراء الأسهم من الأفراد والمؤسسات.
وأوضح السيابي أن بورصة مسقط تعد من البورصات ذات السمعة الحسنة في المنطقة، ووجود تداول على أسهم عدد من الشركات الناجحة فيها يساهم في إثراء السوق المالي ويدعم جذب المستثمرين من الداخل والخارج، لأن طرح شركات المساهمة بشكل عام تثري الاقتصاد وتخلق سيولة لقطاعات مختلفة مثل الصناعة وقطاع المال وغيرها".
وفي السياق، تنظم شركة أوكيو للاستكشاف والإنتاج جولات تعريفية في المحافظات للتعريف بالاكتتاب، والرد على تساؤلات المواطنين وأصحاب الأعمال.
وفي إحدى هذه الجولات، أكد المهندس أحمد بن سعيد الإزكوي الرئيس التنفيذي لشركة أوكيو للاستكشاف والإنتاج، أهمية الاكتتابات في إثراء الاقتصاد الوطني وتوسيع قاعدة الملكية في الشركات الحكومية والتنوع الاقتصادي.
وأشار إلى أنَّ هذا الاكتتاب من شأنه أن يضفي المزيد من الشفافية والحوكمة على أداء الشركة ويتيح نتائجها وأداءها المالي للمتابعة من كل الجهات الرقابية المختصة، كما أن الاكتتاب يوفر فرصة كبيرة للمواطنين والمقيمين والمستثمرين خاصة وأن كمية الأسهم المطروحة تبلغ ملياري سهم.
وأضاف الإزكوي أن نسبة فئة اكتتاب الأفراد 40 بالمائة مقارنة بـ30 بالمائة في اكتتاب أوكيو لشبكات الغاز، وأنه تم منح خصم بنسبة 10 بالمائة من قيمة الأسهم لتحفيز المواطنين على توظيف مدخّراتهم في أدوات استثمارية.
ولفت الإزكوي إلى أن الشركة تسهم بشكل كبير في تعزيز الاستثمارات النفطية الحكومية، وحققت نجاحات متتالية في السنوات الماضية؛ وتعمل في مجال الاستكشاف والإنتاج النفطي، وتدير الشراكات الحكومية في مجال النفط والغاز مع كبريات الشركات العالمية المستثمرة في قطاع الطاقة في سلطنة عُمان.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: أوکیو للاستکشاف والإنتاج هذا الاکتتاب بورصة مسقط بیسة للسهم من القیمة إلى أن کما أن
إقرأ أيضاً:
مختصون: حماية الأحداث مسؤولية مشتركة .. والعقوبات البديلة ضرورة للإصلاح
تُعد ظاهرة جنوح الأحداث من أبرز القضايا الاجتماعية والأمنية التي تتطلب تضافر الجهود بين مختلف الجهات ذات الصلة لضمان حماية المجتمع من الجرائم، وفي الوقت نفسه تقديم الدعم اللازم لضمان إعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمع.
"عمان" استطلعت آراء عدد من المختصين في المجالين القانوني والأسري، حيث أكد المحامي المستشار إبراهيم بن سليمان البلوشي على أهمية التشريعات القانونية في حماية الأحداث من الوقوع في الجريمة باعتبارها تمثل إطارًا قانونيًا يهدف إلى حماية الأطفال والأحداث في سلطنة عمان، إلا إنها لا تقتصر عليها فحسب، بل تشمل جهودًا مشتركة ومستمرة من المؤسسات الحكومية والمجتمعية التي تعمل من خلال برامج توعية وتأهيلية تهدف إلى منع الأحداث من الوقوع في براثن الجريمة وتعزيز سلوكياتهم الإيجابية في المجتمع وتسهم في ضمان بيئة آمنة تسهم في بناء جيل قادر على الاندماج بشكل فعال في المجتمع، بعيدًا عن سلوكيات الانحراف والجنوح.
ويشير البلوشي إلى أهمية التعاون في مجال الوقاية والتوعية من خلال برامج توعية أسرية وتربوية تُنظم بالشراكة بين الجهات الأمنية والمؤسسات الاجتماعية والمدارس. تهدف إلى توعية الأسر بأهمية التربية السليمة ومتابعة الأبناء بشكل مستمر، مع التركيز على تعزيز دور المجتمع في الوقاية من الجنوح قبل حدوثه.
وأوضح أن التوعية المجتمعية والإعلامية تلعب دورًا محوريًا في نشر الوعي حول مخاطر الجنوح وأسبابه، من خلال حملات إعلامية تهدف إلى تسليط الضوء على سبل الوقاية منه.
التأهيل والإصلاح
وأضاف أن التعاون في مجال العلاج وإعادة التأهيل يشكل ركيزة أساسية للحد من الجنوح، حيث يتم تنفيذ برامج تأهيلية شاملة تقدم خدمات تعليمية ومهنية تهدف إلى مساعدة هؤلاء الأحداث على اكتساب المهارات اللازمة التي تسهل اندماجهم في المجتمع بعد الإفراج عنهم. كما لفت إلى أهمية التعاون مع الجهات المعنية لتوفير فرص تدريب مهني للأحداث داخل دور الرعاية أو الإصلاحيات، ودعمهم للحصول على فرص عمل بعد خروجهم، إضافة إلى برامج إعادة الإدماج المجتمعي التي توفر الدعم المستمر والمراقبة بعد الإفراج عنهم لضمان عدم عودتهم إلى الجريمة.
وأكد على ضرورة تعزيز البدائل غيرالعقابية مثل التدابير التأهيلية والعلاجية بدلًا من الاحتجاز في الحالات التي لا تتطلب ذلك
ضمان حقوق الحدث الجانح خلال مراحل التحقيق والمحاكمة بما يتماشى مع القوانين المحلية والاتفاقيات الدولية، والتعاون لإجراء دراسات ميدانية وتحليل أسباب الجنوح واتجاهاته، مما يسهم في وضع استراتيجيات فعّالة لمواجهة هذه الظاهرة.
ويرى البلوشي أن العقوبات يجب أن تكون قائمة على مبدأ الإصلاح وإعادة التأهيل بدلاً من العقاب وأن الأحداث الجانحين يُعتبرون في مرحلة تكوين نفسي واجتماعي، مما يتطلب معاملة خاصة تختلف عن معاملة البالغين، وأن تشمل العقوبات الإصلاحية مراقبة الحدث تحت إشراف قضائي لضمان تقويم سلوكه، بالإضافة إلى الإيداع في مؤسسات إصلاحية متخصصة لتعليمهم مهارات حياتية وإعادة تأهيلهم، مبينا أن الخدمة الاجتماعية تعد من أهم التدابير، حيث يُطلب من الحدث أداء أعمال تطوعية للمجتمع، مما يساعد على تنمية إحساسه بالمسؤولية ويعزز اندماجه في المجتمع بعد تأهيله.
التحديات والحماية القانونية
فيما يتعلق بمدى كفاية العقوبات الحالية لردع الأحداث الجانحين، يوضح أن الإجابة تتطلب النظر إلى مجموعة من العوامل المؤثرة. أولها هو ارتفاع معدلات الجرائم بين الأحداث، حيث تشير بعض التقارير إلى تصاعد نسب ارتكاب الجرائم بين القُصّر، مما يثير تساؤلات حول ما إذا كانت العقوبات الحالية رادعة بما فيه الكفاية. كما أن العديد من مراكز الإصلاح تفتقر إلى برامج إعادة تأهيل فعّالة تركز على تعديل سلوك الحدث وتوجيهه نحو حياة مستقرة بعد خروجه من المؤسسات العقابية.
وأشار البلوشي إلى أن العقوبات وحدها لا تكفي إذا لم يتم التعامل مع الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تدفع الأحداث إلى الجنوح، مثل الفقر، والتفكك الأسري، كما أن غياب المتابعات بعد الإفراج عن الأحداث يمثل ثغرة كبيرة، حيث يفتقر الكثير منهم إلى الدعم المطلوب، مما يعرضهم للعودة إلى السلوك الإجرامي بسبب البيئة التي يعودون إليها.
أوضح البلوشي أن الحماية تبدأ بمراعاة سن المسؤولية الجنائية، حيث تحدد معظم القوانين سنًا معينًا يُعتبر بعدها الحدث مسؤولًا جنائيًا. وبالنسبة لأولئك الذين لم يتجاوزوا هذا السن، يتم تبني بدائل إصلاحية بعيدًا عن العقوبات السالبة للحرية. كما يشدد القانون على ضرورة الحد من التوقيف، حيث يُسمح به فقط في أضيق الحدود ولفترة محدودة تحت إشراف جهة قضائية مختصة.
ومن بين الضمانات الأساسية التي تضمن حقوق الحدث، أوضح البلوشي أن القانون يفرض إخطار ولي الأمر فور توقيف الحدث لضمان دعمه الأسري والقانوني في هذه المرحلة، فضلاً عن ضرورة توفير محام للدفاع عن الحدث أثناء التحقيق والمحاكمة. وأشار إلى أن سرية المحاكمات تعد من الضمانات الهامة، حيث تتم محاكمة الأحداث في جلسات مغلقة لحفظ خصوصيتهم وعدم تعريضهم للوصم الاجتماعي، وأن محاكم الأحداث عادة تتبنى عادة نهجًا إصلاحيًا يركز على إعادة تأهيل الحدث بدلاً من اللجوء إلى العقوبات الجنائية القاسية.
وفيما يتعلق بالإجراءات التي تضمن عدم تعرض الحدث الجانح للاستغلال أو سوء المعاملة، أكد البلوشي أن القوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية تفرض مجموعة من الضمانات لحماية الأحداث أثناء فترات التوقيف أو التحقيق أو العقوبة. من أبرز هذه الضمانات، الفصل بين الأحداث والبالغين في أماكن التوقيف، مما يحد من تعرضهم لمخاطر العنف أو التأثير السلبي من المجرمين البالغين.
وأضاف البلوشي أن من الجهود المهمة التي يجب أن تُبذل هو العمل على تحسين أوضاع مراكز الرعاية والتأهيل للأحداث الجانحين، حيث يجب أن توفر بيئة آمنة وداعمة تسهم في إعادة دمجهم في المجتمع. ولفت إلى أن حملات تدريبية تستهدف العاملين في مجال عدالة الأحداث، بما في ذلك القضاة، والشرطة، والأخصائيين الاجتماعيين، تعد ضرورية لضمان تعاملهم مع الأحداث وفقًا للمعايير الحقوقية، مما يساعد على تحقيق التوازن بين الردع والإصلاح بشكل يتماشى مع حقوق الإنسان.
أساليب التربية
وتؤكد المحامية فاطمة بنت خميس المقبالية أن الجنوح هو سلوك عدواني يظهر في مرحلة المراهقة، ويعكس تصرفات تدل على سوء الخلق والفوضى والاستهتار، وهو ما قد يؤدي إلى ارتكاب الجرائم. وأوضحت أن هذا السلوك يمكن أن يكون نتيجة لعدة عوامل تؤدي إلى انحراف الأحداث، أبرزها العوامل النفسية مثل الحرمان المبكر أو الصراعات الأسرية والاجتماعية، التي تخلق مشاعر القلق والتوتر، ما يدفع المراهقين إلى سلوكيات غير سوية. كما أن العوامل الاقتصادية تلعب دورًا كبيرًا، حيث قد يدفع الفقر أو الحرمان المراهقين إلى البحث عن طرق غير قانونية لتلبية احتياجاتهم، خاصة في ظل غياب التواصل الإيجابي بين الوالدين والطفل.
وأضافت المقبالية أن العوامل الاجتماعية، مثل الخلافات الأسرية المستمرة والتوتر بين أفراد العائلة وغياب الاحترام بين الأبوين، تسهم بشكل مباشر في انحراف الأحداث، مشيرة إلى أن الطلاق أو الحرمان من أحد الأبوين يترك أثرًا نفسيًا عميقًا، كما أن العنف الأسري أو التدليل المفرط وصرف الأموال بلا ضوابط كلها سلوكيات تخلق بيئة غير صحية، مما يدفع المراهق نحو الجنوح.
وفيما يخص الحلول المقترحة، ترى المقبالية أن الأطفال في هذه المرحلة العمرية بحاجة إلى رعاية وتوجيه مستمرين، لا سيما فيما يتعلق باختيار الأصدقاء والتعامل مع المجتمع،كما ينبغي تنويع أساليب التربية، وتذكير الأسرة بدورها الأساسي في غرس القيم الأخلاقية من خلال الحوار والتفاهم المتبادل بين الآباء والأبناء، مشيرة إلى أن التربية السليمة هي مسؤولية مشتركة بين الأب والأم، داعية إلى أهمية تجنب مناقشة المشكلات الأسرية أمام الأطفال، خصوصًا تلك التي تتجاوز قدراتهم الإدراكية، كما دعت إلى ضرورة أن يلعب المجتمع دوره في مكافحة هذه الظاهرة، بدءًا من المؤسسات التعليمية التي ينبغي أن تخلق بيئة دمج حقيقية للأطفال، والعمل على رصد أي اضطرابات سلوكية في مراحل مبكرة، كما على الإعلام أن يراعي عند تقديم محتواه الابتعاد عن القصص التي تروج للعنف أو تقلل من هيبة القانون، مع التركيز على تقديم برامج ترفيهية وتثقيفية هادفة تراعي احتياجات المراهقين النفسية والفكرية. وأكدت المحامية على أهمية تعزيز دور الأسرة في حماية الأطفال من العنف وسوء المعاملة، مع نشر الوعي بين الآباء حول المشكلات النفسية والاجتماعية التي قد يواجهها المراهقون. وأشارت إلى أن الأنشطة التثقيفية والترفيهية التي تلبي احتياجات الشباب تخلق بيئة صحية تساعدهم على ملء أوقات فراغهم بشكل إيجابي، فمن الضروري منح الأطفال والمراهقين الفرصة للتعبير عن آرائهم ومشاعرهم، وتنمية الوعي الديني والقيمي لديهم، مع الحرص على تجنيبهم آثار الخلافات العائلية.
دور الأسرة
من جانبها، أكدت نادية بنت راشد المكتومية الرئيسة التنفيذية لمركز نادية المكتومية للإرشاد النفسي والاستشارات الأسرية، أن الأسرة هي اللبنة الأساسية في بناء شخصية الأبناء وتوجيههم نحو السلوك السليم، خاصة في مرحلة المراهقة التي تشهد تغيرات نفسية وسلوكية عديدة. وأوضحت أن البيئة الأسرية المتوازنة، التي تجمع بين الرقابة الوالدية والاستقلالية، تعد العامل الرئيسي في حماية الأبناء من الانحراف، حيث تعزز فيهم قيم الرقابة الذاتية والتواصل الفعّال.
وبيّنت المكتومية أن العلاقة الأسرية المبنية على الحب والاحترام والتفاهم تقلل من احتمالية انحراف الأبناء، بينما التفكك الأسري أو الإهمال العاطفي قد يدفع الأبناء للبحث عن انتماءات أخرى غير آمنة. وأضافت أن توفير بيئة أسرية مستقرة وداعمة يساعد الأبناء في بناء شخصية قوية ومتزنة، قادرة على اتخاذ قرارات صائبة وتحمل المسؤولية.
أساليب التربية
أكدت المكتومية أن أساليب التربية المتطرفة، سواء من خلال المراقبة الصارمة أو منح الحرية المطلقة، قد تؤدي إلى نتائج غير مرغوبة. فالرقابة المشددة قد تدفع الأبناء إلى البحث عن الحرية بطرق غير صحيحة، في حين أن الإهمال قد يخلق لديهم شعورًا بعدم الاهتمام، مما يجعلهم أكثر عرضة للتأثر بأقران السوء أو الانخراط في سلوكيات غير سليمة. وأشارت إلى أن الحل الأمثل يكمن في تحقيق التوازن بين الرقابة والاستقلالية، بحيث يُتاح للأبناء مساحة لاتخاذ قراراتهم الخاصة، مع وجود إرشاد غير مباشر من الوالدين يساعدهم على التمييز بين الصواب والخطأ.
ولفتت المكتومية إلى أن غرس الرقابة الذاتية في الأبناء منذ الصغر يُعد من أهم القيم لحمايتهم من الانحراف، بحيث يكون لديهم وعي داخلي يوجه سلوكهم، بدلاً من أن يكونوا مدفوعين بالخوف من العقاب. وأضافت أن هذا التوجه يتطلب تعزيز القيم الدينية والأخلاقية في الحياة اليومية للأبناء، وتعليمهم تحمل المسؤولية عن أفعالهم وقراراتهم، إلى جانب تقديم القدوة الحسنة من قبل الوالدين في السلوك والتصرفات.
وأكدت المكتومية أن الحوار الأسري المفتوح والودي يعد من العوامل الرئيسية لحماية الأبناء من الانحراف، حيث يتيح لهم فرصة التعبير عن أفكارهم ومشاعرهم بحرية، مما يعزز ثقتهم بأنفسهم ويجعلهم أقل عرضة للبحث عن مصادر أخرى قد تكون مضللة. وأوضحت أن هذا النوع من الحوار يساعد في تقوية العلاقة بين الآباء والأبناء وتعزيز الشعور بالانتماء، كما يسهم في فهم احتياجات الأبناء وتوجيههم بطريقة إيجابية، ويحصنهم ضد التأثيرات السلبية من الأقران أو وسائل الإعلام.
الوعي الرقمي
وتطرقت نادية بنت راشد المكتومية إلى تأثير التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي على سلوكيات المراهقين، حيث أصبح الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من حياتهم اليومية. وأوضحت أن الدراسات الحديثة تشير إلى أن التعرض المستمر للمحتوى العنيف وغير الملائم قد يترك آثارًا سلبية على تفكير وسلوكيات المراهقين. على سبيل المثال، تسهم الألعاب الإلكترونية العنيفة، ومقاطع الفيديو التي تروج للتنمر، والمحتوى غير الأخلاقي في تعزيز السلوكيات العدوانية وتقليل التعاطف مع الآخرين. كما قد يدفع المراهقين إلى تقليد التصرفات السلبية التي يشاهدونها عبر الإنترنت.
وأشارت المكتومية إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت ساحة مفتوحة لنشر محتوى غير ملائم قد يؤثر بشكل كبير على القيم والمعتقدات لدى المراهقين. في هذا السياق، يصبح هؤلاء المراهقون أكثر عرضة لتبني أفكار وسلوكيات غير سليمة، بما في ذلك المشاركة في التحديات الرقمية الخطيرة التي قد تقودهم إلى خوض تجارب محفوفة بالمخاطر بهدف تحقيق شعبية زائفة أو الحصول على إعجابات وتعليقات.
وأكدت المكتومية أن الوعي الرقمي أصبح من أهم الوسائل لحماية المراهقين من التأثيرات السلبية للتكنولوجيا فلم يعد كافيا الاعتماد فقط على الرقابة الأبوية، بل يجب تعليم الأبناء كيفية التفاعل مع المحتوى الرقمي بشكل واعٍ ومسؤول. وتُعتبر التربية الرقمية جزءًا أساسيًا من عملية التنشئة الاجتماعية، حيث يتم تعليم المراهقين كيفية التمييز بين المحتوى المفيد والضار، وتعزيز التفكير النقدي لديهم ليتمكنوا من التعامل بحذر مع الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة المنتشرة على الإنترنت.
كما تناولت أهمية إشراك المراهقين الذين تورطوا في العنف الإلكتروني أو التنمر الرقمي في حملات توعوية حول مخاطر الإنترنت، أو تمكينهم من العمل في مؤسسات تقدم الدعم النفسي لضحايا العنف الرقمي. بهذه الطريقة، يُمكن للمراهقين أن يدركوا عواقب أفعالهم ويقوموا بتصحيح سلوكهم بطريقة أكثر استدامة مقارنة بالعقوبات التقليدية.
وأشارت إلى أهمية فتح قنوات التواصل بين الأهل والأبناء لمساعدتهم في التوجيه الصحيح لاستخدام التكنولوجيا. كما يجب وضع ضوابط واضحة ومتوازنة للحد من الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي وتعزيز فكرة استخدام الإنترنت بطريقة إيجابية.
أكدت المكتومية على إعادة النظر في طرق معالجة الانحرافات السلوكية، حيث إن العقوبات التقليدية مثل السجن أو الغرامات قد لا تكون الحل الأمثل، بل قد تزيد من عزلة المراهق عن المجتمع وتؤثر سلبًا على مستقبله فالحلول البديلة مثل الخدمة المجتمعية أو برامج التأهيل أصبحت أكثر فاعلية في تحقيق إصلاح حقيقي للمراهقين المخالفين.