«صندوق القراءة».. يستكشف جماليات السرد الروائي وروائع الشعر
تاريخ النشر: 6th, October 2024 GMT
دبي (الاتحاد)
كشفت هيئة الثقافة والفنون في دبي «دبي للثقافة» تفاصيل الموسم التاسع من «صندوق القراءة»، الذي تنظمه خلال الفترة من 9 إلى 18 أكتوبر الجاري، بهدف فتح آفاق الصغار والكبار الفكرية وتحفيزهم على ممارسة القراءة، واستكشاف عوالم الكتب، وتشكل المبادرة جزءاً من التزام «دبي للثقافة» بدعم الاستراتيجية الوطنية للقراءة 2016 - 2026، الهادفة إلى ترسيخ القيم الثقافية في المجتمع.
وتشهد المبادرة التي تندرج تحت مظلة «مدارس الحياة» تنظيم 55 جلسة نقاشية وحوارية ملهمة، إضافة إلى الأمسيات الشعرية وورش العمل الإبداعية، التي تتيح للزوار فرصة إثراء معارفهم وتطوير مهاراتهم في فنون السرد والكتابة الأدبية والخط العربي، وتبادل الآراء والأفكار مع نخبة من الكتاب والمثقفين والشعراء وخبراء التراث والمفكرين الإماراتيين والمقيمين على أرض الدولة.
منصة حيوية مبتكرة
وأشارت إيمان الحمادي، مدير قسم شؤون المكتبات في «دبي للثقافة»، إلى دور المبادرة في إيجاد مسارات جديدة لتعزيز المعرفة لدى أبناء المجتمع، وقالت: «يُعد «صندوق القراءة» منصة حيوية مبتكرة تساهم في نشر القراءة بين الأفراد وتحفيزهم للوصول إلى مصادر المعرفة المتنوعة، وتمكينهم من تطوير مهاراتهم في القيادة والتفكير الإبداعي، من خلال برنامج غني بالجلسات والحلقات النقاشية التي تبرز ثراء المحتوى الأدبي المحلي، وما تشهده دبي من حراك ثقافي لافت»، موضحة أن المبادرة تتناغم مع جهود «دبي للثقافة» الهادفة إلى بناء أجيال مثقفة قادرة على المساهمة في تحقيق التنمية المستدامة، ومواكبة متطلبات المستقبل، وتتماشى مع مسؤوليات الهيئة الرامية إلى ترسيخ مكانة الإمارة مركزاً عالمياً للثقافة، حاضنة للإبداع، وملتقى للمواهب.
تغيير إيجابي
وتتضمن أجندة «صندوق القراءة» حلقات نقاشية وحوارية متنوعة تتيح لأفراد المجتمع فرصة تطوير مهاراتهم القيادية والتعرف على جماليات الأدب والسرد الروائي، ومن أبرزها جلسة «القيادة بطريقة محمد بن راشد» وفيها يستعرض الدكتور نزار القحطاني تفاصيل كتابه الذي يقدم فيه مجموعة من الدروس المستلهمة من مؤلفات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، ويتناول أسلوب سموه المتميز في القيادة، وكيف يمكن الاستفادة منه في تطوير المهارات وإحداث التغيير الإيجابي في الحياة العملية، بينما تناقش الدكتورة منى جواد سلمان في جلسة «الطريق نحو التميز الوظيفي» كتاب «القائد المُلهم» الذي يضيء على أدوار القيادات الحكومية الفاعلة وأثرها في تحقيق التميز الوظيفي.
ومن جهة أخرى، يشهد الجمهور جلسة «طريدون وحكاياتها» التي يركز فيها جابر خليفة جابر على مجموعة العناصر الفنية التي تميز روايتي «طريدون.. كتاب الباخرة» و«طريدون.. كتاب اللوحة»، بينما تتناول الباحثة في علم الاجتماع الدكتورة سعاد العريمي الأبعاد النفسية والثقافية للعمل الأدبي، وذلك في جلسة «حدث في صبيا» التي تديرها الكاتبة صالحة عبيد.
«حيوات بنكهة الرمان»
ويلتقي علي الشعالي مع زوار «صندوق القراءة» في جلسة قرائية ونقدية، يناقش خلالها مجموعته القصصية «حيوات بنكهة الرمان» التي تحتفي بالأبطال الثانويين الذين يسعون إلى تحقيق أحلامهم، حيث يكشف الشعالي من خلال مجموعته التي تمزج بين الواقعية والخيال عن شخصيات لا تُنسى، ويفتح نافذة على النفس البشرية ويسلط الضوء على أبرز التحديات التي تواجهها.
وتستضيف جلسة «جماليات السرد الروائي الإماراتي» كلاً من الدكتورة مريم الهاشمي والدكتور صالح هويدي، حيث يتناولان مساهمات الرواية المحلية في إبراز التحولات الاجتماعية والثقافية، تبين نهلة المالكي في جلسة «لماذا لا نقرأ العربية بشكل كافٍ؟» أهمية تشجيع الأجيال القادمة على القراءة باللغة العربية، وضرورة تحفيزهم على الاهتمام بالكتب لا سيما الأدبية منها، في حين يشرح الباحث زيد الأعظمي في جلسته «دور القراءة في مواجهة الإدمان الرقمي» كيفية تحقيق التوازن بين العالمين الرقمي والواقعي، وغيرها.
تراث بحري
ويعيش الجمهور طوال فترة المبادرة مجموعة من التجارب الحية والتفاعلية التي توسع المدارك وتساهم في ترسيخ الهوية الوطنية، وهو ما يتجلى في جلسة «الصراي... ذاكرة الأدوات الشعبية الإماراتية» التي يبين فيها خالد بن جميع الهنداسي، كيف ساهمت أساليب التدوين وروايات كبار السن في تعزيز التراث الثقافي، بينما يتعرف المشاركون في جلسة «تراث الإمارات البحري» على تجربة منى عبدالله آل علي في صون وحفظ التراث البحري والحرف التقليدية والصناعات البحرية في الدولة، عبر كتابها الذي يتناول تفاصيل التراث البحري المحلي وأنماط الحياة التقليدية التي سادت في الإمارات قديماً، بينما يتمكن الزوار من استكشاف تاريخ دبي العريق من خلال جلسة «أبواب دبي التاريخية» التي يقدمها سعيد عبدالله الوايل، ويركز فيها على الزخارف التي تزين أبواب بيوت دبي القديمة وكذلك التصاميم المعمارية التي تميز تراث الإمارة وثقافتها، فيما تناقش حصة عبدالله ود. فاطمة المعمري في جلسة «الخراريف الإماراتية في الأدب المعاصر» كيفية تقديم الحكايات الشعبية بأساليب سردية مبتكرة، بينما يشرح عبدالله ميزر عبر جلسة «الإبل والإنسان: أصدقاء الصحراء» طبيعة العلاقة السيكولوجية الفريدة بين الإنسان والإبل.
أمسيات شعرية
في المقابل، يشهد «صندوق القراءة» ثلاث أمسيات شعرية، وعلى رأسها «بين جناحي كلمة» التي تديرها الشاعرة نجاة الظاهري، وتستضيف كلاً من الشاعرة والروائية دارين شبير والشاعر عبدالرحمن الحميري، وتشارك الشاعرة شيخة المطيري والشاعر حسين درويش في أمسية «بريق من مروا من هنا»، وتجمع أمسية «أنا القصيدة» الشاعرة أبرار الطيب الدخيري ود. عمرو إبراهيم، وتناقش الكاتبة لولوة المنصوري وإيمان محمد تركي في جلسة «أحمد راشد ثاني.. ذاكرة الأرض والشعر»، تأثير أعمال الشاعر والباحث الراحل أحمد راشد ثاني على الذاكرة والمشهد الثقافي العربي، من خلال الاطلاع على تجربة لولوة المنصوري في جمع كتابات وإبداعات الشاعر الراحل وإصدارها في كتاب جديد يقدم نظرة تحليلية شاملة لأعماله، بينما يضيء فهد المعمري في جلسة «الطير في الشعر الشعبي» على رمزية ودلالات الطير في الشعر الشعبي، ويتناول الشاعر خالد البدور والكاتبة صباح ديبي في جلسة «حوار حول ترجمة الشعر»، التحديات اللغوية والثقافية التي يواجهها المترجمون في نقل المعاني الدقيقة عبر اللغات، ومن خلال جلسة «تاريخ الموسيقى الإماراتية» التي يقدمها الفنان علي العبدان يتعرف الجمهور على كنوز الموسيقى الإماراتية وارتباطها بالتراث المحلي.
«صوت القراءة»
كما يلتقي الجمهور مع مزنة نجيب، بطلة الإمارات في تحدي القراءة العربي 2019، حيث تتحدث في جلسة «صوت القراءة - حوار مع بطل القراءة» عن تجربتها في التحدي وتأثير الكتب على تشكيل مسيرتها الأكاديمية والشخصية، كما يتعرف زوار «صندوق القراءة» عبر ورشة «الخط العربي» التي يقدمها سعيد شكري على تاريخ الخط العربي وأساسياته وتأثيره على اللغات الأخرى، وتقنياته وأدواته المختلفة، فيما يقدم حازم كرد علي ورشة «أغلفة كتب بالخط العربي»، ويشرح عبدالله الهامور في جلسة «سنع المجالس» أسماء وأنواع المجالس، وآداب الاستقبال ودورها في تجسيد وإبراز القيم الإماراتية.
برنامج غني للصغار
أعدت «دبي للثقافة» لزوار «صندوق القراءة» الصغار، برنامجاً غنياً بورش العمل الإبداعية الهادفة إلى تطوير مهاراتهم، من خلال ورشة «كيف تجعل الأشياء تتحرك؟» التي يقدمها بوبكر بوخاري، كما يتعرفون في ورشة «شرائط ذهب وفضة» على الحرف اليدوية الإماراتية تحت إشراف الكاتبة نادية النجار، وينطلقون برفقة فاطمة العامري في رحلة فنية ممتعة يتعلمون فيها طرق تصميم أقنعة شخصية، وفي ورشة «الدبلوماسي الصغير» تتولى إيمان اليوسف تدريبهم على فنون الدبلوماسية الثقافية، وتستعرض مريم الغفلي في ورشة «تعالوا نفكر ونقرأ معاً» أهمية العمل الجماعي والروح الرياضية، وغيرها الكثير.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: هيئة الثقافة والفنون دبي دبي للثقافة صندوق القراءة القراءة الشعر تطویر مهاراتهم صندوق القراءة دبی للثقافة التی یقدمها فی جلسة من خلال
إقرأ أيضاً:
التقرير الاقتصادي الفصلي لبنك عوده: تعدّد التحدّيات الاقتصاديّة التي تواجه العهد الجديد
صدر التقرير الاقتصادي لبنك عوده عن الفصل الأول من العام 2025 بعنوان "تعدّد التحدّيات الاقتصاديّة التي تواجه العهد الجديد"، والذي جاء فيه أنّ الأشهر القليلة الأولى من العام 2025 شهدت تطورات سياسية واعدة، بدءاً بالانتخابات الرئاسية إلى تكليف رئيس الحكومة وصولاً إلى تأليف حكومة من ذوي الكفاءات تضمنت عدداً من الشخصيات المرموقة. لقد توافد إلى لبنان خلال الأشهر الثلاث الماضية عدد من الشخصيات الأجنبية الرفيعة المستوى وقد يكون على مشارف الحصول على المساعدة والدعم الدوليين في حال استطاع الإفادة من الفرصة التاريخية السانحة. هذا وقد أعاد المستثمرون العرب والأجانب وضع لبنان ضمن اهتماماتهم، فيما أعلن البعض عن جهوزيته للاستثمار في البلاد.
لقد ترك هذا الخرق السياسي وقعاً إيجابياً على الأسواق المالية اللبنانية. إذ شهدت سوق تداول العملات تحويلات من العملات الأجنبية إلى الليرة اللبنانية، ما ساهم في تعزيز احتياطيات مصرف لبنان من النقد الأجنبي بنحو 936 مليون دولار منذ بداية العام الحالي، بحيث عوّض عن الخسائر التي تكبدّها المركزي خلال الحرب الشاملة، لتبلغ زهاء 11.1 مليار دولار منتصف نيسان 2025. لقد قفزت أسعار سندات اليوروبوندز اللبنانية بنسبة 167% خلال الأشهر الستة الماضية، من 6 سنت للدولار الواحد في أيلول إلى 9 سنت في 27 تشرين الثاني (تاريخ وقف إطلاق النار) إلى زهاء 16 سنت في يومنا هذا. إنّ هذه الفورة في أسعار اليوروبوندز إنما جاءت وسط رهان بأن الخروقات السياسية الأخيرة على الساحة المحلية ستمهّد الطريق أمام تطبيق الإصلاحات التي طال انتظارها، والتوصل إلى اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي، وإعادة هيكلة الدين والقيام بمباحثات بنّاءة مع حاملي السندات. كذلك، سجّلت سوق الأسهم قفزة في الأسعار منذ إعلان وقف إطلاق النار، إلا أنّ أحجام التداول بقيت خجولة، حيث بلغ المتوسط اليومي لقيمة التداول الاسمية زهاء 1.8 مليون دولار منذ 27 تشرين الثاني 2024 داخل سوق تفتقر إلى السيولة والفعالية.
إنّ تغيّر النظام في سوريا يوفّر فرصةً ليس فقط للجمهورية العربية السورية ولكن أيضاً للمنطقة بشكل عام. فتحقيق الاستقرار في سوريا من شأنه أن يعود بالمنفعة على البلدان المحيطة، ولا سيما على لبنان. إذ سيزيد من إمكان التبادل التجاري وسيخفّض الضغوطات الناجمة عن تواجد عدد كبير من اللاجئين. وعلى العكس من ذلك، إنّ استمرار حال عدم الاستقرار من شأنه أن يسفر عن تفاقم المشاكل كالتجارة غير المشروعة، ويؤدي إلى تعاظم المخاطر الأمنية في المنطقة. هذا وإن إعادة فتح المعابر وخطوط النقل من شأنه أن يترك على الفور أثراً إيجابياً على التجارة والناتج المحلي.
إنّ احتمال السيناريو الإيجابي أصبح أكثر إمكانية في لبنان في المدى المنظور. ويفترض السيناريو الإيجابي استمرار وقف إطلاق النار، وإطلاق جهود واسعة النطاق لإعادة الإعمار، وإطلاق الإصلاحات التي طال انتظارها، والتوصل إلى اتفاق شامل مع صندوق النقد الدولي من شأنه أن يؤمن الدعم الدولي. ففي حال تحققت الظروف المؤاتية لمثل هذا السيناريو، سيترفع النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي إلى زهاء 8%، وسيتراجع التضخم إلى المستويات العالمية، وستتعزز احتياطيات مصرف لبنان بشكل كبير وسيعود ميزان المدفوعات إلى تسجيل فائض أقله 4 مليار دولار. أما السيناريو الآخر فيفترض أن يستمر وقف إطلاق النار خلال العام 2025، ولكن في ظل استمرار التجاذبات السياسية الداخلية، ما سيعيق المسار الإصلاحي. وفق هذا السيناريو، سيقارب النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي 2%، وستبقى احتياطيات مصرف لبنان ثابتة وسيكون ميزان المدفوعات في شبه توازن. وفق هذا المنظور الماكرو-اقتصادي، تفرض الحاجة لاستعادة الثقة تحدياً على السلطات السياسية في الحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار، وملء الفراغات المؤسساتية بأسرع ما يمكن، واستعادة الدولة وجيشها لهيبتها ودورها، والتوافق على حلول لجميع المسائل العالقة، وإرسال الإشارات الصحيحة لمجتمع الأعمال والاستثمار بشكل عام. هذا ويبقى تحدي إعادة هيكلة المصارف هو التحدي الأبرز، والذي يتمحور حول تشريع قانون إعادة الهيكلة وقانون معالجة الفجوة المالية خلال العام المقبل، وتحديداً قبل الانتخابات النيابية في أيار 2026، والتي بعدها ستتحوّل الحكومة إلى حكومة تصريف أعمال إلى حين تشكيل حكومة جديدة.
هذا وخلص التقرير إلى أنّه يجدر التوقف عند خمس تحديات اقتصادية رئيسية ذات أولوية في اعقاب الآمال الكبيرة المعقودة من قبل اللبنانيين على افاق العهد الجديد، وهي اولاً تحفيز النمو وخلق فرص العمل، حتى ينتقل الاقتصاد من وضع المراوحة إلى وضع النهوض في جميع قطاعات النشاط الاقتصادي، ثانياً خفض العجز الخارجي مع استمرار الاختلالات الخارجية بشكل بارز، ثالثاً التصويب النقدي اللازم وتعزيز الاحتياطيات بالعملات، رابعاً تصحيح المالية العامة التي تمثل نقطة ضعف مستمرة للاقتصاد اللبناني في الوقت الحاضر رغم التحسن النسبي المسجّل مؤخراً، خامساً إعادة الهيكلة المصرفية اللازمة وسدّ الفجوة المالية.
على مستوى القطاع الحقيقي، يعدّ تحفيز النمو وخلق فرص العمل أمرا أساسيا لتلبية المتطلبات الاجتماعية والاقتصادية للبنانيين بشكل عام. فقد انكمش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 38% منذ اندلاع الأزمة في العام 2019. ويشير التحليل الدقيق لمتطلبات القطاع الحقيقي والمالي إلى أن تحفيز النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي أمر ممكن من الناحية التقنية في المدى المنظور، ولكنه يتطلب بيئة سياسية داعمة وإطلاق إصلاحات هيكلية من شأنها أن تساعد على تحفيز الطلب على السلع والخدمات، وتعزيز الميزات التنافسية للاقتصاد اللبناني إلى جانب تعزيز عامل الثقة بشكل عام. فإذا عاد عامل الثقة الشامل وسط تسويات سياسية محلية وجهود الإصلاح، فسيكون هناك امكانية للناتج المحلي الإجمالي في لبنان لاستعادة مستوى ما قبل الأزمة في غضون نصف عقد تقريبا، وبالتالي تسجيل نمو إيجابي في الناتج المحلي الحقيقي لعدد من السنوات، مع ما يلحق ذلك من تأثير طبيعي على دخل الفرد والظروف الاجتماعية والاقتصادية بشكل عام. إن شروط هذا التعافي المأمول تكمن بالتأكيد على الإرادة السياسية الداخلية خلال العهد الجديد، وإرساء مناخ تسووي داخلي، وإعطاء الأولوية للمصلحة العامة على المصلحة الخاصة، وأجندة إصلاح جذرية، وصحوة ضمير لدى العملاء الاقتصاديين المعنيين بشكل عام. والمفتاح هنا هو تحفيز الطلب الخاص، وخاصة الاستثمارات الخاصة، علماً أن الاستثمار له الأثر الأكبر على النمو من خلال التأثير المضاعف للاستثمار. ويحتاج لبنان إلى رفع نسبة الاستثمار الخاص إلى الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً انطلاقاً من أدنى مستوى له منذ 30 عاماً والذي يقل عن 10% اليوم. ومن شأن نمو الاستثمار أن يعزز عامل العمالة في النمو الذي يدعو إلى خلق فرص عمل لاستيعاب أكثر من 30 ألف لبناني ينضمون إلى القوى العاملة كل عام. وهذا يبرز اليوم بين القضايا الملحة، علماً أن معدل البطالة تضاعف خلال نصف العقد الماضي ليتجاوز 30%. ويتطلب تحفيز الاستثمار الخاص تحسين بيئة الأعمال من خلال خفض التكاليف التشغيلية، وتحسين سهولة ممارسة الأعمال في لبنان، إضافة الى الاستقرار السياسي والأمني المنشود.
وعلى المستوى الخارجي، فإن نموذج مواصلة العجز التجاري الكبير الذي يعتمد على التدفقات المالية الكبيرة ليس مستداماً. والأولوية هنا هي إعادة تحفيز حركة الرساميل الوافدة وخفض الواردات وتعزيز الصادرات. ومن الضروري أن تتخذ الدولة تدابير من شأنها تعزيز الإنتاج المحلي على حساب الواردات، أي تحفيز السلع البديلة للاستيراد والمنتجات الموجهة للتصدير في محاولة لتقليص العجز التجاري في لبنان. ومن المهم في هذا السياق تحسين وتوسيع نطاق برامج دعم الصادرات الحالية وإدخال برامج تحفيز جديدة تستهدف القطاعات ذات القيمة المضافة العالية. ويعتمد تشجيع الإنتاج المحلي على رفع بعض الرسوم الجمركية لحماية المنتج المحلي، وإعطاء حوافز ضريبية للمنتجين المحليين، وتسويق الإنتاج المحلي في الخارج.
وعلى المستوى النقدي، هناك حاجة إلى استقرار نقدي جذري لتحقيق التعافي الاقتصادي الشامل. هناك حاجة لتعزيز احتياطيات النقد الأجنبي لدى مصرف لبنان من خلال اللجوء إلى المساعدات الخارجية. فلسد الفجوة واستعادة الثقة، يتعين على البلاد أن تلجأ إلى الدعم الخارجي المأمول. المطلوب هو تأمين تمويل من صندوق النقد الدولي كشرط أساسي لانخراط الجهات المانحة الأخرى، نظراً لإلحاح الجهات المانحة على وجود جهة رقابية دولية لتطبيق الإصلاحات في لبنان.
وعلى مستوى القطاع العام، يشكل التصحيح المالي أهمية بالغة. فلا يستطيع لبنان الحفاظ على استقراره النقدي الذي تحقق خلال العامين الماضيين دون إجراء إصلاحات جذرية في القطاع العام. وليس أمام الدولة خيار سوى خفض احتياجاتها التمويلية المالية في المستقبل. ويجب أن يأتي التصحيح المالي من خلال التقشف في الإنفاق، وتحسين تعبئة الموارد، وسد فجوة التهرب الضرائبي، وإصلاح قطاع الكهرباء. على صعيد الإيرادات، فإن المطلوب هو تعزيز تعبئة الموارد، بمجرد أن تبدأ الحكومة العتيدة في مكافحة الفساد بجدية ليكون أي تدبير ضريبي مقبول من قبل اللبنانيين. بالتوازي مع ذلك، هناك حاجة إلى سد ما يقرب من نصف فجوة التهرب المالي، أي ما يعادل 1.0% من الناتج المحلي الإجمالي سنويًا على مدى فترة السنوات الست القادمة. ان نسبة الإيرادات العامة إلى الناتج المحلي الإجمالي تبلغ اليوم أقل من 15% في لبنان مقابل 26% في الأسواق الناشئة و40% في البلدان المتقدمة. يعني ذلك ان هناك مجال لزيادة تعبئة الموارد ببضع نقاط مئوية لا سيما من خلال مكافحة التهرب الضريبي. وهذا من شأنه أن يؤدي إلى انخفاض الحاجات التمويلية وتقلص حجم الدين العام ما قد يمكن البلاد من الحفاظ على نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي أقل من 80٪ بعد إعادة هيكلة القطاعين العام والمالي.
وعلى المستوى المصرفي، يواجه القطاع المالي أزمة ذات طبيعة نظامية، ناجمة عن السياسات العامة التي اعتمدتها الدولة بشكل رئيسي. وتتطلب الأزمات النظامية أساليب متميزة تتجاوز تلك المستخدمة في الأزمات التقليدية أو أزمات البنوك الفردية. وعلى هذا النحو، تبرز الحاجة الملحة إلى اعتماد خطة إنقاذ اقتصادية ومالية شاملة تعتمد على مقاربة نظامية للحلول، تكون مناسبة لإعادة تأسيس دور القطاع المالي باعتباره الوسيط المالي الرئيسي في البلاد، الأمر الذي من شأنه أن يحد من الاقتصاد النقدي المتفاقم، وضمان خلق القيمة الاقتصادية المضافة التي تهدف إلى دعم النهضة الاقتصادية في لبنان. وفي هذا السياق، تبرز الحاجة لخطة حكومية بدعم من صندوق النقد الدولي قادرة على المساعدة في إعادة بناء الثقة في القطاع المالي، وهو شرط أساسي لبدء التعافي الاقتصادي السريع في لبنان بشكل عام. وفي حين أن أي خطة يجب أن تتضمن بلا شك تضحيات من قبل القطاع المصرفي، والتي من شأنها أن تساهم في تغطية الخسائر، إلا أنها يجب أن تأخذ في الاعتبار القدرات المتاحة للقطاع المالي، بدلاً من إثقال كاهله بحلول خارجة عن القدرات الحالية والمستقبلية. إن إعادة التوازن المصرفي هي من مهام السلطات العامة، وعلى وجه الخصوص السلطتين التنفيذية والتشريعية (الحكومة والبرلمان). وينبغي أن تكون البنوك مستعدة لأن تتعاون مع الدولة التي ينبغي أن تقود بنفسها نهج إعادة الهيكلة المنشودة بشكل عام.
وختم التقرير بالقول أنّ صياغة وتنفيذ السياسات التي من شأنها أن تستجيب للحاجات الاقتصادية والاجتماعية للبنانيين وإطلاق الاصلاحات الضرورية التي طال انتظارها يمكن أن تكون قادرة على الحد من الاختلالات ومكامن الوهن في الاقتصاد اللبناني، وتوفير دعم نسبي للاستقرار النقدي، والمساعدة على ضمان الانتقال المطلوب من حقبة الوهن الاقتصادي إلى عصر التحسن التدريجي في المستوى العام للمعيشة والرفاهية بشكل عام.
لقراءة التقرير الكامل اضغط على الرابط التالي: https://tinyurl.com/3axf5ppv
مواضيع ذات صلة الحكومة الفنزويلية: العقوبات هي "حرب اقتصادية" ومسؤولة عن المعاناة التي تواجهها البلاد Lebanon 24 الحكومة الفنزويلية: العقوبات هي "حرب اقتصادية" ومسؤولة عن المعاناة التي تواجهها البلاد 23/04/2025 15:38:04 23/04/2025 15:38:04 Lebanon 24 Lebanon 24 التحديات الاقتصادية في لبنان: الواقع والآمال Lebanon 24 التحديات الاقتصادية في لبنان: الواقع والآمال 23/04/2025 15:38:04 23/04/2025 15:38:04 Lebanon 24 Lebanon 24 بنك إنكلترا يثبت أسعار الفائدة عند 4.5% رغم التحديات الاقتصادية Lebanon 24 بنك إنكلترا يثبت أسعار الفائدة عند 4.5% رغم التحديات الاقتصادية 23/04/2025 15:38:04 23/04/2025 15:38:04 Lebanon 24 Lebanon 24 الرئيس السوري: عودة سوريا إلى البيت العربي خطوة لتوحيد الصفوف لمواجهة الأزمات المشتركة ومواجهة التحديات Lebanon 24 الرئيس السوري: عودة سوريا إلى البيت العربي خطوة لتوحيد الصفوف لمواجهة الأزمات المشتركة ومواجهة التحديات 23/04/2025 15:38:04 23/04/2025 15:38:04 Lebanon 24 Lebanon 24 لبنان إقتصاد قد يعجبك أيضاً رجي: سياسة الحكومة ترتكز على فرض سيادتها وحصر السلاح بيدها Lebanon 24 رجي: سياسة الحكومة ترتكز على فرض سيادتها وحصر السلاح بيدها 08:18 | 2025-04-23 23/04/2025 08:18:34 Lebanon 24 Lebanon 24 وفد صندوق الزكاة إختتم "زيارة مثمرة" إلى دولة الكويت Lebanon 24 وفد صندوق الزكاة إختتم "زيارة مثمرة" إلى دولة الكويت 08:00 | 2025-04-23 23/04/2025 08:00:05 Lebanon 24 Lebanon 24 البستاني من واشنطن: التعاون مع صندوق النقد لإجراء اتفاق واجب وضرورة Lebanon 24 البستاني من واشنطن: التعاون مع صندوق النقد لإجراء اتفاق واجب وضرورة 07:55 | 2025-04-23 23/04/2025 07:55:25 Lebanon 24 Lebanon 24 "الخارجية" أدانت الهجوم الإرهابي في كشمير: لبنان متضامن مع الهند Lebanon 24 "الخارجية" أدانت الهجوم الإرهابي في كشمير: لبنان متضامن مع الهند 07:54 | 2025-04-23 23/04/2025 07:54:28 Lebanon 24 Lebanon 24 الحجار ترأس اجتماعاً لمجلس الأمن الداخلي المركزي: إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية رسالة ايجابية Lebanon 24 الحجار ترأس اجتماعاً لمجلس الأمن الداخلي المركزي: إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية رسالة ايجابية 07:53 | 2025-04-23 23/04/2025 07:53:51 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة بالفيديو إبن سلاف فواخرجي حديث مواقع التواصل... إليكم ما فعله Lebanon 24 بالفيديو إبن سلاف فواخرجي حديث مواقع التواصل... إليكم ما فعله 08:55 | 2025-04-22 22/04/2025 08:55:22 Lebanon 24 Lebanon 24 المرض نفسه يجمع كريم فهمي وياسمين عبد العزيز.. اليكم التفاصيل Lebanon 24 المرض نفسه يجمع كريم فهمي وياسمين عبد العزيز.. اليكم التفاصيل 12:23 | 2025-04-22 22/04/2025 12:23:47 Lebanon 24 Lebanon 24 تقدمان خدمات ذات طابع غير قانوني.. توقيف سيدتين في هذه المنطقة Lebanon 24 تقدمان خدمات ذات طابع غير قانوني.. توقيف سيدتين في هذه المنطقة 14:59 | 2025-04-22 22/04/2025 02:59:38 Lebanon 24 Lebanon 24 بعد وصول الحرارة إلى 35 درجة.. أمطار غزيرة ستضرب لبنان هذا ما كشفه الأب خنيصر Lebanon 24 بعد وصول الحرارة إلى 35 درجة.. أمطار غزيرة ستضرب لبنان هذا ما كشفه الأب خنيصر 03:24 | 2025-04-23 23/04/2025 03:24:25 Lebanon 24 Lebanon 24 3 خطوط جديدة.. التنقل من بيروت وإليها أصبح أسهل وأرخص! Lebanon 24 3 خطوط جديدة.. التنقل من بيروت وإليها أصبح أسهل وأرخص! 02:30 | 2025-04-23 23/04/2025 02:30:00 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان 08:18 | 2025-04-23 رجي: سياسة الحكومة ترتكز على فرض سيادتها وحصر السلاح بيدها 08:00 | 2025-04-23 وفد صندوق الزكاة إختتم "زيارة مثمرة" إلى دولة الكويت 07:55 | 2025-04-23 البستاني من واشنطن: التعاون مع صندوق النقد لإجراء اتفاق واجب وضرورة 07:54 | 2025-04-23 "الخارجية" أدانت الهجوم الإرهابي في كشمير: لبنان متضامن مع الهند 07:53 | 2025-04-23 الحجار ترأس اجتماعاً لمجلس الأمن الداخلي المركزي: إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية رسالة ايجابية 06:58 | 2025-04-23 بري استقبل دياب والمدعي العام التمييزي وأبرق الى الفاتيكان معزيا فيديو بالفيديو.. رحلة البابا فرنسيس من الطفولة وحتى انتخابه حبرًا أعظم Lebanon 24 بالفيديو.. رحلة البابا فرنسيس من الطفولة وحتى انتخابه حبرًا أعظم 09:23 | 2025-04-21 23/04/2025 15:38:04 Lebanon 24 Lebanon 24 ميقاتي: الحل للوضع في الجنوب بتشكيل لجنة أمنية قانونية لتثبيت اتفاق الهدنة ونقاط الحدود Lebanon 24 ميقاتي: الحل للوضع في الجنوب بتشكيل لجنة أمنية قانونية لتثبيت اتفاق الهدنة ونقاط الحدود 01:00 | 2025-04-15 23/04/2025 15:38:04 Lebanon 24 Lebanon 24 نجا من الموت بأعجوبة.. إعلامي لبناني شهير يعترف بأنه كان سببًا في فقدان إنسانة حياتها (فيديو) Lebanon 24 نجا من الموت بأعجوبة.. إعلامي لبناني شهير يعترف بأنه كان سببًا في فقدان إنسانة حياتها (فيديو) 04:17 | 2025-04-14 23/04/2025 15:38:04 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان خاص إقتصاد عربي-دولي بلديات 2025 متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24