أحمد ياسر يكتب: إسرائيل بين أجندة التوسع وفشل المجتمع الدولي
تاريخ النشر: 6th, October 2024 GMT
ترسم التطورات الحالية في الشرق الأوسط صورة قاتمة، وهي الصورة التي لا يستطيع المجتمع الدولي أن يتجاهلها، إن الاعتداءات الإسرائيلية المتصاعدة، والتي تقودها سياسات التوسع الخطيرة التي ينتهجها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تدفع المنطقة إلى مزيد من عدم الاستقرار والعنف، وربما الصراع العالمي.
لقد تطور ما بدأ كعمل عسكري لا هوادة فيه في غزة الآن إلى حملة أوسع من الضربات الجوية والغزوات والاستفزازات في لبنان وسوريا واليمن وإيران، إن الوضع مروع، وقد تتردد العواقب إلى ما هو أبعد من حدود الشرق الأوسط.
إن الهجوم الإسرائيلي المستمر على غزة، والذي أدانته العديد من منظمات حقوق الإنسان باعتباره إبادة جماعية، هو أحدث فصل في تاريخ طويل من الأعمال العسكرية غير المتناسبة ضد الفلسطينيين، فقد تم تدمير أحياء بأكملها، وقصف المستشفيات والمدارس، وقتل أو تهجير الآلاف من المدنيين - كثير منهم من النساء والأطفال، إن حجم الدمار والمعاناة الإنسانية في غزة يتجاوز الفهم، ومع ذلك فإن الإدانة الدولية كانت فاترة في أفضل الأحوال.
يبدو أن حكومة نتنياهو تشجعت بسبب الافتقار إلى التدخل العالمي الكبير، فوسعت عملياتها العسكرية إلى لبنان بضربات جوية وتوغ بري، وكل ذلك تحت ذريعة "الأمن القومي"، وفي سوريا، تواصل الطائرات الإسرائيلية استهداف البنية الأساسية والمواقع العسكرية الرئيسية، مما يزيد من زعزعة استقرار دولة مزقتها الحرب وعانت بالفعل سنوات من الصراع الأهلي.
وتساهم هجمات إسرائيل على اليمن، على الرغم من أنها أقل شهرة، في أزمة إنسانية كارثية بالفعل، وتدفع عملياتها السرية ضد إيران، بما في ذلك اغتيال العلماء النوويين وجهود التخريب.
أجندة توسعية خطيرةيبدو أن سياسات نتنياهو مدفوعة برؤية متطرفة للتوسع الإقليمي، وهي رؤية تردد صدى الطموحات الاستعمارية في القرون السابقة، وتشير تصرفات الحكومة الإسرائيلية إلى استراتيجية متعمدة ليس فقط لإضعاف الدول العربية المجاورة، ولكن لاحتلال مساحات شاسعة من أراضيها.
إن هذا الموقف العدواني مثير للقلق العميق لأنه يخاطر بإشعال صراع أكبر بكثير ولا يمكن السيطرة عليه، إن التفوق العسكري الإسرائيلي ليس موضع شك، ولكن لا يمكن لأي دولة، مهما كانت قوتها، أن تسعى إلى التوسع غير المقيد دون إثارة رد فعل عنيف.
لقد خلقت سياسات نتنياهو الحربية برميل بارود يهدد ليس فقط الشرق الأوسط بل والعالم بأسره.
فشل المجتمع الدوليلقد فشلت الأمم المتحدة، الوصي المفترض على السلام العالمي، مرة أخرى في التصرف بشكل حاسم. إن القرارات التي تدين تصرفات إسرائيل يتم عرقلتها أو تخفيفها باستمرار، وغالبًا من قبل دول قوية لها مصالح راسخة في الحفاظ على موقف إسرائيل الاستراتيجي في المنطقة.
إن هذا التقاعس ليس مجرد فشل للدبلوماسية؛ بل إنه فشل للإنسانية، إن عدم قدرة المجتمع الدولي على محاسبة إسرائيل على أفعالها يعتبر في نظر الكثيرين بمثابة موافقة ضمنية، مما يشجع القيادة الإسرائيلية على مواصلة حملاتها الوحشية.
إن اعتداءات إسرائيل ليست حوادث معزولة بل هي جزء من نمط أوسع من التوسع العسكري الذي يهدد الاستقرار الإقليمي والسلام العالمي، وإذا لم يتدخل المجتمع الدولي قريبا، فقد يتحول الوضع إلى حرب شاملة، حرب لديها القدرة على جذب القوى الكبرى والتحول إلى حرب عالمية ثالثة.
والعلامات كلها موجودة: تصعيد الاشتباكات العسكرية، وتنامي التحالفات الإقليمية، وزيادة التوترات بين القوى العظمى العالمية.
صراع عالمي محتمل؟إن الآثار الأوسع للعدوان الإسرائيلي تمتد إلى ما هو أبعد من الشرق الأوسط، ومن غير المرجح أن تقف دول مثل إيران وتركيا مكتوفة الأيدي بينما تستمر إسرائيل في زعزعة استقرار المنطقة، وقد تؤدي ردود أفعالها، سواء من خلال العمل العسكري المباشر أو زيادة الدعم للقوات بالوكالة، إلى خلق حرب إقليمية تشمل دولا متعددة، وإيران، على وجه الخصوص، لديها شبكة واسعة من الحلفاء والجماعات المسلحة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وقد يتحول الصراع المفتوح مع إسرائيل بسرعة إلى حرب متعددة الجنسيات.
وبعيدًا عن المنطقة، هناك خطر حقيقي يتمثل في اندلاع مواجهة بين القوى العظمى. فروسيا، التي لديها مصالح عسكرية كبيرة في سوريا، والصين، التي لديها علاقات اقتصادية استراتيجية في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، قد لا تقفان مكتوفتي الأيدي في حين تواصل إسرائيل استفزازاتها، وقد تجد الولايات المتحدة، حليفة إسرائيل منذ فترة طويلة، نفسها في موقف صعب على نحو متزايد، في محاولة للموازنة بين دعمها لإسرائيل وعدم الاستقرار المتزايد في مختلف أنحاء المنطقة، والواقع أن خطر التصعيد هائل.
الدعوة إلى التحرك الدوليما زال هناك متسع من الوقت لمنع هذا السيناريو الخطير من التفاقم، ولكن النافذة تضيق بسرعة، ويتعين على المجتمع الدولي أن يدرك خطورة الموقف وأن يتخذ خطوات فورية لوقف التوسع العدواني الإسرائيلي، وعلى الرغم من إخفاقاتها الأخيرة، تظل الأمم المتحدة منصة بالغة الأهمية للحوار وحل الصراعات.
ويتعين عليها أن تطالب بوقف فوري للأعمال العدائية، وأن تدفع باتجاه محادثات السلام، وأن تفرض عقوبات على إسرائيل إذا استمرت في حملاتها العسكرية.
إن مستقبل الشرق الأوسط معلق في الميزان، إن الإجراءات الإسرائيلية في غزة ولبنان وسوريا وغيرها ليست عدوانية فحسب، بل إنها توسعية بشكل خطير، وتهدد بإغراق المنطقة في صراع يمكن أن يتحول بسهولة إلى حرب عالمية.
لقد حان الوقت لكي يتحرك المجتمع الدولي، إن الفشل في وقف السياسات العدوانية الإسرائيلية لن يؤدي فقط إلى إدامة معاناة الملايين، بل قد يؤدي إلى صراع له عواقب تتجاوز حدود الشرق الأوسط.
إنها مسألة تتعلق بالأمن العالمي، ولا يستطيع العالم أن يتحمل الصمت، ولا بد من محاسبة إسرائيل على أفعالها، ولا بد أن يتدخل المجتمع الدولي لضمان السلام قبل فوات الأوان، إن البديل ــ حرب عالمية ثالثة محتملة ــ يلوح في الأفق، وهو خطر لا يستطيع العالم أن يتحمله.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: حزب الله غزة فلسطين ليبيا سوريا الجمعية العامة للأمم المتحدة أخبار مصر لبنان اخبار فلسطين بيروت هاشم صفي الدين ايران حسن نصر الله الصين دونالد ترامب جو بايدن الرئيس الايراني حرب اكتوبر الشرق الأوسط محور المقاومة اسرائيل رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو الضاحية الجنوبية حرب 6 أكتوبر المجتمع الدولی الشرق الأوسط إلى حرب
إقرأ أيضاً:
تقرير للجيش الأمريكي: صعود أنصار الله يُعيد تشكيل خريطة القوى في الشرق الأوسط
مقالات مشابهة ليست إيران.. البنتاغون الامريكي يعلن العثور على أخطر مصادر تمويل الحوثيين بالترسانة العسكرية
5 أيام مضت
02/07/2024
09/03/2024
08/03/2024
07/03/2024
05/03/2024
كشف مركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الاستراتيجية، التابع لقيادة الجيش الأمريكي، في دراسة حديثة عن تحول حركة أنصار الله إلى قوة إقليمية مؤثرة، معتبرًا صعودها المفاجئ “تحوّلًا استراتيجيًا” يُعيد رسم خريطة القوى في الشرق الأوسط، ويتجاوز حدود الصراع اليمني إلى تأثيرات دولية واسعة.
من فاعل محلي إلى لاعب إقليمي مؤثر
وبحسب الدراسة، التي حملت عنوان “الميليشيا التي أصبحت لاعبًا قويًا: الصعود المذهل للحوثيين”, فإن الحركة كانت تُعتبر قبل طوفان الأقصى مجرد فاعل محلي في اليمن، لكنها بعد أحداث أكتوبر 2023 عززت تحالفاتها مع محور المقاومة (إيران، حزب الله، فصائل فلسطينية)، وأصبحت لاعبًا رئيسيًا في معادلة الصراع الإقليمي.
وأشارت الدراسة إلى أن العمليات العسكرية التي نفذتها الحركة، مثل استهداف السفن في البحر الأحمر، لم تقتصر على التأثير الإقليمي، بل تسببت في زعزعة الاستقرار العالمي، مما دفع القوى الكبرى إلى إعادة تقييم حساباتها في المنطقة.
تنزيل التقرير الكامل pdf لمركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الاستراتيجية
الصعود المذهل للحوثيينتنزيلالمقالة من المصدر الأصلي للتقرير على مركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الاستراتيجية التابع لقيادة الجيش الأمريكي
تهديد اقتصادي واستراتيجي عالمي
أكد التقرير أن استهداف أنصار الله للممرات البحرية الحيوية، مثل باب المندب، أدى إلى تعطيل سلاسل التوريد العالمية، ورفع أسعار النفط، وأجبر الشركات الدولية على إعادة حساب المخاطر التجارية في المنطقة. كما أسفر عن انخفاض حركة الملاحة في قناة السويس بنسبة 60%، مما أثر على التجارة الدولية بشكل مباشر.
سياسيًا، فرضت الحركة نفسها كطرف لا يمكن تجاوزه في أي مفاوضات إقليمية أو دولية، كما كشفت عن ضعف الآليات الدولية في احتواء الصراعات الناشئة، مما جعلها “مغيّرًا لقواعد اللعبة”, وفقًا للتقرير.
استراتيجية المواجهة الأمريكية: أربعة مستويات للتصدي لأنصار الله
في ضوء هذا الصعود المتسارع، اقترحت الدراسة الأمريكية استراتيجية للتعامل مع “الخطر الحوثي” عبر أربعة محاور رئيسية:
عسكريًا: استهداف قيادات الحركة عبر عمليات اغتيال تهدف إلى تقويض بنيتها التنظيمية.دبلوماسيًا: العمل على عزلها دوليًا من خلال تشكيل تحالفات إقليمية مضادة.إعلاميًا: مواجهة حملاتها الدعائية التي تعزز شرعيتها محليًا وإقليميًا.اقتصاديًا: فرض عقوبات على الدول والجهات الداعمة لها.قدرات عسكرية غير مسبوقة وتأثير إقليمي متزايد
وبحسب الأرقام الواردة في التقرير، نفذت أنصار الله أكثر من 100 هجوم بحري، مما أدى إلى تعطيل التجارة العالمية بشكل غير مسبوق. كما شنت أكثر من 220 هجومًا على إسرائيل، بينها ضربات ناجحة على تل أبيب، ما أظهر قدرتها على تنفيذ عمليات بعيدة المدى.
وتشير الدراسة إلى أن تحالفات الحركة مع جهات إقليمية فاعلة ساهمت في توسيع نفوذها على مستوى الشرق الأوسط، في وقت لم تثبت التدابير العسكرية الدولية فعاليتها في احتواء عملياتها، بسبب الطبيعة غير المتكافئة للصراع.
توصيات لمواجهة التغيرات الاستراتيجية
خلص التقرير إلى أن مواجهة هذا الواقع الجديد تتطلب استجابة شاملة تتجاوز الحلول العسكرية، مشيرًا إلى أن التأثيرات المحتملة لهذا التحول قد تمتد إلى الاستقرار الإقليمي والأمن العالمي، مما يستدعي إعادة تقييم السياسات الدولية تجاه الشرق الأوسط.
ذات صلةالوسومالحوثيين انصار الله تقرير الجيش الامريكي قيادة الجيش الأمريكي مركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الاستراتيجية
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.
آخر الأخبار