أفكار ترامب تعطل النمو وتقود الى التضخم
تاريخ النشر: 5th, October 2024 GMT
ترجمة: قاسم مكي -
منذ بداية دخوله الحياة السياسية ظل دونالد ترامب يتمتع بميزة دائمة. فالعديدون يرونه رجلا يعرف الكثير عن كيفية تحقيق النمو الاقتصادي للبلد. إنه بعد كل شيء رجل أعمال ثري ولعب هذا الدور بنجاح فائق لسنواتٍ في البرامج التلفزيونية التي تبث في أوقات الذروة. والشعور السائد هو أنه يعلم ما الذي يُوجد النمو.
لنأخذ أهم مقترحاته وهي تلك التي يكررها باستمرار. إنها فرض رسوم جمركية شاملة على كل السلع المستوردة وترحيل العمال الذين يقيمون بصفة غير مشروعة. من النادر أن تجد مواضيع يتفق حولها خبراء الاقتصاد بشدة مثل اتفاقهم على أن كلا هذين المقترحين سيؤذيان النمو ويقفزان بمعدل التضخم الى أعلى.
المنطق وراء ذلك واضح جدا. فإذا أنت رفعت سعر السلع المستوردة للمستهلكين (وهذا ما يحدث فعلا لأن المستوردين سيمرِّرُون إليهم قيمة الرسوم الجمركية) وإذا قلصت عدد العمال المهاجرين ستحصل على عدد أقل من الناس الذين يعملون وعدد أقل من الناس الذين يشترون السلع.
توصل معهد بيترسون في دراسة أجراها حول هذا الموضوع الى أن نمو الاقتصاد الأمريكي استنادا الى المدى الذي يطبق به ترامب تلك السياسات (جزئيا أو كليا) سيتقلص بنسبة تتراوح بين 2.8% الى 9.7% بحلول عام 2028. كما سيكون التضخم أعلى بنسبة تتراوح بين 4.1% و7.4% في عام 2026.
ووفقا لحسابات مركز التقدم الأمريكي ستدفع الأسرة الأمريكية العادية 2500 دولار إضافي على السلع والخدمات في كل عام. وهذا شكل للضريبة تراجعي بدرجة كبيرة بما أن كل الأمريكيين الأغنياء منهم والفقراء سيلزمهم سداد نفس الفاتورة الجمركية. (في الضريبة التراجعية ينخفض معدل الضريبة مع ارتفاع دخل دافع الضريبة. وهذا يشكِّل عبئا ضريبيا كبيرا على أصحاب الدخل المنخفض مقارنة بأصحاب الدخل المرتفع– المترجم.)
أما مقترح ترحيل العمال المهاجرين فلا يستوعب تماما تكلفة خسارة الابتكار بالنسبة للاقتصاد بالنظر الى أن المهاجرين في الغالب أكثر تأسيسا للأعمال مقارنة بالمواطنين. وبخلاف الضوابط التنظيمية والضرائب الشاملة والجديدة على السلع والعمالة يؤمن ترامب بتحرير الاقتصاد.
الضرر الذي يمكن أن تلحقه هذه المقترحات بالاقتصاد الأمريكي أكبر بما لا يقاس من أية مقترحات معادية لقطاع الأعمال يتقدم بها ديموقراطي مثل زيادة الضرائب على الشركات. في الحقيقة معظم مقترحات كامالا هاريس أقرب الى يسار الوسط من جناح بيرني ساندرز في الحزب الديموقراطي. وبعض مقترحاتها مواصلة لجهود إدارة بايدن في الاستثمار في الاقتصاد الأمريكي بطرائق تحقق نتائج كبيرة في التعليم والتدريب والصحة.
لقد ساعد الائتمان الضريبي الموسع للأطفال على خفض فقر الأطفال بنسبة 30% خلال السنة التي كان فيها قيد التطبيق. ونحن نعلم أن الاستثمارات في وقت مبكر من حياة الفرد يحقق منافع كبيرة حتى اقتصاديا. فالمستفيدون منها عندما يكبرون يكسبون دخولا أكبر ويشكلون عبئا أقل على دافعي الضرائب. على نحو مماثل، الاستثمارات في البنية التحتية مطلوبة بشدة. كما أنها تأخرت كثيرا.
لكن إدارة بايدن-هاريس انضمت الى الموضة الجديدة للتدخل الحكومي في اختيار الكاسبين والخاسرين (بتفضيل صناعات أو شركات معينة على أخرى) وذلك بمزيج من النجاح والفشل.
خاض بايدن حملته الانتخابية ضد الرسوم التي فرضها ترامب ضد الصين ولكنه حافظ عليها الى حد بعيد. وإحدى النقاط القوية لترامب في مناظرته مع هاريس كانت الإشارة الى أنها إذا كانت تعارض مقترحاته بشأن الرسوم الجمركية لماذا احتفظت هي وبايدن بمعظمها.
مؤخرا أكملت إدارة بايدن مراجعة مستفيضة لرسوم ترامب وأوضحت المراجعة أنها كانت غير فعالة الى درجة ما في تغيير سلوك الصين وإنعاش الصناعة الأمريكية. ومع ذلك توصلت إدارته الى وجوب الاحتفاظ بها لأنها ربما تنجح في وقت ما.
اتخذت إدارة بايدن قرارا حكيما بالحيلولة دون حصول الصين على تقنية الغرب الأكثر تقدما والتي لديها تطبيقات عسكرية بما في ذلك رقائق الحاسوب بالغة الأهمية. لكن في محاولة لإحياء صناعة الرقائق في الولايات المتحدة تعهد البيت الأبيض بتقديم بلايين الدولارات ( في شكل منح وقروض بقيمة 20 بليون دولار) لشركة تصنيع الرقائق الأمريكية "إنتل." يحدث ذلك فيما تتهاوى إنتل وتفقد زبائنها ورأسمالها. فسعر سهمها متدنٍّ الى حد أنها تصبح الآن هدفا للاستحواذ.
لقد فشلت إنتل في التكيف مع المشهد التقني المتغير. لكنها للأسف مرشح مثالي لأموال الحكومة. إنها شركة كبيرة ومحترمة ولها تاريخ يُحكَى ورؤساؤها التنفيذيون بيروقراطيون معسولو اللسان. ويبدو أنها في سبيلها الى ان تصبح مثل "بوينج." أي شركة توجَد الى حد كبير كقاصر تحت وصاية الدولة.
لدى كل من ترامب وهاريس خطط للتعامل مع النقص الحاد في المساكن. خطة ترامب كما هي العادة تثير قلقا عميقا إذا كان سينفذها فعلا. ففي سعيه وراء أسعار فائدة أقل على قروض الرهن العقاري قد يضغط بنك الاحتياطي الفدرالي لخفض سعر الفائدة كما سبق أن فعل عندما كان رئيسا. وتتقدم هاريس بمزيج من الإعانات لزيادة العرض والطلب وأيضا بالتوسع في قيود الإيجار.
كلا المرشحين مخطئ وعليهما كليهما مراجعة تجربة حديثة في نطاقنا الجغرافي حققت نجاحا أوليا مذهلا. فرئيس الأرجنتين خافيير ميلي ألغى قانون تقييد الإيجارات في بلده. وهو من بين قوانين العالم الأشد صرامة. نتيجة لذلك زاد عرض العقارات السكنية المخصصة للإيجار بنسبة 170% في بوينس أيرس وانخفضت الإيجارات بنسبة 40% حسب أحد التقديرات.
في عصر صار فيه التدخلُ الحكومي السياسةَ الرائجة دعونا لا ننسى أن الأسواق في نهاية المطاف هي التي توجد النموّ والكفاءة المَستدامَين. ولا أحد في حاجة الى مزيد من التذكير بذلك غير رجل الأعمال الشهير في هذا السباق الرئاسي.
• فريد زكريا كاتب رأي في صحيفة واشنطن بوست ومقدم برنامج يتناول القضايا الدولية والشئون الخارجية على شبكة سي إن ان.
• الترجمة خاصة لـ عمان
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: إدارة بایدن
إقرأ أيضاً:
ما هي الدول التي ستنضم إلى اتفاقيات «التطبيع» مع إسرائيل؟
تعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، “بضم المزيد من الدول إلى “اتفاقيات إبراهيم”، وهي سلسلة اتفاقيات التطبيع التي تفاوضت عليها إدارته بين إسرائيل وبعض دول الخليج خلال ولايته الأولى”.
وقال ترامب، متحدثا للصحافيين في اجتماع لمجلس الوزراء بالبيت الأبيض، “إن المزيد من الدول ترغب في الانضمام إلى هذه الاتفاقيات”.
وأشار البيت الأبيض إلى “المملكة العربية السعودية كمشارك محتمل في الاتفاقيات، على الرغم من أن السعوديين لديهم تحفظات تجاه إسرائيل بسبب حرب غزة، وفق تقارير نشرتها قناة يو أس نيوز الأمريكية”.
من جانب آخر، ذكر نائب الرئيس، جي دي فانس، “أنه مع عودة “ترامب” إلى البيت الأبيض يتم العمل على “تعزيز اتفاقات إبراهيم”، وإضافة دول جديدة إليها”، مضيفا أنه “رغم أن الوقت لا يزال مبكرا، إلا أن إدارة الرئيس الأمريكي حققت الكثير من التقدم”.
وكان “ترامب” ألمح منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير الماضي، “أن السعودية، ستطبع مع إسرائيل من خلال الاتفاقيات الإبراهيمية”،، وقال في تصريحات صحافية مع عودته إلى المكتب البيضاوي: “أعتقد أن السعودية ستنضم في آخر الأمر إلى الاتفاقيات الإبراهيمية”.
يأتي ذلك، في وقت أعلن ترامب، الخميس الفائت، أنه “سيزور السعودية”، من دون أن يوضح متى تحديدا سيجري هذه الزيارة.
وردا على سؤال طرحه عليه أحد الصحافيين بشأن ما إذا كان يعتزم السفر إلى السعودية للقاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين، قال ترامب “لا أعرف، لا أستطيع أن أخبرك”، وأضاف “أنا سأذهب إلى السعودية”.
ولفت الرئيس الأمريكي إلى أن “هدف الزيارة سيكون إبرام اتفاقات تجارية ضخمة”، وكان ترامب قال في فبراير، “لقد قلت للسعوديين: سأذهب إذا دفعتم تريليون دولار، تريليون دولار لشركات أمريكية موزعة على مدى أربع سنوات” هي مدة ولايته الرئاسية، وأردف “لقد وافقوا على ذلك، وبالتالي أنا ذاهب إلى هناك”.
وقال: “لدي علاقة رائعة معهم. لقد كانوا لطيفين للغاية، لكنهم سينفقون الكثير من الأموال مع الشركات الأمريكية على أعتدة عسكرية والكثير من الأشياء الأخرى”.
وكان ترامب قد زار السعودية في مايو 2017، وكانت تلك أول رحلة دولية له خلال ولايته الأولى.
آخر تحديث: 25 مارس 2025 - 15:33