مفاجآت جديدة عن تفجيرات البيجر.. هكذا خرقت إسرائيل حزب الله!
تاريخ النشر: 6th, October 2024 GMT
لا تزال تفجيرات أجهزة "البيجر" اللاسلكية المحمولة من قبل عناصر "حزب الله" تثير الكثير من التساؤلات بشأن مصدرها وطريقة تفجيرها وسلال توريدها. كشف تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية تفاصيل جديدة عن تفجيرات أجهزة "البيجر" اللاسلكية المحمولة من قبل عناصر "حزب الله"، واصفة إياها بـ"عملية استخباراتية نفذها جهاز الموساد الإسرائيلي لاختراق الحزب".
وأوضحت الصحيفة الأميركية، أن "الموساد" عمل على تزويد عناصر "حزب الله" بأجهزة اتصال "مُفخخة"، مشيرةً إلى أن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي استطاع من خلال تخطيط دقيق على مدى سنوات وتكنولوجيا متقدمة، أن يزرع قنابل موقوتة في أيدي الحزب.
وذكر التقرير، أنه قبل عامين، تم تقديم عرض لـ"حزب الله"، بشأن جهاز "البيجر" من طراز "أبولو AR924"، على أنه مناسب لاحتياجات الحزب للتواصل بين عناصرها المترامية الأطراف، ورغم أنه جهاز ضخم بعض الشيء، إلا أنه متين، ومُصمَم لتحمل الظروف في ساحات المعارك، ومقاوم للماء، وله بطارية ضخمة يمكنها العمل لشهور دون الحاجة إلى إعادة الشحن، ولا يمكن تعقبه من قبل الاستخبارات الإسرائيلية.
وأشارت إلى أن "قادة حزب الله أُعجبوا بهذه الأجهزة إلى الحد الذي جعلهم يشترون 5 آلاف منها، وبدأوا في توزيعها على المقاتلين من المستوى المتوسط، وأفراد الدعم في شباط الماضي". وقالت الصحيفة إن المعلومات الواردة في التقرير، بما في ذلك التفاصيل الجديدة، تستند إلى مقابلات مع مسؤولين أمنيين، وسياسيين، ودبلوماسيين إسرائيليين، وأميركيين، فضلاً عن مسؤولين لبنانيين وأشخاص مقربين من "حزب الله"، والذين تحدثوا جميعاً شريطة عدم الكشف عن هويتهم عن خطة استمرت لسنوات بدأت في مقر "الموساد".
"صممه الموساد.. وجمع في إسرائيل" ووفقاً لمسؤولين إسرائيليين وأميركيين مطلعين، فإن فكرة "عملية البيجر" نشأت في عام 2022، وبدأت أجزاء من الخطة تتبلور قبل أكثر من عام من هجوم حركة "حماس" في تشرين الأول الماضي على جنوب إسرائيل، وكان ذلك وقتاً هادئاً نسبياً على الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان.
وقالت الصحيفة، نقلاً عن مصادرها، إن "الموساد عمل لسنوات على اختراق حزب الله من خلال المراقبة الإلكترونية وتجنيد عملاء، وبمرور الوقت، أدرك قادة الحزب مدى ضعف الجماعة أمام المراقبة والاختراق الإسرائيليين، حتى إنهم كانوا يخشون أن تتحول حتى الهواتف المحمولة العادية إلى أجهزة تنصت وتتبع، تسيطر عليها تل أبيب".
وبحسب المسؤولين، فإنه "فكرة البيجر ولدت انطلاقاً من هذا المبدأ، إذ كان حزب الله يبحث عن شبكات إلكترونية محصنة ضد الاختراق لنقل الرسائل، وتوصل الموساد إلى فكرة دفع التنظيم إلى شراء أجهزة تبدو مثالية لهذه المهمة، وهي المعدات التي صممها الجهاز الإسرائيلي نفسه، وقام بتجميعها في تل أبيب". المرحلة الأولى وبدأت المرحلة الأولى من الخطة، وهي أجهزة الاتصال اللاسلكية "المفخخة"، بالتسلل إلى لبنان بواسطة "الموساد" منذ ما يقرب من عقد من الزمان في عام 2015، وكانت الأجهزة تحوي بطاريات كبيرة الحجم، ومتفجرات مخفية، ونظام إرسال يمنح إسرائيل إمكانية الوصول الكامل إلى اتصالات "حزب الله".
ونقلت الصحيفة عن المسؤولين، أن "الإسرائيليين اكتفوا على مدى 9 سنوات بالتنصت على حزب الله، مع الاحتفاظ بخيار تحويل الأجهزة اللاسلكية إلى قنابل في أي وقت، ولكن بعد ذلك جاءت فرصة جديدة، وهي: جهاز لاسلكي صغير مزود بمتفجرات قوية، وفي مفارقة لم تتضح إلا بعد عدة شهور، انتهى الأمر بحزب الله بدفع أموال غير مباشرة للإسرائيليين مقابل القنابل الصغيرة التي قتلت وأصابت عناصره".
ونظراً لأن قادة "حزب الله" كانوا على دراية بنية "التخريب المحتمل"، فإنه أجهزة "البيجر" كان من المستحيل أن تأتي من إسرائيل أو الولايات المتحدة أو أي حليف إسرائيلي آخر، ولذلك، في عام 2023، بدأ الحزب ينظر في عروض لشراء كميات كبيرة من هذه الأجهزة التي تحمل علامة "أبولو"، وهي علامة تايوانية، ولها خط إنتاج يتم توزيعه عالمياً دون أي روابط واضحة مع المصالح الإسرائيلية، وقال المسؤولون إن "الشركة التايوانية لم تكن على عِلم بالخطة".
وجاء عرض المبيعات من مسؤولة تسويق موثوق بها لدى "حزب الله"، ولها صلات بـ "أبولو"، وكانت هذه المسؤولة، التي رفض المسؤولون الكشف عن هويتها أو جنسيتها، ممثلة سابقة لمبيعات الشرق الأوسط لدى الشركة التايوانية، ولديها تراخيص لبيع أجهزة "البيجر" التي تحمل علامة "أبولو"، وفي وقت ما من عام 2023، عرضت على "حزب الله" صفقة لشراء أحد المنتجات التي تبيعها شركتها وهو جهاز AR924 القوي والموثوق.
"متفجرات قوية داخل البطارية" وقال مسؤول إسرائيلي مطلع على تفاصيل العملية: "كانت المسؤولة المشار إليها هي التي تتواصل مع حزب الله، وشرحت لهم لماذا كان الجهاز ذو البطارية الأكبر أفضل من النموذج الأصلي"، مضيفاً أن "من بين المميزات الرئيسية لجهاز AR924، هي أنه من الممكن شحنه بكابل، وأن البطارية الخاصة به تدوم لفترة أطول".
وكما تبين، فقد تمت الاستعانة بمصادر خارجية للإنتاج الفعلي للأجهزة، و"لم يكن لدى المسؤولة عن التسويق أي عِلم بالعملية، كما لم تكن على عِلم بأن أجهزة البيجر تم تجميعها فعلياً في إسرائيل تحت إشراف الموساد"، بحسب المسؤولين.
وكانت الأجهزة الخاصة التي جمعها "الموساد"، والتي يزن كل منها أقل من 3 أونصات، تتضمن ميزة فريدة، وهي مكان للبطارية يمكنه إخفاء كمية ضئيلة من المتفجرات القوية، وفقاً للمسؤولين المطلعين على الخطة.
وأشار المسؤولون إلى أنه "في إنجاز هندسي، تم إخفاء مكونات القنبلة بعناية شديدة بحيث لا يمكن اكتشافها تقريباً، حتى لو تم تفكيك الجهاز"، ويعتقد المسؤولون الإسرائيليون أن "حزب الله قام بتفكيك بعض الأجهزة بالفعل، وربما قام بفحصها بالأشعة السينية".
وأضاف المسؤولون أن "هذه الأجهزة أيضاً كان يمكن الوصول إليها عن بُعد من قبل الموساد، إذ يمكن لإشارة إلكترونية من جهاز الاستخبارات أن تؤدي إلى انفجار الآلاف من الأجهزة في وقت واحد، ولكن لضمان الحد الأقصى من الضرر، فإنه يمكن أيضاً أن يحدث الانفجار من خلال إجراء خاص مكون من خطوتين لعرض رسائل آمنة تم تشفيرها". وقال أحد المسؤولين: "عليك الضغط على زرين لقراءة الرسالة"، وفي الممارسة العملية، كان هذا يعني استخدام كلتا اليدين". وأضاف مسؤول أنه في الانفجار الذي يلي ذلك، فإنه من المؤكد تقريباً أن المستخدمين سيتعرضون لإصابة في يديهما، وبالتالي سيكونون غير قادرين على المشاركة في القتال".
رسالة مشفرة ولم يكن معظم كبار المسؤولين في إسرائيل على عِلم بهذه العملية، حتى 12 أيلول الماضي، وقال مسؤولون إسرائيليون إن "هذا هو اليوم الذي استدعى فيه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مستشاريه الاستخباراتيين لعقد اجتماع لمناقشة الإجراءات المحتملة ضد حزب الله".
ووفقاً لملخص الاجتماع الذي عُقد بعد أسابيع من قبل مسؤولين مطلعين، فإن مسؤولي "الموساد قدموا لمحة أولى عن واحدة من أكثر عمليات الوكالة سريةً، وبحلول ذلك الوقت، كان الإسرائيليون قد وضعوا أجهزة الاتصال المفخخة في أيدي وجيوب الآلاف من مقاتلي حزب الله".
وتحدث مسؤولو الاستخبارات الإسرائيلية أيضاً عن "شعورهم المستمر بالقلق مع تصاعد الأزمة في جنوب لبنان، إذ كان هناك خطر متزايد من اكتشاف المتفجرات، وحينها كانت ستسفر سنوات من التخطيط الدقيق والخداع عن لا شيء"، بحسب الصحيفة.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين قولهم إن "نقاشاً حاداً شهدته المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، إذ أدرك الجميع، بما في ذلك نتنياهو، أن تفجير الآلاف من الأجهزة قد يلحق أضراراً جسيمة بحزب الله، ولكنه قد يؤدي أيضاً إلى إثارة رد فعل عنيف من قبل الحزب، بما في ذلك ضربة صاروخية انتقامية ضخمة من قبل قادته الناجين، مع احتمال انضمام إيران إلى الصراع".
وقال مسؤول إسرائيلي إنه "كان من الواضح أن هناك بعض المخاطر"، وقد حذر البعض، بما في ذلك كبار المسؤولين في الجيش الإسرائيلي، من إمكانية التصعيد الكامل مع حزب الله، حتى مع استمرار الجنود الإسرائيليين في الحرب على قطاع غزة، لكن آخرين، وخاصةً "الموساد"، رأوا في هذه العملية فرصة لتغيير الوضع الراهن "بشيء أكثر كثافة".
وذكر مسؤولون أميركيون أنه لم يتم إبلاغ الولايات المتحدة، أقرب حليف لإسرائيل، بعملية أجهزة البيجر المفخخة أو النقاش الداخلي حول ما إذا كان ينبغي تنفيذها.
وفي نهاية المطاف، وافق نتنياهو على تنفيذ العملية، على الرغم من أنه يمكن أن تلحق أقصى قدر من الضرر، وعلى مدى الأسبوع التالي، بدأ الموساد في الاستعداد لتفجير كل من أجهزة البيجر وأجهزة الاتصال اللاسلكية التي كان قد تم توزيعها بالفعل. (الشرق للأخبار)
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: بما فی ذلک حزب الله من قبل
إقرأ أيضاً:
نظرية ياخور الغنم العربي ..وفقا للدكتور عبد الله النفيسي !
بقلم : حسين الذكر ..
من المشاهد المحيرة للتفكير عند الاحتلال الأمريكي للعراق .. ان المحتلين وفقا لمنهج استراتيجي لا يفعلون اشيائهم بناء على مزاج شخصي او حزبي .. فالقرارات نتاج منظومة متكاملة تبقى سرية منذ التخطيط حتى التنفيذ وما بعد التنفيذ .
جميع التوقعات كانت تشير لاسقاط نظام صدام بعد حرب الكويت مباشرة .. الا انهم اخروها عقد من الزمان تقريبا . لم يكن ذلك جزافا او بناء على رغبة عربية او إقليمية كما يتوهم البعض .. بل منظومة المصالح الغربية لا تتحرك الا بتوفر شروط النجاح الاستراتيجي .. فالمتتبع لما حدث في عراق التسعينات من قرارات عراقية او اممية كان لها اثر وصوت وفعل واضح بعد 2003 ..
الدكتور عبد الله النفيسي شخصية اكاديمية كويتية متميزة خلال عقود خلت كان له راي مثير مؤثر بالراي العام العربي .. تداول له مقطع مجتزأ من محاضرة يتحدث فيه حول ما يجري بغزة ولبنان ..
يشير النفيسة الى ان الصهيوني غوردن توماس مؤلف ( كتاب جواسيس جدعون ) يشرح أسباب التفوق الإسرائيلي على العرب ، مضيفا : ( ان الثغرات العربية هي التي خدمتهم للسيطرة عليهم .. كما ان الخلافات العربية العربية تعد نتاج غربي تطبيقا لمبدا فرق تسد قائم التحديث والتصوب والاستدامة الاستراتيجية) .
في كتاب جدعون .. يثبت غوردن بانه لا يوجد خط فاصل بين الموساد الاسرائيلي والمخابرات العربية .. بل يذهب ابعد من ذلك الى ان الموساد هو من يدرب الكوادر الأمنية والمخابراتية العربية ..
ثم يضيف النفيسة بلغة ساخرة : ( ان النظام الأمني العربي والإسرائيلي واحد لا يختلف الا بسلم الرواتب .. وما القمم العربية ونتاجاتها الا كذب لا تتوقعوا منها الصدق ولو تعلق رؤساء وملوك العرب باستار الكعبة) .
على هامش الندوة يشير د عبد الله الى الكاتب اليهودي افي شليم عراقي الأصل – ممن نزح الى إسرائيل في مسرحية تهجير اليهود من العراق بسيناريوا لا يختلف كثيرا عما جرى في الربيع العربي – ان لم يكن كاتب السيناريو واحد – . !
وفقا لافي شليم : هناك نظام امني واحد بين إسرائيل والعرب .. واذا ارد رئيس او ملك عربي يزور دولة عربية ، لا تتم الا براي الموساد وتوجيهاتهم .. بل يروي شليم بان احد الملوك العرب ذهب الى بريطانيا للعلاج .. ثم التقى الموساد هناك وقدم لهم فرشة معتادة روتينية .. يعبر عن ذلك النفيسي بما ساماه ؛ ( التداخل والتخادم الرسمي العربي والصهاينة ) مؤكدا على انه متين وقديم جدا ..
ثم يعرج الى ما يمكن تسميته ( بالاستحمار ) تلك النظرية الثابتة التي افضى الشهيد د . علي شريعتي كل ما عنده وافرغ اهم ما توصل اليه فيها .. قال النفيسة بصريح العبارة : انهم يحولون الشعوب الى اغنام .. والشعوب العربية مجرد ( ياخور غنم ) . وينبغي إعادة صياغة عقلياتنا بعيدا عن منطق العقلية العشائرية السذاجة مهددا و متنبئا بوصول الصهاينة الى الخليج .
أخيرا .. لابد لنا من التسائل : ( هل الدكتور النفيسي اخذ الموافقة مسبقا على طرحه .. في ظل هيمنة الخط الأمني الموسادي الموحد ام انه اجتهد بذلك ) .. سيما في بعض الحكومات العربية التي لا تسمح بشيء يخالف منهجية ياخور الغنم السائدة !؟ .