ازالة الحسابات بسبب ممارسات الدعم السريع على الأرض، وليس بنشاطه على منصة فيسبوك
تاريخ النشر: 13th, August 2023 GMT
هل يعلم المحايد أن الفيسبوك أغلق حسابات الدعم السريع لأنه يخالف معايير فيسبوك ل”المنظمات الخطرة”؟ وذلك حسب تصريح فيسبوك “لميدل ايست آي”. بمعنى أنه إجراء متعلق بصميم كيان الدعم السريع نفسه، بممارساته على الأرض، وليس بنشاطه على منصة فيسبوك.
كل العالم عرف أن الدعم السريع مليشيا إجرامية ويتعامل معه على هذا الأساس.
نرى في السودان يومياً حوادث القتل التي ترتكبها قوات الدعم السريع بلا توقف وهي تقع أحيانا لأتفه الأسباب وأحياناً بدون سبب. هذا غير حوادث النهب والسرقة والتدمير. ومع كل ذلك فهناك من يريد إقناع العالم أن مجرد التصدي لجرائم هذه المليشيا هو دعوة للحرب وهو الجريمة الأساسية وليس ما تقوم به المليشيا.
صحيح أن أشخاص مثلي كانوا ضد المليشيا منذ البداية وقبل الحرب ومع إخضاعها طوعاً أو كرهاً لسلطة الدولة. ولكن معظم السودانيين الذين يعادون المليشيا الآن لا يعادونها انلاقاً من موقف سياسي مسبق، وإنما بسبب جرائمها بعد اندلاع الحرب.
هم لا يدعمون الحرب ضد قوات كانت موازية للجيش فتمردت وحاولت الاستيلاء على السلطة؛ فهذا توصيف سياسي؛ هم يعادون قوات حاربتهم دمرت بلدهم وممتلكاتهم وبيوتهم وشردتهم واغتصبت وقتلت. باختصار خربت حياتهم. هذا موقف عفوي تلقائي كنتيجة مباشرة لمعايشة جرائم المليشيا. المحايد يعتبر هؤلاء دعاة حرب!
هؤلاء ضحايا يطلبون من الجيش أن يحميهم وأن يعيد لهم حياتهم ومن الطبيعي أن ذلك يحدث من خلال التصدي العسكري للمليشيا بما أنها لا تخرب حياتهم بالورود ولكن بالرصاص.
والله أنا أفهم أن ينحاز شخص لموقف الدعم السريع بشكل صريح لأسباب قبلية أو جهوية، وأفهم كذلك أن تتحالف قوى سياسية مع الدعم السريع وتدعي الحياد ولكنها في الحقيقة منحازة للدعم السريع لأسباب يعلمها الجميع؛ موقف مفهوم.
ولكن الذي لا أفهمه هو أن تكون محايد بشكل حقيقي، يعني لا دعامي ولا قحاتي ولكنك لا تستطيع أن تنحاز إلى طرف في هذه الحرب. هذا الموقف غير مفهوم، إن وُجد.
حليم عباس
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
السودان.. حرب بلا معنى
تحدثنا سابقا في هذا المكان عن السر الذي يكمن خلف غياب الأخبار التي تتناول أسماء أدبية من السودان رغم وجود أسماء أدبية لامعة مثل الطيب صالح ومحمد الفيتوري وإبراهيم إسحق وغيرهم، وتوقعت أن يكون هذا الغياب الإعلامي محصوراً فقط في الجانب الثقافي، لكن الذي يظهر جليا الآن هو أن هذا الغياب يشمل جانباً آخر لا يمكن تجاهله وخاصة في العصر التقني المجنون الذي نعيشه ونقصد بذلك الحرب المدنية الشرسة التي تدور رحاها في السودان الآن والذي ذهب ضحيتها حتى هذه اللحظة أكثر من 150000 شخص وشرّدت أكثر من 11 مليون شخص والمشكلة أن القادم أسوأ من ذلك بكثير إذا لم يتحرك العالم لإيقاف هذه الحرب المدمرة.
لا يبدو أن السودان يحمل أهمية كبيرة للغرب الأبيض حيث لم تتحرّك الأمم المتحدة لإيقاف هذه الحرب ولم نر منظمة الصحة العالمية والصليب الأحمر والمنظمات الدولية الأخرى تتمركز في الخرطوم لتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة التي يحتاجها المكلومين هناك. من الجوانب المظلمة في هذه الحرب جرائم الاعتداء الجنسي التي أصبحت بحسب تقرير بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة “منتشرة” في هذه الحرب رغم عدم وجود إحصاءات دقيقة لهذه الاعتداءات بسبب صعوبة حصرها أثناء الحرب وبسبب الخوف الذي يعتري الضحايا من التصريح بها. التعذيب والتجويع والسرقة جرائم أخرى ترتكب يوميا.
وربما يكون هذا الغياب بسبب صعوبة فهم الطبيعة الديموغرافية للسودان؛ حيث يجد البعض صعوبة في التفريق بين الطرفين بنفس الطريقة التي يميزون بها الصراع في غزة، على سبيل المثال، بين قوات الاحتلال الصهيوني الذين يمثّلون الجانب الشرير والفلسطينيين أصحاب الأرض الذين يدافعون عن أرضهم ويقاومون من احتلّها ويمثّلون الجانب المظلوم في هذه الحرب. ويزداد الأمر تعقيدا عندما يجد المتابع انقساما بين السودانيين أنفسهم إلى الدرجة التي يحملون فيها السلاح ضد بعضهم البعض. هذا بالإضافة إلى إشكالات قبلية لا تنتهي بين طرفي الصراع الذي بدأ في 2023 بين قوات الجيش السوداني النظامية التي يقودها عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي بعد اختلاف على مقاسمة السلطة بينهما. خرجت ميليشيا الدعم السريع من رحم قوات الجانجويد التي ارتكبت جرائم حرب في دارفور إبان حكم عمر البشير.
كل حزب يعتقد أنه سيكسب الحرب التي يبدو أنها ستطول. أصابع الاتهام تتجه إلى قوات الدعم السريع في ارتكاب جرائم الاغتصاب الجنسي والتعذيب والتجويع والسرقة في هذه الحرب الأمر الذي يجعل من هذه القوات الطرف الشرّير الظالم أمام العالم لأن الذي يرتكب هذه الجرائم والحماقات ضد مواطنيه لا يستحق أن يحكم أو يشارك في حكم هذا الوطن. وتتضح الأمور أكثر لدى المتابع البعيد من خارج السودان عندما يعرف حقيقة الدعم الذي يأتي من جهات خارجية تسعى لتحقيق مآربها التجارية الخاصة التي لا علاقة لها بالسودان. أما قادة الجيش النظامي فهم في ورطة لأنهم إن قدّموا التنازلات للميليشيا خسروا الوطن، وإن قاتلوها فستستمر هذه الحرب التي تؤدي إلى ذات النتيجة.
khaledalawadh @