عام على العدوان.. شوارع غزة تتحول لمقابر بانتظار وداع لائق لشهدائها
تاريخ النشر: 6th, October 2024 GMT
في الذكرى السنوية الأولى للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، تستمر شوارع القطاع في احتضان جثامين أبنائها، شاهدة على ألم لا يُحتمل وعائلات ما زالت تنتظر لحظة وداع تليق بأحبائها.
آمال الأسود، من حي الشيخ رضوان شمالي مدينة غزة، تواصل يوميا زيارة قبري زوجها سامي وصهرها مصطفى، اللذين دُفنا بساحة ملعب كرة قدم خلف منزلهما، بعدما استشهدا خلال غارة جوية إسرائيلية في يناير/كانون الثاني 2024.
آمال، وهي أم لـ8 أبناء، تجلس قرب قبر زوجها، تحدثه بصوت يملؤه الشوق، وتخنقه الدموع: "إن شاء الله تكون سامعني".
وفي حديثها للأناضول، تضيف آمال بحزن: "زوجي خرج لمساعدة شقيقته في جلب بعض الأغراض من بيتها ببلدة بيت لاهيا شمالي قطاع غزة، وكان صهري يرافقه، لكن في طريق عودتهم، استهدفتهم طائرات الاحتلال بصاروخ، فاستشهدا معا".
وعندما تعذر على العائلة الوصول إلى المقابر الرسمية بسبب القصف المتواصل من قبل الجيش الإسرائيلي وتعمده قطع الطرقات وتدمير البنى التحتية واستهداف المدنيين، لم تجد آمال وأقاربها مكانا سوى ساحة ملعب خلف المنزل لدفن أحبائها.
ومنذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، لجأ كثيرون مثلها إلى دفن الشهداء في مقابر مؤقتة وسط الشوارع، وفي ساحات المنازل والملاعب، وحتى على الأرصفة، وغيرها من المرافق، وباتت هذه المقابر العشوائية رمزا للمأساة الإنسانية المتفاقمة بالقطاع.
ووفقا لإحصائية صادرة عن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، في سبتمبر/أيلول الماضي، فإن حرب إسرائيل على غزة خلفت أكثر من 120 مقبرة جماعية عشوائية لاحتضان جثامين من قضوا تحت نيران قصفها المتواصل.
ومع مرور عام على العدوان، لا يزال كثير من عائلات شمال غزة تنتظر فرصة نقل جثامين أحبائها إلى مقابر تليق بهم، لكنها تصطدم بعدة عقبات، من بينها اكتظاظ المقابر الرسمية، وصعوبة التنقل في ظل استمرار القصف والدمار.
وكانت آمال قد قررت، قبل أشهر، نقل جثماني زوجها وصهرها إلى مقبرة رسمية، لكنها تراجعت بعد إصرار ابنتها النازحة إلى جنوب قطاع غزة على أن يبقيا كما هما حتى تتمكن من العودة لوداعهما.
تقول آمال: "الأفضل هو الدفن في مقبرة رسمية، لكن بعض الأهالي يخشون نقل الجثامين الآن بسبب الظروف الأمنية أو انتظارا لعودة النازحين".
وتشير إلى أن كثيرا من القبور العشوائية المؤقتة ما زالت منتشرة في شوارع غزة وبين البيوت.
ملاعب تحولت لمقابرفي حي الشيخ رضوان، تحول ملعب التوحيد إلى مقبرة عشوائية مؤقتة منذ الأيام الأولى لحرب الإبادة الإسرائيلية.
ويروي محمود أبو فول، أحد سكان الحي، للأناضول ما حدث قائلا: "لم يتمكن الناس من الوصول للمقابر الرسمية لدفن الشهداء بسبب استهداف الاحتلال للطرقات والأهداف المتحركة في شمال القطاع، فتوجهوا إلى الملعب، حيث دُفن هناك حوالي 250 شهيدا، وما زالت معظم جثامينهم في مكانها حتى اليوم.
يضيف محمود: "نقل الجثامين بعد هذا الوقت يحتاج إلى فرق مختصة وتكاليف كبيرة، والأهالي اليوم بالكاد يستطيعون توفير أساسيات الحياة".
تهديد الكلاب الضالة
ليس فقط خطر القصف هو ما يواجه أهالي غزة، بل أيضا تهديدات من نوع آخر.
فقد اضطر إبراهيم المصري -النازح مع عائلته من بلدة بيت حانون إلى مخيم جباليا للاجئين شمال غزة- لدفن شقيقه محمود الذي قُتل إثر إصابته بشظايا قذيفة مدفعية أطلقها الجيش الإسرائيلي، في أرض زراعية بعدما تعذر عليه الوصول للمقبرة الرئيسية.
وفي حديث للأناضول، يقول المصري: "ما زال جثمان شقيقي هناك منذ ديسمبر/كانون الأول بسبب صعوبة الوصول للمقبرة الرسمية في بيت حانون لإعادة دفنه هناك".
ويضيف "نزور القبر يوميا خوفا من الكلاب الضالة التي نبشت العديد من القبور بالشوارع"، قبل أن يقول والألم يعتصر قلبه "من حق كل ميت أن يُدفن بطريقة آدمية تحفظ كرامته، لكن ما يحصل في غزة عكس ذلك، حيث تنتشر جثامين الشهداء في الشوارع وعلى الأرصفة".
ويعرب المصري عن أمنيته في أن تنتهي حرب الإبادة الإسرائيلية قريبا وتعود الحياة تدريجيا لغزة بعد ما حل بها من دمار وموت، ونتمكن من دفن شقيقي بطريقة تليق به بوصفه شهيدا.
عدوان مستمرويستمر العدوان الإسرائيلي على غزة بدعم أميركي مطلق، مخلفا وراءه أكثر من 138 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، وعشرات الآلاف من المفقودين، وسط دمار شامل ومجاعة قاتلة.
وبينما تواصل إسرائيل تجاهل قرار مجلس الأمن الدولي بوقف العدوان، ومطالبات محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لوقف الجرائم وتحسين الأوضاع الإنسانية بغزة، يعيش أهالي القطاع في مأساة مستمرة، لا تتوقف عند حدود الحياة، بل تتجاوزها إلى الموت أيضا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
تصاعد العدوان الإسرائيلي على غزة وارتفاع حصيلة الشهداء إلى 30 منذ فجر اليوم
قال يوسف أبو كويك، مراسل "القاهرة الإخبارية" من غزة، إن التصعيد الإسرائيلي المتواصل على القطاع أسفر عن استشهاد 30 مواطنًا منذ فجر اليوم، الخميس، فقط، في سلسلة غارات مكثفة تركزت بشكل رئيسي على شمال القطاع ومدينة غزة.
وأوضح أن آخر الشهداء سقطوا في بلدة الزوايدة وسط القطاع، حيث استُهدِف ثلاثة أفراد من عائلة واحدة – شقيقان وطفلة – بصاروخ أطلقته طائرة مسيّرة إسرائيلية، ما أدى أيضًا إلى إصابة عدد من المدنيين نُقلوا إلى مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح.
وأضاف أن مدينة جباليا شمال غزة كانت مسرحًا لأبشع المجازر اليوم، بعد استهداف طيران الاحتلال مبنى سكنيا قالت إسرائيل إنه يُستخدم كمركز قيادة من قبل حركتي حماس والجهاد الإسلامي، ما أدى إلى استشهاد عشرة مواطنين وإصابة آخرين بجروح متفاوتة، تم نقلهم إلى مستشفى الشفاء في غزة والمشفى الإندونيسي شمالًا، كما استُهدِفت مناطق أخرى في حي الشيخ رضوان، إضافة إلى وادي العرايس جنوب شرق حي الزيتون، حيث لا تزال فرق الإنقاذ عاجزة عن الوصول لعدد من الشهداء بفعل القصف المدفعي المتواصل.
وفي محافظة خان يونس جنوب القطاع، سقط سبعة شهداء في غارات استهدفت منازل وخيامًا للنازحين، فيما هرعت طواقم الدفاع المدني قبل قليل إلى منزل قصفته الطائرات الإسرائيلية في المنطقة الشرقية للمدينة، دون توفر معلومات مؤكدة حتى اللحظة عن عدد الضحايا.
من جهة أخرى، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية خروج مستشفى "الدرّة" للأطفال من الخدمة بشكل كامل بعد تعرضه لاستهداف مباشر أدى إلى تدمير البنية التحتية، بما في ذلك وحدات العناية المركزة وألواح الطاقة.
وبذلك، لم يتبقَ أي مستشفى مخصص للأطفال داخل مدينة غزة، بعد أن دمّر الاحتلال سابقًا مستشفى "النصر" خلال العملية البرية في العام الماضي.