هل تقوم تركيا بما يكفي للسيطرة على التضخم المرتفع؟
تاريخ النشر: 5th, October 2024 GMT
الاقتصاد نيوز - متابعة
رغم تباطؤه في ايلول، ما زال التضخم في تركيا مرتفعا بشكل خارج عن السيطرة، في ظل إحجام الحكومة عن اتخاذ قرارات صعبة قادرة على لجم ارتفاع الأسعار، بحسب محللين.
وعانت تركيا على مدى العامين الماضيين تضخما متسارعا، بلغ ذروته عند معدل سنوي هو 85.5 بالمئة في أكتوبر 2022، و75.45 بالمئة في ايار الماضي.
وأفادت البيانات الرسمية الخميس بانخفاض معدل التضخم السنوي إلى 49.38 بالمئة في سبتمبر.
إلا أن إحصاءات مجموعة ENAG المؤلفة من اقتصاديين مستقلين، أشارت إلى أن معدل التضخم السنوي في الشهر ذاته وصل إلى 88.6 بالمئة.
وسبق لوزير المال التركي محمد شيمشك أن أكد في تصريحات سابقة أن حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان تأمل في خفض التضخم الى 17.6 بالمئة نهاية العام 2025، وما دون 10 بالمئة عام 2026.
وأشاد أردوغان حديثا بالمسار التراجعي للتضخم، مشددا على أن "الأوقات الصعبة باتت خلفنا".
إلا أن خبراء اقتصاديين حاورتهم وكالة "فرانس برس"، يعتبرون أن ارتفاع أسعار الاستهلاك في تركيا بات "مزمنا"، وتزيده سوءا بعض السياسات الحكومية.
وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة مرمرة، محمد شيمشان إن "الانخفاض الراهن يعود حصرا إلى تأثير القاعدة (التي يحتسب على أساسها التضخم). ارتفاع الأسعار شهريا ما زال كبيرا، ويبلغ 2.97 بالمئة في تركيا و3.9 بالمئة في اسطنبول".
وعلى عكس السياسة التقليدية برفع معدلات الفوائد لمكافحة التضخم، لطالما دافع أردوغان عن سياسة خفض الفوائد، معللا ذلك بالشريعة الإسلامية التي تحظر الربا.
وتسبب ذلك بانخفاض متزايد في قيمة الليرة التركية، ما ساهم بدوره في ارتفاع التضخم.
لكن بعد إعادة انتخابه رئيسا في مايو 2023، أطلق أردوغان يد المصرف المركزي لرفع معدلات الفائدة الأساسية من 8.5 إلى 50 بالمئة، بين يونيو 2023 ومارس 2024.
وأبقى المصرف معدلاته دون تغيير في سبتمبر للشهر السادس تواليا.
وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة قادر هاس إرينتش يلدان إن "مكافحة التضخم تتمحور حول أولويات القطاع المالي. نتيجة لذلك، تجري الأمور بطريقة غير مباشرة وتولّد حالة من عدم اليقين".
وشدد أستاذ الاقتصاد في جامعة كارادينيز التقنية يعقوب كوتشوكال على أن رفع معدلات الفوائد لا يكفي لكبح التضخم ما لم يقترن بمعالجة العجز الضخم في الميزانية، مشيرا الى أنه يبلغ مستوى قياسيا هو 129,6 مليار ليرة (3.79 مليارات دولار).
وأوضح أن وزير المال شيمشك "يقول إن هذا يعود الى الانفاق المرتبط بإعادة إعمار المناطق التي تضررت جراء زلزال فبراير 2023"، في إشارة الى الكارثة التي راح ضحيتها أكثر من 53 ألف شخص.
وتابع "لكن الثقب الأسود الفعلي يعود الى عقود الشراكة المكلفة بين القطاعين العام والخاص"، في إشارة الى عقود لتطوير البنى التحتية يقول منتقدوها إنها غالبا ما تؤول الى شركات على صلة وثيقة بحكومة إردوغان.
وتشمل هذه العقود كلفة بناء وإدارة مختلف البنى التحتية من الطرق السريعة والجسور الى المستشفيات والمطارات، وغالبا ما تكون مصحوبة بضمانات سخية مثل تعويضات حكومية إذا كان معدل استخدامها دون المتوقع.
وشدد كوتشوكال على أنه "يجب أن نشكك بهذه العقود التي تشكّل عبئا على الميزانية لأن هذه التعويضات مرتبطة بالدولار أو باليورو".
وغالبا ما تنعكس إجراءات مكافحة التضخم سلبا على الأسر ذات الدخل المنخفض، علما أن الحد الأدنى للأجور لم يتم رفعه منذ يناير، وفق كوتشوكال الذي أكد أن "القوة الشرائية لهؤلاء متدنية أساسا".
وتابع "بغرض خفض الطلب، على هذه الاجراءات أن تستهدف المجموعات ذات الدخل الأعلى، لكن بالكاد يوجد ما يؤثر عليها".
من جهته، اعتبر يلدان أن "إجراءات التقشف" التي شملت على سبيل المثال إلغاء خدمات التنظيف في المدارس الرسمية، تضر بالفئات الأكثر حرمانا وتعزز عدم المساواة، مشيرا الى أنه من المحبذ فرض "ضريبة على الثروة، التعاملات المالية وإيرادات العقار".
لكنه لفت الى صعوبة تحقيق ذلك نظرا إلى أن حزب العدالة والتنمية الحاكم يعوّل على دعم "شركات موالية للحكومة" فازت بعقود البنى التحتية.
وفق دراسة أعدتها جامعة كوش، تتوقع الأسر أن يبلغ التضخم السنوي نسبة 94 بالمئة بحلول نهاية السنة، أي أعلى بكثير من توقعات المصرف المركزي.
ورأى شيمشان أن "ارتفاع الأسعار الذي تعانيه الطبقات المتوسطة والدنيا محزن للغاية لأنه يشمل منتجات أساسية وخدمات مثل الغذاء والسكن والتعليم، حيث يبقى التضخم بالغ الارتفاع".
وأشار مراقبون إلى أن عدم اليقين بشأن المستقبل يساهم أيضا في ارتفاع الأسعار لأن التجار يحاولون أن يأخذوا في الاعتبار التكاليف المستقبلية.
وقال يلدان "التضخم بات هيكليا ومستمرا في تركيا. في غياب إصلاحات هيكلية، سنكون عالقين في حلقة مفرغة كما كنا عليه في التسعينات".
المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز
كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار ارتفاع الأسعار بالمئة فی فی ترکیا
إقرأ أيضاً:
أردوغان يدعو لوقف الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة
دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لوقف فوري ودائم لإطلاق النار في قطاع غزة، حيث يتعرض الفلسطينيون لإبادة جماعية ترتكبها دولة الاحتلال منذ أكثر من عام.
وقال أردوغان، خلال مشاركته الاثنين، في جلسة "الشمول الاجتماعي ومكافحة الجوع والفقر" التي عقدت على هامش قمة قادة دول مجموعة العشرين في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، "نحن أمام الكارثة الإنسانية في غزة، أجدد دعوتي لوقف فوري ودائم لإطلاق النار".
وأضاف أن خطر المجاعة في قطاع غزة جراء الحصار الإسرائيلي "وصل إلى مستوى كارثي" بحسب التصنيفات الدولية، مبينا أن 96 بالمئة من سكان القطاع، أي أكثر من مليوني شخص، لا يستطيعون الوصول إلى الغذاء الصحي والمياه النظيفة.
وأكد أن تركيا قدمت أكثر من 86 ألف طن من المساعدات إلى قطاع غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، وأن مساعدات أنقرة المقدّمة إلى لبنان تجاوزت 1300 طن.
وأردف الرئيس التركي، أنه مع تزايد الهجمات الإسرائيلية واقتراب فصل الشتاء، تتدهور أوضاع الفلسطينيين بقطاع غزة يوماً بعد يوم.
من جانب آخر، قال أردوغان إن الجهود المبذولة لتحقيق "أهداف التنمية المستدامة لعام 2030" التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل 9 سنوات، لم تسفر بعد عن النتائج المرجوة.
ولفت إلى أن واحدا من كل 10 أشخاص في العالم يعانون من الجوع، مبينا أن تركيا تمثل إرثاً يرى أن من واجبها مساعدة أي شخص محتاج في أي مكان في العالم، ضمن حدود إمكاناتها.
وأكد أن تركيا تخصص منذ العام 2015 ما يقرب من 1 بالمئة من دخلها القومي لصالح المساعدات الإنسانية، مشددا على وجوب عدم ترك المدنيين الذين تتعرض حياتهم للخطر في الصراعات القائمة بالشرق الأوسط وإفريقيا وآسيا، وخاصة في غزة، يواجهون مصيرهم بمفردهم.
كما تطرق الرئيس التركي إلى مشروع "صفر نفايات" الذي تقوده عقيلته أمينة أردوغان، قائلا، "المشروع يهدف إلى منع التلوث البيئي ونشر ثقافة الادخار، وسرعان ما أصبح حركة عالمية".
وأضاف: "تم إعلان يوم 30 مارس يوماً عالمياً لصفر نفايات من قبل الأمم المتحدة. أعتقد أن التحالف العالمي ضد الجوع والفقر يجب أن يدرج الحد من هدر الطعام ومبادرة صفر نفايات بين أولوياته".
وأكد استعداد تركيا للتعاون من أجل خلق عالم يحصل فيه كل طفل وكل شاب وكل شخص مسن على الغذاء الكافي والصحي.