تنفذ هيئة البيئة المسوحات الميدانية لمشروع الصقر الأدهم، أو كما يُطلق عليه «الصقر المهاجر»، حيث يتخذ من الجزر الواقعة بين محافظتي مسقط وجنوب الباطنة محطة عبور للتعشيش والتفريخ قبل مواصلة رحلته إلى محطات أخرى، وتُعد الجزر العُمانية من أهم مواقع التكاثر عالميًا لأنواع صقور الأدهم متوسطة الحجم، والتي تُعد من الطيور المهددة بخطر الانقراض.

وتهدف المسوحات الميدانية إلى تحديد أعداد الصقر الأدهم عبر تركيب حلقات تعريفية، وأخذ قياسات دقيقة للأعشاش، كما يسعى المشروع إلى متابعة حياة الطائر، بما يشمل الحصول على المعلومات والبيانات حول أعداده وتكاثره ونظامه الغذائي والتحديات التي يواجهها، وذلك بالتعاون مع المنظمات المحلية والدولية المتخصصة.

ويُصنف الصقر الأدهم ضمن فئة الأنواع القريبة من التهديد بخطر الانقراض، نظرًا لتناقص أعداده على المستوى العالمي، ويتكاثر في الشرق الأوسط وشمال شرق أفريقيا، ويقضي فصل الشتاء في الساحل الجنوبي الشرقي لأفريقيا وجمهورية مدغشقر.

فريق جريدة «عُمان» ركب البحر من شاطئ السيب متجهًا إلى جزر الديمانيات، إحدى أهم المحميات الطبيعية الفريدة على مستوى العالم، للوقوف على مستجدات المسوحات الميدانية لمشروع الصقر الأدهم، وأهم المراحل التي قطعها المشروع، ودور هيئة البيئة في توثيق مسار حياة الصقر الأدهم وحمايته من الانقراض.

تنوع أحيائي

وقال حمود بن خميس النيري، أخصائي نظم بيئية والمشرف على محمية جزر الديمانيات الطبيعية بهيئة البيئة: إن موسم تعشيش الطيور في محمية جزر الديمانيات يبدأ من مايو وحتى نهاية أكتوبر من كل عام، وتأتي خلال هذا الموسم مجموعة كبيرة من الطيور المهاجرة، من ضمنها الصقر الأدهم الذي يحط في الديمانيات خلال الفترة من يوليو إلى منتصف أكتوبر للتكاثر، ومن ثم يكمل رحلته إلى وجهات أخرى.

وأضاف: تستقبل الديمانيات البلشون الرمادي والأبيض، وكذلك العقاب النساري، وطيور النورس، ومنها النورس السخامي والنورس الشائع، بالإضافة إلى ذلك، توجد في الديمانيات أنواع من طيور الخرشنة، وكل هذه الطيور تقصد الديمانيات للتعشيش، حيث تنتشر في المسطحات الصخرية والرملية بالمحمية، ومع إكمال صغارها القدرة على الطيران، تغادر الديمانيات إلى وجهات أخرى، كما توجد في المحمية نوعان من السلاحف، وهما السلاحف الخضراء التي توجد حاليًا في المحمية، أما السلاحف الشرفاف، فتتوافد إلى الديمانيات من منتصف ديسمبر حتى نهاية يونيو من كل عام للتعشيش.

ملاذ آمن

وقال الدكتور مايكل ماكجرادي، الخبير الدولي في أبحاث الطيور: «أزور سلطنة عُمان منذ سنوات عديدة، حيث أقوم بدراسة هذه المنطقة لفترة طويلة، وقد قضيت جزءًا من عملي في سلطنة عُمان، حيث أمضيت ما يقارب 20 عامًا في دراسة الطيور، خاصةً الصقر الأسخم أو الأدهم، الذي يُعتبر من الأنواع المهددة عالميًا، لذلك نواصل جهودنا لحمايته، وكانت سلطنة عُمان ولا تزال ملاذًا آمنًا لهذه الطيور؛ ولكن مؤخرًا، شهدنا تراجعًا كبيرًا في أعدادها في مناطق مختلفة من العالم، ولا نعرف السبب المحدد لهذا الانخفاض، إلا أن أعداد هذه الطيور في تراجع مستمر».

وأوضح أن الإحصائيات في عام 2010 أظهرت رصد 30 زوجًا من صقور الأدهم في جزر الديمانيات، أما الآن فقد انخفض العدد إلى ستة أزواج فقط، وهذا التراجع ليس محدودًا بمنطقة معينة، بل يحدث في جميع أنحاء نطاق انتشارها، الذي يمتد من ليبيا إلى سلطنة عُمان، ويشمل الأردن وجيبوتي، وهذه مشكلة عالمية؛ لكننا هنا في سلطنة عُمان نملك فهمًا أعمق للوضع بسبب الدراسات المستمرة منذ فترة طويلة، في الواقع تعتبر الدراسات والمسوحات الميدانية في سلطنة عُمان من بين الأقدم والأشمل على مستوى العالم.

حرص مجتمعي

وقال أحمد بن محمد الوهيبي، مشرف نظم بيئية بهيئة البيئة: «إن الصقر الأدهم يعيش في الجزر والمناطق الساحلية ببحر عُمان، وتشير الدراسات إلى أن 10% من هذا النوع في العالم يتكاثر في سلطنة عُمان، بيد أنه من المرجح حدوث تناقص في عدد الأزواج المتكاثرة بنسبة تقارب 15% منذ أواخر السبعينيات حتى اليوم، ويُعزى هذا التناقص إلى أسباب خارجية غير مرتبطة بسلطنة عُمان، لما يتمتع به المجتمع العماني من حرص على البيئة والمحافظة على التنوع الأحيائي، بالإضافة إلى جهود الجهات الحكومية في تعزيز حماية هذا التنوع».

وأضاف: «تنفذ هيئة البيئة المسوحات الميدانية لمشروع الصقر الأدهم في جزيرة الفحل وجزر الديمانيات خلال الفترة من أغسطس إلى أكتوبر، وهي الفترة التي يوجد فيها الصقر الأدهم في سلطنة عُمان»

وأشار إلى أن المسوحات الميدانية لمشروع الصقر الأدهم تهدف إلى توفير المعلومات حول أعداده وتكاثره وكذلك غذائه، مما يساعد في وضع الخطط والبرامج الضرورية لصونه وحماية بيئته، كما تهدف المسوحات إلى بناء القدرات الميدانية وإكساب المشاركين الخبرة العلمية في مجال بحوث الطيور، بالإضافة إلى إيجاد الفرص لطلبة الجامعات للمشاركة في المسح والاستفادة من نتائجه في مشاريعهم البحثية، ونشر الوعي حول وضع الصقر الأدهم وأهمية المحافظة عليه.

وأضاف: إن هيئة البيئة أنشأت فريقًا عمانيًا وتم تدريبه وصقل مهاراته لبناء قاعدة بيانات بالتعاون مع خبراء دوليين مختصين في هذا المجال.

وأوضح أن المسوحات الميدانية لمشروع الصقر الأدهم بدأت في أغسطس المنصرم على عدة مراحل، حيث تم البدء بمراقبة مواقع التعشيش ورصد أعداد البيوض في كل عش، وهناك مؤشرات إيجابية لتكاثر هذا النوع من الصقور في سلطنة عُمان، وقد قام الفريق بترقيم فراخ الصقر الأدهم وتركيب أجهزة تعقب تعمل بالطاقة الشمسية، والتي تسهم في إرسال البيانات عبر الأقمار الصناعية لمعرفة الوجهات التي يقصدها الصقر الأدهم لبناء قاعدة بيانات وخارطة توضيحية.

كما تم وضع كاميرات فخية لرصد أعداده وتكاثره وغذائه، ويُطلق على الصقر الأدهم أسماء أخرى، منها «المهاجر» و«السخامي»، وينشط الصقر الأدهم قبل الفجر للبحث عن الطعام لتغذية الفراخ، ويتغذى على الطيور مثل طائر الهدهد وكذلك على الحشرات، ولم تتم ملاحظته يتغذى على الأسماك.

وجهة سياحية

وتحظى محمية جزر الديمانيات الطبيعية بإقبال سياحي متزايد لما تتميز به من تفرد طبيعي، حيث تجاوزت إحصائيات الزوار والسياح منذ بداية العام الجاري وحتى نهاية أغسطس المنصرم 55 ألفًا، وهو مؤشر على تزايد الإقبال على السياحة البيئية، ونسعى إلى غرس مفهوم الاهتمام بالحياة الفطرية لدى الزوار.

ومن أهم الأنشطة السياحية التي تزخر بها الديمانيات تكمن في ممارسة الغوص، بالإضافة إلى التخييم الذي يبدأ بعد موسم تعشيش الطيور، وتستقبل المحمية الزوار والسياح للتخييم في الفترة من نوفمبر وحتى نهاية أبريل من كل عام، ويشترط الحصول على تصريح لدخول المحمية سواء للزوار أو السياح.

السفن السياحية

وشهد الموسم السياحي المنصرم 2023-2024 وصول سفينة سياحية عملاقة إلى المحمية تحمل على متنها أكثر من 300 سائح، ونتوقع في الموسم المقبل ارتفاعًا في عدد السفن السياحية العملاقة لزيارة المحمية. مضيفًا: «ما لفت انتباهنا هو الزيادة الملحوظة في عدد الزوار العمانيين للمحمية، حيث نقوم بتقديم التفاصيل لهم عن المحمية وما تحتويه من تفرد طبيعي».

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: جزر الدیمانیات بالإضافة إلى هیئة البیئة

إقرأ أيضاً:

سفير سلطنة عُمان: التجربة المصرية في الإسكان "ملهمة" ونسعى لنقلها إلى بلادنا

أكد السفير عبد الله بن ناصر الرحبي سفير سلطنة عمان بالقاهرة ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية، أن التجربة المصرية في الإسكان والتعمير ملهمة نظرا لما تمتاز به من نجاح في التخطيط وبراعة في التصميم والتنفيذ.

وأضاف الرحبي، في تصريح له، على هامش أعمال النسخة الثانية عشرة من المنتدى الحضري العالمي، أن التجربة المصرية في مجال التعمير تتميز بالنضج، لافتًا إلى أن شركات التطوير العقاري أصبحت رائدة نتيجة لما اكتسبته من خبرات جراء مشاركتها في تنفيذ عدد كبير من المشروعات العملاقة مثل المدن الجديدة على غرار (العلمين الجديدة والعاصمة الإدارية) ، فضلًا عن قدرة الشركات في مصر على سرعة التنفيذ بمواصفات قياسية عالمية.

ونوه برغبة سلطنة عمان في نقل التجربة المصرية في مجال البناء والإسكان والتعمير الى بلاده، لما تتميز به  السوق المصرية في هذا المجال، و خاصة في ظل توجه السلطنة الى تشييد مدن جديدة مثل مدينة السلطان هيثم التي تعتبر واحدة من المدن المستدامة التي تساهم في الحفاظ على موارد البيئة من مياه وطاقة، وتحسين جودة الهواء وتصمد أمام التحديات المناخية.

وأشار الى أن مشاركة سلطنة عمان في المنتدى الحضري العالمي تأتي بغرض تبادل الخبرات مع شتى دول العالم والاطلاع على كافة التجارب العمرانية الناجحة.

ونوه بان تنظيم مصر للمنتدى يعد إضافة كبيرة لرصيدها الحضارى والعمرانى، حيث ستكون أول بلد أفريقي يستضيف المنتدى الحضري العالمي منذ الدورة الافتتاحية في نيروبى بدولة كينيا، وثانى الدول العربية بعد استضافة الإمارات التي استضافت الدورة العاشرة.

وذكر ان إقامة هذا الحدث الدولي في مصر يعكس الدور الريادي والإستراتيجي للدولة المصرية على المستويين الدولي والإقليمي كمركز للتنمية والتحضر والسلام والتطور الاستثنائي الذي تقوم به الدولة المصرية.

واعرب عن ثقته في نجاح النسخة الحالية من المنتدى الحضري العالمي خاصة في ظل الاهتمام الذي توليه الحكومة المصرية لتلك النسخة والتي تسعى إلى توجيه السياسات والبرامج الدولية نحو بناء مدن أكثر استدامة وشمولية ومرونة.

وأكد السفير عبد الله الرحبي، أن عُمان تنطلق في برنامجها للتطور الحضري وبناء المدن الحديثة والذكية، من خلال إستراتيجية التنمية العمرانية والتي تعُد خارطة طريق لتوجيه السلطنة نحو المستقبل المستهدف وفق منهج راسخ طموح واقعي وقابل للتطبيق، حيث تم تحديد توجهات التنمية العمرانية بالمواءمة مع رؤية عمان 2040، ومن ثم بلورتها إلى خطط عمرانية استراتيجية على المستوى الوطني ومستوى المحافظات.

وأشاد السفير الرحبي بالجهود الدؤوبة لوزارة الإسكان والتخطيط العمراني، من أجل تنفيذ هذه الاستراتيجية في كل الولايات العُمانية، من  خلال أهدافها الرئيسة السبعة التي تسعى لتحقيقها وهي مدن ومجتمعات مرنة ملائمة  للعيش ومحافظة على الهوية العمانية، والاستجابة لتغيّر المناخ والتكيّف والتخفيف من  آثاره، والنموّ والتنوع الاقتصادي استنادا على مقومات كل محافظة، والاستخدام  المستدام للموارد وإنتاج الطاقة ومصادرها المتجدّدة وكفاءة إدارة المياه والنفايات، إلى جانب حماية وتعزيز البيئة بإدارة ومراقبة التأثيرات على المناطق الحساسة بيئياً.

وأكد السفير الرحبي أنه مع ازدياد احتياج العالم إلى مدن مستدامة تساهم في الحفاظ على موارد البيئة من مياه وطاقة، وتحسين جودة الهواء وتصمد أمام التحديات المناخية، حجزت سلطنة عمان مقعدها في عالم المدن الحديثة الذكية بتدشين "مدينة السلطان هيثم"، تلك المدينة الرائدة التي تعد نموذجًا للمدن المستقبلية ووجهة جاذبة ومعززة للاستثمار، ونقلة نوعية في التصميم الحضري والتخطيط العمراني، بما يتوافق مع رؤية "عمان 2040".

مقالات مشابهة

  • زيارات واجتماعات مكثّفة لوزير التربية في سلطنة عمان
  • سلطنة عمان تشهد زيادة في عدد الزوار ونزلاء الفنادق مع استمرار نمو القطاع السياحي
  • ‏7 مجالات أساسية تتضمنها السياسة العامة للطيران المدني
  • افتتاح نادي الظاهرة للرماية الأولمبية بعبري
  • غدا .. بطولة الكار بارك دريفت للسيارات بعبري
  • عميد جامع الجزائر في زيارة رسمية إلى سلطنة عمان
  • بنك عمان العربي يحصد جائزة "التميز في التنفيذ الآلي المباشر للمدفوعات"
  • سفير سلطنة عُمان: التجربة المصرية في الإسكان "ملهمة" ونسعى لنقلها إلى بلادنا
  • سلطنة عمان تعلن عن تعديلات جديدة على قرار "منظمة العمل للاستجابة لحالة الطوارئ بلبنان"
  • سفارة السودان في سلطنة عمان تعلن بشرى لطلاب الشهادة السودانية