الوطن:
2025-04-25@10:22:22 GMT

علي الفاتح يكتب: ويسألونك عن الدولة الوطنية

تاريخ النشر: 6th, October 2024 GMT

علي الفاتح يكتب: ويسألونك عن الدولة الوطنية

الدفاع عن كرامة وحرية الدولة الوطنية العربية الحديثة وحماية استقلالها كان أحد أهم أهداف حرب أكتوبر المجيدة، لذلك هبَّت معظم الدول لمساندة مصر ضد العدو الصهيونى بصور وأشكال مختلفة.

ولأن عقل الدولة الوطنية الحديثة فى مصر أدرك مبكراً أنه لا مجال للنمو والاستقرار فى ظل بقاء أراضٍ عربية تحت الاحتلال الصهيونى، سارع الرئيس الراحل محمد أنور السادات إلى البناء على الانتصار العكسرى العظيم فى السادس من أكتوبر، بالمضى فى مسار السلام، وكانت كل الأراضى العربية المحتلة على أجندة التفاوض فى مبادرته.

رفض العرب مجتمعين الطرح المصرى، وفى الوقت ذاته لم يقدموا خياراً بديلاً لدعم القضية الفلسطينية، فتوحش الاحتلال وتجبَّر ليصل إلى ما وصلنا إليه اليوم.

كان من الطبيعى أن تنشأ حركات مقاومة وطنية تصد عدوان المحتل الذى مد أذرعه إلى لبنان، وكان من الطبيعى أيضاً أن تملأ إيران، الجمهورية الإسلامية الناشئة وقتها، الفراغ الذى خلَّفه العرب.

قد يكون من حقك البكاء على ما فات فهذا شأن يخصك، لكن المؤكد أنه ليس من حقك الاعتراض على الواقع الذى جد، وليس أمامك سوى محاولة احتوائه حتى لا تكون خسارتك مضاعفة.

جرائم الاحتلال الصهيونى طوال العقود الماضية جعلت عدم الاستقرار السمة الرئيسية للشرق الأوسط، وعطلت أغلب مسارات التنمية، وبات من الصعب الحديث عن خطط مستقبلية للتعاون الاقتصادى المشترك بين الأطراف العربية.

فى الوقت نفسه تباينت مواقف تلك الأطراف، ليس فقط إزاء الاحتلال الصهيونى (العدو المشترك) وإنما تجاه قضايا المنطقة المختلفة على مدار العقود الماضية، وصولاً إلى قضايا السودان وليبيا والصومال وأمن البحر الأحمر.

وسط كل ذلك بقى الموقف المصرى ثابتاً، يحافظ على السلام، ليس خوفاً من الكيان الصهيونى، أو احتراماً فقط لاتفاقية كامب ديفيد، وإنما دفعاً لشبح حرب إقليمية لم يغادر المنطقة يوماً، ولا يقوى على خوض غمارها أحد باستثناء مصر التى تملك أقوى جيوش الشرق الأوسط وأكثر شعوبها خبرة وعزماً، ويعلم العدو الصهيونى قبل غيره أنه أضعف من مجرد التفكير فى دخول مواجهة مع الجيش المصرى.

فى الواقع لم تفعل دول الإقليم ما يتعين عليها فعله من أجل تقوية وتعزيز مقومات الدولة الوطنية الحديثة، ليكون لديها ما تواجه به التحديات السياسية والأمنية التى أوجدها المحتل الصهيونى.

ومن ثم لم تجد ما تطرحه من آليات من شأنها أن تفرض على العدو الاستجابة لما عرضته من مبادرات تحت عنوان «الأرض مقابل السلام» ولأنها تعمل فرادى لم تستطع صياغة موقف استراتيجى موحد يوقف عدوان المحتل الغاشم على الشعب الفلسطينى طوال عام منصرم، وبالتبعية جرائمه ضد الشعب اللبنانى التى خلَّفت ضحايا بالآلاف خلال الأيام الأخيرة.

ما يشكل تهديداً حقيقياً على الدولة الوطنية العربية الحديثة ومخططاتها بشأن المستقبل هو استمرار احتلال الكيان الصهيونى للأراضى العربية فى فلسطين وسوريا ولبنان، وليست فصائل المقاومة الفلسطينية واللبنانية كما يدّعى البعض.

بل وتُعد مواجهة مخططات الكيان الصهيونى فى غزة والضفة الغربية ولبنان دفاعاً عن استقلال الدولة الوطنية العربية، وعدم هزيمة فصائل المقاومة، ولا أقول انتصارها، يحمى دول المنطقة من غرور قادة الكيان الصهيونى ورغبتهم فى تغيير خريطة الشرق الأوسط على نحو يفرض هيمنة الكيان على باقى الإقليم.

وظنى أن هذه اللحظة هى الأنسب لاحتواء إيران حتى لا تعود إلى مقعد المصارع على النفوذ، خاصة فى ظل ما أعلنته دول الخليج العربى من موقف محايد تجاه صراع طهران العسكرى المحتمل مع الكيان الصهيونى.

بل إن تحالفاً بين «القاهرة والرياض وأنقرة وطهران» من شأنه نزع فتيل حرب مرتقبة وتحجيم الدعم الغربى لجرائم الإبادة فى المنطقة، وقد يكون شرطاً لنجاح مساعى ما يسمى بالتحالف الدولى من أجل إقامة دولة فلسطينية والذى أعلنت المملكة السعودية عن تشكيله مؤخراً بين عدد من الدول العربية والأوروبية، إذ يلزم لنجاح هذا التحالف أولاً وجود تعاون استراتيجى بين دول الإقليم الكبيرة.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الدولة الوطنية كرامة حرية الکیان الصهیونى الدولة الوطنیة

إقرأ أيضاً:

طوق نجاة أم طوق خنق وحصار.. كيف تحولت الأنظمة العربية إلى درعٍ يحمي الاحتلال؟

يمانيون../
في خضمّ نيران التصعيد الصهيوني المستمر على قطاع غزة، لا يكاد الفلسطيني يجد فسحة أمل، أو سندًا حقيقيًا من “الأشقاء العرب”، الذين باتت بعض أنظمتهم -بشكلٍ علني أو مستتر- تمارس سياسة الطوق حول المقاومة، ليس لحمايتها، بل لخنقها.

فعلى وقع المجازر التي يرتكبها الاحتلال في غزة، تسود حالة من الصمت العربي الرسمي، تتجاوز الحياد إلى ما هو أخطر؛ محاولات فرض الاستسلام على المقاومة، وشرعنة التنسيق مع كيان الاحتلال في دول “طوق فلسطين” كالأردن ومصر ولبنان وسوريا وتركيا.

هذا التحول المشهود لم يعد مجرد اجتهاداتٍ فردية أو انعكاس لبيانات فصائل الجهاد والمقاومة، بل ملامح نهج سياسي قيد التشكيل بإشرافٍ أمريكي مباشر، هدفه خنق المقاومة الفلسطينية وإعادة رسم الميدان السياسي والعسكري بما يخدم مصالح الاحتلال وحلفائه.

السكين من الخلف: اعتقالات وتضييق واتهامات

لم تكتفِ بعض الدول العربية بالتخلي عن واجبها الديني والقومي تجاه غزة، بل مضت إلى ما هو أبعد، حين باتت تتعامل مع فصائل المقاومة وكأنها الخطر الحقيقي لا الاحتلال الصهيوني.

في سوريا، تم اعتقال اثنين من قادة “سرايا القدس” دون توضيحٍ أو مبرر، في وقتٍ يؤكد فيه جناح الجهاد الإسلامي أنهم من خيرة كوادرها، ممن نذروا حياتهم لدعم المقاومة على الأرض السورية وفلسطين.

وفي لبنان، أوقفت مخابرات الجيش اللبناني عناصر من حركة حماس، وفتح القضاء اللبناني تحقيقًا عاجلًا، رغم أن الروايات تشير إلى أنهم شاركوا في إطلاق صواريخ على الاحتلال الصهيوني الذي يستبيح الأرض والسيادة اللبنانية.

أما في الأردن، فقد اختارت الحكومة الطريق الأمني لمواجهة من تعتبرهم “مخربين”، رغم أن المعلن في خلفيات القضايا يرتبط بمحاولة دعم المقاومة الفلسطينية.

وعلى الفور، تم وصم المعتقلين بالإرهاب، فيما تبرأت جماعة الإخوان المسلمين الأردنية من الأفراد المتهمين رغم وضوح الخلفية السياسية المناصرة لغزة.

التحرك الأردني، الذي حظي بدعمٍ لبناني رسمي ومن رئيس الوزراء، يعكس تناغمًا مقلقًا في تضييق الخناق على كل من يخرج عن “الصف الرسمي” ويعبّر عن دعمٍ حقيقي لمقاومة غزة.

اليوم الثلاثاء، أصدرت حركة المقاومة الإسلامية حماس، بيانًا أوضحت فيه اطلاعها على مجريات وتفاصيل القضية المتعلقة باعتقال مجموعة من الشباب الأردنيين.

وأكدت أنها على ثقة بأن “أعمالهم جاءت بدافع النصرة لفلسطين، ورفض العدوان الصهيوني المتواصل على غزّة، والدفاع عن القدس والمسجد الأقصى المبارك، مشيرةً إلى أنهم لا يشكلون “بأي حالٍ من الأحوال تهديدًا لأمن الأردن أو استقراره، خاصة في ظل بشاعة الجريمة الصهيونية والإبادة الجماعية المتواصلة في غزة.

الضغوط تتكامل: تطويق داخلي وإقليمي

التحركات المتوازية في عدة عواصم عربية وإسلامية ليست محض صدفة، بل تأتي ضمن مخططٍ أوسع تقوده واشنطن بالشراكة مع حكومة الاحتلال لإعادة تشكيل المنطقة بما يضمن تحييد محور المقاومة.

هذا ما يفسر الضغوط الإعلامية والسياسية على حماس والجهاد الإسلامي، وتكثيف مراقبة كوادرهم في الخارج، بل واعتقالهم حين يلزم.

الضغوط لم تعد تقتصر على حدود الجغرافيا، بل تمتد لتشمل حرية التقييد في الحركة والتواصل وحتى مع منظمات العمل الإنساني، في محاولاتٍ خبيثة لنزع المشروعية الأخلاقية عن فصائل الجهاد والمقاومة، وتأليب الشارع الفلسطيني عليها.

وفي مشهدٍ بائس، تحاول بعض الأنظمة أن تُظهر المقاومة وكأنها سبب المأساة، متناسية أن من ينتهك التفاهمات والاتفاقيات ويقصف بلا توقف ولا رحمة هو الاحتلال الصهيوني، لا من يدافع عن شعبه المظلوم والأعزل.

الإعلام العربي والخليجي تحديدًا، يقوم بالترويج لفكرة “الواقعية السياسية” وكأنها تبرر الانبطاح الكامل، بينما يتم التشكيك في نوايا المقاومة الفلسطينية وتضخيم أي تحرك عسكري في غير غزة وكأنه فعل إجرامي، فيما تغض الطرف عن الإبادة المستمرة في القطاع.

واللافت اليوم أن بعض الأنظمة العربية تحولت من شركاء مفترضين في مشروع الجهاد وتحرير فلسطين، إلى أدوات في مشروع تصفية قضيتها.

ومع ذلك، تثبت غزة كل يوم أن المقاومة ليست مجرد بندقية، هي روح وفكرة لا تموت، ومن طوق العار المفروض عليها، ستصنع نصرًا، ومن بين الركام ستكتب فجرًا جديدًا، لأن غزة هاشم لا تُخنق، فمن يضيّق عليها اليوم باسم “أمنه” أو “واقعيته السياسية”، فليقرأ التاريخ: لم ينتصر محتل، ولم يُخلّد خائن.

عبدالقوي السباعي

مقالات مشابهة

  • بالأغاني الوطنية.. طنطا للموسيقى العربية تحيي احتفالية عيد تحرير سيناء بالطور
  • «الجبهة الوطنية» تهنئ الرئيس والقوات المسلحة والشعب المصري بذكرى تحرير سيناء
  • قائد الثورة: العدو الإسرائيلي سعى ومعه بعض الأبواق العربية على تأليب الفلسطينيين في قطاع غزة ضد المجاهدين
  • الجبهة الوطنية: مصر استكملت تحرير سيناء من الاحتلال والإرهاب بمشروعات التنمية
  • مصر وجيبوتي تؤكدان دعم مؤسسات الدولة الوطنية السورية واستقرارها ورفض كل أشكال العنف
  • أحمد عبد الوهاب يكتب: اللغة العربية بين العولمة والهوية "تحديات وحلول"
  • الرئيس الفلسطيني يطالب حماس بتسليم سلاحها إلى السلطة الوطنية
  • طوق نجاة أم طوق خنق وحصار.. كيف تحولت الأنظمة العربية إلى درعٍ يحمي الاحتلال؟
  • رشاد العليمي يكشف خلال اجتماعه بهيئة التشاور والمصالحة.. عن الاستراتيجية الوطنية للمرحلة القادمة
  • منصور بن محمد: تعديل مسمى «الأولمبية الوطنية» إلى «اللجنة الأولمبية الإماراتية»