أحمد السلماني

 

شهدت الأندية والاتحادات الرياضة في سلطنة عُمان خلال السنوات الأخيرة تراجعًا ملحوظًا في مستوى الأداء والإنجازات على الصعيدين المحلي والدولي، ما أثار تساؤلات عديدة حول أسباب هذا التراجع وسبل معالجته.

وبينما كان الشارع الرياضي يتطلع إلى تحقيق قفزات نوعية في مختلف الألعاب، يبدو أن هناك معوقات هيكلية وإدارية تعيق التقدم المنشود، مما يستدعي نقاشًا جادًا حول مستقبل الرياضة في السلطنة، ومنذ أن ولجنا عالم المؤتمرات واوراق العمل والتي في غالبيتها لم تتجاوز الحبر الذي طبعت به شهدنا هذا العراجع المريع وتكرار الفشل، قبل أسبوعين شاركنا في بطولة وخرجنا بصفر ميداليات والمسلسل مستمر.

تراجع عدد الأندية المشاركة في الجمعيات العمومية

أحد أبرز المؤشرات على هذا التراجع، وصول عدد الأندية المشاركة في الجمعيات العمومية لأحد الاتحادات الرياضية إلى 6 أندية فقط، وهو ما يعكس ضعفًا في التمثيل والمشاركة الفعالة في صنع القرارات الرياضية. وتقلص عدد الأندية في هذه الجمعيات يعني أن قلة فقط تتحكم في المسار الإداري والتنفيذي للاتحادات الرياضية، مما يضعف التنوع والشمولية التي تُعد أساسًا لتطوير الألعاب الرياضية، وأصل الحكاية تقلّص اللعبة وعدد الاندية المفعّلة لها، حتى كرة القدم 28 ناديًا فقط مشاركة في مسابقات الاتحاد العُماني لكرة القدم على مستوى الفريق الأول من أصل 45 ناديًا.

في هذا السياق، نجد أن قلة الموارد المالية للأندية قياسا بحجم الصرف وعدم جاذبية الاندية وبنيتها الأساسية المناسبة يُعد من الأسباب الرئيسية لعزوف العديد من الأندية عن المشاركة الفعالة في الرياضات والمشارحة في كل الألعاب. كما إن ضعف برامج التطوير للأندية وغياب الاستراتيجيات طويلة الأمد أدى إلى تقليص دائرة الأندية المشاركة، تاركة المجال للاتحادات الرياضية لتكون مهيمنة من قبل عدد محدود من الأفراد والغالب منهم لا يملك الفكر المتجدد ولا الإرادة للتوسع وخدمة أهداف الرياضة والوزارة المعنية.

احتكار الاتحادات الرياضية لفئات معينة

لا يمكن إنكار أن هناك احتكارًا واضحًا لبعض الألعاب والاتحادات الرياضية في السلطنة من قبل فئات أو أشخاص بعينهم. هذا الاحتكار، الذي يمتد لسنوات طويلة، ساهم ويساهم في ترسيخ ثقافة الإدارة المغلقة؛ حيث تتولى نفس الشخصيات المهام الإدارية والتنفيذية دون إفساح المجال للكفاءات الجديدة. ينتج عن هذا الاحتكار ركود في الأفكار، ما يؤدي إلى تعطيل الابتكار والتطوير، وبالتالي تراجع الأداء الرياضي العام.

في بعض الألعاب، مثل الجولف والتنس، نشهد تركيزًا وحضورًا لشخوص وفئات محددة دون غيرها، وهو ما ينعكس سلبًا على تنمية المواهب الجديدة التي تتطلب فرصًا متساوية للتألق. هذا الوضع يعيق نمو وتطوير الألعاب ويحد من قدرتها على المنافسة على المستوى المخلي من حيث الانتشار والإقليمي والدولي.

تحديات أخرى تواجه الرياضة العُمانية

إضافة إلى الاحتكار وضعف التمثيل، تفتقر الرياضة العُمانية إلى الدعم المالي المستدام؛ إذ تعاني العديد من الأندية من نقص الموارد، ما يجعلها غير قادرة على توفير الأدوات والتجهيزات اللازمة لتطوير لاعبيها. هذا الوضع يؤدي إلى ضعف النتائج في البطولات الإقليمية والدولية، ويعزز من شعور الشارع الرياضي بالإحباط، فإلى متى؟!

كما إن غياب التخطيط الاستراتيجي من قبل الجهات المختصة يشكل تحديًا رئيسيًا. فبدلًا من وضع خطط واضحة لتطوير الألعاب الرياضية، نجد أن هناك اعتمادًا على الحلول الآنية والقرارات الفردية وردات الفعل، ما يجعل الرياضة العُمانية عرضة للتراجع على المدى الطويل.

سُبل الحل

ولمواجهة هذه التحديات، يجب العمل على عدة مستويات؛ أولًا: من الضروري تعزيز دور الجمعيات العمومية من خلال توسيع قاعدة المشاركة وتشجيع الأندية على المساهمة في تشكيل مستقبل المنافسة الرياضية العُمانية. وثانيًا: يجب تطبيق آليات رقابية أكثر صرامة لمكافحة الاحتكار وضمان تداول المناصب الإدارية في الاتحادات الرياضية وفسح المجال لكفاءات بعضها رحل ووجد نفسه في دول أخرى، وذلك لفتح المجال أمام الكفاءات الجديدة والمبدعين في الإدارة الرياضية.

أعرفُ شخصًا يحمل الدكتوراة في الرياضة، هاجر إلىماليزيا وحقق مع ناديه 3 ألقاب دوري كرة قدم، وعرض نفسه هنا في عُمان، لكن لم تتح له الفرصة ومُنحت لخبير عربي تسبب في تدمير هائل ندفع ثمنه للآن! صاحبنا الدكتور هاجر ونجح!

أما على الصعيد المالي، فينبغي على الحكومة والقطاع الخاص التعاون لتوفير دعم مالي مستدام للأندية والاتحادات، إضافة إلى تحسين البنية التحتية الرياضية. كما يجب التركيز على تطوير الكفاءات الفنية والمواهب من خلال برامج تدريب متكاملة تستهدف الفئات الناشئة، مع ضمان توفير بيئة تنافسية عادلة تتيح للجميع فرص التطور.

تعيش الرياضة العُمانية اليوم مرحلة حرجة تتطلب إعادة النظر في العديد من السياسات والممارسات المتبعة؛ فالتراجع الشديد الذي تشهده الألعاب الرياضية ليس مجرد مشكلة رياضية؛ بل هو انعكاس للتحديات الهيكلية التي تتطلب إصلاحات جذرية على مستوى الإدارة والدعم المالي وتطوير الكفاءات الإدارية والفنية والمواهب، والأهم الحصول على اجابة لأصعب سؤال: ما الذي نريده من الرياضة؟!

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الأنشطة الرياضية في المراكز الصيفية

 

 

تعد المراكز الصيفية أحد الوسائل المهمة في الحفاظ على النشء والشباب، والوجهة التي يقصدها أغلب أولياء الأمور في مختلف الدول العربية التي تدشن في العديد منها خلال العطل الدراسية السنوية «الإجازة الدراسية»، للحفاظ على أبنائهم وبناتهم من أوقات الفراغ والتسكع في الشوارع والحارات، والابتعاد عن عالم العلم والمعرفة، خلال توقف التعليم المدرسي نتيجة للإجازة الدراسية السنوية التي يجدون العوض عنها في المراكز الصيفية ذات المحتوى الديني العلمي والمعرفي والثقافي، لسنوات مضت ونظام المراكز الصيفية بالجمهورية اليمنية الذي تتبناه بالتحضير والتنظيم والتنفيذ وزارة الشباب والرياضة بالتعاون مع العديد من الجهات ذات العلاقة، مع إعطاء أولوية للاستعانة بالكفاءات والتخصصات الشبابية والرياضية من موظفي الوزارة لإدارة وتسيير المراكز الصيفية على مستوى المديريات والمحافظات وعبر مكاتب الشباب والرياضة، لكن ومنذ ما يقارب الخمس سنوات لم يعد لوزارة الشباب والرياضة دور في تنظيم وتنفيذ المراكز الصيفية باستثناء الاسم وترأس الوزير للجنة العليا وترأس وكيل قطاع الشباب للجنة الفنية، وكل سنة نتساءل لماذا يتم تجاهل وإقصاء موظفي قطاع الشباب من إدارة برامجهم، ولماذا تم إقصاء وإبعاد موظفي الشباب والرياضة من العمل ضمن كوادر المراكز الصيفية، خصوصا أصحاب الاختصاص الرياضي من المدربين واللاعبين الأجدر بتنفيذ برامج الأنشطة الرياضية للمراكز الصيفية؟.
بعيدا عن الإقصاء والتهميش وحرمان أصحاب الحق من حقوقهم في إدارة المراكز الصيفية التي تمول من صندوق رعاية النشء والشباب والرياضة، فقد تم مطلع هذا الأسبوع تدشين المراكز الصيفية للعام 1446هــ – 2025م، والتي تزخر هذا العام بالعديد من البرامج الدينية والتعليمية والثقافية والرياضية والترفيهية، وهي فرصة لدعوة كل أولياء الأمور لإلحاق أبنائهم بهذه المراكز، يتم خلالها المحافظة على المستوى العلمي الذي تلقاه أولادنا خلال العام الدراسي المنصرم، ويتم المحافظة عليهم من التشرد في الشوارع وإبعادهم عن السلوكيات غير الحميدة التي تنشأ نتيجة لإهمال بعض أولياء الأمور لأبنائهم وإهمال تربيتهم وتركهم للاختلاط بالمشردين، وعدم متابعتهم ورقابة تصرفاتهم وأفعالهم التي تكون في اغلب الأحيان عفوية وتحمل الطابع الطفولي المصحوب بالجهل، وعدم المعرفة بما يرضي الله ورسوله، ولتجنب ذلك فإن المراكز الصيفية توفر المناهج الدينية والتعليمية ذات الطابع الترفيهي، مما يخلق توازناً بين ما يرغب بالحصول عليه أبناؤنا في الإجازة الدراسية الصيفية وبين ما يحافظ عليهم من الانحراف واكتساب سلوكيات غير حميدة.
الأنشطة الرياضية للمراكز الصيفية في الكثير من الدول العربية التي تنظم هذه المراكز، تعتمد على توفير أعلى درجات المرح والترفيه مع إكساب الملتحقين بالمراكز الصيفية القوة البدنية وبعض المهارات الرياضية، لذلك أتمنى أن يكون برنامج الأنشطة الرياضية بالمراكز الصيفية لهذا العام، قد أخذ بعين الاعتبار عناصر التوازن بين المرح والترفيه، ويهدف إلى إكساب طلاب المراكز الصيفية كفاية بدنية وعقلية واجتماعية ونفسية تتناسب مع عمرهم، وتحقق توازن شخصيتهم، وتنمي اتجاهاتهم الدينية والاجتماعية إيجابياً، وتمنحهم سلوكاً قويماً عبر مجموعة من الرياضات الجماعية والفردية التي تعزز ثقة الفرد بنفسه، وتحفزه على التعاون مع أقرانه.

مقالات مشابهة

  • جمعية الصناعيين العُمانية توقع اتفاقية مع داتافلو لتسريع نمو القطاع الصناعي
  • ختام المسابقات الرياضية والثقافية بنيابة ليما
  • ياسر ريان: زيزو لاعب ذكي وكان يستهدف المشاركة في مونديال الأندية مع الأهلي
  • الأنشطة الرياضية في المراكز الصيفية
  • توصيات بسَن تشريعات تحفظ الهوية العُمانية وتُعزز الولاء والانتماء الوطني
  • تحليل أم تهويل؟.. البرامج الرياضية العراقية في مرمى الانتقادات
  • "القومي للمرأة" يطلق حملة إعلامية لمكافحة العنف الإلكتروني ضد اللاعبات بمختلف الألعاب الرياضية
  • صبحي: الرياضة أصبحت صناعة ونسعي إلى تعظيم مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي
  • رئيس جهاز حماية المنافسة: نعمل على وضع وصياغة بروتوكول لمنع الاحتكار بأفريقيا
  • الحوار قيمة عُمانية تعزز التعاون والتفاهم .. وركيزة للتنمية المستدامة