بوابة الوفد:
2024-10-05@18:20:26 GMT

لا مُشاحَّة فى الذوق

تاريخ النشر: 5th, October 2024 GMT

طالت المناقشة بينى وبين أحد الأصدقاء عن معنى الجمال ومعياره وما المثال الأعلى له، حيث يرى صديقى أن ثمة معيارًا للجمال لا يختلف عليه اثنان، فيما كنت أرى أن الجمال حتمًا أمر نسبى يختلف من شخص لآخر وفقًا لاعتبارات عديدة تتعلق بتكوينه الثقافى وانتمائه العرقى والدينى بل تختلف باختلاف المكان والزمان، وضربت له مثلًا بتعلق البعض بالجمال الأشقر فيما يهيم آخرون عشقًا بالسمراوات، وذكَّرته بأنه فى بدايات العشرينات كان معيار المرأة الجميلة كان ذات القوام الممتلئ، فيما تحولت الدفة الآن لصالح القوام الرشيق أو «الفرنسى» قلبًا وقالبًا، مختتمًا حديثى له: «يا صديقى، لا مُشاحَّة فى الذوق».

والحقيقة أن المرة الأولى سمعت فيها تلك العبارة كانت بين جدران مدرج «غربال» بكلية آداب عين شمس وكان قائلها هو المرحوم د. عز الدين إسماعيل، أستاذ النقد الأدبى بقسم اللغة العربية، عميد كلية الآداب الأسبق، فى سياق محاضرة عن علم الجمال وأساسياته باعتباره مبحثًا فلسفيًا فيما يسمى بالاستاطيقا التى تختص بدراسة المحسوسات عمومًا.

 وإذا نظرنا للمعنى اللغوى لجملة «لا مُشاحَّة فى الذوق» فإنه يعنى «لا مناقشة» أو «لا مماحكة» أو «لا جدال» فيما يختص بالذوق، أى أنه ببساطة ليس هناك نمط بعينه يجب الاحتذاء به للحكم على ذوق إنسان ما، فللإنسان أن يبدع كما يشاء فى مجالات الأدب والفن عمومًا، فلكل فنان أسبابه الإبداعية ولكل تيار فنى أو أدبى معاييره الخاصة، باعتبار أن الذوق هو ملك صاحبه ككائن بشرى، ذو ذائقة شخصية تماثل بصمته الخاصة فيما تراه حواسه جميلًا.

وبعيدًا عن مدارات فلسفة الجمال، والتعصب لرأى دون آخر فيما يراه البعض نسبيًا وما يراه البعض غير نسبى وما يراه آخرون بأن الجمال لا يتعلق بالشىء نفسه بقدر ما يتعلق بعين المتلقى وترجمته لما يراه وفقًا لتكوينه الذاتى الخاضع لاعتبارات النشأة والثقافة بل المجتمع والعصر الذى يعيش فيه، وما يراه فريق آخر بأن ثمة ما يسمى بالذائقة الجمعية التى يتكوّن لديها شبه إجماع على المثال الفائق للجمال، فإننى أجد أن كل وجهة نظر لها وجاهتها وتمثل جهدًا فلسفيًا يجبر المرء على الإعجاب به لما يمثله من رغبة إنسانية دؤوب لفهم العالم بما يحتويه من مدركات ومحسوسات. 

وفى الحقيقة، فإن تلك العبارة تندرج أيضًا على كل ما يتصل بحياة الإنسان بصفة عامة، فلا ينبغى فرض ذوق بعينه سواء فيما تسمعه أو تشاهده أو تتذوقه أو حتى ما تشجعه رياضيًا، فبعض الناس يعشقون تناول أكلات بعينها قد لا تطيق اشتمام رائحتها من الأساس، فيما يحب آخرون مشاهدة فنان كوميدى معين دون آخر، أو تفضيل مغنٍ بعينه على آخر، وأذكر فى هذا المقام أحد الإخوة الليبيين وهو يتعجب من عشق المصريين خاصة والعرب عامة لكوكب الشرق أم كلثوم قائلًا لي: «شخصيًا لا يطربنى صوت أم كلثوم بل أفضل عليها فيروز صاحبة الصوت العذب» ورغم استهجانى لرأيه فإنه لا غضاضة فى ذلك، فهكذا هم البشر منذ الخليقة مختلفون وأذواقهم مختلفة ولا ينبغى لذلك يومًا ما أن يزعجنا أو يثير حفيظتنا، إذ «لا مُشَاحَّة فى الذوق».

[email protected]

 

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: خارج السرب

إقرأ أيضاً:

رئيس الكتائب: الأولوية اليوم هي لوقف إطلاق النار ووقف التوغل البري الإسرائيلي

اشار رئيس حزب "الكتائب" النائب سامي الجميّل، اليوم الخميس، الى ان "الأولوية اليوم هي لوقف إطلاق النار ووقف التوغل البري الإسرائيلي، وهذا يتطلب أن تتحمل الدولة مسؤوليتها وان يتجاوب "حزب الله" مع الدولة والمبادرة ويقبل بانتشار الجيش على كامل الأراضي اللبنانية".
وقال خلال لقائه النائبين وائل أبو فاعور وراجي السعد، اللذين زاراه في بكفيا، ان "الأهم ألا يكون أحد مكسورا وأن نحضن بعضنا البعض، وان نفهم أن أي حل لا يمكن لأحد أن يقوم به منفردًا، والمطلب هو الاعتراف بشهدائنا وتاريخنا وهذا ما ننادي به منذ عشرات السنين وحان الوقت لنعترف بتضحيات بعضنا البعض والبلد يجب أن يبنى بالشراكة لكن، هناك خطوتان: تثبيت وقف إطلاق النار وإعادة النازحين الى بيوتهم وان تستمر الدولة بالموقف الذي أعلن أمس في لقاء عين التينة"، مشيرا الى ان "رئيس مجلس النواب نبيه بري مسؤول وعليه أن يلعب دورًا مع "حزب الله" في هذا الإطار".


واضاف: "اطّلعنا على الاجتماع الثلاثي الذي بالشكل لم يكن موفقًا، لكن المهم المضمون الذي أقرّت فيه الدولة بفصل المسارات بين لبنان وغزة، وهذه المرة الأولى التي يتم التأكيد فيها على فصل المسار بين لبنان وغزة، إضافة الى التزام الدولة بوقف إطلاق النار وتنفيذ القرار 1701 وهذا أمر مهم جدًا، والمهم أن هذا بات موقف الدولة الرسمي والذي كان محلّ تردّد في المراحل السابقة".   وتابع: "يبقى موضوع قوى الأمر الواقع فالأهم ان يتوقف القتل والدمار، فاللبنانيون مشردون ولا ذنب لهم في ما يحصل فهم ضحايا ما يحصل، ولبنان كله ضحية ما يحصل، وما من لبناني لا يتعرض للأذى، وما يهمنا وقف الحرب وان يعود الناس الى منازلهم".

  كما أكد الجميّل أن "الأولوية الآن أيضًا لوقف التوغل البري الإسرائيلي وهذا يتطلب ان تتحمّل الدولة مسؤوليتها وان يتجاوب "حزب الله" مع الدولة والمبادرة وبأن يقبل بانتشار الجيش على كامل الأراضي اللبنانية وبعد هذه المرحلة لا بد من خطوات كثيرة".

وتابع: "يتم الحديث عن الانتخابات الرئاسية وهذا مطلب أساسي، لكن بعد كل ما حصل لا يمكن الرجوع الى ما قبل 7 تشرين الاول وان نطوي الصفحة ونرقّع ونكمل كما كنا نفعل، ومن غير المسموح لأحد أن يمتلك السلاح ويورط البلد بما يحصل بحرب او ازمات كالتي ندفع ثمنها اليوم".

واردف: "رحمة بكل اللبنانيين وبكل الطوائف والمذاهب هذه المرحلة تتطلب تكاتفًا وطنيا، ممنوع أن يشعر أحد انه مهزوم وعلى الكل ان يستفيد من تجربتنا، فقد مررنا بمرحلة تم فيها اقصاء جزء من اللبنانيين وفشة الخلق بجزء من اللبنانيين، وفي كل مرة يكون هناك أحد رابح وأحد خاسر، والاهم بالنسبة لنا ان نحضن بعضنا البعض وان نفهم أن اي حل سنصل اليه لا يستطيع أحد ان يقوم به لوحده فنحن بحاجة لبعضنا البعض".

وقال: "المطلب لنا بالاعتراف بشهدائنا وبتاريخنا، وهذا الامر كنا ننادي به باستمرار، ولقد حان اليوم الوقت للاعتراف به وان نعترف بتضحيات بعضنا البعض"، مؤكدا أن "علينا الاعتراف أن البلد من الآن وصاعدًا يجب ان يبنى بالشراكة وبالمساواة وعلى أسس جديدة ولكي نصل الى هذه المرحلة هناك خطوتان هما: تثبيت وقف إطلاق النار، حماية لبنان وإعادة النازحين الى بيوتهم وأن تستمر الدولة بالموقف الذي أعلنه أمس، وبري مسؤول، وعليه أن يلعب دورًا مع "حزب الله" من ثم علينا ان نتعلم من تجاربنا كيف يعيش أبناؤنا بازدهار وبصفحة مشرقة من تاريخ بلدنا".

ولفت الى "أننا لن نتوقف عند الشكل فبقدر ما كان مزعجًا، إنما المهم الموقف الرسمي وأن لبنان لا يبنى إلا بالشراكة، ولو كان هناك طرف ناقصا لكننا نتواصل مع المعارضة وكل الأفرقاء ونحاول ان نضع الايجابيات والدفع بأن يهدأ البلد ويبنى على أسس متينة وليس كما حصل في السابق".


بدوره، قال أبو فاعور: "حضرنا بعد الاجتماع الثلاثي الذي عقد أمس في عين التينة بين بري وميقاتي وجنبلاط والذي اقترح الى حد ما خريطة طريق تقوم على ما يلي: "تطبيق القرار 1701 وإرسال الجيش اللبناني الى الجنوب، والمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار بسردية مختلفة عن التي يقدّمها العدو الاسرائيلي، وانتخاب رئيس ميثاقي يطمئن هواجس الجميع".

وشدد على أن "مسألة النازحين مسؤوليتنا الوطنية، ويجب ان نراعي أن المسألة تحتاج إضافة إلى الدولة الى احتضان من كل المكونات الوطنية.

وأوضح أبو فاعور أنه "لو كانت الفكرة من لقاء عين التينة خلق اصطفاف جديد ما كنت لأكون موجودًا اليوم هنا، ولما كان ميقاتي ليزور البطريرك الراعي اليوم، فهدف الزيارات هو التأكيد اننا نبحث عن قاعدة وطنية لهذا الاتفاق، انما بسياق التحضير للقاء تم النقاش انه يجب أن يكون هناك شخصية مسيحية ولكن من هي الشخصية المسيحية التي كان يجب أن تدعى للقاء تخلق إجماعًا مسيحيًا؟".

وختم: "تم طرح أكثر من صيغة إنما تم الاستعاضة عنها بتوجيه نداء الى الشركاء في الوطن للتلاقي والالتقاء حول كذا وكذا، إذًا ما من نية لإقصاء أحد، وطمأنت الشيخ سامي وأطمئنه أمام وسائل الاعلام ووجودنا في بكفيا وفي معراب انا والصديق راجي السعد دليل على ألا خلاص إلا بموقف إجماعي يضم الكل وإن شاء الله يزيّنه الشيخ سامي وباقي القوى السياسية".

مقالات مشابهة

  • رئيس وزراء لبنان الأسبق: المواقف الأمريكية «مائعة» فيما يخص العدوان الإسرائيلي
  • البابا يصدر إرادة رسولية جديدة بعنوان "الجمال الحقيقي"
  • كامل الاستغراب لتهافت البعض في نشر بعض تفاصيل المعركة المضرة للغاية وخصوصا فيما يتعلق بالاسري
  • علماء يكتشفون نظاما نجميا ثلاثيا فريدا من نوعه
  • فاستخف قومه فأطاعوه
  • فواتير الخيانة: حان وقت السداد
  • ماكرون يحطم الأرقام القياسية فيما يتعلق بعدم الشعبية
  • رئيس الكتائب: الأولوية اليوم هي لوقف إطلاق النار ووقف التوغل البري الإسرائيلي
  • أخيرا.. أساتذة كلية الطب والصيدلة يخرجون عن صمتهم ويعبرون عن رأيهم فيما وقع ويقع بكلياتهم