على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بمقرها فى نيويورك 22 سبتمبر 2024م، عقدت (قمة المستقبل)، تمخض عنها تبنى (ميثاقًا من أجل المستقبل) يهدف لتحسين أوضاع البشرية على المدى الطويل، بالرغم من معارضة بعض الدول وعلى رأسها روسيا.
يدعو الميثاق إلى تعزيز المؤسسات الدولية متعددة الأطراف فى مواجهة التحديات الحديثة، مثل تغير المناخ والإصلاح المالى ونزع السلاح.
فى خطوة تاريخية نحو رسم مستقبل أفضل للبشرية، تبنت الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة الأحد «ميثاقًا من أجل المستقبل»، بالرغم من معارضة روسيا وبعض حلفائها.
هذا الميثاق يأتى كثمرة لفكرة (قمة المستقبل) التى أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة القوى أنطونيو غوتيريس فى 2021، يهدف إلى إحداث تغيير جذرى فى مسار التاريخ البشرى.
وعقب إقرار النص،علق غوتيريس قائلًا: لقد فتحنا الباب، وعلينا جميعًا عبوره، لأن الأمر لا يتعلق بسماع واحدنا الآخر فحسب، بل أيضًا بالتحرك.
جاءت دعوة غوتيريس للدول إلى إظهار (البصيرة) والشجاعة وأقصى الطموح لتعزيز المؤسسات الدولية التى (عفا عليها الزمن)، ووصف المستشار الألمانى أولاف شولتز الميثاق بأنه (بوصلة) للمسار الذى اختارته بقية العالم، وأرادت روسيا، بدعم من بيلاروسيا وإيران وكوريا الشمالية ونيكاراغوا وسوريا، تقديم تعديل يؤكد أن الأمم المتحدة لا يمكنها التدخل فى الشئون الداخلية للدول، إلا أن غالبية الأعضاء فى الجمعية رفضوا أخذ هذا الاقتراح فى الاعتبار.
يتضمن الميثاق 56 إجراء فى مجالات متنوعة تشمل تعزيز النظام متعدد الأطراف، واحترام ميثاق الأمم المتحدة، والحفاظ على السلام، وإصلاح المؤسسات المالية الدولية ومجلس الأمن، ومكافحة تغير المناخ، ونزع السلاح، وتطوير الذكاء الاصطناعي، ويلتزم القادة من خلال هذا الميثاق (بمواكبة عالم متغير) وصيامة حاجات ومصالح الأجيال الحالية والمستقبلية فى مواجهة أزمات متواصلة.
بالرغم من الترحيب الواسع بالميثاق، أبدى بعض الدبلوماسيين والمحللين تحفظات، أن النص (باهت) و(مخيب للآمال) فى مجال مكافحة تغير المناخ.
وطالبت الدول النامية بالتزامات ملموسة من المؤسسات المالية الدولية، لتسهيل الحصول على تمويل لمواجهة آثار التغير المناخى. وقد عبر رئيس سيراليون عن أمله قائلا: الميثاق يمنحنا أملًا فى مواجهة الحقيقة القاسية التى تواجهها بلاده يوميًا.
يبقى التحدى الأكبر فى تنفيذ هذا الميثاق غير الملزم، خاصة فى ظل الانتهاكات اليومية لبعض المبادئ المطروحة، مثل حماية المدنيين فى النزاعات.
الأمر متروك لقادة العلم (كما قال جوتيريش) لبث الروح فى هذه النصوص، لتحويل الكلمات إلى أفعال، ولاستخدامها من أجل وضع البشرية على طريق أفضل، ووقف الحروب والنزاعات الإقليمية والدولية والقبلية، وحث الدول الكبرى على وقف إرسال الأسلحة إلى الأطراف المتحاربة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: رؤية اليوم اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل
إقرأ أيضاً:
المستقبل الاقتصادى للعلاقات العربية الأمريكية بعد صعود ترامب (١- ١٠)
عودة الرئيس الامريكى دونالد ترامب إلى البيت الابيض عقب فوزه بولاية ثانية فى الانتخابات الأمريكية، التى أجريت قبل أيام لتعلن معها تبعثر أوراق الإقتصاد العالمى فى أغلب الدول خاصة العربية، بسبب السياسات الخاصة المرتبطة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وهى السياسات التى لم يكن معها أى تطور خطى ولم تحرز التقدم المنشود، خاصة فيما يتعلق بكيفية إدارة الاقتصادات الحديثة لمصلحة استقرار الاقتصاد، لذلك فإن مجرى الأحداث تحدده فى النهاية حالات الطوارئ، إذ تظهر المشكلات ثم تحل أو لا تحل، وفى كلتا الحالتين، تمهد الاستجابة للمشكلات الطريق لظهور مشكلة جديدة ومختلفة، لأن الإجراءات المتخذة فى الماضى القريب تركت الاقتصاد أكثر عرضة للخطر فى بعض النواحى. وهو ما سنستعرضه لاحقًا استنادًا على شعار ترامب «أمريكا أولًا»، وهو ما عكس توجهاته تجاه السياسة الاقتصادية الداخلية والخارجية، حيث يتبنى ترامب سياسات تقليص التدخلات الخارجية والتركيز على دعم الصناعات الوطنية، وهو ما سيؤثر بشكل كبير على الإقتصاد العالمى والعربى وأيضًا العلاقات التجارية الدولية والعربية، وقد تتجه الولايات المتحدة، تحت قيادته، إلى تعزيز سياسة الحماية التجارية مع تقليص دورها فى المنظمات الدولية، مما يهدد إستقرار النظام الاقتصادى العالمى الذى يعتمد على التعاون بين القوى الكبرى. لذلك فسوف نتناول التأثير الاقتصادى لصعود الرئيس دونالد ترامب لسدة الحكم فى الولايات المتحدة الأمريكية على الدول العربية.
فعلى الجانب الفلسطينى فإن فوز ترامب يشير إلى أن الولايات المتحدة قد تواصل اتباع سياسة تهميش القضية الفلسطينية على الساحة الدولية، ففى فترته الرئاسية الأولى، أوقف ترامب الدعم المالى لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، كما قلص مساعدات أخرى كانت موجهة للسلطة الفلسطينية، وقد يتوقع الفلسطينيون المزيد من الضغوط الاقتصادية والسياسية فى حال استمرار السياسات الأمريكية الحالية.
وعلى الجانب العراقى فإن فوز ترامب قد يؤثر على الاقتصاد العراقى بعدة نقاط، منها أسعار النفط، والعقوبات على إيران، والاستثمارات الأجنبية، لذا فإن تضييق الخناق الاقتصادى على إيران قد يكون مؤكدًا لأن العراق يعتبر إحدى بوابات إيران، وصول العملة الصعبة إليها قد يؤثر على بورصة العملة الخضراء فيه إذا ما استخدم ترامب أسلوب الضغط، كذلك تأثر العراق فى التجارة مع إيران كونها إحدى مصادر البضائع المختلفة والتى تقدر بمليارات الدولارات سنويا لعل أبرزها الغاز الإيرانى المستخدم فى إنتاج الطاقة الكهربائية، مع السماح فى تجديده كل عام ولمدة ستة أشهر والذى من الممكن أن ينتهى بمنع أمريكيا من استيرادها، بالإضافة إلى احتمالية وجود عرقلة فى التجارة بين البلدين فى ظل الحصار المفروض على إيران والتى قد تتعرض إلى عقوبات أكبر بالتزامن مع الولاية الثانية لترامب، ولكن الأخطر أن الولايات المتحدة ستعمل فى سياستها الجديدة من خلال وزارة الخزانة والبنك الفيدرالي، على تشديد الرقابة على الأموال العراقية ورصد ومراقبة التحويلات المالية لمنع وصولها لجهات إيرانية، مع احتمالية كبيرة فى زيادة فرض العقوبات على بنوك وجهات جديدة عاملة داخل العراق، لأن سياسة ترامب المتوقعة هى ضرب المصالح الإيرانية التى تهدد المصالح الأمريكية، مما قد ينذر باستهداف التيارات العاملة فى العراق والقريبة من الجانب الإيرانى فى الايدلوجية وهو ما سينتج عنه مشاكل ومخاطر أمنية محتملة داخل العراق ستنعكس بشكل مباشر على الواقع الاقتصادى العراقى.. وللحديث بقية إن شاء الله.