شـواطئ.. روسيا والغرب.. لمن الغلبة؟ (5)
تاريخ النشر: 5th, October 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يتابع عالم السياسة الشهير ألكسندر جليبوفيتش رار فى كتاب (روسيا والغرب.. لمن الغلبة؟) والذى نقله إلى العربية (محمد نصر الدين الجبالى) بقوله: أضاف بوتين: "إن انهيار الاتحاد السوفيتى يعتبر المأساة الجيوسياسية الكبرى فى القرن العشرين. ويجب على روسيا ألا تسمح بتكرار ذلك". شهدت السياسة الروسية الخارجية تحولات أثناء حكم بوتين، حيث أولى بوتين اهتمامه بالاقتراب من الاتحاد الأوروبى، واقترح على الأوروبي إقامة شراكة غير مسبوقة مع روسيا.
نجح بوتين خلال الأشهر الأولى من حكمه فى تحقيق نجاحات فى قضايا السلاح، وصادق البرلمان الروسى الدوما على معاهدة تقليص الأسلحة الإستراتيجية المثيرة للجدل ومعاهدة الحظر الشامل للتجارة النووية. وفى السياسة الداخلية أعلن الرئيس الجديد من ضمن أهم أولوياته مكافحة الفساد وهو ما ضمن له تعاطفا من قبل دوائر الأعمال فى الغرب.
أصبح من الواضح بالنسبة للغرب- خاصة الاتحاد الأوروبى – ضرورة صياغة إستراتيجية جديدة للتعاون مع روسيا خارج إطار المعونات الاقتصادية غير أن الغرب لا يعى كيفية التعامل مع دعوات بوتين بإدماج روسيا فى المؤسسات العالمية فى القرن الحادى والعشرين، حيث لم تعد فى حاجة إلى معونات اقتصادية بل إلى تعاون متوازن مع الغرب. أما بوتين فأخذ يلمح إلى أن روسيا يمكن أن تطرق أبواب الناتو والاتحاد الأوروبى.
وكانت أولى الزيارات الرسمية للرئيس الروسى الجديد إلى ألمانيا، والتى سبق أن قضى بها خمسة أعوام فى الثمانينات بوصفه من كوادر جهاز المخابرات السوفيتى كى جى بى جعلته ملما بثقافتها حتى إنه بدأ فى تعليم بناته الألمانية فى تلك الفترة. وفى الفترة بين عامى 1990 -1996 تردد بوتين كثيرا على ألمانيا وأمريكا وإسبانيا وإسرائيل. ومنذ حكم بطرس الأول لم تحظ روسيا بزعيم ملم بالحياة فى خارج بلاده قبل وصوله إلى الحكم بهذا القدر. ومع وصوله إلى السلطة تضاعفت آمال الأمان فى سيادة دولة القانون فى روسيا، وقررت الحكومة الألمانية عدم تفويت هذه الفرصة وفتحت صفحة جديدة من التعاون مع روسيا.
وفى بداية حكم بوتين مرت العلاقة بين روسيا وأوروبا بمنعطف حاد، حيث انتهت فترة التقارب الرومانسى فيما بينهما الذى حدث بعد انتهاء الحرب الباردة. ومرت سنوات من الخلافات بين الطرفين حيال قضايا كوسوفو والشيشان، إلى أن أدرك كلا الطرفين أن هذا الصراع المستمر سيؤدى إلى نشوب حرب باردة جديدة فى أوروبا. كان الأوروبيون يرون أنه لا يمكن التعامل مع روسيا كما لو كانت ألمانيا فى عصر جمهورية فايمار ويجب أن تهدف السياسة الأوروبية ليس إلى ردعها بل إلى إرساء شراكة قائمة على الصبر والتحمل. ولكن وفى المقابل طالب السياسيون الأوروبيون بضمانات قانونية لشركاتهم وإصلاح الاقتصاد مثلما حدث فى دول أوروبا الشرقية وبناء مجتمع مدنى وانفتاح السوق أمام المستثمرين الآجانب من الغرب وسداد الديون فى مواعيدها. إلا أن الروس لم يرغبوا فى أن يجبرهم أحد على الاندماج بالقوة فى النظام العالمى الغربى بل كانوا يفضلوان بناء دولتهم الوطنية بأنفسهم.
بقيت القضية الشائكة الأهم هى توسيع حدود حلف الناتو والاتحاد الأوروبى تجاه الشرق وهو ما يهدد من وجهة نظر موسكو الأمن القومى الروسى ويخترق مناطق نفوذه. وبعد مرور 10 سنوات على انهيار الاتحاد السوفيتى أتيحت لروسيا فرصة الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية والاندماج فى المجتمع الاقتصادى العالمى. ويرجع الفضل فى ذلك بالطبع إلى السياسة الخارجية لبوتين والتى كانت تهدف إلى التوصل إلى تفاهم متبادل مع الغرب دون التلويح بالسلاح. وفى الوقت نفسة كان الغرب يخشى من تنامى دور أجهزة المخابرات فى روسيا. كان قوام الفريق الذى اختاره بوتين من الموظفين السابقين فى أجهزة الأمن وذلك بهدف إعادة النظام والأمن إلى البلاد.
لم يكن المواطنون فى روسيا يشكون من عدم تمتعهم بديمقراطية كاملة بل أن شعبية بوتين ارتفعت لتصل إلى 72%. وأدت الأزمة فى الشيشان إلى تعقيد العلاقات بين روسيا والغرب. وكان رد فعل الجيش الروسى على العمليات الإرهابية للانفصاليين الشيشان شديد القسوة وكان الغرب ينتظر منذ أمد التوصل إلى حل سياسى للأزمة وهو ما لم يكن يلوح فى الأفق على المدى البعيد.
كانت هناك آمال معقودة على تحالف الطاقة بين روسيا والاتحاد الأوروبى الذى يمكن أن يمثل خطوة أولى على طريق تأسيس فضاء اقتصادى مشترك. وقامت روسيا بتحديث الشبكة الوطنية لأنابيب نقل الغاز، واقترحت إجراءات محددة فيما يتعلق بدعم حوار الطاقة مع أوروبا. أما الخطوة التالية على طريق اندماج روسيا فى الفضاء الاقتصادى الأوروبى فتتمثل فى توسيع شبكة الطرق البرية والحديدية. وأعلنت موسكو عن خطط باستثمار 150مليار دولار أمريكى فى قطاع البنية الأساسية. وهدفت سياسة التحديث إلى خلق منظومة اتصالات تربط آسيا مع الاتحاد الأوروبى عبر أراضى روسيا.
وكان الأمر الأكثر صعوبة تدشين حوار بين روسيا والغرب فيما يتعلق ببناء مؤسسات دفاعية مشتركة، حيث فشل بوتين فى إقناع الأوروبيين أو رئيس الولايات المتحدة الأمريكية بأنه من غير الممكن عزل روسيا عن طريق توسيع الناتو فى اتجاه الشرق. لم يتجاوب الغرب مع الإشارات التى بعث بها بوتين حول رغبته فى الانضمام إلى الناتو. أما ما حدث أثناء لقاء بوش وبوتين فى جنوة عام 2001 وحديثهم عن بداية مرحلة جديدة من نزع السلاح فإنه قد بدا للكثيرين من الخبراء أنها كانت مجرد إشارة تسمح للأمريكيين بإنفاذ خطتهم لنشر المنظومة المضادة للصورايخ وفى نفس الوقت حفظ ماء وجه روسيا. وكتعويض لروسيا عن توسيع الناتو شرقًا تم دعوتها إلى مجلس أطلق عليه "الناتو- روسيا" والذى اعتبر فى نظر الكثيرين مجرد مؤسسة رمزية. ومن الناحية العسكرية توقف الناتو عن الأخذ بعين الجدية تصريحات روسيا وإجراءاتها. وتم فرض قيود على مشاركة موسكو فى فرق حفظ السلام الدولية فى مناطق النزاعات نظراَ لأن روسيا لا تدعم فكرة مشاركة فرق لحفظ السلام على أراضى رابطة الدول المستقلة.
وللحديث بقية
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: روسيا والغرب لمن الغلبة بوتين ألمانيا الاتحاد الأوروبى روسیا والغرب بین روسیا مع روسیا
إقرأ أيضاً:
خريف السياسة التجارية الأمريكية
لماذا فرض ترامب رسومًا جمركية مرتفعة على جميع شركاء أمريكا التجاريين تقريبًا؟
الأسباب التي ذكرها ترامب وإدارته هي أن هذه الدول تستغل الولايات المتحدة بتصديرها إلى أسواقها أكثر مما تشتريه من أمريكا، وتستخدم رسومًا جمركية مرتفعة وحواجزا تجارية أخرى للحد من الصادرات الأمريكية إلى أسواقها.
– برر ترمب الجمارك التي فرضها علي شركاء أمريكا التجاريين بانها من باب المعاملة بالمثل، لان هذه الدول تفرض جمارك علي الصادرات الأمريكية وتضع عقبات أخري تضر بها. فمن جمرك الصادرات الأمريكية بما يعادل س أو ص في المئة، يجمركه ترمب بمثلها.
لكن هذا المنطق خاطئ تمامًا من جميع جوانبه للأسباب التالية:
– أولًا، العجز التجاري الثنائي مع دولة واحدة لا يعني شيئًا (العجز التجاري هو ما تستورده أمريكا من الدولة مطروحًا منه ما تصدره إلى سوقها). على سبيل المثال، لنفترض أن الكونغو تصدر الكوبالت إلى أمريكا ولا تستورد أي شيء مصنوع في أمريكا. هل يُمثل هذا مشكلة لأمريكا؟ لا. لا يزال بإمكان أمريكا تصدير فول الصويا إلى اليابان وتغطية عجزها التجاري مع الكونغو من هذا المصدر. أو كما قال بوب سولو: “لدي عجز تجاري مع الحلاق” – بمعنى أنه يشتري خدمات الحلاق لكنه لا يبيعه شيئًا. بالطبع، عوّض بوب عجزه التجاري مع الحلاق ببيع خبرته للجامعات والشركات والحكومات.
– لكن ماذا عن العجز التجاري الكلي، وهو إجمالي العجز مع جميع الدول؟ في هذه الجبهة، تشخيص ترامب للعجز خاطئ تماما. لأن العجز لا ينجم عن التعريفات الجمركية أو الحواجز التجارية التي تفرضها الدول علي صادرات أمريكا. إذ تشير صيغة حساب الدخل القومي القياسية إلى أن العجز التجاري يساوي تمامًا الفرق بين المدخرات والاستثمارات – ونعني هنا إجمالي المدخرات، سواءً كانت من قِبل الحكومة أو الشركات أو المواطنين العاديين. هذه النتيجة متطابقة أو حقيقة رياضية، صحيحة في كل الظروف – يمكنني تقديم الاشتقاق الرياضي لهذه المتطابقة ولكن أي طالب كان منتبهًا خلال سنوات دراسته الجامعية سيكون قادرًا على القيام بذلك. ببساطة تقول المتطابقة أن الدولة التي تستثمر أكثر مما تدخر لابد أن تعاني من عجز تجاري بنفس القيمة- نقطة سطر جديد.
– أيضا تشير فرضية العجز المزدوج إلى وجود علاقة بين العجز المالي للدولة (الإنفاق الحكومي الذي يتجاوز الإيرادات) وعجز حسابها الجاري (الواردات التي تتجاوز الصادرات إضافة إلي متغيرات أخري لا داعي للدخول فيها لغرض هذا المنشور – أو بتبسيط للميزان التجاري حتي لا ندخل في تفاصيل يتوه معها القارئ) . في جوهرها، تفترض النظرية أن عجزًا أكبر في ميزانية الحكومة أن يؤدي إلى عجز أكبر في الحساب الجاري.
– هذا الاستثمار الذي يفوق المدخرات يعني وجود أجانب مستعدون لاستثمار ثرواتهم في الاقتصاد الأمريكي، ما يعني أن أمريكا تحصل على كميات كبيرة من رأس المال الأجنبي الرخيص الذي يساعدها على الازدهار أو الإسراف في الصرف العسكري.
– لكن زيادة الاستثمار على المدخرات في أمريكا تعني أيضًا انخفاض إجمالي مدخرات الأمريكيين. وعندما نقول إن مدخرات جهة ما منخفضة، فهذا يعني أنها تستهلك أكثر من اللازم أو أن إستهلاكها مرتفع. تُظهر الدراسات الإحصائية أن مشكلة انخفاض إجمالي المدخرات الأمريكية سببها الحكومة، وليس المواطنين أو الشركات الأمريكية. على سبيل المثال، يبلغ عجز ميزانية الحكومة الفيدرالية الأمريكية حاليًا حوالي 7% من ناتجها المحلي الإجمالي، وهو عجز ضخم. وصل هذا العجز إلى 1.8 تريليون دولار في عام 2024. وإذا أضفنا العجز الذي تعاني منه حكومات الولايات والحكومات المحلية، فإن الصورة تزداد قتامة.
– لذا، فإن تشخيص ترامب خاطئ، فالعجز التجاري الأمريكي سببه السياسات المالية الأمريكية، وليس جشع الأجانب. والأسباب الرئيسية لعجز الميزانية الأمريكية هي انخفاض الضرائب على الأغنياء وارتفاع الإنفاق العسكري والأمني. ولا تُبدي إدارة ترامب أي اهتمام بفرض ضرائب على الأغنياء أو خفض الإنفاق العسكري، الذي يبلغ تريليون دولار في مقترح ميزانية ترامب، بانتظار موافقة الكونغرس.
– إذن، لن تُحلّ رسوم ترامب الجمركية مشكلة العجز التجاري، ولكن هل هناك أي مكاسب مُحتملة لإدارة ترامب؟ نعم، يأمل ترامب أن تُعطيه الرسوم الجمركية نفوذً أو كرت ضغط يُمكنه من التفاوض بشأنها مع كل دولة على حدة. ويمكن لترامب أن يطلب من كل دولة تقديم تنازلات مقابل خفض الرسوم. – وقد يطلب من بعض الدول أن تعطيه أعز ما تملك. ربما تُقدّم له بعض الدول الصغيرة والمتوسطة تنازلات طفيفة، لكن الدول والكتل الكبرى لن تُقدّم له الكثير. وستتلكأ الكثير من الدول قبل التنازل الأهم الذي سيطلبه ترامب: فك الارتباط بالصين بتقليص العلاقات الاقتصادية والسياسية. على الأرجح، سيحدث العكس، حيث ستُعزّز الدول والكتل التجارية علاقاتها مع الصين كبديل أو كحماية من أمريكا التي أثبتت أنها شريك متقلب، وصعب، ومُسيء، يصعب الوثوق به.
– كما ذُكر سابقًا، ستفشل الأهداف المعلنة لسياسة ترامب التجارية. لكنها لا تزال حدثًا هائلًا، أو كما يُطلق عليه الاقتصاديون “صدمة”. في الواقع، إنها واحدة من أكبر الصدمات التي لحقت بالاقتصاد العالمي في العصر الحديث. فما هي عواقب هذه الصدمة؟ فيما يلي بعض العواقب المتوقعة، ولكنها ليست كل القصة:
– هل سيدفع الأجانب الرسوم الجمركية كما يزعم ترامب؟ الإجابة الأولية هي لا. الرسوم الجمركية هي ضريبة تُفرض على السلع المستوردة، تُدفع عند حدود الدخول، ويتحملها المستورد وليس المُصدّر. لكن هذا ليس نهاية المطاف. بعض المُصدّرين لن يُغيّروا سعر سلعهم استجابةً للرسوم الجمركية، وفي هذه الحالة سيدفع المستهلك الأمريكي القيمة الكاملة للرسوم.
لكن بعض المُصدّرين قد يُخفّضون السعر الذي يفرضونه على المُستوردين للحفاظ على سعر معقول لمنتجاتهم في الأسواق الأمريكية، وذلك للحفاظ على حصتهم السوقية. في هذه الحالة، سيدفع المُصدّر الأجنبي جزءًا من الرسوم الجمركية، وسيدفع المستهلك الأمريكي جزءًا آخر. لكن على الأرجح، سيدفع المستهلك الأمريكي النسبة الأكبر من الرسوم الجمركية.
– من المُرجّح أن يُخفّض ترامب الرسوم الجمركية، لكنه لن يُعيدها إلى ما كانت عليه سابقًا – حوالي 2% في المتوسط . قبل تجميد الرسوم الجمركية لمدة تسعين يومًا، قُدّرت الرسوم الجمركية بمتوسط 24% مُقارنةً بـ 2% قبل صدمة ترامب.
– لكن بما أن الرسوم الجمركية لن تعود إلى متوسط 2%، فهذا يعني أن الحكومة الأمريكية ستحصل على إيرادات أكبر، وسيستخدم ترامب هذه الإيرادات الإضافية في إدامة إنخفاض الضرائب على الأغنياء التي ستنتهي مدتها في خواتيم هذا العام، أو حتى خفضها إلى مستويات أدنى. بمعنى آخر، لن يستخدم ترامب إيرادات الرسوم الجمركية لخفض عجز الموازنة الأمريكية، الأمر الذي من شأنه أن يقلل العجز التجاري وفقًا لمنطق المتطابقة المحاسبية الموضح أعلاه.
– وبما أن الرسوم الجمركية سيدفعها جميع المستهلكين، بمن فيهم أفقر الفقراء، وأن إنخفاض الضرائب ستعود بالنفع على الأغنياء، فهذا يعني أن العبء الضريبي على الفقراء سيزداد لأنهم ينفقون نسبة أكبر من دخلهم على السلع المستوردة مقارنة بالأغنياء. والنتيجة النهائية هي توزيع أسوأ للدخل القومي لصالح الأغنياء. وهذا سيُرضي ترامب والمليارديرات من حوله.
– ستنخفض الصادرات الأمريكية، حيث سترد دول أخرى على ترامب بفرض رسومًا جمركية مماثلة على الصادرات الأمريكية. وهذا سيضر بشركات التصدير الأمريكية والعمال على حد سواء.
– أيضا ستعاني الشركات الأمريكية، سواءً كان إنتاجها موجها للأسواق المحلية أو الخارجية، لأن الكثير من المدخلات التي تستخدمها في عمليتها الإنتاجية مستوردة، ما يزيد من تكلفتها بسبب الرسوم الجمركية. هذا يعني ارتفاع تكلفة الإنتاج، وانخفاض الأرباح، وبالتالي انخفاض الاستثمار، وانخفاض فرص العمل، وضغطًا على أجور ورواتب الطبقات العاملة والمتوسطة.
كيف حسبت إدارة ترامب الرسوم الجمركية الإضافية التي فرضتها على كل دولة؟
– حسبت إدارة ترمب نسبة الجمارك/العقبات التي تضعها كل دولة علي الصادرات الأمريكية بعملية حسابية بسيطة: أخذت عجز الميزان التجاري للولايات المتحدة في السلع مع تلك الدولة، وقسمته على إجمالي واردات السلع من تلك الدولة، ثم قسمت الناتج على اثنين. والناتج هو نسبة الجمارك الإضافية التي فرضها ترمب – (العجز التجاري مع دولة يعني الفرق بين ما تصدره أمريكا لتلك الدولة وما تستورده منها).
– وهذه طريقة جديدة تماما لتقدير نسبة الجمارك والعقبات التجارية التي تضعها دولة للحد من صادرات دولة أخري ما أنزل الله بها من سلطان وإطلاقا لم يسمع بها أي إقتصادي ولم ترد في أي مرجع ولا في أي دراسة ولا حتي في ونسة شفع في المدرسة الثانوية التجارية.
– شبه الإقتصادي الأمريكي دين بيكر المعادلة التي إستخدمتها إدارة ترمب لتشخيص أسباب العجز التجاري الأمريكي برجل ذهب إلي دكتور للفحص. فما كان من الطبيب إلا أن قسم طول الرجل على تاريخ ميلاده ، فظهرت النتيجة التي قرر الدكتور أنها أعلى بكثير من الحد الصحي . وبناء علي هذا الرقم أخضع الدكتور الرجل المريض لوصفات علاجية بنفس الدقة العلمية التي مارسها في التشخيص. استنتج بيكر أن هذا الرجل بحاجة إلي طبيب جديد أو هو طريق الهلاك.
– باختصار، ما نراه هو سياسة اقتصادية فاسدة تمامًا، تتشير إلي أن الإمبراطورية الأمريكية قد دخلت مرحلة الخرف ولكن خرف الفيل مرعب أكثر من كونه مسليا إذ أن الضرر لن يقتصر على أمريكا وحدها. ولكن علي المدي المتوسط والطويل ستدفع أمريكا الثمن الأكثر فداحة لتسارع وتائر تراجع نفوذها الأقتصادي والتكنولوجي والسياسي حول العالم.
– كان مسرح العبث سيكون مسليا ومضحكا لولا أن أمريكا قوة ضاربة جبارة لو عطست أصابت أركان العالم من عطستها زوابع.
معتصم أقرع.
إنضم لقناة النيلين على واتساب