عبقرية الإعلام المصرى على أرض الميدان
تاريخ النشر: 5th, October 2024 GMT
شهدت مصر منذ عام ١٩٦٧م حقبة زمنية لن تمحى من ذاكرة المصريين جميعًا، سيطرت خلالها حالة من الترقب بعد أن اتضحت حقيقة النوايا الإسرائيلية التى كشفت حرب ١٩٦٧م عن كثير من أطماعها التوسعية، وقد كان لعبقرية التخطيط الإعلامى، الذى تم باتباع الأسلوب العلمى الممنهج والأداء المهنى الدقيق، ما حقق التمهيد السياسى لحرب أكتوبر ١٩٧٣م، وكذلك استخدام الإعلام المصرى على أسس سليمة فى رأب الصدع بالشارع المصرى بعد النكسة، وفى تقبل الرأى العالمى لحرب مقبلة لا محالة، فكان قرار الحرب.
ومن هذا المنطلق تحرك الإعلام الحربى المصرى ووجه نشاطه لكشف حقيقة النوايا التوسعية لإسرائيل والتى كشفت حرب يونيه ١٩٦٧م عن كثير من أطماعها، كما استطاع الإعلام الحربى المصرى من خلال برامجه فى الوسائل المرئية والمقروءة والمسموعة أن يتجه إلى الشارع المصرى بما يمثله من تيارات فكرية وعقائدية متنوعة وخصائص وسمات مختلفة، وأصبح الهدف الذى يسعى الإعلام الحربى إلى تحقيقه واضحًا تمامًا، كما أصبح مضمون الرسالة الإعلامية لا غموض فيه، فهى موجهة أساسًا نحو الغد.
وكان للإعلام العسكرى الحربى الدور الأكبر فى تنفيذ خطة الخداع الإستراتيجى التى تم التخطيط لها عسكريًا وتنفيذها بمنتهى الدقة لتحقيق عنصر المفاجأة فى اتخاذ قرار الحرب، وفى هذا الإطار تم تسخير كل وسائل الإعلام المصرى لنشر الأخبار وإذاعة خطابات القادة العسكريين، ونشر مقالات لكبار الكتاب فى الدولة؛ كلها تؤكد عدم نية القيادة السياسية دخول أى حروب أو خوض أية مواجهات عسكرية، فكانت الأخبار التى تم تداولها عن تسريح الجنود المصريين، ورحلات العمرة لكبار قيادات الجيش قبيل شهر رمضان، وكانت البيانات العسكرية كلها تؤكد عدم الاستعداد لدخول الحرب، وكان الهدف أن تتم تهيئة العدو الإسرائيلى وإيهام الجانب الدولى الذى يدعمه اقتصاديًا وعسكريًا أن الجيش المصرى فى حالة استرخاء، وغير مستعد، وليس لديه أية قدرة على المواجهة، لتكون المفاجأة؛ وقد كانت فى تمام الساعة الثانية ظهرًا يوم السادس من أكتوبر عام ١٩٧٣.. وكان النصر العظيم.
وبذلك فإن الإعلام المصرى طوال فترة الحرب، قد خاض حربًا من نوع خاص، حربًا ضروسًا من أجل النصر، كما كان الهدف الرئيس للإعلام الحربى المصرى أثناء حرب أكتوبر المجيدة هو التغلب على النتائج المعنوية والنفسية التى خلفتها حرب ١٩٦٧م، والقضاء على أسطورة التفوق الحربى الإسرائيلى الذى لا يمكن التغلب عليه، وإثبات كفاءة الجندى المصرى فى القتال، وقدرته على الإعداد والتخطيط لمعركة مثالية يخرج منها منتصرًا؛ وقد كان.
وفى النهاية، فقد كانت عبقرية الإعلام الحربى المصرى الذى نجح فى رأب صدع هزيمة الأمس إبان نكسة ١٩٦٧م، وغرس أمل اليوم من خلال إعادة ثقة الشارع المصرى فى قدراته، وخلق تطلعات الغد فى تحقيق النصر واستعادة الأرض؛ فاستحق الإعلام الحربى المصرى خلال حرب أكتوبر ١٩٧٣م أن يطلق عليه بكل جدارة «إعلام أمس واليوم وغدا»..
أستاذ الإعلام المساعد بكلية الآداب–جامعة المنصورة
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: د أحمد عثمان مصر ذاكرة المصريين الإعلام المصرى
إقرأ أيضاً:
منتدى الإعلام السوداني: مقتل (13) صحفيا.. لن ننسى ولن نغفر والقصاص قادم
يستضيف مقر الاتحاد الافريقي بالعاصمة الاثيوبية اديس ابابا يومي الاربعاء والخميس، السادس والسابع من هذا الشهر، الفعالية الرئيسة للاحتفال باليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، تحت شعار: سلامة الصحفيين خلال الأزمات وحالات الطوارئ.
الافتتاحية المشتركة
التاريخ: 6 نوفمبر 2024
يستضيف مقر الاتحاد الافريقي بالعاصمة الاثيوبية اديس ابابا يومي الاربعاء والخميس، السادس والسابع من هذا الشهر، الفعالية الرئيسة للاحتفال باليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، تحت شعار: سلامة الصحفيين خلال الأزمات وحالات الطوارئ.
لقد شهد السودان خلال الحرب الحالية بحسب نقابة الصحفيين السودانيين مقتل ثلاثة عشر صحفيا بينهم صحفيتان أثناء ممارستهم مهنتهم المقدسة، إما بالقتل المباشر المتعمد، أو نتيجة القيام بعمليات عسكرية في المناطق المدنية دون وضع أي اعتبار لسلامة المدنيين، ومن بينهم الصحفيين. كما يتعرض الصحفيون والصحفيات الذين يعملون على تغطية وقائع الحرب لانتهاكات خطيرة من الاطراف المتقاتلة تشمل الاعتقال والتعذيب والتهديد بالقتل والعنف الجنسي والإخفاء القسري، بجانب المنع من التغطية المتوازنة واتهامات التخوين، ما يجعلهم عرضة للخطر.
السودانيون والسودانيات في حاجة لمعرفة ما يدور في بلادهم وهو حق مقدس، مثلما هو واجب مهني وأخلاقي ووطني على الصحفيين والصحفيات، وهو اساس مهنة الصحافة ورأسمالها واساسها المتين، وتشتد الحاجة في أوقات الحروب والكوارث للتغطية المهنية المتوازنة حتى يستطيع الجمهور تحديد مواقفه وممارسة تأثيره على صانعي القرار لاتخاذ الخطوات الصحيحة لوقف الحرب والاتجاه نحو السلام.
يعمل الصحفيون والصحفيات السودانيين اليوم في ظل ظروف بالغة التعقيد تفتقر لأبسط مقومات الأمن والسلامة، ويقدمون تضحيات كبيرة في سبيل تأدية واجبهم المهني، ويواجهون محاولات التعمية والتغطية وإخفاء الحقائق، والضغوط والإغراءات لتشويه الحقائق لإرضاء أحد الاطراف وتغليب وجهة نظره، ويدفعون ثمنا غاليا للتمسك بالقيم المهنية والاخلاقية للعمل الصحفي.
وفي هذه الاحتفالية باليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، نتذكر زملائنا الثلاثة عشرة الذين قتلوا خلال هذه الحرب ضمن عشرات الالاف من المدنيين، ونشدد على ضرورة ردع مرتكبي الجرائم ضد الصحفيين ومحاسبتهم على جرائمهم وعدم السماح بإفلاتهم من العقاب.
وفي هذا اليوم الدولي يراجع الصحفيون والإعلاميون ايضا مع المنظمات الدولية والإقليمية والمهتمين بحقوق الإنسان في العالم الخطوات التي تتبعها الدول والمنظمات لضمان عدم إفلات مرتكبي الجرائم والانتهاكات ضد الصحفيين، وملاحقتهم، بما في ذلك وضع القوانين اللازمة لذلك وتعديل القوانين الموجودة لتكون أكثر صرامة، واتخاذ خطوات فعلية من أجهزة تطبيق القانون لتنفيذ هذا الالتزام.
وبهذه المناسبة، نؤكد نحن في منتدى الإعلام السوداني، ان بلدنا السودان لايزال بعيدا عن هذا الالتزام، وعن أي محاولة جادة لضمان سلامة الصحفيين والصحفيات وضمان حقهم في ممارسة عملهم في جو يضمن أمنهم وسلامتهم، بل أن الدولة تتخذ كثير من الخطوات التي تعرقل عمل الصحفيين والصحفيات وتهدد أمنهم وسلامتهم، وتشجع على الانتهاكات والجرائم التي ترتكب ضدهم. بالإضافة إلى ذلك، نلاحظ بقلق الاعتداء العشوائي الذي شنته قوات الدعم السريع والجماعات التابعة لها ضد الصحفيين الذين يغطون الهجمات المتعمدة ضد المدنيين والصحفيين على حد سواء.
يجب أن تتوقف هذه الجرائم والانتهاكات، ونحث المجتمع الدولي على بذل المزيد من الجهود للضغط على الأطراف المتحاربة لاحترام حرية الصحافة والحق في التغطية الإعلامية.
وفي هذا اليوم نجدد العزم في منتدى الإعلام السوداني بالوقوف بصلابة ضد محاولات ترهيب الصحفيين والصحفيات ومنعهم من أداء مهنتهم، والضغط والتواصل مع المنظمات الإقليمية والدولية للضغط على أطراف الحرب لضمان سلامة الصحفيين والصحفيات والتشديد على ضرورة إنهاء حالة الإفلات من العقاب ومحاسبة المجرمين والمنتهكين.
ولن يتحقق ذلك إلا بالعمل الجاد لفضح الانتهاكات والجرائم المصاحبة للحرب، خاصة تلك التي ترتكب ضد الصحفيين والصحفيات، والتضامن فيما بينهم لنصرة كل فرد منهم يتعرض لهذه الانتهاكات.
أخيرا، نجدد نحن في منتدى الإعلام السوداني تأكيدنا والتزامنا القوي والصارم بالعمل وفقا لمعايير وقواعد الصحافة المهنية والاخلاقية مهتدين في ذلك بإرشاداتنا التحريرية ووثيقة قواعد التغطية الاعلامية والصحفية في زمن الحرب المجازة من المنتدى، في سبيل تمليك الحقائق الموثوقة للشعب السوداني، وضمان حصوله المستمر على المعلومات والاخبار الصحيحة، والدقيقة، والمنصفة، والمستقلة.
الرحمة والمغفرة لشهداء الصحافة السودانية، الشفاء العاجل للمصابين، الحرية للمعتقلين والمختفين قسريا.
منتدى الإعلام السوداني
6 نوفمبر 2024
Tarig Algazoli