الكشف عن الاسباب الخفية التي أجبرت إيران للتخلي عن صبرها الاستراتيجي والرد بهجوم صاروخي مفاجئ على إسرائيل
تاريخ النشر: 6th, October 2024 GMT
كشفت مصادر من الحرس الثوري في إيران عن أسباب الرد الإيراني في 1 أكتوبر/تشرين الأول 2024، بشكل مفاجئ، على الرغم من التزامها سياسية "الصبر الاستراتيجي" طويلاً، رغم الاغتيالات التي قام بها الاحتلال داخل إيران وسوريا وضد قيادات حزب الله في لبنان.
وشنت طهران هجوماً بالصواريخ الباليستية ضد الاحتلال الإسرائيلي، معلنة أنه يأتي رداً على اغتياله حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت في 27 سبتمبر/أيلول 2024، وإسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في شهر يوليو/تموز 2024 في العاصمة طهران.
مصدران في الحرس الثوري الإيراني، واحد منهما مقرب من الجنرال اسماعيل قاآني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري، قالا إن من ضمن الأسباب التي دفعت طهران للتخلي عن صبرها الاستراتيجي والرد بهجوم صاروخي ضخم على الاحتلال الإسرائيلي، "كان التهديد بفقدان السيطرة على باقي الحلفاء في محور المقاومة".
وأوضحا أنه "في اجتماعات متكررة بين قائد فيلق قدس إسماعيل قاآني والحلفاء في العراق واليمن، لمس الجنرال الإيراني رغبة منهم بالذهاب نحو التصرف بشكل منفرد، بعيداً عن إيران، إذا اصرت القيادة الإيرانية بالتمسك بالصبر الاستراتيجي بعد اغتيال حسن نصرالله".
وقال المصدر المقرب من قائد فيلق القدس : "بعد يومين من اغتيال حسن نصرالله، اجتمع قاآني بفصائل المقاومة العراقية الذين كانوا غاضبين للغاية من الموقف الإيراني المتمثل في التهدئة، وعدم الانجرار إلى صراع أوسع نطاقاً مع إسرائيل".
وأضاف أن "قاآني أبلغ خامنئي إنه يخشى فقدان السيطرة على الحلفاء في محور المقاومة، كما أنه يخشى من قيامهم بعمل واسع النطاق ضد إسرائيل دون الرجوع إلى طهران أو التشاور مع القادة في الحرس الثوري".
من الأسباب الهامة التي دفعت إيران إلى الرد بحسب المصادر، هي "رسالة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى الشعب الإيراني"، بعد اغتيال نصر الله.
وكان نتنياهو وجّه قبل يوم من الرد الإيراني، رسالة متلفزة للشعب الإيراني، محذراً إياه من أن حكومته تدفعه أقرب إلى الهاوية، محرضاً إياه على ما أسماه "تحرير إيران من الحكام الدينيين".
وجاء في خطابه للشعب الإيراني: "لا تسمحوا لحفنة من الحكام الدينيين بسحق تطلعاتكم وأحلامكم (…) عندما تتحرر إيران أخيراً -وسوف تأتي هذه اللحظة أسرع بكثير مما يتصوره الناس- فإن كل شيء سيكون مختلفاً".
علق مسؤول رفيع المستوى من مكتب خامنئي على هذه الرسالة، قائلاً لـ"عربي بوست": "أزعجت هذه الرسالة المرشد الأعلى شخصياً، وكانت دافعاً من ضمن دوافع أخرى لتوجيه الهجمات الصاروخية على إسرائيل".
وقال: "تخشى القيادة الإيرانية من أن يلجأ الإسرائيليون إلى استخدام المعارضة الخارجية أو العملاء الذين يعملوا لصالح الموساد داخل إيران لزعزعة أمن واستقرار البلاد، في هذا الوقت العصيب".
غضب قادة الحرس الثوري من عدم الرد
من جانبه، قال مصدر رفيع المستوى من الحرس الثوري الإيراني مفضلاً عدم ذكر اسمه، إن "الرد كان حتمياً، لأن التمسك بعدم الرد والصبر الاستراتيجي كان سيعرض مكانة إيران وهيبتها للخطر، وسط حلفائها في محور المقاومة، وأنصارها".
وأشار إلى أن عدم الرد "تسبب بخلافات حادة داخل القيادة العليا لإيران، التي دارت لأيام بعد إعلان الاحتلال الإسرائيلي اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله".
وقال إنه "بعد اغتيال هنية، كان بعض كبار قادة الحرس الثوري يرون أنه من الضروري الرد على البجاحة الإسرائيلية في أسرع وقت، لكن المرشد الأعلى والرئيس الجديد قررا حينها التريث، وعدم الانجرار للفخ الإسرائيلي، لكن جاءت الصدمة والضربة الكبرى لإيران باغتيال نصر الله".
بحسب المتحدث ذاته، فإن القيادات الإيرانية ما تزال تعيش في حالة صدمة من اغتيال حسن نصرالله، وتسبب ذلك بزيادة الخلافات بين الرئيس الإيراني الإصلاحي وأنصاره وبين الدوائر الأصولية، والقادة العسكريين لضرورة الرد على اغتيال أهم وأكبر حليف لإيران في محور المقاومة.
وأوضح أنه "حتى بعد اغتيال نصرالله والصدمة التي كنا نعيشها، كان السيد پزشكيان يقترح في الاجتماعات أنه من المفترض عدم الانجرار للفخ الإسرائيلي، وهو ما آثار غضب كبار قادة الحرس الثوري الذين أخبروا خامنئي بأنه إذا صمم پزشكيان على رأيه، فإنهم يرفضون حضور أي اجتماعات يحضرها، محذرين القيادة العليا من زيادة تجرأ إسرائيل ضد إيران وحزب الله".
مصدر أمني من مكتب المرشد الأعلى الإيراني، قال لـ"عربي بوست" إن "خامنئي كان يريد الانتقام بعد اغتيال نصر الله، فهو صديق مقرب للغاية، ومن الأشخاص القليلين الذين يحظون بمكانة خاصة لديه، وكان يرى أن الرد حتمي، ولكن لابد أن يكون وفقاً لقواعد وضوابط معينة".
كان لافتاً في الرد الإيراني تجنب استهداف الأماكن المكتظة، وأن القيادات الإيرانية تقول إن الهجوم الإيراني حقق هدفه بإلحاق الضرر بمواقع عسكرية إسرائيلية عدة داخل تل أبيب، دون اللجوء إلى استهداف أهداف بشرية كما حددت القيادة العسكرية الإيرانية.
منع التوغل البري الاسرائيلي وفقدان حزب الله
من الأسباب أيضاً التي شكلت ضغطاً على طهران للقيام بالرد بحسب المصادر الإيرانية، بدء تل أبيب عملية برية محدودة في جنوب لبنان، تهدف لتفكيك البنية التحتية العسكرية لحزب الله.
في هذا الصدد، يقول مصدر من مكتب المرشد الأعلى الإيراني ومطلع على الاجتماعات الأخيرة في مجلس الأمن القومي الأعلى الايراني، لـ"عربي بوست"، إن "حزب الله هو جوهرة تاج محور المقاومة، وتفكيكه يعد خطاً أحمر بالنسبة لطهران".
متحدثاً عن أهمية حزب الله عند إيران، قال: "في طهران كنا نقول إنه إذا قررت إسرائيل يوماً ما مهاجمة إيران، فسيكون حزب الله هو خط الدفاع الأول عن الجمهورية الإسلامية، فهو الأقوى، ويمتلك ترسانة هائلة من الأسلحة والصواريخ، والأقرب جغرافياً".
وتابع بأن "قاسم سليماني كان يقول إنه مطمئن على أمن واستقرار إيران طالما حزب الله صامد وقوي، لكن الآن أصبح هذا الأمر موضع شك".
ونقل أن "قادة الحرس الثوري أبلغوا خامنئي أن أي عملية برية إسرائيلية في جنوب لبنان من الممكن أن تتوسع إلى احتلال للجنوب كما حدث في الماضي، وهذا يعني تفكيك القدرات الاستراتيجية لحزب الله، وتدمير بنيته التحتية العسكرية".
وأوضحت المصادر الإيرانية أن "إيران تنظر إلى حزب الله على أنه يمثّل لها منذ الثمانينيات خط مواجهة للاحتلال الإسرائيلي في لبنان، وخط الدفاع الأساسي عن مصالحها، لكن طهران باتت الآن مهددة بفقدان أهم وأكبر قوة في محور المقاومة".
لذلك، قامت إيران بالرد بالهجوم الباليستي في أعقاب اغتيال حسن نصر الله، ولمحاولة الضغط على إسرائيل، وتشتيت انتباهها عن حزب الله، ولو قليلاً.
الأمر ذاته أكده مصدر مطلع من مكتب المرشد الأعلى، قائلاً ": "فقدان حزب الله بمثابة غزو إسرائيلي للأراضي الإيرانية، وكارثة على كافة المستويات، وإن عدم الرد على اغتيال نصر الله كان يعني أن إيران أصبحت غير قادرة على حمايته، لذلك كان من الضروري القيام بالرد على إسرائيل".
لكن المصدر أوضح أن كبار القادة العسكريين كانوا يريدون هجوماً أشد وأوسع نطاقاً لمنع انهيار حزب الله.
يشار إلى أنه منذ 23 سبتمبر/أيلول 2024، يشن الاحتلال الإسرائيلي "أعنف وأوسع" هجوم على لبنان منذ بدء المواجهات مع "حزب الله" قبل نحو عام، ما أسفر عن استشهاد نحو 1120 شخصاً في لبنان، بينهم أطفال ونساء، و3040 جريحاً، ومليون و200 ألف نازح، وفق بيانات رسمية لبنانية.
ويطلق حزب الله صواريخ وطائرات مسيّرة وقذائف مدفعية بكثافة ضد الاحتلال الإسرائيلي، ويستهدف مواقع عسكرية ومستوطنات، وسط تعتيم إسرائيلي صارم على الخسائر البشرية والمادية، ورقابة على نشرها.
ومنذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 بدأ حزب الله وفصائل فلسطينية في جنوب لبنان قصفاً يومياً عبر "الخط الأزرق" الفاصل، قام الاحتلال على إثر ذلك بإفراغ مستوطنات الشمال من المستوطنين، وببدء عملية برية محدودة في أكتوبر/تشرين الأول 2024.
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
لكل مسعف قصة.. قافلة رفح التي قتلتها إسرائيل بدم بارد
لم يكن المسعف الفلسطيني رفعت رضوان يعلم، حين ارتدى بزته الطبية وحمل حقيبته الإسعافية فجرًا، أن هذه المهمة ستكون الأخيرة في حياته، برفقة زملائه، لإنقاذ عددٍ من المواطنين الفلسطينيين الذين تعرضوا للقصف الإسرائيلي في حيّ تلّ السلطان، غرب مدينة رفح جنوب قطاع غزة فجر يوم 23 مارس/آذار الماضي.
فعند الساعة 05:20 صباحًا، تحرك فريقٌ مشترك من الهلال الأحمر الفلسطيني والدفاع المدني وإحدى الوكالات الأممية، استجابةً لنداءات استغاثة أطلقها جرحى فلسطينيون كانوا محاصرين.
انطلقوا بنية إنسانية خالصة، لا يحملون سوى الضمادات وقلوبٍ مخلصة، لكنهم -دون أن يعلموا- كانوا الهدفَ القادم لجيش الاحتلال الإسرائيلي.
ولكن ما بدأ كمهمة إنقاذ انتهى بمجزرة دامية، فبعد وقت قصير من انطلاق الفريق انقطع الاتصال به، وبعد ساعات أعلنت قوات الاحتلال أن المنطقة أصبحت منطقة عسكرية مغلقة.
المسعف رفعت رضوان كان يوثق تفاصيل المهمة بهاتفه النقال دون أن يدرك أنه سيوثق أيضًا الجريمة النكراء التي هزت العالم، تلك كانت اللحظات الأخيرة في حياة مجموعة من المسعفين الفلسطينيين الذين قُتلوا على يد جنود الاحتلال الإسرائيلي بدم بارد.
الهاتف الذي كان بحوزة رفعت رضوان عُثر عليه مع جثمانه، موثقًا المشاهد الأخيرة التي تكشف أبعاد المجزرة، وكان رفعت في سيارة الإسعاف الثالثة ضمن قافلة ضمت سيارة إطفاء انطلقت للبحث عن سيارة إسعاف أخرى تابعة للهلال الأحمر الفلسطيني فقدت الاتصال بقاعدتها، وضُعت علامات واضحة على جميع المركبات في القافلة، مع وميض أضواء الطوارئ.
إعلانوفي عملية البحث، رصد الطاقم السيارة المفقودة على جانب الطريق. قال أحد المسعفين في الفيديو الذي وثقه رفعت: "إنهم مبعثرون على الأرض! انظروا، انظروا!" نزل رفعت مع مسعفين آخرين من سيارتهم للاطمئنان على زملائهم الذين سقطوا، ولكن حين يتحول المنقذ إلى هدف، انطلق صوت الرصاص من رشاشات وبنادق جنود الاحتلال الذين نفذوا المجزرة بحق المسعفين.
أصيب رفعت، وفي لحظاته الأخيرة صلى ودعا الله مرارًا وتكرارًا ليغفر له وطلب المسامحة من والدته لاختياره طريق الإسعاف الذي وضعه في طريق الأذى. توقفت بعدها صلواته مع توقف نبض حياته، وبعد العثور على جثامين الضحايا، تبين أن قوات الاحتلال قتلت 8 من عمال الهلال الأحمر الفلسطيني في تلك الليلة، إضافة إلى 6 من العاملين في الدفاع المدني الفلسطيني كانوا في المهمة نفسها. وتم القبض على مسعف تاسع يُدعى أسعد النصاصرة.
هؤلاء المسعفون لم يكونوا مجرد أرقام، بل كانوا أشخاصًا لهم حياة وعائلات وأحلام، ولكل منهم صفات مميزة أحبها من حوله، وفي هذا التقرير نسلط الضوء على الجانب الإنساني لهؤلاء الشهداء من خلال شهادات معارفهم وزملائهم الذين عاشروهم وأحبوهم. المسعف إبراهيم أبو الكاس، الذي رافق الشهداء خلال سنوات خدمتهم، تحدث للجزيرة نت عن حياتهم وعملهم الإنساني ضمن طواقم الهلال الأحمر الفلسطيني، مشيرًا إلى 16 شهرًا من حرب الإبادة المستمرة على غزة.
رفعت رضوان: الحفيد الطيب الذي وثق الجريمة بهاتفهفرفعت، ابن الـ24، كان روحًا لطيفة. "لقد حرص على مساعدة أي امرأة مسنة يصادفها"، يقول أبو الكاس. "كان يسعى للحصول على دعواتهن الصادقة عندما يقدم لهن المساعدة، ثم يودعهن برقة تجعلك تعتقد أنها جدته".
بوجهه الجاد ونظارته، كان حضور أشرف، ذو الـ32 عامًا، مطمئنًا لزملائه، بدأ التطوع عام 2021 ومنذ ذلك الحين كان يحرص على تقديم وجبات الإفطار لزملائه في رمضان، سواء بإعدادها بمركز الهلال الأحمر أو بجلب الطعام من منزله.
عُرف عز الدين (51 عامًا) بهدوء النفس المطمئنة وروح الدعابة، وكان شعاره: "سنعود إن كُتب لنا، وإن لم نعد فهي أقدارنا".
إعلانويقول أبو كاس إن عزالدين كان أبا جميلا.. وأخا عزيزا.. هدوء النفس المطمئنة.. كان يمازح الجميع.. وكان شعاره.. سنعود إن كتب لنا.. وإن لم نعد فهي أقدارنا..
قبل أن ينتقل إلى مركز إسعاف رفح بعد أن كان يعمل في مركز إسعاف خانيونس.. يقوم خلال الليل بعمل ساعة راحة لكل طاقم.. ويطمئن أن جميعها قد تناول العشاء.. حتى كان يكتب أسماء العاملين خوفا من أن ينسى أحدهم.
كان محمد (36 عامًا) شغوفًا بمساعدة الناس، ويُعرف بقدرته على إيجاد الحلول للنازحين، رغم التحديات.
أب لطفل يبلغ 15 عامًا، مكث في المقر أيامًا متتالية، يتفانى في عمله، ابنه هو النور الذي يضيء له الطريق.
ويروي عنه أبو كاس إحدى القصص بالقول ذات يوم ماطر.. كانت هناك سيدة طاعنة في السن تريد قطع الطريق، ولا تستطيع.. حديث الشركاء قد دار بين محمد ومصطفى.. هل نحن شركاء بالطبع.. مهما كانت المهمة؟ بالتأكيد.. قم ننقذ تلك السيدة وننقلها للجانب الآخر من الطريق.. وبالفعل يضعون لها كرسيا ومن ثم يجلسونها.. ويحملونها إلى الجانب الآخر من الطريق.. وسط ابتسامات جميلة وهم يزفون العجوز وكأنها عروس.. وتقوم هي بالزغاريد والدعاء لهم..
قال أبو كاس أحب رائد الذي كان بلغ من العمر، 25 عاما ، وكان يحب التقاط الصور، سخيفة، جادة، غير رسمية، وكان رائد أعرب عن أمله في أن يرى العالم صوره يوما ما وأن يتمكن من نقل معاناة شعبه من خلال عمله.
بدأ التطوع مع جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني عام 2018، عندما كان عمره 18 عاما، خلال احتجاجات مسيرة العودة الكبرى.
قتلت إسرائيل 214 متظاهرا، بينهم 46 طفلا، خلال هذه المظاهرات، وأصابت 36 ألفا و100، بينهم نحو 8,800 طفل.
إعلانرائد هو الأصغر من بين 5 أشقاء، ولم يتزوج بعد، على الرغم من أن عائلته كانت تأمل في أن يتزوج بعد الحرب. لكن هذا لم يحدث، ويروي والد رائد انتظارا مروعا لمدة 9 أيام لمعرفة ما حدث لطفله الأصغر، ويكافح من أجل كبح اليقين بأنه قد أعدم مع زملائه.
رغم إصابته في مهمة سابقة، أصر صالح (42 عامًا) على العودة للعمل لإنقاذ الأرواح.
وقال شقيقه حسين للجزيرة إن صالح أحب عمله أيضا، وعاد بمجرد تعافيه من الجراحة في عام 2024.
وأوضح حسين أنه في شباط/فبراير الماضي، كان صالح في مهمة لمساعدة الجرحى عندما فتحت القوات الإسرائيلية النار على المسعفين، على الرغم من إبلاغه بأنهم سيكونون هناك.
أصيب صالح بجروح بالغة في الكتف والصدر، وانتهى به الأمر إلى قضاء بعض الوقت في المستشفى لإجراء عملية جراحية، وبعد ذلك عاد مباشرة إلى العمل.
أبو الكاس تحدث عن شجاعته: "لقد كان مكرسا للمساعدة، وكان يقول إنه أينما كان الناس يصرخون طلبا للمساعدة، فهذا هو المكان الذي يجب أن نكون فيه، للرد عليهم".
قال أبو الكاس إن أسعد البالغ من العمر 47 عاما كان أبا لـ6 أولاد كما أنه أبدى دائما صبرا لا نهاية له للتفاوض مع الأطفال. كلما رأى أطفالا يلعبون في الشارع، كان يذهب إلى القيادة والتعامل معهم، ويقدم لهم الحلوى للخروج من الطريق والذهاب للعب في مكان آمن، سرعان ما اكتشفه الأطفال، وسيلعبون في الشارع مرة أخرى في المرة القادمة، يضحكون ويقولون: "لقد خدعناك!"، لكن أسعد لم يمانع قط، واستمر ببساطة في تسليم الحلويات.
لم تكن جثته من بين أولئك الذين تم العثور عليهم عندما ذهبت بعثة دولية للبحث عن عمال الطوارئ المفقودين، تم القبض عليه وتقييده وأخذه بعيدا، وفقا للشاهد الوحيد الناجي، منذر عابد.
تحدث الأب البالغ من العمر 47 عاما إلى عائلته آخر مرة في المساء الذي اختفى فيه، وأخبرهم أنه في طريقه إلى مقر جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني لتناول الإفطار مع زملائه، وفقا لابنه محمد.
إعلانعندما حاولوا الاتصال به في وقت قريب من السحور، لم يستجب واكتشفوا من المقر الرئيسي أنه لا أحد يستطيع الوصول إليه أو إلى عمال الطوارئ الآخرين.
وقال ابنه إنه كان دائما يحذر عائلته من أنه كلما توجه في مهمة قد لا يعود، لكن مع استمرار أسعد في أعمال الإنقاذ لصالح جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، حاولوا دائما تجنب التفكير في ذلك.
هذا التقرير، الذي أعده فريق الجزيرة نت، سلط الضوء على الجانب الإنساني لبعض الشهداء الأبطال من فرق الدفاع المدني والهلال الأحمر الفلسطيني، الذين قدموا أرواحهم في سبيل مساعدة أهالي غزة الذين يتعرضون للقصف والقتل الممنهج من قبل الاحتلال الإسرائيلي منذ 18 شهرًا، من خلال كلمات المسعف إبراهيم أبو الكاس، الذي عاشر هؤلاء الأبطال وعايش تفاصيل حياتهم.