مصادر لـ"العربية.نت": تجرى حالياً أعمال صيانة وتوسيع لمدرج مطار عطبرة، إلى جانب إنشاء صالات جديدة للمسافرين، بهدف تجهيز المطار لاستقبال الرحلات الجوية المحلية والدولية

العربية نت:
تشهد الساحة السودانية حالياً نقاشات مكثفة حول نقل العاصمة المُؤقّتة من بورتسودان إلى عطبرة. هذه الخطوة تبدو مدفوعة بالأوضاع الأمنية والاقتصادية المتردية التي تُواجهها البلاد، ما يثير تساؤلات حول ما إذا كان هذا القرار استراتيجياً أم ضرورة فرضتها الظروف.



عطبرة، التي تبعد حوالي 310 كلم تقريباً شمال العاصمة الخرطوم، تمتاز بموقع جغرافي استراتيجي يجعلها محوراً مهماً لربط مختلف أقاليم السودان عبر شبكة متكاملة من الطرق الرئيسية وخطوط السكك الحديدية. هذا الموقع يمنحها ميزة لوجستية تجعلها خياراً مناسباً لتكون مركزاً للحكومة المؤقتة، خصوصاً مع قدرتها على تسهيل حركة التنقلات العسكرية والإمدادات الحكومية. قُربها من سد مروي ومشاريع الطاقة المائية الأخرى يضمن استدامة إمدادات الكهرباء والمياه التي تحتاجها المؤسسات الحكومية، وهو أمر بالغ الأهمية في ظل التحديات الاقتصادية التي تضرب البلاد.

في المقابل، بورتسودان، التي تقع على بعد 675 كلم شرق الخرطوم على الساحل، تعد ميناءً رئيسياً يوفر نافذة اقتصادية على العالم للسودان، إلا أن بُعدها الجغرافي عن مناطق الداخل يجعل من الصعب التواصل السريع والفعّال مع باقي الأقاليم. إضافة إلى ذلك، فإن التدفق الكبير للنازحين من مناطق النزاع، وارتفاع الضغط على الخدمات الأساسية، قد أثقل كاهل بورتسودان، ما يضعف من قدرتها على التحمُّل في ظل استمرار الأزمات.

نقل العاصمة إلى عطبرة من شأنه أن يخفف الضغط على بورتسودان، ويعيد توزيع الأعباء بين المدن. وبتفريغ بعض الأعباء، قد تتمكّن بورتسودان من التركيز على دورها الرئيسي كمنفذ اقتصادي استراتيجي للسودان، وهو ما تحتاجه البلاد في ظل الأزمة الاقتصادية المستمرة.

إلى جانب مميّزاتها اللوجستية، تحمل عطبرة بُعداً وطنياً قوياً، فهي تُعد مركزاً للحركة العمالية ونقطة انطلاق نضالات وطنية عديدة ضد الاستعمار وفي الثورة ضد نظام البشير. هذا الإرث يجعل من عطبرة مدينة ذات رمزية خاصة، ما قد يعزز من شعبية القرار ويكسبه دعماً جماهيرياً. وقد يساهم هذا البعد الرمزي في تعزيز صورة حكومة العسكرية، كمشروع سياسي يستند إلى تاريخ النضال من أجل الاستقلال والعدالة الاجتماعية، وهو أمر ضروري لتحقيق الشرعية والدعم في المرحلة الحساسة. كما تبدو الخطوة نوعاً من التودد لثوار ديسمبر، خاصة أن المدينة كانت مهد الشرارة الأولى للثورة التي أسقطت نظام البشير في أبريل 2019.

الجانب الأمني يمثل اعتباراً رئيسياً في هذا النقاش. بينما تواجه بورتسودان تهديدات متزايدة من النزاعات المسلحة القريبة، تتمتع عطبرة باستقرار نسبي، تعكِّر صفوه المسيرات في بعض الأوقات.

هذه الميزة الأمنية تجعل من عطبرة خياراً أكثر أماناً وملاءمة لمركز الحكومة المؤقتة، إذ يسهل تأمينها وإدارة العمليات العسكرية منها. بالإضافة إلى ذلك، موقعها الوسطي يسهل الانتشار السريع للقوات وإعادة التموضع عند الضرورة، مما يعزز من قدرة الحكومة للحفاظ على الأمن الداخلي بفعالية أكبر.

في الوقت نفسه، فإن بورتسودان شهدت اضطرابات متزايدة، من بينها حادثة اقتحام الأستوديوهات الرئيسية للتلفزيون الرسمي في أواخر يونيو الماضي، فضلاً عن تزايد الأصوات المحلية، مثل شيبة ضرار وبعض القادة المحليين في ولاية البحر الأحمر، الذين يعارضون استمرار عمل مؤسسات الدولة من المدينة. هذه الضغوط تزيد من أهمية التفكير في نقل العاصمة المُؤقّتة إلى مدينة أكثر استقراراً وأماناً.

من الناحية السياسية، يُعد نقل العاصمة إلى عطبرة خطوة نحو تعزيز مبدأ توزيع السلطة بين الأقاليم المختلفة، خاصة أن المركزية الشديدة كانت من أبرز الانتقادات التي وُجِّهت للحكومات السابقة. هذا التغيير يمكن أن يساهم في تهدئة التوترات السياسية في بعض الأقاليم التي طالما شعرت بالتهميش. وجود العاصمة في منطقة أكثر مركزية، مثل عطبرة، قد يعزز من الشعور بالتوازن السياسي ويظهر جدية السلطة الحالية في بناء دولة شاملة تمثل جميع الأقاليم.

ورغم أن عطبرة تبدو خياراً مثالياً، فإنّ هناك تحديات حقيقية تتعلق بتحقيق توازن بين الاعتبارات الأمنية واللوجستية والسياسية. نقل العاصمة المؤقتة يتطلب تخطيطاً دقيقاً وتنسيقاً بين جميع القطاعات المختلفة، خاصةً الأمنية والعسكرية والسياسية. وبالإضافة إلى التخطيط الفوري، يجب أن تكون هناك رؤية طويلة الأجل لضمان استدامة هذا القرار ونجاحه على مدى المستقبل.

وبينما توفر عطبرة العديد من المزايا، فإن المسار ليس خالياً من العقبات. قد تكون هناك مخاوف بشأن القدرة على تنفيذ هذا القرار بسرعة وكفاءة، خاصة في ظل الاحتياجات العاجلة للحكومة الانتقالية لإدارة شؤون البلاد بشكل فعّال وسط الظروف الراهنة. ولكن، إذا تم اتخاذ القرار بناءً على تخطيط مدروس وبدعم شعبي وسياسي قوي، فإن نقل العاصمة المؤقتة من بورتسودان إلى عطبرة قد يمثل خطوة استراتيجية نحو تعزيز الاستقرار الوطني ودعم جهود إعادة بناء السودان في هذه المرحلة الحساسة.

وقالت مصادر مطلعة قالت لـ"العربية.نت": تجرى حالياً أعمال صيانة وتوسيع لمدرج مطار عطبرة، إلى جانب إنشاء صالات جديدة للمسافرين، بهدف تجهيز المطار لاستقبال الرحلات الجوية المحلية والدولية". هذه التحسينات تشير إلى جدية التخطيط لنقل العاصمة والتأكد من أن عطبرة ستكون قادرة على استيعاب المهام الحكومية التي ستُنقل إليها.

نقل العاصمة المؤقتة من بورتسودان إلى عطبرة ليس مجرد تغيير لوجستي، بل هو قرار يعكس توازناً دقيقاً بين اعتبارات الأمن، السياسة والتنمية. إذا تم تنفيذه بشكل مدروس، فإنه قد يعزز من الاستقرار في السودان ويدعم الجهود الرامية إلى إعادة بناء البلاد على أسس جديدة تواكب التحديات المعاصرة.

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: نقل العاصمة یعزز من

إقرأ أيضاً:

المسيرات تهاجم مدينة عطبرة لليوم الثالث على التوالي

 

المضادات الأرضية للجيش تعاملت مع المسيرات واسقطتها دون خسائر، كما اسقطت الدفاعات الأرضية للفرقة الثالثة مشاة شندي مسيرة انتحارية

التغيير: عطبرة

قال مصدر عسكري لـ”التغيير” إن قوات الدعم السريع شنت هجومًا بالمسيرات فجر اليوم الخميس استهدف مطار عطبرة وأمانة الحكومة بالدامر.

وأضاف إن المضادات الأرضية للجيش السوداني تعاملت مع المسيرات واسقطتها دون خسائر، كما اسقطت الدفاعات الأرضية للفرقة الثالثة مشاة شندي مسيرة انتحارية دون خسائر.

وشهدت مدينة عطبرة خلال اليومين الماضيين هجوما مماثلا بالمسيرات، استهدف مقار الجيش، وتمكنت المضادات الأرضية من إسقاطها، حسب شهود عيان.

ويواجه السودان منذ 15 أبريل من العام الماضي، حرباً ضارية بين الجيش وقوات الدعم السريع والقوات الموالية لكل منهما، شملت عدة ولايات سودانية.

وتوالت هجمات الطيران المسير التابع للدعم السريع خلال الفترات الماضية على عدد من المدن الآمنة نسبياً والتي يسيطر عليها الجيش.

ويذكر أنه تم استهداف شندي في يوليو الماضي بأربع مسيرات هجومية حلقت على مستوى قريب، تصدت لها المضادات الأرضية للفرقة الثالثة مشاة وتمكنت من إسقاطها دون وقوع خسائر.

وفي يونيو الذي سبقه أسقطت الدفاعات الجوية للجيش في شندي أيضاً، خمس مسيرات للدعم السريع استهدفت مقر قيادة الجيش.

وفي الثاني من أبريل الماضي، تعرض إفطار رمضاني لكتيبة (البراء بن مالك) الموالية للجيش إلى هجوم بطائرة مسيرة بإحدى صالات الأفراح في مدينة عطبرة- شمالي السودان، تسبب في سقوط عدد من القتلى والجرحى.

 

 

الوسومالجيش المسيرات عطبرة

مقالات مشابهة

  • بعد إطلاق النار في جوبا .. جيش دولة جنوب السودان يطمئن المواطنين والأجانب على سلامتهم
  • تشغيل المطارات في السودان.. خدمة للمدنيين أم دوافع عسكرية؟!
  • الهيئة الطبية الدولية: الوضع الإنسانى فى السودان يزداد سوءًا
  • الحرب في السودان: تعزيز فرص الحل السياسي في ظل فشل المجتمع الدولي
  • المسيرات تهاجم مدينة عطبرة لليوم الثالث على التوالي
  • المبعوث الأمريكي للسودان: الولايات المتحدة تؤيد إنهاء الحرب والجرائم التي ترتكب في حق الشعب السوداني
  • السودان يكسب( ١٤+ فيتو)
  • الاولى وقد تكون الأخيرة.. بيرييلو في بورتسودان.. تفاصيل الزيارة
  • الفيتو الروسي ضد القرار البريطاني: مصالح استراتيجية أم خداع سياسي؟
  • السودان.. هبوط أول رحلة تجارية منذ اندلاع الحرب في مطار كسلا