تعرف على الإمام الأكبر الشيخ جاد الحق
تاريخ النشر: 13th, August 2023 GMT
إن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا، إنَّما ورَّثوا العلم، فمن أخذَه أخذ بحظٍّ وافر. هذا الحديث يبيِّن فضل العلماء، توضيحًا لقوله تعالى:( يَرْفَعُ اللهُ الذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ والذِينَ أُوتوا العِلْمَ دَرجاتٍ) (سورة المجادلة : 11) فهم الوارثون لما تركه الرسول، لأنه القائل:” بلِّغوا عني ولو آية ” رواه البخاري، والقائل في طلاب العلم:” مَن سلك طريقًا يبتغي فيه علمًا سلك الله به طريقًا إلى الجنة” كما رواه مسلم، والقائل:” إن الملائكة لَتَضعُ أجنحتَها لطالب العلم رِضًا بما يصنعُ” كما رواه أحمد وابن حبان والحاكم، والقائل:” يا أبا ذَرٍّ لأن تغدوَ فتتَعلّم بابًا من العلم، عمل به أو لم يعمل خير لكَ من أنْ تصلِّي ألفَ ركعةٍ” كما رواه ابن ماجه بإسناد حسن.
والشيخ جاد الحق رحمه الله ولد يوم الخميس 13 من جمادى الآخرة عام 1335هـ الموافق 5 من إبريل عام 1917م ببلدة بطرة مركز طلخا محافظة الدقهلية في أسرة صالحة فحفظ القرآن الكريم وجوَّده وتعلَّم القراءة والكتابة في كُتَّاب القرية على يد شيخها الراحل سيد البهنساوي، ثم التحق بالجامع الأحمدي بطنطا في سنة 1930م، واستمر فيه حتى حصل على الشهادة الابتدائية سنة 1934م، وواصل فيه بعض دراسته الثانوية، ثم استكملها بمعهد القاهرة الأزهري حيث حصل على الشهادة الثانوية سنة 1939م، بعدها التحق بكلية الشريعة الإسلامية، وحصل منها على الشهادة العَالِمية سنة 1363هـ/1943م، ثم التحق بتخصص القضاء الشرعي في هذه الكلية، وحصل منها على الشهادة العَالِمية مع الإجازة في القضاء الشرعي سنة 1945م.
عُيِّن فور تخرجه موظفًا بالمحاكم الشرعية في 26 من يناير سنة 1946م، ثم أمينًا للفتوى بدار الإفتاء المصرية بدرجة موظف قضائي في 29 من أغسطس سنة 1953م، ثم قاضيًا في المحاكم الشرعية في 26 من أغسطس 1954م، ثم قاضيًا بالمحاكم من أول يناير سنة 1956م بعد إلغاء المحاكم الشرعية، ثم رئيسًا بالمحكمة في 26 من ديسمبر سنة 1971م، وعَمِلَ مُفتشًا قضائيًّا بالتفتيش القضائي بوزارة العدل في أكتوبر سنة 1974م، ثم مستشارًا بمحاكم الاستئناف في 9 من مارس سنة 1976م، ثم مفتشًا أول بالتفتيش القضائي بوزارة العدل.
عُيِّن مفتيًا للديار المصرية في 22 من رمضان سنة 1398هـ الموافق 26 من أغسطس سنة 1978م، وقد كرَّس كل وقته وجهده في تنظيم العمل بدار الإفتاء وتدوين كل ما يصدر عن الدار من فتاوى في تنظيم دقيق حتى يسهل الاطلاع على أي فتوى في أقصر وقت. كما توَّج عمله بإخراج الفتاوى التي صدرت عن دار الإفتاء في عهوده السابقة حتى تكون متاحة لكل من يبغي الاستفادة منها. وقد أصدر فضيلته (1284) فتوى مسجلة بسجلات دار الإفتاء.
مكث الشيخ في الوزارة أشهرًا قليلة ما لبث بعدها أن تولَّى مشيخة الأزهر في 22 جمادى الأولى 1402هـ الموافق 17 من مارس سنة 1982م، بالقرار الجمهوري رقم 129 لسنة 1982م. فأصبح هو الشيخ الثاني والأربعين من سلسلة شيوخ الأزهر.
وفي سبتمبر عام 1988م تمَّ اختيار فضيلته رئيسًا للمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة.
وقد شهد الأزهر الشريف في عهد الإمام الراحل نهضة كبيرة، فقد انتشرت المعاهد الأزهرية في كل قرى ومدن مصر، كما لم تنتشر من قبل، فقد بلغ عدد المعاهد الأزهرية في عهده أكثر من ستة آلاف معهد.
ولم يقف جهد الإمام الراحل على نشر المعاهد الأزهرية في مصر، بل حرص على انتشارها في شتى بقاع العالم الإسلامي، فأنشأ معاهد أزهرية تخضع لإشراف الأزهر في تنزانيا وكينيا والصومال وجنوب إفريقيا وتشاد ونيجيريا والمالديف وجزر القمر وغيرها من البلدان الإسلامية.
كما فتح الإمام الراحل باب الأزهر واسعًا أمام الطلاب الوافدين من الوطن الإسلامي وخارجه، وزاد من المنح الدراسية لهم حتى يعودوا لأوطانهم دعاة للإسلام. ونجح الإمام الراحل في فتح فروع لجامعة الأزهر في جميع أنحاء مصر وعقدت الجامعة في عهده لأول مرة مؤتمرات دولية في قضايا طبية وزراعية وثقافية مهمة تحدد رأي الأزهر والإسلام فيها.
وكان الإمام الراحل حريصًا على الدفاع عن علماء الأزهر الشريف، وإبراز الوجه المشرق لهم، انطلاقًا من إيمانه الكامل بعظمة الرسالة التي يقومون بها، كما دعا الإمام الراحل إلى ضرورة قيام علماء الأزهر الشريف بمحاورة الشباب المتطرف الذي يفهم الإسلام فهمًا خاطئًا.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: على الشهادة
إقرأ أيضاً:
"أهل القِبْلَةِ كُلهم موحدون".. أبرز إصدارات جناح الأزهر بمعرض الكتاب
يقدِّم جناح الأزهر الشريف بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته الـ 56 لزوَّاره كتاب "أهل القِبْلَةِ كُلهم موحدون"، بقلم فضيلة الشيخ محمد زكي إبراهيم، من إصدارات مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف.
يذكر المؤلف - في مقدمة كتابه- أن أهل القبلة جميعًا إخواننا: ﴿وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً) [المؤمنون: ٥٢]؛ فلا خصومة أبدًا بيننا وبين أي مذهب من مذاهب أهل "لا إله إلا الله" سواء كانوا أحنافًا، أم مالكية، أم شافعية، أم حنابلة، أم زيدية، أم إمامية، أم ظاهرية، أم إباضية، أم غيرهم؛ فإن الاختلاف في الفروع ضرورة طبيعية، ويستحيل - استحالة عادية - جَمْعُ الناس على مذهب واحد، أو رَأْي واحد في مسائل ظَنِّيَّة، هي موضع نظر واجتهاد إلى يوم القيامة.
ويلفت المؤلف إلى أنه ما دام مرجع الجميع كتاب الله، وسنة رسوله، والخلاف على الفرعيات إنما هو في الفَهم والتوجيه والترجيح وطلب الحق، فلا خصومة قط.
ونبه المؤلف إلى أن كبار أئمة المذاهب احترموا آراء بعضهم؛ بل قلد بعضهم بعضًا أحياءً وموتى، فصلى الإمام الشافعي عند قبر أبي حنيفة بمذهب أبي حنيفة؛ أدبًا مع روحه الشريف، وقلد أبو يوسف الإمام مالكًا، وقرَّظَ الشافعي الليث بن سعد، وقرظ أبو حنيفة أبا سفيان الثوري والأوزاعي، ونَظَمَ الشافعي شعرًا في تقريظ الإمام أحمد، بل صلَّى الإمام ابن حنبل خلف بعض أئمة القدرية المغالين وأمثالهم، وهكذا لا يُعْرَفُ عن كبار الأئمةِ مَنْ طَعَنَ أخاه أو انتقصَهُ؛ إذ ليس في الدنيا مذهب كله خطأ أو كله صواب.
ويشتمل الكتاب على ستة أبواب، الباب الأول: قضية الخلافات المذهبية، الباب الثاني: ثمانية وعشرون حديثًا ثابتًا حاسمًا في أنه ليس من أهل القبلة كافر ولا مشرك، وإِنْ عَصَى وَخَالَفَ، الباب الثالث: ابن تيمية يمنع تكفير المسلمين وتبديعهم، وابن القيم يمنع تكفير المسلمين وتبديعهم، وشيخ الإسلام ابن قدامة يمنع تكفير المسلمين وتبديعهم، الباب الرابع: الآيات القرآنية التي نزلت في الكفار والمشركين ويحرم سحبها وتطبيقها على أهل الشهادتين، الباب الخامس: تحقيق حديث افتراق الأمة، وتحقيق حديث: «خَط رسول الله خَطًّا»، الباب السادس: تاريخ محاولة تجميع طوائف المسلمين بمصر في العصر الحديث.
ويشارك الأزهر الشريف -للعام التاسع على التوالي- بجناحٍ خاص في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 56 وذلك انطلاقًا من مسؤولية الأزهر التعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبنَّاه طيلة أكثر من ألف عام.
ويقع جناح الأزهر بالمعرض في قاعة التراث رقم "4"، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان، مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلًا عن ركن للأطفال والمخطوطات.