جرتق النيل ومحكات القيود (الحلقة الرابعة)
تاريخ النشر: 6th, October 2024 GMT
جرتق النيل ومحكات القيود (الحلقة الرابعة)
من كل النواحي:
قبل أن يكمل المقال السابق أربع وعشرين ساعة إلا وسطر الرجال بدمائهم رسم الخط الواصل بين ربك وسنار وأعلنوا تحرير جبل موية بفضل الله ونصره. ولكن قصة سنار والجزيرة لنا فيها عودة كبيرة ونحن نرقب شرار الغضب في صدور الرجال بقرى الجزيرة شرقها وغربها وجنوبها وهي تتحول إلى عزيمة لا تلين.
اليوم نحن مع محمد مفتاح الفيتوري ننشد:
فوق الأفق الغربي
سحاب أحمر لم يمطر
والشمس هنالك مسجونة
تتنزى شوقا منذ سنين
والريح تدور كطاحونة
حول خيامك يا تاج الدين
أقسى فظائع هذه الحرب بدأت في الجنينة دار أندوكا مع انتشار فيديوهات غدر المليشيا بالوالي خميس أبكر والتمثيل بجثته وصلبه وقطع رأسه. ثم تحولت المليشيا إلى مواطني المدينة وبدأت في تصفيتهم عرقيا حتى إن عدد القتلى في هذه المجازر تجاوز 17 ألفا، وبلغ عدد المخطوفين من قبل المليشيا نحو ألفي شخص. ووقفت قوات الدعم السريع أمام الفارين من الجحيم لتقوم بفصل الشباب والأطفال الذكور ورميهم بالرصاص أو القائهم أحياء في وادي كجا بينما يقوم بعضهم باغتصاب الفتيات حتى القاصرات جماعيا وامام بقية من تبقى من السكان. وقتل بدم بارد الأمير طارق بحر الدين شقيق سلطان المساليت وظلت جثته ثلاثة عشر يوما في العراء ومنع حتى أقاربه من الاقتراب منها أو دفنها.
هذه الأحداث ألقت بظلال مرعبة حول حقيقة الدعم السريع وأهداف حربه الموجهة مباشرة ضد الشعب السوداني. وزادت المخاوف بعد انتشار الدعم السريع في نيالا وزالنجي والضعين كأسراب من الجراد لا تخلف وراءها الا الخراب والدمار. يكفي فقط أن ترى الجامعات وقد تحولت إلى كوم من الخراب لتعرف معنى الظلام والجهل الذي يقاتل جنود الدعم السريع لنشره في كل أنحاء السودان.
تدور سردية غبية جدا يتداولها أبواق الدعم السريع وداعميهم من الساسة الذين غابت بوصلتهم بأن حركات الكفاح المسلح هي التي تسببت في هجوم الدعم السريع على الفاشر في شهر مايو 2024م بعد أن ظلت على الحياد في الحرب. ولكن الواقع يقول أن الدعم السريع ظل يخطط لاجتياح الفاشر منذ البداية كتعويض لفشله في السيطرة على الخرطوم وكاستراتيجية بديلة ليس لتكرار سيناريو ليبيا كما يظن البعض وانما لتأمين ظهره والتخطيط لاجتياح كل السودان. وكما قلنا فإن هذا شكل خطأ استراتيجيا منح الجيش الفرصة لالتقاط أنفاسه في الخرطوم والبدء في اعداد استراتيجيات الهجوم الذي نرى بشائره اليوم.
لقد بدأ الدعم السريع هجومه على الفاشر منذ الأسبوع الثاني من أبريل حينما انتشرت قواته تحرق وتقتل وتنهب القرى الامنة في ريفي الفاشر فأحرق منطقة سرفاية والقرى المجاورة لها ثم مضى لمناطق ام عشوش وجرونقا وتركنية وجقي مقرن وأم هجاليح وشقرة وقولو مجبرين سكان هذه المناطق على النزوح من أجل فتح الطريق أمام قواتهم المتقدمة لحصار الفاشر والهجوم عليها.
أكثر من 140 هجوما بكل أنواع الأسلحة ومدافع الكورنيت وحتى الطائرات المسيرة نفذتها مليشيات وعصابات الدعم السريع على الفاشر مستهدفة المواطنين مباشرة وكل المرافق الصحية من أجل اجبارهم على النزوح منها. صمود الفاشر سيظل اسطورة تروى لأجيال قادمة كما ستروى قصص محرقة المليشيات وقادتها في أطراف الفاشر دليل على أن العقل الذي يخطط لهذه الحرب لا يعرف عن السودان شيئا. لقد تحولت الفاشر إلى محرقة يأتيها فزع المليشيا كالفراش الحائر حول النار لا يستطيع الفكاك من ضوئها ولا النجاة من نارها. بغباء منقطع النظير استنزف الدعم السريع قواته وقوات المرتزقة التي استجلبها من الخارج. ولم يتعلم الدرس رغم الهروب المتكرر لعبدالرحيم دقلو من مكان مراقبته للمعركة في تخوم الفاشر كلما جاءه خبر مقتل قادته الكبار وعلى رأسهم علي يعقوب وقرن شطة والشيوخ وأبناء النظار الذين جلبهم برعونته المعروفة ليلاقوا حتفهم ببنادق الميارم الماجدات من نساء الفاشر وإخوانهن في القوات المشتركة.
طوال فترة المحرقة كانت رمال دارفور تغلي والقوات المشتركة تواصل الاعداد والتدريب والحشد انتظارا لبركان الصحراء القادم من كل النواحي.
ونواصل
د. أسامة عيدروس
4 أكتوبر 2024م
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
مسؤول سوداني يكشف عن اتفاق بين جوبا و«الدعم السريع» لحماية أنابيب النفط
توقع مسؤول سوداني أن يصل النفط الخام من جنوب السودان إلى بورتسودان بعد ثلاثة أشهر.
التغيير: وكالات
كشف مسؤول سوداني، عن اتفاق بين حكومة جنوب السودان مع قوات الدعم السريع في السودان، لحماية نحو 237 كيلومترا من خط أنابيب النيل الكبرى في منطقة تقع تحت سيطرة الدعم السريع لضمان التدفق السلس للنفط الخام لجنوب السودان إلى بورتسودان وتصديره إلى الأسواق العالمية.
وتوقف تصدير نفط جنوب السودان عبر ميناء البشائر، بعد عمليات التخريب لخطوط النفط نتيجة للحرب بين الجيش والدعم السريع، وأعلنت الحكومة السودانية توقف النفط، لكن قبل أشهر اتفقا الدولتان على استئناف التصدير.
وقال مدير شركة خطوط الأنابيب السودانية المهندس محمد صالح عثمان بحسب راديو تمازج، إن المنطقة التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع والنقطة المتضررة تبدأ من المحطة 3 إلى المحطة 4، التي تبعد حوالي 237 كيلومترا، وأن ليس لديهم اتصال مباشر مع قوات الدعم السريع.
وكشف أن حكومة جنوب السودان أبرمت صفقة منفصلة مع قوات الدعم السريع لتسهيل حركة الأشخاص في المنطقة الخاضعة لسيطرتها.
وأوضح أنه وفقا لاتفاق الدعم السريع وحكومة جنوب السودان، تقوم قوات الدعم السريع بتوفير الحماية لخط الأنابيب والمدنيين، وأن هذا سيعطي مساحة لنقل الوقود وقطع الغيار.
ولم يقدم المهندس السوداني مزيداً من التفاصيل حول الاتفاق الذي توصل إليه بين جنوب السودان وقوات الدعم السريع التي تقاتل القوات المسلحة السودانية للسيطرة على السلطة منذ 15 أبريل 2023.
وقال المهندس صالح، وهو رئيس لجنة معالجة أنابيب النفط الخام في شركة دار للبترول، إنهم اختتموا ورشة عمل مشتركة مع جنوب السودان في جوبا، لمناقشة والاتفاق على طرق استئناف نفط جنوب السودان الخام عبر السودان.
وأضاف: “عقدنا ورشة عمل لمدة ثلاثة أيام في مكاتب شركة النفط الوطنية، واتفقنا على خطة مشتركة لاستئناف النفط الخام في جنوب السودان”.
وعن الجدول الزمني لاستئناف النفط الخام، قال المهندس السوداني، إنه من المتوقع أن يصل النفط الخام إلى بورتسودان بعد ثلاثة أشهر، وذكر أنهم وضعوا جدولا زمنيا واضحا حول موعد بدء الضخ، وأنه عندما تبدأ الآبار في العمل، سيبدأ الضخ من فلوج إلى جبلين، ومن جبلين إلى خطوط الأنابيب الأخرى”.
وتابع: “نتوقع أن تبدأ مرحلة ضخ النفط الخام بعد 45 يوما، وليس لدينا الحق من جانبنا في تنسيق حماية خط الأنابيب مع قوات الدعم السريع، لكن السلطات في جنوب السودان نسقت القضية من جانبها لضمان التدفق السلس للنفط”.
وفيما يتعلق برسوم العبور بين البلدين، كشف أنهم اتفقوا مع سلطات جنوب السودان في بورتسودان على مناقشة المسألة لاحقا بعد استئناف إنتاج النفط.
المهندس محمد صالح عثمانوأضاف صالح: “رسالتي هي أن الناس يجب أن يتحلوا بالصبر، وسيكون الجميع بالخير، وأستطيع القول إن العمل على خط الأنابيب يسير بشكل جيد وسيعمل قريبا، لكننا بحاجة إلى بعض الدعم من الشركاء وجنوب السودان، ولقد أثر توقف إنتاج النفط على البلدين، لذا فإن استئناف النفط له منفعة متبادلة اقتصاديا”.
ويعتمد جنوب السودان على السودان في تصدير النفط الخام عبر خط أنابيب إلى البحر الأحمر عبر الخرطوم حيث يدور القتال بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني منذ 15 ابريل 2023.
وبموجب الترتيب المالي الانتقالي الذي وقع بعد وقت قصير من استقلال جنوب السودان في عام 2011م، تدفع جوبا رسوما للخرطوم وتكاليف غير تجارية لشحن نفطها الخام إلى الأسواق الدولية. فيما يمثل النفط أكثر من 90% من عائدات جنوب السودان.
الوسومالجيش الدعم السريع السودان النفط بورتسودان جنوب السودان شركة خطوط الأنابيب السودانية وزارة الطاقة والنفط