عمان تستكشف المسح الميداني لـ الصقر الأدهم بجزر الديمانيات
تاريخ النشر: 5th, October 2024 GMT
تنفذ هيئة البيئة المسوحات الميدانية لمشروع الصقر الأدهم، أو كما يُطلق عليه «الصقر المهاجر»، حيث يتخذ من الجزر الواقعة بين محافظتي مسقط وجنوب الباطنة محطة عبور للتعشيش والتفريخ قبل مواصلة رحلته إلى محطات أخرى، وتُعد الجزر العُمانية من أهم مواقع التكاثر عالميًا لأنواع صقور الأدهم متوسطة الحجم، والتي تُعد من الطيور المهددة بخطر الانقراض.
وتهدف المسوحات الميدانية إلى تحديد أعداد الصقر الأدهم عبر تركيب حلقات تعريفية، وأخذ قياسات دقيقة للأعشاش، كما يسعى المشروع إلى متابعة حياة الطائر، بما يشمل الحصول على المعلومات والبيانات حول أعداده وتكاثره ونظامه الغذائي والتحديات التي يواجهها، وذلك بالتعاون مع المنظمات المحلية والدولية المتخصصة.
ويُصنف الصقر الأدهم ضمن فئة الأنواع القريبة من التهديد بخطر الانقراض، نظرًا لتناقص أعداده على المستوى العالمي، ويتكاثر في الشرق الأوسط وشمال شرق أفريقيا، ويقضي فصل الشتاء في الساحل الجنوبي الشرقي لأفريقيا وجمهورية مدغشقر.
فريق جريدة «عُمان» ركب البحر من شاطئ السيب متجهًا إلى جزر الديمانيات، إحدى أهم المحميات الطبيعية الفريدة على مستوى العالم، للوقوف على مستجدات المسوحات الميدانية لمشروع الصقر الأدهم، وأهم المراحل التي قطعها المشروع، ودور هيئة البيئة في توثيق مسار حياة الصقر الأدهم وحمايته من الانقراض.
تنوع أحيائي
وقال حمود بن خميس النيري، أخصائي نظم بيئية والمشرف على محمية جزر الديمانيات الطبيعية بهيئة البيئة: إن موسم تعشيش الطيور في محمية جزر الديمانيات يبدأ من مايو وحتى نهاية أكتوبر من كل عام، وتأتي خلال هذا الموسم مجموعة كبيرة من الطيور المهاجرة، من ضمنها الصقر الأدهم الذي يحط في الديمانيات خلال الفترة من يوليو إلى منتصف أكتوبر للتكاثر، ومن ثم يكمل رحلته إلى وجهات أخرى.
وأضاف: تستقبل الديمانيات البلشون الرمادي والأبيض، وكذلك العقاب النساري، وطيور النورس، ومنها النورس السخامي والنورس الشائع، بالإضافة إلى ذلك، توجد في الديمانيات أنواع من طيور الخرشنة، وكل هذه الطيور تقصد الديمانيات للتعشيش، حيث تنتشر في المسطحات الصخرية والرملية بالمحمية، ومع إكمال صغارها القدرة على الطيران، تغادر الديمانيات إلى وجهات أخرى، كما توجد في المحمية نوعان من السلاحف، وهما السلاحف الخضراء التي توجد حاليًا في المحمية، أما السلاحف الشرفاف، فتتوافد إلى الديمانيات من منتصف ديسمبر حتى نهاية يونيو من كل عام للتعشيش.
ملاذ آمن
وقال الدكتور مايكل ماكجرادي، الخبير الدولي في أبحاث الطيور: «أزور سلطنة عُمان منذ سنوات عديدة، حيث أقوم بدراسة هذه المنطقة لفترة طويلة، وقد قضيت جزءًا من عملي في سلطنة عُمان، حيث أمضيت ما يقارب 20 عامًا في دراسة الطيور، خاصةً الصقر الأسخم أو الأدهم، الذي يُعتبر من الأنواع المهددة عالميًا، لذلك نواصل جهودنا لحمايته، وكانت سلطنة عُمان ولا تزال ملاذًا آمنًا لهذه الطيور؛ ولكن مؤخرًا، شهدنا تراجعًا كبيرًا في أعدادها في مناطق مختلفة من العالم، ولا نعرف السبب المحدد لهذا الانخفاض، إلا أن أعداد هذه الطيور في تراجع مستمر».
وأوضح أن الإحصائيات في عام 2010 أظهرت رصد 30 زوجًا من صقور الأدهم في جزر الديمانيات، أما الآن فقد انخفض العدد إلى ستة أزواج فقط، وهذا التراجع ليس محدودًا بمنطقة معينة، بل يحدث في جميع أنحاء نطاق انتشارها، الذي يمتد من ليبيا إلى سلطنة عُمان، ويشمل الأردن وجيبوتي، وهذه مشكلة عالمية؛ لكننا هنا في سلطنة عُمان نملك فهمًا أعمق للوضع بسبب الدراسات المستمرة منذ فترة طويلة، في الواقع تعتبر الدراسات والمسوحات الميدانية في سلطنة عُمان من بين الأقدم والأشمل على مستوى العالم.
حرص مجتمعي
وقال أحمد بن محمد الوهيبي، مشرف نظم بيئية بهيئة البيئة: «إن الصقر الأدهم يعيش في الجزر والمناطق الساحلية ببحر عُمان، وتشير الدراسات إلى أن 10% من هذا النوع في العالم يتكاثر في سلطنة عُمان، بيد أنه من المرجح حدوث تناقص في عدد الأزواج المتكاثرة بنسبة تقارب 15% منذ أواخر السبعينيات حتى اليوم، ويُعزى هذا التناقص إلى أسباب خارجية غير مرتبطة بسلطنة عُمان، لما يتمتع به المجتمع العماني من حرص على البيئة والمحافظة على التنوع الأحيائي، بالإضافة إلى جهود الجهات الحكومية في تعزيز حماية هذا التنوع».
وأضاف: «تنفذ هيئة البيئة المسوحات الميدانية لمشروع الصقر الأدهم في جزيرة الفحل وجزر الديمانيات خلال الفترة من أغسطس إلى أكتوبر، وهي الفترة التي يوجد فيها الصقر الأدهم في سلطنة عُمان»
وأشار إلى أن المسوحات الميدانية لمشروع الصقر الأدهم تهدف إلى توفير المعلومات حول أعداده وتكاثره وكذلك غذائه، مما يساعد في وضع الخطط والبرامج الضرورية لصونه وحماية بيئته، كما تهدف المسوحات إلى بناء القدرات الميدانية وإكساب المشاركين الخبرة العلمية في مجال بحوث الطيور، بالإضافة إلى إيجاد الفرص لطلبة الجامعات للمشاركة في المسح والاستفادة من نتائجه في مشاريعهم البحثية، ونشر الوعي حول وضع الصقر الأدهم وأهمية المحافظة عليه.
وأضاف: إن هيئة البيئة أنشأت فريقًا عمانيًا وتم تدريبه وصقل مهاراته لبناء قاعدة بيانات بالتعاون مع خبراء دوليين مختصين في هذا المجال.
وأوضح أن المسوحات الميدانية لمشروع الصقر الأدهم بدأت في أغسطس المنصرم على عدة مراحل، حيث تم البدء بمراقبة مواقع التعشيش ورصد أعداد البيوض في كل عش، وهناك مؤشرات إيجابية لتكاثر هذا النوع من الصقور في سلطنة عُمان، وقد قام الفريق بترقيم فراخ الصقر الأدهم وتركيب أجهزة تعقب تعمل بالطاقة الشمسية، والتي تسهم في إرسال البيانات عبر الأقمار الصناعية لمعرفة الوجهات التي يقصدها الصقر الأدهم لبناء قاعدة بيانات وخارطة توضيحية.
كما تم وضع كاميرات فخية لرصد أعداده وتكاثره وغذائه، ويُطلق على الصقر الأدهم أسماء أخرى، منها «المهاجر» و«السخامي»، وينشط الصقر الأدهم قبل الفجر للبحث عن الطعام لتغذية الفراخ، ويتغذى على الطيور مثل طائر الهدهد وكذلك على الحشرات، ولم تتم ملاحظته يتغذى على الأسماك.
وجهة سياحية
وتحظى محمية جزر الديمانيات الطبيعية بإقبال سياحي متزايد لما تتميز به من تفرد طبيعي، حيث تجاوزت إحصائيات الزوار والسياح منذ بداية العام الجاري وحتى نهاية أغسطس المنصرم 55 ألفًا، وهو مؤشر على تزايد الإقبال على السياحة البيئية، ونسعى إلى غرس مفهوم الاهتمام بالحياة الفطرية لدى الزوار.
ومن أهم الأنشطة السياحية التي تزخر بها الديمانيات تكمن في ممارسة الغوص، بالإضافة إلى التخييم الذي يبدأ بعد موسم تعشيش الطيور، وتستقبل المحمية الزوار والسياح للتخييم في الفترة من نوفمبر وحتى نهاية أبريل من كل عام، ويشترط الحصول على تصريح لدخول المحمية سواء للزوار أو السياح.
السفن السياحية
وشهد الموسم السياحي المنصرم 2023-2024 وصول سفينة سياحية عملاقة إلى المحمية تحمل على متنها أكثر من 300 سائح، ونتوقع في الموسم المقبل ارتفاعًا في عدد السفن السياحية العملاقة لزيارة المحمية. مضيفًا: «ما لفت انتباهنا هو الزيادة الملحوظة في عدد الزوار العمانيين للمحمية، حيث نقوم بتقديم التفاصيل لهم عن المحمية وما تحتويه من تفرد طبيعي».
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: جزر الدیمانیات بالإضافة إلى هیئة البیئة
إقرأ أيضاً:
سلطنة عمان تحتفل باليوم العالمي للدفاع المدني
عمان: احتفلت سلطنة عُمان ممثلةً في هيئة الدفاع المدني والإسعاف باليوم العالمي للدفاع المدني، الذي يوافق الأول من مارس من كل عام، وذلك بمشاركة دول العالم الأعضاء في المنظمة الدولية للحماية المدنية.
ويحمل شعار هذا العام عنوان "الدفاع المدني ضمان أمن السكان"، ليؤكد الدور المحوري الذي تقوم به أجهزة الدفاع المدني في حماية الأرواح والممتلكات، وتعزيز الأمن والسلامة العامة من خلال الجاهزية العالية لمواجهة الكوارث الطبيعية والحوادث الطارئة، مثل الحرائق، والإنقاذ، وتقديم خدمات الإسعاف الأولي. كما تحرص الهيئة على تعاون جميع القطاعات والمجتمع المدني لترسيخ مفاهيم السلامة العامة، حفاظًا على سلامة الأفراد والممتلكات والحد من المخاطر.
ووضعت هيئة الدفاع المدني والإسعاف تشريعات واشتراطات خاصة بالحماية المدنية، تتابع تنفيذها بانتظام، وتعمل على إصدار التراخيص اللازمة بما يحقق رسالتها وأهدافها في حماية الأرواح والممتلكات. كما تعتمد على التوعية المستمرة بأهمية الوقاية من المخاطر، مشددةً على أن السلامة مسؤولية مشتركة بين الجهات الحكومية والخاصة والمجتمع المدني والأفراد.
تسخر الهيئة إمكاناتها وكوادرها المدربة لتقديم خدمات الإطفاء، والإنقاذ البري والمائي، والبحث والإنقاذ، والتعامل مع حوادث المواد الخطرة، وخدمات الإسعاف والحماية المدنية بمهنية وكفاءة عالية. تُعد خدمة الإطفاء من أبرز مهام الهيئة، حيث يتم التعامل مع مختلف أنواع الحرائق باستخدام فرق مدربة ومجهزة بأحدث المعدات. ويرتبط الإنقاذ البري ارتباطًا وثيقًا بالإطفاء، ويشمل إخلاء المحتجزين داخل المركبات إثر الحوادث المرورية، حيث تتطلب هذه المهام مهارات احترافية ولياقة عالية. كما تقدم الهيئة خدماتها لإنقاذ الأفراد في الشواطئ والسدود والآبار والعيون المائية، إلى جانب دعم فرق البحث والإنقاذ في عمليات البحث عن المفقودين بمجاري الأودية.
يشمل البحث عن المفقودين في المناطق الجبلية والحضرية وإنقاذ المصابين في المرتفعات، مع استخدام الطائرات المسيّرة، وكلاب البحث، والمعدات المتطورة. كما توفر الهيئة كوادر مؤهلة ومعدات متخصصة للتعامل مع التسربات الكيميائية والمواد الخطرة، وأنشأت نظامًا إلكترونيًا لمتابعة أماكن تخزين المواد الخطرة وكمياتها، لضمان سرعة الاستجابة عند الحاجة. وتعمل الهيئة على تبسيط إجراءات إصدار تراخيص الحماية المدنية، والتأكد من التزام المنشآت التجارية والصناعية بمعايير السلامة، وتوصي بتركيب أجهزة استشعار الدخان والغاز في المنازل لحماية السكان.
أُطلقت خدمة الإسعاف عام 2004 لتقديم العناية الطبية الطارئة للحوادث المرورية والحالات الصحية الحرجة، وتم تعزيزها لاحقًا بإطلاق "خدمة الإسعاف المنزلي" في فبراير 2022، لتوفير الرعاية الطبية السريعة للحالات الحرجة داخل المنازل ونقلها إلى المرافق الصحية المناسبة.
تولي الهيئة اهتمامًا كبيرًا برفع كفاءة منتسبيها عبر برامج تدريبية متخصصة، كما تحرص على تأمين الفعاليات الرسمية والتأكد من ملاءمة خطط الطوارئ في المنشآت المختلفة. إضافةً إلى ذلك، تنظم الهيئة برامج توعوية وزيارات ميدانية للمؤسسات التعليمية والمجتمعية بهدف ترسيخ ثقافة السلامة العامة والحد من المخاطر.
بهذه الجهود المتواصلة، تواصل هيئة الدفاع المدني والإسعاف التزامها بحماية الأرواح والممتلكات في سلطنة عُمان، مؤكدةً أن السلامة مسؤولية مشتركة تتطلب تعاون الجميع.
وجاء اختيار شعار هذا العام (الدفاع المدني ضمان أمن السكان) ليؤكد الدور الحيوي الذي تضطلع به أجهزة الدفاع المدني في دعم خطط التنمية، والتصدي للحوادث والأزمات التي تهدد حياة الإنسان وممتلكاته وبيئته.
وأكد العقيد عبدلله بن صالح النجاشي، مدير عام الدفاع المدني، أن التوعية باتت من أهم العوامل المؤثرة في الحد من المخاطر وتعزيز إجراءات السلامة، مشددًا على أن نشر ثقافة الوقاية يساهم في بناء مجتمع أكثر أمنًا واستقرارًا.
وأوضح أن هيئة الدفاع المدني والإسعاف تعمل على ترسيخ مفهوم الشراكة مع مختلف المؤسسات لضمان سلامة المواطنين والمقيمين، وتعزيز الجاهزية لمواجهة الأزمات. كما تحرص الهيئة على تشجيع الأفراد والمؤسسات على التدريب والتأهيل للإسهام في الاستجابة السريعة للحوادث، إضافة إلى حث القطاعين العام والخاص على تطبيق برامج الحماية من المخاطر لضمان التدخل الفوري في حالات الطوارئ داخل منشآتهم.
وأشار العقيد مدير عام الدفاع المدني إلى أن هذه المناسبة تمثل فرصة لإبراز قدرات وإمكانيات الهيئة في التعامل مع مختلف الحوادث، وتسليط الضوء على جهود التنسيق المستمرة مع الجهات المعنية لإعداد وتنفيذ خطط الطوارئ والإخلاء، إلى جانب إجراء التمارين الميدانية التي تعزز كفاءة الاستجابة والجاهزية.
وأكد أن ضمان أمن السكان مسؤولية مشتركة تتطلب التزام الجميع بإجراءات السلامة والوقاية، والعمل بروح الفريق الواحد لحماية الأرواح والممتلكات.
وفي ختام حديثه، هنّأ العقيد عبدالله بن صالح النجاشي منتسبي هيئة الدفاع المدني والإسعاف بهذه المناسبة، مشيدًا بتفانيهم وإخلاصهم في أداء مهامهم النبيلة، وتضحياتهم في سبيل الحفاظ على أمن المجتمع ، داعيًا إياهم إلى مواصلة العطاء وتعزيز جاهزيتهم، مؤكداً أن جهودهم المستمرة تمثل ركيزة أساسية في حماية ثروات و مقدرات الوطن، والنهوض به في ظل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق – حفظه الله ورعاه.