كريم وزيري يكتب: طبق العشاء الذي أشعل حرب أكتوبر
تاريخ النشر: 5th, October 2024 GMT
قبل خمسون عامًا، كانت مصر على أعتاب لحظة فارقة في تاريخها الحديث، بعد سنوات من الاحتلال الإسرائيلي لسيناء في أعقاب حرب 1967، عاشت المنطقة في حالة من "اللاحرب واللاسلم"، حيث لم تشهد صراعًا عسكريًا مفتوحًا، ولكن لم يتم التوصل أيضًا إلى سلام حقيقي، تلك الفترة كانت تحمل تحديات سياسية هائلة للرئيس أنور السادات، الذي كان يواجه ضغوطًا داخلية هائلة لاستعادة الأرض وتحرير سيناء، وفي ظل هذا السياق المتوتر، برز دور أحمد حافظ إسماعيل، وزير الخارجية ومستشار السادات للأمن القومي، والذي قاده إلى لقاء حاسم مع وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر.
وفي بداية عام 1973، أرسل السادات أحمد حافظ إسماعيل إلى الولايات المتحدة، حيث التقى بكيسنجر، مهندس السياسة الخارجية الأمريكية، خلال هذا اللقاء، الذي كان يتمتع بطابع غير رسمي إلى حد ما، طرح كيسنجر على إسماعيل مقولة شهيرة ومليئة بالرمزية "لا أحد يقترب من الطبق وهو بارد، لا بد أن يكون ساخنًا ليقترب منه"، هذا الموقف، الذي جاء بعد أن شكا إسماعيل من أن الطبق الذي قُدم له في العشاء كان باردًا، كان بمثابة رسالة مشفرة من كيسنجر للسادات بأن الوضع الراهن لا يمكن أن يستمر، وأنه إذا أرادت مصر تحريك الأمور، فإنها يجب أن تتخذ خطوة حاسمة.
كانت هذه اللحظة واحدة من عدة رسائل غير مباشرة من كيسنجر تفيد بأن واشنطن لن تتدخل بفعالية لإنهاء النزاع ما لم تتحرك مصر، فقد كان هناك إحساس عام بأن الولايات المتحدة، التي كانت تسعى للحفاظ على استقرار المنطقة وحماية مصالح إسرائيل، لن تضغط على إسرائيل لتقديم تنازلات دون ضغط ملموس على الأرض، ومن هنا أدرك إسماعيل أن السبيل الوحيد لكسر حالة الجمود هو عبر التحرك العسكري.
هذا اللقاء الحاسم بين أحمد حافظ إسماعيل وهنري كيسنجر يظهر كيف أن التفاصيل الصغيرة والرموز يمكن أن تكون مؤشرًا على تحولات كبرى في السياسة الدولية، وأن وراء كل قرار كبير توجد لحظات صغيرة من الفهم العميق والتحليل الدقيق.
وعند عودة أحمد حافظ إسماعيل إلى مصر، نقل الرسالة إلى السادات، الذي كان قد بدأ بالفعل في التخطيط لحرب واسعة النطاق تهدف إلى استعادة سيناء بالقوة، وجاءت حرب أكتوبر في السادس من أكتوبر 1973 كتتويج لهذا التخطيط الدقيق، حيث تمكنت القوات المصرية من عبور قناة السويس وتحقيق انتصارات ميدانية مهمة، هذا التحرك أجبر القوى العظمى على إعادة التفكير في مواقفها، وخاصة الولايات المتحدة، التي بدأت تتحرك بنشاط لإيجاد حل دبلوماسي للنزاع بعد أن أدركت خطورة الوضع على مصالحها.
التاريخ يعيد نفسه أحيانًا بطرق غير متوقعة، وموقف كيسنجر في ذلك اللقاء العابر مع أحمد حافظ إسماعيل كان أحد تلك اللحظات الصغيرة التي غيرت مجرى الأحداث، تلك الكلمات البسيطة عن "الطبق البارد" كانت إشارة إلى أن الجمود ليس خيارًا، وأنه على الدول التي تسعى إلى تحقيق أهدافها أن تكون مستعدة لاتخاذ خطوات جريئة.
في النهاية كانت حرب أكتوبر نقطة تحول في الصراع العربي الإسرائيلي، وفتحت الطريق أمام مفاوضات السلام اللاحقة التي أدت في نهاية المطاف إلى معاهدة كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل واليوم، بعد مرور 51 عامًا على تلك الحرب التاريخية، ما زالت الدروس المستفادة من ذلك اللقاء بين إسماعيل وكيسنجر قائمة، إنها تذكرنا بأن الدبلوماسية وحدها ليست دائمًا كافية، وأن هناك أوقاتًا تتطلب فيها الأزمات خطوات جريئة لكسر الجمود وفي حالة مصر، كانت تلك الخطوة هي الحرب التي استعادت الكرامة الوطنية وفتحت الباب لعملية سلام طويلة الأمد.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: استقرار المنطقة الاحتلال الاسرائيلي التحرك العسكري الدروس المستفادة اللاحرب واللاسلم مفاوضات السلام
إقرأ أيضاً:
بالفيديو.. نيويورك: الشرطة تبحث عن مشتبه به أشعل النار في أحد المارة قرب تايمز سكوير
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تواصل شرطة مدينة نيويورك البحث عن شخص يُشتبه في أنه أضرم النار في رجل يبلغ من العمر 45 عامًا بالقرب من تايمز سكوير، في تقاطع شارع ويست 41 والشارع السابع، مساء الأحد.
تمكنت الشرطة ورجال الإطفاء من إخماد النيران المشتعلة في الضحية، الذي كان يمشي بلا قميص على الرصيف بعد الحادث. وتم نقله إلى مستشفى قريب، حيث وصفت حالته بأنها مستقرة.
وفقًا لمسؤولي إنفاذ القانون، يُعتقد أن الضحية يعرف الجاني، لكن لم يتم الكشف عن هويتهما حتى الآن. وأكدت السلطات أن التحقيقات لا تزال مستمرة، ورفضت تقديم مزيد من التفاصيل.
مقاطع الفيديو والصور من الموقع تُظهر الضحية وهو يتلقى الإسعافات الأولية، بينما كانت آثار الحروق واضحة على وجهه، عنقه، صدره وذراعيه.
هذه الواقعة ليست الأولى من نوعها في نيويورك، ففي ديسمبر الماضي، تعرضت ديبرينا كاوام (57 عامًا) من نيوجيرسي، للهجوم بالحرق العمد أثناء نومها في مترو الأنفاق.
تم القبض على سيباستيان زابيتا (33 عامًا) ووجهت إليه تهم القتل العمد والحرق العمد، حيث أظهرت التحقيقات أنه أشعل النار في كاوام، ثم قام بنفخ اللهب بقطعة قماش بينما راقبها وهي تحترق.
مع تصاعد الجرائم العنيفة في المدينة، تدعو شرطة نيويورك المواطنين إلى توخي الحذر والإبلاغ عن أي سلوك مشبوه، خاصة في المناطق المزدحمة مثل تايمز سكوير ومترو الأنفاق.
???? #Crime News: Horrific: Man Set Ablaze in Times Square—NYPD Hunts Arsonist!
Horrific: Man Set Ablaze in Times Square—NYPD Hunts Arsonist! Early Sunday، a 45-yr-old was doused with accelerant from a Patron tequila bottle & lit on fire at W. 41st & Broadway. Video shows him… pic.twitter.com/zaG5lVSMCT