قال اللواء دكتور سمير فرج، ضابط فى غرفة عمليات حرب أكتوبر المجيدة والخبير العسكرى والاستراتيجى، إن القيادة العسكرية أدركت أن مصر فى طريقها للانتصار فى «الحرب» بعد تأخر استدعاء احتياطات العدو، وبعد التقاط إشارة من قائد القوات الجوية الإسرائيلية بمنع اقتراب طياريه من مسافة 15 كيلومتراً من قناة السويس، نظراً لكفاءة «حائط الصواريخ» فى استهداف تلك الطيارات، وقطع اليد الطولى للجيش الإسرائيلى.

وأضاف اللواء دكتور سمير فرج، فى حوار خاص لـ«الوطن»، أن المشير أحمد إسماعيل، وزير الحربية فى حرب أكتوبر، كان «رمانة ميزان» غرفة العمليات، ومصدر بث الهدوء والطمأنينة حتى فى الظروف والأوقات الحرجة، فيما كان الفريق سعد الشاذلى، رئيس أركان حرب القوات المسلحة وقت الحرب، «حامى»، والمشير محمد عبدالغنى الجمسى، رئيس هيئة العمليات فى الحرب، كان دقيقاً ومرتباً للغاية، وإلى نص الحوار:

  كيف انضممت لغرفة العمليات المركزية الرئيسية لحرب أكتوبر المجيدة؟

- قبل حرب أكتوبر المجيدة كنت فى الدورة رقم 25 أركان حرب من كلية القادة والأركان، وكنت برتبة رائد حينها، وتخرجنا قبل حرب أكتوبر المجيدة بقرابة أسبوع، وتم نقلى لهيئة عمليات القوات المسلحة لكونى الأول على دورة أركان حرب، وبعدها تم التحاقى بمركز عمليات القوات المسلحة، وكل ضابط كانت له مهامه، عدا خريطة الموقف العام، لم يكن يعمل عليها ضباط قبل ذلك، لعدم وجود حرب دائمة ومستمرة مع العدو فى هذا الوقت، وتم تكليفى بالعمل عليها لكونى أحدث ضابط.

وما الذى جرى بعدها؟

- كنت محظوظاً بوجودى فى غرفة عمليات القوات المسلحة من 2 أكتوبر حتى انتهت حرب أكتوبر المجيدة بالكامل.

وماذا كانت أولى خطواتكم بعد فتح «غرفة العمليات»؟

- تم إنشاء اتصالات مع مختلف الأفرع الرئيسية، والأسلحة والإدارات التخصصية، مع تجهيز خريطة الموقف العام لحرب أكتوبر المجيدة.

وما هى تلك الخريطة؟

- كنا نرسم عليها مواقف قواتنا؛ فمثلاً يبلغ قائد الجيش الثانى الميدانى بنجاح العبور، وإسقاط نقاط قوية معينة، وكنا نرسم على الخريطة الموقف، بتاريخ وساعة سقوطها، كما كنا نرسم على الخريطة تحركات العدو بتشكيلاته، وموقف قواتنا المسلحة.

وماذا حدث يوم 6 أكتوبر المجيد؟

- فوجئنا بالرئيس الراحل محمد أنور السادات يأمرنا بالإفطار لأننا كنا فى شهر رمضان المعظم، وكانت معه فتوى رسمية بإفطارنا، لكننا تمسّكنا بصيامنا، وتابع كل منا عمله، حتى شاهدنا الطائرات ترسم على خرائط، وأنها عبرت قناة السويس لتقوم بالضربة الجوية، وهنا أيقنّا أن الحرب قد بدأت بشكل فعلى، وحينما تأخر العدو فى استدعاء الاحتياطات الخاصة به، أيقنّا أننا سننتصر فى هذه الحرب.

  المشير أحمد إسماعيل كان «رمانة الميزان» ومصدراً للهدوء فب غرفة العمليات .. و«الجمسي» فى أعلى درجات الدقة والانضباط

وماذا كانت طبيعة القيادات فى غرفة عمليات القوات المسلحة أثناء حرب أكتوبر المجيدة؟

- المشير أحمد إسماعيل وزير الحربية كان «رمانة الميزان»، وكان يمنحنا الاطمئنان فى المواقف الحرجة وينشر الهدوء، أما الفريق سعد الدين الشاذلى، رئيس أركان حرب القوات المسلحة حينها؛ فكان «حامى»، والمشير محمد عبدالغنى الجمسى، رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة حينها، كان دقيقاً ومرتباً للغاية، وفى أعلى درجات الدقة والانضباط، فقد كانت مجموعة متناغمة.

وما اللحظة التى لا تنساها فى غرفة العمليات؟

- كانت الأجواء مليئة بالتوتر والترقب، مع الأمل فى أن تنتهى الحرب باسترداد أراضينا كاملة، حتى التقطت إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع إشارة مفتوحة من قائد القوات الجوية الإسرائيلية إلى كل الطيارين الإسرائيليين بعدم الاقتراب من قناة السويس لمسافة 15 كيلومتراً، لأن أى طائرة كانت ستدخل كانت ستُضرب بواسطة حائط الصواريخ، وبتلك الإشارة، ومع تأخر استدعاء الاحتياط، قلت إننا سننتصر، لأن أى طائرة ستدخل ستُضرب، وهى القوة الرئيسية للعدو، وبعد تحييدها استطعنا بناء الكبارى التى عبرت عليها الدبابات والمدرعات إلى سيناء، وعبرت القوة الرئيسية للهجوم، كما عبرت 12 موجة اقتحام من المشاة بواسطة القوارب فى اليوم الأول، وتم بناء 5 كبارى، وكان هناك ثلث مليون مقاتل مصرى على أرض سيناء الغالية فى صباح اليوم الثانى للحرب.

أجريت مناظرة تاريخية مع رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق آرائيل شارون عن الحرب قبل ذلك.. ما أبرز ما تتذكره بشأنها؟

- أتذكر كل تفاصيل تلك المناظرة التاريخية، والتى أجريت فى هيئة الإذاعة البريطانية «بى بى سى»، وكان يُحكمها أساتذة من معهد الدراسات الاستراتيجية فى لندن، وهم سألوا «شارون» عن مفاجأة حرب أكتوبر، فقال إن المفاجأة كانت الجندى المصرى الذى واجهه فى 73، حيث كان مختلفاً عن الجنود الذين واجههم فى حربى 1956، و1967، وأن الجنود المصريين الجدد ليسوا كالقدامى، وعلى جيش إسرائيل أن يحذر من مواجهتهم.

مجابهة أى تحدٍ

نمتلك قوات مسلحة قوية وحديثة وقادرة على مجابهة أى تحدٍ، لكن يبنغى أن ندرك أن مصر مهددة من الجهات الاستراتيجية الأربع، وهذا لم يحدث فى التاريخ؛ نحن نعانى من ظروف اقتصادية صعبة، شأننا شأن العالم كله، نظراً لتأثير فيروس كورونا المستجد، وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، والتى زادت من المشاكل، وينبغى أن نصبر كما صبرنا فى حربى الاستنزاف وأكتوبر، وبإذن الله النصر لمصر دوماً.

المصدر: الوطن

إقرأ أيضاً:

كيف علّق الغزيون على اقتراب موعد حظر عمل أونروا؟

غزة- يرى اللاجئ الفلسطيني محمد البسيوني، في وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، "شريان حياة، وقطعه يعني كارثة بالنسبة لملايين اللاجئين البسطاء".

ينحدر البسيوني من عائلة لجأت -جراء نكبة 1948– إلى بلدة بيت حانون في شمال قطاع غزة، ويقول للجزيرة نت إن "اعتمادنا الأساسي في الصحة والتعليم والمساعدات الغذائية على الأونروا، فماذا نفعل لو انهارت وليس لنا بديل آخر؟".

واضطرته الحرب الإسرائيلية المستعرة، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إلى النزوح بأسرته (12 فردا) من بيت حانون، حيث فقد منزله، إلى مركز إيواء داخل مدرسة غرب مدينة خان يونس جنوبي القطاع.

محمد وأسرته يعتمدون على مساعدات أونروا ويتخوفون من حظر عملها في غزة (الجزيرة) مخاوف

يعاني البسيوني (54 عاما) وزوجته رغدة (50 عاما) من مرض الضغط ويحصلان على دوائهما الخاص مجانا من عيادة ببيت حانون تابعة لأونروا، ويؤكد "حياتنا كلها تعتمد على خدماتها المجانية، تعلّمنا في مدارسها ونعالج في عياداتها، ونعيش على مساعدات إغاثية دورية منها".

ويتخوف من انهيار الوكالة وغيابها مع اقتراب دخول قرار اتخذه الكنيست الإسرائيلي، في 28 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بحظر نشاطها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيز التنفيذ في 28 يناير/كانون الثاني الجاري.

وخلال الحرب، لم تقتصر خدمات أونروا على اللاجئين فقط الذين يمثلون قرابة 70% من بين مليونين و300 ألف نسمة في غزة، يعتمدون حاليا بصورة أساسية على ما تقدمه من مساعدات إنسانية إثر انهيار الحياة وتوقف عجلة الاقتصاد.

رغدة تعتبر قرار حظر أونروا في غزة كارثة كبرى (الجزيرة)

والأربعاء الماضي، قال المفوض العام للوكالة فيليب لازاريني إنها ستواصل تقديم المساعدات للفلسطينيين رغم الحظر الذي سيطال القطاع والضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلة، مؤكدا أنه "انتهاك للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة".

إعلان

ولفت إلى أن هذه القرارات الإسرائيلية "ستحرم الموظفين الدوليين من تأشيرات الدخول إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة"، واستدرك أن "طاقم أونروا المحلي سيبقى ويقدم المساعدات الطارئة وخدمات رعاية صحية وتعليم".

تلقى الزوجان البسيوني تعليمهما الأساسي في المرحلتين الابتدائية والإعدادية في مدارس أونروا، وتساءلت رغدة: "أين يذهب آلاف الطلبة إذا انهارت الوكالة؟ أين يتعلم أطفالنا وأين نعالج؟ ألا يكفي دمار الحرب والويلات التي أصابتنا؟".

وتصف حظرها وتوقف خدماتها بـ"كارثة كبرى" ستحل بكل سكان غزة، وليس فقط اللاجئين، وتقول "كانت الوكالة سندنا كلنا في الحرب، وقدمت لنا الطحين والمساعدات الإنسانية المختلفة".

لاجئون فلسطينيون أمام مركز تموين تابع لأونروا في مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة (الجزيرة) لا بديل

ووفق المستشار الإعلامي لأونروا عدنان أبو حسنة، تنفذ الوكالة نحو 90% من العمليات الإغاثية في القطاع، ويؤكد للجزيرة نت "ما تقوم به هو الحفاظ على حياة الناس أحياء".

ويشدد على أنه "لا بديل عن الوكالة الأكبر المتغلغلة في كافة تفاصيل الحياة، وقد حاولت إسرائيل طوال فترة الحرب استبدالها بمنظمات الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) وبرنامج الغذاء العالمي والصحة العالمية، لكن هذه المؤسسات قالت بوضوح "لا نرغب ولا نستطيع ولا نمتلك القدرات".

وحسب أبو حسنة، "فشلت كل المحاولات الإسرائيلية في استبدال الأونروا، التي تمتلك 13 ألف موظف ثابت، و10 آلاف آخرين يعملون بعقود مختلفة، وتمتلك الذاكرة والتاريخ والتفويض الأممي، وقدرات لوجستية وخبرة واسعة".

اللاجئة عائشة قلقة من تداعيات حظر عمل أونروا على حياتها وأسرتها (الجزيرة)

وتضاعفت حاجة سكان القطاع للوكالة بعدما أدت الحرب إلى ارتفاع نسبة سوء التغذية وانعدام الأمن الغذائي لنحو 95% منهم.

إعلان

من جانبها، تقول عائشة عمار، وهي والدة لـ5 أطفال، "احنا يا دوب (نحن بالكاد) قادرين نعيش مع مساعدات الأونروا، فكيف سيكون حالنا بدونها؟". وتقيم وأسرتها في مدرسة بيت المقدس غرب مدينة خان يونس. وبحسب حديثها للجزيرة نت، فإن زوجها لا يعمل منذ اندلاع الحرب وليس لهم مصدر دخل، ويعتمدون على المساعدات الإغاثية.

ووفقا لها، "سيغرق مئات الآلاف في المجاعة والمرض والجهل إذا انهارت الأونروا، حيث تعتمد الغالبية في غزة على خدماتها في الصحة والتعليم والإغاثة".

مهام كبيرة

ورحبت الوكالة باتفاق وقف إطلاق النار، ويقول أبو حسنة إنهم يأملون أن يؤدي إلى دخول مئات شاحنات المساعدات يوميا من الخيام والمستلزمات الإنسانية والطبية، وقطع غيار محطات المياه والصرف الصحي وغيرها من مجالات الحياة، وتسهيل عملياتهم "رغم أن هناك مخاطر كبيرة لا تزال تلوح بالأفق من إمكانية منع إسرائيل العمل في القطاع والضفة والقدس الشرقية".

وأكد أن مهام كبيرة تنتظرهم بعد الحرب، "ففي قطاع التعليم وحده لديهم 650 ألف طفل الآن، موجودون في الشوارع وبين الركام والخيام، ويجب إعادتهم للمنظومة التعليمية، ومن المهم تأهيل القطاع الصحي وعيادات الأونروا التي تم تدمير معظمها".

ينظر أبو حسنة لقرار الحظر بخطورة بالغة، لكنه يؤكد "سنواصل العمل في القطاع لأننا لم نأخذ ترخيصا من الحكومة الإسرائيلية، وإنما نعمل بموجب تفويض من الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ 76 عاما في سوريا ولبنان والأردن وغزة والضفة والقدس الشرقية المحتلة".

من ناحيته، وصف رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني صلاح عبد العاطي قرار حظر أونروا بـ"غير المشروع"، وقال للجزيرة نت إن من شأنه "تعميق الكارثة الإنسانية في الأراضي الفلسطينية وخصوصا في قطاع غزة".

وبرأيه، فإن إسرائيل لم تنتظر دخول قرار الحظر حيز التنفيذ وتُعرقل فعليا عمليات الوكالة، حيث رفضت في ديسمبر/كانون الأول الماضي نحو 70% من طلباتها لإدخال المساعدات للقطاع المحاصر الذي "يتعرض لحرب إبادة وتطهير عرقي".

وشدد عبد العاطي على أنه "لا يوجد بديل عن الأونروا بإمكانياتها وخبراتها وقدراتها"، لافتا إلى أنها تمثل "ذاكرة القضية الفلسطينية، ولذلك سعت إسرائيل وحلفاؤها إلى خنقها ماليا عبر سنوات ماضية حتى وصل العجز في موازنتها إلى 200 مليون دولار، وأثر ذلك على خدماتها المقدمة للاجئين".

إعلان

بموجب تفويض من الجمعية العامة للأمم المتحدة، تأسست أونروا في عام 1949 لتقديم الدعم الإغاثي والتعليم والصحة للاجئين الفلسطينيين في 5 مناطق هي الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة. وقد قدمت منذ إحداثها خدمات حيوية لنحو 5.7 ملايين لاجئ فلسطيني.

 

مقالات مشابهة

  • الحوثيون: هاجمنا أهدافا إسرائيلية في إيلات ويافا وعسقلان وحاملة طائرات أمريكية شمالي البحر الأحمر
  • كيف علّق الغزيون على اقتراب موعد حظر عمل أونروا؟
  • بالفيديو.. القوات المسلحة اليمنية تنفذ 4 عمليات نوعية ضد أمريكا وإسرائيل
  • شاهد| بيان القوات المسلحة شأن تنفيذ 4 عمليات نوعية في يافا وعسقلان وأم الرشراش وضد حاملة الطائرات الأمريكية “ترومان” (فيديو)
  • القوات المسلحة تنفذ 3 عمليات عسكرية في عمق كيان العدو وتستهدف حاملة الطائرات “ترومان” شمالي البحر الأحمر
  • القوات المسلحة تنفذ 4 عمليات عسكرية في يافا وأم الرشراش وعسقلان وحاملة الطائرات “ترومان”
  • غرفة عمليات وحظر المحمول.. استعدادات مكثفة لـ امتحانات الشهادة الإعدادية بالقليوبية
  • هل تعود غزة إلى ما كانت عليه قبل 7 أكتوبر؟
  • البرهان: مواطني ولاية الخرطوم سيرجعون قريباً ولن تتوقف الحرب إلا بالقضاء على هذا العدو
  • القوات الجوية السودانية تنفذ عمليات ناجحة في نيالا ومواقع أخرى