قصص من قلب دارفور عن إنسانية المتطوعين رغم المخاطر
تاريخ النشر: 5th, October 2024 GMT
الفاشر – في قلب مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور غربي السودان، حيث يحتدم القتال بين الجيش والقوة المشتركة والمقاومة الشعبية من جهة، وقوات الدعم السريع من جهة أخرى، يظهر أبطال من نوع خاص، لا يرتدون زيا عسكريا، بل لهم قلوب مليئة بالشجاعة والإرادة.
من بين هؤلاء الأبطال، يوجد المتطوعون الذين يكرسون جهودهم لتقديم المساعدة الإنسانية للمحتاجين، رغم المخاطر المحيطة بهم.
يتألق اسم المتطوع أنور خاطر الذي قرر مواجهة المخاطر ليكون صوتا يعبر عن الأمل في زمن اليأس. يعمل بلا كلل لتقديم المساعدات للعائلات المتضررة، متنقلا بين المناطق التي تشهد توترات أمنية.
المتطوع أنور خاطر (يسار) يقدم المساعدة بمدينة الفاشر (الجزيرة) تحدي الصعوباتلا يقتصر دور أنور على توزيع الغذاء والمياه، بل يسعى أيضا لتقديم الدعم النفسي للذين فقدوا أحباءهم. ويتحدى المخاطر ليحمل المواد الغذائية والملابس للنازحين في مراكز الإيواء. ويقول للجزيرة نت "عندما أرى ابتسامة طفل أو نظرة شكر من أم فقدت كل شيء، أشعر أن كل المخاطر التي أواجهها تستحق العناء". وأكد أن الأمل هو ما يجعله يواصل جهوده، مشيرا إلى ضرورة العمل الجماعي والتعاون لتجاوز الصعوبات.
ويذهب أنور خاطر يوميا إلى مختلف المواقع الخطرة، ولا يبالي بشدة الاشتباكات مؤكدا أن "الله هو الحافظ". ولفت إلى حادثة وقعت له عندما سقطت قذيفة أمامه، واصفا تلك اللحظة بالمرعبة، وأفاد بأنه لم يكن لديه الوقت للخوف لأن هناك أشخاصا بحاجة إلى المساعدة.
من جانبه، أوضح المتطوع محمد آدم، وهو معلم في إحدى المدارس الثانوية، أنه فقد 3 من أقاربه نتيجة القصف المدفعي. ورغم الصعوبات، يسعى وزملاؤه للبقاء أقوياء لمساعدة المحتاجين. ولفت إلى فقدان 8 متطوعين آخرين كانوا يعملون معه على إعداد الوجبات للنازحين.
ومنذ بداية الحرب في السودان، فقدت البلاد عددا كبيرا من المتطوعين الذين كرسوا جهودهم لمساعدة المحتاجين، ومن بينهم 8 قُتلوا في غرفة الطوارئ بمدينة الفاشر نتيجة سقوط قذيفة، بالإضافة إلى مقتل متطوعة خلال قصف مستشفى الفاشر الجنوبي، كما قُتل الصحفي المتطوع مبارك أبو سن الأسبوع الماضي.
متطوعون يوزعون مواد غذائية على المحتاجين (الجزيرة) ظروف صعبةوتستمر الأوضاع الإنسانية في دارفور بالتدهور بشكل مقلق بسبب الحرب المستمرة، حيث تشير التقديرات الأممية إلى أن هناك أكثر من 1.5 مليون نازح في دارفور، يقيم معظمهم في مراكز إيواء غير رسمية، في حين يعيش آخرون في القرى المجاورة للمدن التي تشهد مواجهات مسلحة.
ويواجه هؤلاء النازحون صعوبات كبيرة في تأمين الغذاء والمياه والسكن خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، مما يزيد من الحاجة إلى المساعدات الإنسانية.
في هذا السياق، يعمل العديد من المتطوعين على تقديم المساعدات للنازحين، وغالبا ما ينضوون تحت جمعيات إنسانية محلية نشأت خلال فترة الحرب، وتشمل أنشطتهم توزيع المواد الغذائية وتقديم الرعاية الصحية الأساسية وتنظيم حملات توعية حول الصحة والنظافة والدعم النفسي للمتضررين وتوزيع مياه صالحة للشرب في مراكز الإيواء.
متطوعون في مدينة الفاشر في السودان (الجزيرة)وتأتي مختلف المساعدات من مصادر متعددة، حيث تشكل التبرعات من أبناء دارفور في الخارج الجزء الأكبر، إلى جانب الجهود الذاتية من المجتمعات المحلية. غير أن الوضع الأمني للمتطوعين يظل مقلقا.
ففي مدينة الفاشر، لقي نحو 20 متطوعا حتفهم منذ اندلاع الحرب، مما يعكس المخاطر الجسيمة التي يواجهها الذين يسعون لمساعدة الآخرين في ظل هذه الظروف القاسية. وتقول المتطوعة سلافة صالح للجزيرة نت إن الوضع في الفاشر "مرعب، حيث يتكرر سماع أخبار فقدان أصدقاء وزملاء كانوا يعملون في المجال الإنساني".
وأكدت أن هذه الحرب أخذت أكثر مما يمكن تخيله، لكن رغم ذلك يتعهد المتطوعون بالاستمرار في تقديم العون، إذ يشعرون بمسؤولية تجاه أولئك الذين لا يمكنهم الحصول على المساعدات الأساسية، وذكرت أن العمل في ظروف الحرب يتطلب شجاعة كبيرة، وأشارت سلافة إلى أن الدافع الحقيقي هو رؤية ابتسامة المحتاجين عند تلقيهم المساعدة، مما يجعل كل المخاطر تستحق العناء.
عوائقمن جهته، تحدث الناشط المتطوع فتحي الماحي عن التحديات التي تواجه جهود المتطوعين في المدينة، مشيرا إلى الحصار المفروض الذي يعيق قدرتهم على تقديم المساعدة. ولفت إلى أن قيود التنقل تمثل عائقا كبيرا، حيث تمنع قوات الدعم السريع الوصول إلى المناطق التي تعاني من نقص حاد في الخدمات الأساسية.
كما أشار الماحي إلى غياب التنسيق بين المنظمات الإنسانية، مما يؤدي إلى عدم توزيع المساعدات بشكل فعال، بالإضافة إلى النقص في التمويل وارتفاع الأسعار، مما يعقد الوضع الإنساني ويستدعي جهودا أكبر لتجاوز هذه العقبات.
ووفقا للباحث الاجتماعي محمد سليمان حامد، فإن العمل التطوعي في مدينة الفاشر يتطلب فهما عميقا للمخاطر المرتبطة بالحرب. وأشار إلى أن المتطوعين لا يواجهون فقط تحديات أمنية، بل أيضا نفسية واجتماعية كبيرة.
وقال حامد للجزيرة نت "يجب أن نضع في اعتبارنا أن العمل في بيئات متوترة مثل الفاشر يتطلب إستراتيجيات فعالة للتعامل مع الضغوط النفسية، إلى جانب التدريب المستمر على السلامة".
وحسب حامد، يؤثر النزاع على العلاقات الاجتماعية، وقد يؤدي إلى تفكك المجتمعات، مما يجعل عمل المتطوعين أكثر أهمية من أي وقت مضى. وشدد على ضرورة توفير الدعم النفسي والاجتماعي لهم لضمان قدرتهم على الاستمرار في تقديم المساعدة دون أن يتعرضوا لمخاطر إضافية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات مدینة الفاشر الدعم النفسی إلى أن
إقرأ أيضاً:
زيلينسكي: أوكرانيا قد تخسر الحرب إذا خفضت الولايات المتحدة المساعدات
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن أوكرانيا قد تخسر الحرب ضد روسيا إذا خفضت الولايات المتحدة تمويل الدفاع عن كييف.
وأضاف زيلينسكي - في تصريحات إعلامية نقلتها وكالة أنباء يوكرينفورم الأوكرانية -: "إذا خفضت
الإدارة الرئاسية الأمريكية الجديدة المساعدات العسكرية لأوكرانيا، أعتقد أننا سنخسر.. بالطبع سنبقى وسنقاتل، فلدينا إنتاج، لكنه ليس كافيًا للانتصار.. وأعتقد أنه ليس كافيًا للبقاء، لكنه سيصبح كذلك، إذا كان هذا هو الخيار الأمريكي.. لذلك سنقرر ما علينا فعله".
وبسؤاله عن حالة الحرب الآن مقارنة ببدايتها، أشار زيلينسكي إلى أنه في حين كانت الأيام الأولى هي الأصعب، لكن أي تحرك الآن يعتمد على الوحدة ضد روسيا.
وأضاف: "أعتقد أن تلك كانت الفترة الأصعب، والآن، نعتمد على وحدتنا في أوكرانيا.. ومن الخطير للغاية أن نفقد الوحدة في أوروبا، والأهم من ذلك، الوحدة بين أوكرانيا والولايات المتحدة".