الخريطة التي عرّفتنا على خطط نتنياهو
تاريخ النشر: 5th, October 2024 GMT
مع دخول الحرب على غزة عامها الثاني، تزداد الأمور وضوحًا حول العقلية الاستعمارية التي يحركها بنيامين نتنياهو، ليس فقط من خلال تصريحاته الصاخبة، بل من خلال أفعاله على أرض الواقع. ومن بين تلك الأفعال وأهمها ما عرضه في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث قدّم خريطة جديدة للشرق الأوسط تكشف عن نيته إعادة تشكيل المنطقة بما يتماشى مع مصالح كيانه.
هذه الخريطة لم تكن مجرد رسم جغرافي، بل أظهرت رؤية نتنياهو لما وصفه بـ "محور النعمة"، الذي يضم الدول المطبّعة، في مقابل "محور النقمة"، الذي يشمل دول المقاومة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2نيوزويك: عام على حرب غزة.. "مقبرة المبادئ الغربية"list 2 of 2حماس بعد عام من طوفان الأقصىend of listبتنا نعرف كثيرًا عن عقل بنيامين نتنياهو وأفكاره خلال العام الأخير، ليس فقط من خلال تصريحاته وأقواله التي يرددها منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ولكن من خلال أفعاله الرهيبة التي ارتكبها وما يزال يهدد بارتكاب المزيد منها كلما أتيحت له الفرصة لذلك.
بتنا في العام الماضي نعرف أكثر عن الفكر الاستعماري التوسعي، فهو متطرف يستند إلى تقييمات جديدة لمعاني النعمة والنقمة والخير والشر والتنوير والظلامية ولا يُبالي بمصالح أو حقوق الآخرين، بل يربط كل ذلك بمصالحه ومصالح كيانه الذي يعتزم تشكيل المنطقة من جديد بما يناسبه.
فالخريطة التي حملها ليشرح بها أفكاره تُقسم الشرق الأوسط إلى قسمَين كبيرَين؛ الأخضر منهما هو ما يُسمى محور النعمة، ويشمل الكيان الصهيوني ومجموعة من الدول الإقليمية مما تسمى بمحور الاعتدال، وقد ظهر على الخريطة بلون داكن يغطي كل مساحة فلسطين التاريخية ولا يظهر فيه أي إشارة للضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة المحاصر ولا شرقي القدس.
وهي المناطق التي يُفترض أن يقيم الشعب الفلسطيني عليها دولته العتيدة وفق اتفاقات أوسلو الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي برعاية أميركية في عام 1993 والتي أسس الرئيس الفلسطيني الأسبق ياسر عرفات بموجبها السلطة الفلسطينية، بدايةً من غزة وأريحا، ثم توسّعت لتغطي المدن الرئيسية في الضفة الغربية والتي أصبحت مدينة رام الله مقرًا مؤقتًا لها؛ أملًا أن تكون القدس هي المقر الدائم وعاصمة دولة فلسطين الموعودة.
ليس ذلك فحسب، بل أطلق نتنياهو على خريطته الشرق الأوسط الجديد، والذي لا يظهر فيه إلا الجزء الملوّن بالأخضر، ويختفي منه الجزء الملون بالأسود الذي يرمز لما أسماه باللعنة أو النقمة، ويشمل كلًا من إيران، والعراق، وسوريا، ولبنان وهي مجموعة الدول التي يوجد فيها محور المقاومة أو الممانعة، والتي تقف مساندة لغزة، وطوفان الأقصى، وجنوب لبنان، وتقاوم بقوة السلاح والموقف، العدوانَ الإسرائيلي، ومحاولته القضاء على حماس وسيطرتها على غزة، وكذلك إنهاء السلطة الفلسطينية والتخلص من اتفاقية أوسلو، وإنهاء سيطرة حزب الله على الجنوب اللبناني، وتهديده المحتمل (لإسرائيل) الكاملة.
وفي محاولة إقناع الحاضرين في قاعة الأمم المتحدة، الذين غادر معظمهم قبل أن يبدأ خطابه، رسم نتنياهو سهمًا أحمر يبدأ من منطقة خضراء أخرى في الشرق الأقصى، وهي الهند التي ترتبط هي الأخرى بعلاقات جيدة مع الكيان الإسرائيلي، ويمرّ عبر الإمارات والسعودية والأردن ثم (إسرائيل) نحو أوروبا. وهي إشارة إلى خط تجاري بحري وبري مُفترض سيربط الشرق الأقصى بأوروبا، ومنه ستستفيد بلدان النعمة التي أشار إليها.
لكنه لم يفسر كيف ستستفيد مصر والسودان من هذه النعمة، حيث لا يمر الخط من خلالهما، بل إنه يحرم مصر على الأقل من أفضل دخل أجنبي لها والمتمثل في عائدات قناة السويس التي كانت حتى وقت قريب أفضل خطوط النقل البحري، وتمرّ عبره السفن التجارية القادمة من الشرق الأقصى نحو أوروبا دون توقف، لكنه تضرر كثيرًا؛ بسبب هجمات أنصار الله الحوثيين من اليمن على السفن التي تتعامل مع الاحتلال، أو الشركات التي ترسل سفنها لموانئ الاحتلال.
وقد تضررت بفعل هذه الهجمات حركة التجارة العالمية وتعطل العمل بميناء إيلات الإسرائيلي، وكذلك تضررت قناة السويس وبعض الموانئ الإسرائيلية، مثل: حيفا، وأسدود.
على الأرجح هو يفترض أن هناك دولًا مأزومة اقتصاديًا – ومنها مصر مثلًا – ستستفيد من بقايا ما سيقدمه لها هو من مساعدات من أجل البقاء على قيد الحياة، وتكون سوقًا استهلاكية واسعة تحصل على أرزاقها من دولة قوية ومتطورة في التكنولوجيا الزراعية والصناعية والطاقة، وأن عليها أن تسمح لإسرائيل بالسيطرة على مواردها وتنميتها وتقديم ما تحتاجه للبقاء على قيد الحياة، بينما ينتفع الكيان بما سيفيض عن ذلك ويضخه نحو أوروبا عبر خط النعمة الجديد الذي يسعى لتفعيله بعدما يقضي على مجموعة اللعنة والنقمة ليخلو الشرق الأوسط من أي منافسين له ولكيانه ويصبح (الشرق الأوسط الإسرائيلي) الجديد.
أما السودان، الذي كان أخضر بطبيعته وموارده الزراعية قبل أن تمتد إليه أيدي المؤامرات الإسرائيلية، والتي خلقت الفوضى والصراعات الأهلية الطاحنة، وأتت على الأخضر واليابس، وزرعت بدلًا من محاصيله الخضراء أحوالًا بائسة من الفقر والعوز والجوع والنزوح والتدمير، فضلًا عن الموت والدماء الحمراء التي لم تتوقف منذ سنوات؛ بفعل الدسائس والمؤامرات الخارجية، والتي تتجه أصابع الاتهام فيها نحو الكيان الإسرائيلي وبعض دول (النعمة) بالمسؤولية عنها.
فمن غير الواضح ما هي النعمة التي سيحصل عليها السودان حال انضمامه إلى الخريطة الخضراء، وكيف سينهض من جديد! إلا إذا كان هو الآخر مصدرًا للموارد الطبيعية يقدمها بثمن زهيد للاحتلال ليطبق عليها ما يُطبق على موارد غيره ممن تربطه بالكيان علاقات تجارية أو تطبيعية أو جغرافية، ويُعيد ما يشاء لاستهلاك السودان، ويرسل الباقي نحو أوروبا التي ستستفيد هي الأخرى من هذه النعم الإسرائيلية.
الأهم من كل ذلك أن المنطقة السوداء كلها أمامها خياران في فكر نتنياهو، إما أن تُحيّد نفسها بنفسها وتتخلص من قوى المقاومة فيها، أو أنه سيقوم بتغييرها وتحييدها بنفسه. وقد عبّر عن ذلك في سياق تهديده لإيران بأنه ليس هناك مكان لا نستطيع الوصول إليه وضربه في إيران.
وتنفيذًا لهذا المخطط العظيم، فقد اتجه بعد خطابه مباشرة إلى غرفة من غرف الأمم المتحدة ليُعطي تعليمات بإسقاط ثمانين قنبلة ثقيلة على حارة حريك في ضاحية بيروت الجنوبية، حيث كان الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله يعقد اجتماعًا ربما كان على أجندته البحث في عرض أميركي فرنسي، وبيان دعمته 21 دولة لوقف إطلاق النار على الجبهة الشمالية لفلسطين المحتلة، وهي الجبهة التي بقيت مشتعلة منذ الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول مساندةً لقطاع غزة الذي يتعرض لحرب الإبادة الإسرائيلية منذ ذلك التاريخ.
ولا يبدو أن نتنياهو كان منتظرًا لرد نصر الله على مقترح الهدنة ولا مباليًا برد الفعل المتوقع من حزب الله أو محور المقاومة على اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، فبالنسبة له تطغى فكرة الأخضر والأسود على خريطة تفكيره، ولا مانع لديه من تدمير الأسود كله كما فعل في غزة وتسويته بالأرض ما دامت القدرة العسكرية تتوفر لفعل ذلك، وما دام لا يجد شيئًا يردعه عن ذلك.
لا نحتاج لكثير من الخيال لنتوقع أي لون جديد سيكْسو الشرق الأوسط في الصراع المحتمل بين الاحتلال وداعميه وبين معسكر اللعنة والنقمة، وهو ما يُحذر منه المسؤولون في إدارة بايدن ويخافون حدوثه؛ لأن انعكاسه على مصالح الولايات المتحدة قد يكون مدمرًا، فضلًا عن تأثيراته المحتملة على الانتخابات الداخلية الأميركية التي سيستفيد منها أحد المتنافسين فيها وهو الرئيس السابق الجمهوري ترامب أكثر من منافسته الديمقراطية هاريس.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الشرق الأوسط نحو أوروبا من خلال التی ی
إقرأ أيضاً:
كيف قلب سقوط الأسد إمبراطورية المخدرات الأكبر في الشرق الأوسط؟
تناول تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" أعده الصحفي سون إنجل راسموسن، تأثيرات سقوط الأسد على تجارة المخدرات في الشرق الأوسط.
وقال راسموسن، إن سقوط بشار الأسد في سوريا أدى إلى الإطاحة بأكثر شبكات تهريب المخدرات ربحية في الشرق الأوسط، وكشف عن دور النظام السابق في تصنيع وتهريب الحبوب التي غذت الحرب والأزمات الاجتماعية في جميع أنحاء المنطقة.
وساعد الكبتاغون، وهو عقار يشبه الميثامفيتامين تم إنتاجه لسنوات في المختبرات السورية، نظام الأسد في جمع ثروة هائلة وتعويض تأثير العقوبات الدولية العقابية، بينما سمح أيضا لحلفاء مثل ميليشيا حزب الله اللبنانية بالاستفادة من تجارته، وفق التقرير.
وبعد أيام من الإطاحة بالأسد في هجوم خاطف الأسبوع الماضي، قام الثوار بتوزيع مقاطع فيديو من منشآت التصنيع والتهريب على نطاق صناعي داخل القواعد الجوية الحكومية وغيرها من المواقع التابعة لمسؤولين كبار سابقين في النظام.
ومن بين المواقع التي اكتشف فيها المتمردون مصانع الكبتاغون المزعومة ومرافق التخزين قاعدة المزة الجوية في دمشق، وشركة لتجارة السيارات في مدينة عائلة الأسد في اللاذقية، ومصنع سابق لرقائق البطاطس في دوما بالقرب من العاصمة يُعتقد أنه تابع لشقيق الرئيس السابق.
وأظهرت لقطات للثوار والصحفيين الذين صوروا المواقع بدعوة منهم، بما في ذلك رويترز وقناة الأخبار البريطانية الرابعة، آلاف حبوب الكبتاغون مخبأة في فواكه مزيفة وفسيفساء سيراميك ومعدات كهربائية. وقالوا إنهم دمروا على الأقل بعض الكبتاغون المخزن.
وساعد الكبتاغون المنتج في سوريا، والذي يستخدمه الجميع من سائقي سيارات الأجرة والطلاب الذين يعملون لساعات متأخرة إلى مقاتلي الميليشيات الباحثين عن الشجاعة، في دفع الطلب على المخدرات في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وخاصة في السعودية، وأصبح مصدرا للتوتر الدولي بين سوريا وجيرانها.
وتوفر الإفصاحات دليلا على ما كان يُزعم منذ فترة طويلة: أن نظام الأسد كان القوة الدافعة وراء تجارة عالمية سنوية تقدر بنحو 10 مليارات دولار في الكبتاغون، والتي أصبحت في السنوات الأخيرة المخدر المفضل في جميع أنحاء الشرق الأوسط. لقد استخدم الأسد الأموال لدعم حكمه ومكافأة الموالين بحسب الصحيفة.
وقالت كارولين روز، الخبيرة في تجارة الكبتاغون في معهد نيو لاينز، وهو مركز أبحاث في واشنطن: "هذا يثبت تماما أن النظام كان متورطا بشكل منهجي في إنتاج الكبتاغون والاتجار به. لقد تمكنوا من جعل هذه المرافق كبيرة كما أرادوا، ومرافق جاهزة للانتاج".
في حين كان معروفا منذ فترة طويلة أن الكبتاغون يتم إنتاجه في مختبرات أصغر في جميع أنحاء سوريا - على الرغم من نفي سوريا - فإن حجم ونطاق المرافق التي تم الكشف عنها حديثا يظهران المدى المذهل للتجارة على كل مستوى من مستويات النظام.
وأضافت روز: "يمكنك أن تتخيل القوى العاملة والموارد المطلوبة. إنه يظهر مثل هذا الاستثمار في هذه التجارة غير المشروعة. لقد اخترقت العديد من عناصر النظام: جهازه السياسي، وشبكات المحسوبية، وأجهزة الأمن".
وكان الكبتاغون الاسم التجاري لدواء تم تصنيعه في الأصل في ألمانيا في الستينيات لعلاج حالات مثل الخدار واضطراب نقص الانتباه. وبعد حظره في أغلب الدول بسبب إدمانه الشديد، نقلت الجماعات الإجرامية إنتاجه إلى لبنان ثم إلى سوريا بعد اندلاع الحرب الأهلية هناك في عام 2011. وقد تم إنتاج أغلب الكبتاغون في العالم هناك في السنوات الأخيرة.
ورغم أن قياس حجم اقتصادات المخدرات غير المشروعة أمر صعب بطبيعته، فإن معهد نيو لاينز يقدر حجم تجارة الكبتاغون السنوية بنحو 10 مليارات دولار ــ وهو نفس حجم سوق الكوكايين الأوروبية تقريبا ــ مع حصول نظام الأسد على ما يقدر بنحو 2.5 مليار دولار.
وأشرفت الفرقة الرابعة المدرعة النخبوية التابعة للجيش السوري، بقيادة شقيق الرئيس ماهر الأسد، على معظم إنتاج الكبتاغون وتوزيعه، وفقا لمسؤولين أميركيين وأوروبيين وعرب.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على ثلاثة أشخاص لتورطهم في الإنتاج غير المشروع والاتجار بالكبتاغون لصالح نظام الأسد.
وكان أحد الرجال الخاضعين للعقوبات يمتلك مصنعا في سوريا يُزعم أنه كان بمثابة شركة واجهة، حيث كان يرسل حبوبا بقيمة تزيد عن 1.5 مليار دولار إلى أوروبا مخفية في لفات ورق صناعي.
وبين التقرير، أن هيئة تحرير الشام، هاجمت التي قادت الهجوم الخاطف الذي أطاح بالأسد، هاجمت تجارة الكبتاغون باعتبارها مثالا على الفساد الأخلاقي والمالي للنظام السابق.
وفي خطاب النصر الذي ألقاه في الجامع الأموي بدمشق يوم الجمعة، قال زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني إن الأسد حول سوريا إلى "أكبر مصنع للكبتاغون في العالم. واليوم، يتم تطهير سوريا بفضل الله تعالى".
وأشارت الصحيفة إلى أن تفكيك إمبراطورية الكبتاغون الأسدية من شأنه أن يضغط أيضا على موارد حزب الله، الذي سهّل الاتجار في المناطق الخاضعة لسيطرته، وفقا لمسؤولي الأمن الأميركيين والعرب، وأمن منازل تجار المخدرات في جنوب سوريا.
وبحسب القرير، فقد ساعدت الأنشطة الاقتصادية في سوريا مثل فرض الضرائب والتهريب، بما في ذلك الكبتاغون، حزب الله على تجنب الضرر الناجم عن العقوبات الدولية - والتي تؤثر أيضا على راعيته، إيران - وأصبح أكثر اكتفاء ماليا.
ويقول جوزيف ضاهر، الأستاذ الزائر في جامعة لوزان ومؤلف كتاب عن الاقتصاد السياسي لحزب الله: "سمح الكبتاغون لحزب الله بتنويع مصادر دخله".
ولا يُعرف حجم أرباح حزب الله من تجارة الكبتاغون، لكن المجموعة تعاني بالفعل من ضغوط مالية شديدة بعد حملة عسكرية إسرائيلية مدمرة ضد معقلها في جنوب لبنان والتي دمرت القرى الواقعة على طول الحدود، وفقا للتقرير.
ويقول جيش الاحتلال الإسرائيلي إن حملته التي استمرت شهورا منذ تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي أسفرت عن مقتل حوالي 3500 من عناصر حزب الله وإصابة ضعف هذا العدد إلى الحد الذي جعلهم غير قادرين على القتال.
وزعم تقرير الصحيفة الأمريكية، أن حزب الله يستمد الكثير من دعمه من قدرته على توفير الخدمات الاجتماعية والرعاية الاجتماعية لناخبيه، ويتعرض لضغوط لتعويض الموالين عن الممتلكات والأقارب الذين فقدوا في القتال الأخير.
كما قال ضاهر، الذي قدر أن المجموعة تدفع أجورا مباشرة وأشكالا مختلفة من البدَلات لنحو 100 ألف شخص، وتوفر أنواعا مختلفة من الخدمات الاجتماعية لمئات الآلاف: "حزب الله هو على الأرجح أكبر صاحب عمل في لبنان بعد الدولة. تخدم المصادر المختلفة للإيرادات للحفاظ على هيمنته على قطاعات كبيرة من السكان الشيعة في البلاد".
ويقول الخبراء إن اقتلاع تجارة الكبتاغون من غير المرجح أن يؤثر على الشهية المتزايدة للمخدرات في الشرق الأوسط. وقالت روز إن الإنتاج الصناعي في سوريا أدى إلى تضخيم الطلب على الكبتاغون منذ أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، والذي سيظل مرتفعا.
وأضافت إنه إذا أدت الضربة التي تلقاها إنتاج الكبتاغون في سوريا إلى نقص دائم في العرض، فمن المرجح أن يدفع مستخدمو المخدرات المزيد مقابل الكبتاغون أو يلجأون إلى منشطات أخرى أكثر خطورة تتزايد في المنطقة، مثل الميثامفيتامين الكريستالي.
وقد ينقل المجرمون في طبقات مختلفة من السلسلة العمليات ببساطة إلى دول أخرى، وخاصة العراق، الذي برز وفقا لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة باعتباره "قناة حاسمة" لتجارة الكبتاغون.
وبحلول نهاية عام 2023، صادرت السلطات العراقية كمية من الكبتاغون تعادل 30 ضعفا مقارنة بعام 2019، مع مصادرة أكثر من 4.1 طن من الأقراص في عام 2023 وحده، وفقا لتقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في وقت سابق من هذا العام.
وقالت الوكالة: "العراق معرض لخطر أن يصبح عقدة متزايدة الأهمية في منظومة الاتجار بالمخدرات التي تمتد عبر الشرق الأدنى والأوسط".
وتم تهريب الكبتاغون عبر الأردن إلى الخليج. كما تم إرساله عبر لبنان إلى جنوب أوروبا، التي كانت منذ فترة طويلة مركزا لإعادة شحن الكبتاغون الموجه إلى شبه الجزيرة العربية.
ومن بين عمليات الضبط الكبيرة في جنوب أوروبا، صادرت الشرطة الإيطالية في عام 2020 أقراص كبتاغون بقيمة مليار دولار. كما قامت السلطات الهولندية والألمانية بتفكيك معامل لتصنيع الكبتاغون في بلديهما.
وقالت روز: "في نهاية المطاف، عندما ننظر إلى بعض هؤلاء المجرمين، نجد أنهم بدأوا بالفعل في تنويع أنشطتهم".