بوابة الوفد:
2025-03-11@12:00:34 GMT

الاستثمار فى رأس المال البشرى

تاريخ النشر: 5th, October 2024 GMT

فى عالم يتسم بالتغير السريع والتنافسية الشديدة، أصبح الاستثمار فى رأس المال البشرى ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة والتقدم الاقتصادى. مصر، بوعيها المتزايد بأهمية هذا النوع من الاستثمار، بدأت فى اتخاذ خطوات جادة لتعزيز هذا المجال عبر مختلف القطاعات، إيماناً منها بأن هذا الاستثمار هو مفتاح مستقبلها.

فالاستثمار فى تطوير المهارات والقدرات البشرية لها انعكاسات إيجابية عديدة كزيادة الإنتاجية والإبداع، وتحسين جودة المنتجات والخدمات، فضلاً عن جذب الاستثمارات الأجنبية، وخلق فرص العمل الجديدة، وخفض معدلات البطالة وتحسين مستوى المعيشة.

تسعى مصر جاهدة لتحسين جودة التعليم باعتباره اللبنة الأساسية لبناء مجتمع قادر على مواجهة تحديات المستقبل، وتعمل الخطط الوطنية لتطوير المناهج الدراسية لتكون مواكبة للتطورات العالمية، وتحديث البنية التحتية التعليمية، وتوفير التكنولوجيا الحديثة فى المرافق المدرسية. كما تركز الحكومة على تدريب المعلمين وتأهيلهم لاستخدام الأساليب التربوية الحديثة، بالإضافة إلى تشجيع البحث العلمى والابتكار فى المؤسسات التعليمية. هذه الجهود مجتمعة تهدف إلى خلق بيئة تعليمية محفزة وداعمة تمكن الطلاب من المساهمة فى نمو وتطور المجتمع.

البحث العلمى يمثل حجر الزاوية فى مساعى مصر للتحول إلى اقتصاد المعرفة فهو محرك الابتكار والتطور. فى عام 2023، خصصت الحكومة 0.72% من الناتج المحلى الإجمالى للبحث والتطوير. شملت استثمارات الحكومة إنشاء مراكز بحثية متقدمة وتشجيع المؤسسات العلمية على إجراء الأبحاث والدراسات المتنوعة، لتدعيم الابتكار والبحث العلمى.

كما تعكف مصر على خلق بيئة داعمة لريادة الأعمال والابتكار، من خلال توفير حاضنات الأعمال ودعم رواد الأعمال الشباب، إلى جانب البرامج التمويلية للشركات الناشئة لمساعدتها على النمو والتوسع. هذه المبادرات تسهم فى تحويل الأفكار المبتكرة إلى مشاريع واقعية تساهم فى تنمية الاقتصاد الوطنى وتوفير فرص عمل جديدة، ودعم النمو الاقتصادى المستدام.

وفى عصر تتسارع فيه وتيرة التقدم التكنولوجى، أصبح تطوير المهارات الرقمية أمراً حتمياً، لذا، تقوم مصر بتنفيذ برامج تدريبية شاملة تهدف إلى تأهيل المواطنين للعمل فى السوق الرقمية العالمية، وتدعيم تنافسية الاقتصاد المصرى على المستوى الدولى. وتتبنى الحكومة المصرية شراكات مع مؤسسات تعليمية دولية وشركات تكنولوجيا رائدة لتوفير أحدث المناهج والموارد التدريبية، بما فى ذلك التعلم عن بعد والدورات المكثفة فى مجالات مثل البرمجة، وتحليل البيانات، والأمن السيبرانى. تسعى هذه المبادرات إلى سد الفجوة الرقمية وتحقيق شمولية رقمية تضمن لجميع المواطنين فرصًا متساوية للاستفادة من الثورة الرقمية.

وفيما يخص الرعاية الصحية والاجتماعية، وهى عوامل أساسية مساهمة فى تحسين صحة وإنتاجية الأفراد، خصصت الحكومة فى عام 2024، نحو 4.8% من الناتج المحلى الإجمالى، وهو ما يعكس استثمارًا كبيرًا فى صحة السكان، كما أن الحكومة تعمل على توسيع نطاق التغطية الصحية لتشمل المناطق الريفية والنائية، ما يضمن وصول خدمات الرعاية الصحية إلى جميع المواطنين. بالإضافة إلى ذلك، تم إطلاق مبادرات عديدة لتعزيز الصحة الوقائية والتوعية بالأمراض المزمنة، وذلك من خلال حملات صحية مكثفة وبرامج تطعيم واسعة النطاق. هذه الجهود تأتى فى إطار رؤية شاملة تهدف إلى تحسين جودة الحياة وتقليل معدلات الأمراض، والإسهام فى رفع مستوى الإنتاجية العامة وتعزيز التنمية المستدامة فى البلاد.

وبالرغم من هذه الجهود الكبيرة، تواجه مصر تحديات عديدة فى هذا المجال. يعتبر التمويل أحد أكبر هذه التحديات، حيث يتطلب الاستثمار فى تطوير القدرات البشرية مبالغ مالية ضخمة. تعانى مصر من نقص فى بعض المهارات المتخصصة، وهو ما يشكل تحديًا لتنمية اقتصادها، كما أن البيروقراطية ما زالت من بين العوامل المعيقة لعملية الاستثمار فى تطوير القدرات البشرية، بالإضافة إلى ذلك، يعد التسرب من التعليم من العوامل التى تؤثر سلبًا على تطوير القدرات البشرية، حيث إن نحو 6% من الطلاب فى مصر يتركون التعليم قبل إتمام المرحلة الثانوية، وأن نحو 30-40% من الطلاب الذين يكملون الثانوية العامة يلتحقون بالتعليم العالى، وهى عقبات تحتاج إلى حلول مبتكرة.

تجاوز هذه التحديات يتطلب نهجاً تعاونياً مُنسقاً على المستوى الوطنى، فالاستثمار فى رأس المال البشرى ليس فقط ضرورة لتحقيق التقدم فى مصر، بل هو ضرورة استراتيجية لتحقيق التحول الاقتصادى والاجتماعى المطلوب. جهود الحكومة، رغم كونها جديرة بالإشادة، يجب أن تتعزز بتعاون جميع مكونات المجتمع. النهج الموحد يمكن أن يمهد الطريق لمستقبل تضع فيه مصر نفسها فى موقع ريادى. ولكن الطريق إلى التقدم ملىء بالتحديات.

لضمان نجاح وتوسع الجهود الوطنية، ينبغى على راسمى السياسات التساؤل: كيف يمكننا تحقيق استدامة هذه المبادرات وتوسيع نطاق تأثيرها؟ وكيف يمكن للقطاع الخاص والمجتمع المدنى أن يزيدا من مشاركتهما فى مشروعات التعليم والتدريب؟ وهل يمكن أن نرى نماذج تعاون جديدة تساهم فى تسريع عجلة التقدم؟ وكيف يمكن تأمين مصادر تمويل مستدامة لدعم المبادرات التعليمية؟ وكيف يمكن بناء ثقافة الابتكار وريادة الأعمال بين الشباب؟ الإجابة عن مثل هذه التساؤلات سيكون لهما أثر كبير على مستقبل التنمية فى مصر.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: رأس المال البشري التنمية المستدامة جودة المنتجات فرص العمل الجديدة الاستثمار فى

إقرأ أيضاً:

هل تعيش البشرية حقبة جديدة من العصور الوسطي المظلمة؟

==========

د. فراج الشيخ الفزاري

=======

بشهادة التأريخ ..لا الحرب العالمية الأولى ولا الثانية ولا حروب طروادة ولا الحروب الصليبية..كانت هي الأقسي علي البشرية ..بل فترة العصور الوسطي الممتدة ما ببن القرن الخامس والقرن الخامس عشر الميلادي..فترة هيمنة الكنيسة علي كل شيئ في أوروبا بما فيها الدين والفكر وكرامة الانسان

وبعدها احتاجت البشرية الي عقود من الزمان حتي تتعافي وتتطلع نحو المستقبل وهي تدخل بوابة الألفية الثالثة وهي محصنة بالعلم والتطور التكنولوجي والذكاء الاصطناعي.. وظن العلماء والخبراء وقراء المستقبل بأن همجية الانسان قد توارت وتم تدجينها نفسيا  ووعيا مجتمعيا وعقائديا بتقبل الآخر والعيش في كنف الرعاية الإلهية التي لولاها لابتلع الشر وجودنا البشري منذ حروب اليونان والعرب والفرس والهمج وجحافل التتار وهولاكو وجنكزخان..

لماذا القتل والسحل والتمثيل بالجثث هي اللغة الوحيدة بين المتخاصمين ؟ لماذا دائما أن الآخر هو الجحيم ولابد  الخلاص حتي من رماده؟ هل كان سارتر صادقا عندما قال تلك المقولة وهو في لحظة انغلاق فكري..أم كان واعيا ب ( لاوعي) سيجموند فرويد وهو يختصر الوجود في الصراع المحتوم بين الهدم والبناء  أو الموت والحياة في مسيرة الانسان الذي اتي الي الدنيا بدون خياره..وسيغادرها ايضا بدون خياره..حتي الانتحار ليس خيارا وجوديا بل عدما منطقيا عندما يصبح هو الخيار الوحيد المتاح.

ما يسود عالمنا العربي، الحديث، بالذات من حروب وتصفيات للخصوم خارج دائرة القانون..وبدم بارد لا يتوافر حتي عند القصاب وهو يذبح الشاة التي حللها الله..و في قلبه كل  الرحمة والشفقة... بينما يهلل ويكبر اؤلئك العتاه وهم يفرغون علي رأس وجسد الضحية زخات متتالية من الرصاص المميت دون إكتراث للجسد  المنتفض أمامهم وكأن الإيمان قد نزع من قلوبهم المتوحشة،المتعطشة للانتقام.

في العصور الوسطي...كانت الجرائم بشعة..الحرق والسحل ودق المسامير علي الجسد المنهك..ورغم بشاعتها فقد كانت محصورة بين الأديرة والكنائس والرهبان...ومجالس التفتيش رغم طغيانها كانت تمنح الضحية فرصة العودة والرجوع عن أفكارها الدينية أو الفلسفية ..فعلوا ذلك مع جالليلو...ومع اسبنوزا وغيرهما..فنجوا بأنفسهم  مع احتفاظهم  بالفكر أو العقيدة...

ولكن ما نراه الآن عبر المواقع الأسفورية تقول بأننا نعيش فعلا حقبة جديدة من العصور الوسطي المظلمة....وكأنما التأريخ يعيد أحداثه..ولا أقول نفسه..

العصور الوسطي القديمة حدثت تحت ظروف متردية من الجهل وعدم المعرفة...فقد كان النبلاء يتباهون مع بعضهم بأنه لم يستحم أو يغسل جسده، بما فيها الأماكن الحساسة ،لأكثر من شهر..وأنه لم يستاك لأكثر من سنه فقد كانت رائحة فمه وجسده جاذبة  للحسان ..

كل ذلك بسبب الجهل..وكما قال سقراط فإن عدم المعرفة والحق والفضيلة والعدل هو جهل بمكانتها..

ولكن أن يصبح ذلك والعالم قد دخل بالفعل بوابة الألفية الثالثة..بكل ما تصطحبه في مسيرتها من علوم وفنون وتكنولوجيا.. فإن  تقييم الوضع، يصبح  أكثر  شراسة وهمجية تعود بنا الي حقبة العصور الوسطي في أسوأ مظاهرها الحياتية.

د.فراج الشيخ الفزاري

f.4u4f@hotmail.com  

مقالات مشابهة

  • الأمن العراقي يحرر طفلاً اختطفته عصابة تتاجر بـالأعضاء البشرية
  • برلماني: تطوير المنظومة الجمركية يعزز الشفافية ويحفز الاستثمار
  • حتى لا تذهب البشرية إلى نهاية تاريخها
  • تجديد تعيين الدكتور محمد الأشهب عميدًا لكلية الطب البشرى بجامعة بنها
  • الاستثمار والتنمية في الإسلام
  • مدبولي: الحكومة مهتمة بملف تطوير المنظومة الجمركية كخطوة ضرورية لتعزيز تنافسية الصادرات الوطنية
  • إيران: إنهاء الإعفاءات الأمريكية للعراق جريمة بحق البشرية
  • هل تعيش البشرية حقبة جديدة من العصور الوسطي المظلمة؟
  • برلمانيون يشيدون بتوجه الحكومة للارتقاء برأس المال البشري في الريف
  • هل من مات ساجدا وهو على معصية أفضل من غيره؟ علي جمعة يجيب