جريدة الرؤية العمانية:
2024-10-05@17:38:53 GMT

أحاديث عن السياسة.. الكذب!

تاريخ النشر: 5th, October 2024 GMT

أحاديث عن السياسة.. الكذب!

 

 

"لا بُد للمحلل السياسي من أن يفهم المنظومة القيمية للشعب، وكذلك المنظومة القيمية السائدة في دوائر صنع القرار للدولة التي يتابعها ويقيم مدى تأثير تلك القيم على السياسات والإستراتيجيات"؛ فوزي حسن الزبيدي.

*************

نسبة كبيرة من الناس يعتقدون بأن السياسي يفترض أن يكون كذابا، يعتبرون الدبلوماسية هي في الحقيقة مرادفة لمفردة الكذب، وبأن السياسي الأصيل محتال ونصاب ومراوغ، وهلم جرًّا من تلك الصفات التي ما أنزل الله بها من سلطان!

في كتاب "سيكولوجية الجماهير"، كتب غوستاف لوبون: "ولأن الجماهير تحتاج إلى أوهام، فإنها تنجذب غزيريا نحو الخطباء الذين يقدمونها لها، كتوجه الحشرة إلى النور"، هنا قد نضع كلمة أوهام بجانب كلمة كذب، باختصار عندما يوهمك أحد بشيء ما وهو متعمد ذلك؛ فالواقع يقول إنه كاذب وربما محتال، لذلك تسمية الأشياء بأسمائها يختصر المسافة ويوضح الحقائق.

وهناك فرق بين المجاملة الكاذبة وحُسن الخلق، لكن ليس هناك فرق بين ناقل أوهام أو ناقل كذب، المسألة أخلاقية قبل أي شيء.

أثناء التحضير للمقال قرأت عدة مصادر ووجدت بها ما لا يمكن نشره؛ لأن الموضوع أحيانا يخرج عن السياق المطروح، تصور أنك عندما تقرأ كتاب "مبادئ العلاقات الدولية" لمؤلفيه: منجست وآريجوين، أو تقرأ "الانتقال إلى الديمقراطية" للدكتور علي الدين هلال، أو كتاب "الخلافات السياسية بين الصحابة" لمحمد بن المختار الشنقيطي، أو حتى كتاب "الأمير" لمكيافيللي، وتبحث عما يفيدك في المقال، كنقل على الأقل ولا تجد ما يستحق الاقتداء لنشره، (بالطبع أقصد لهذا المقال) لاحظتُ أن الكثير من الكتاب يُجمِّلون الكذب ويطلقون عليه مفردات غير ملائمة مثل: دبلوماسبة أو مجاملة أو التفاف أو إيحاء بكلمة معينة، لكن في الحقيقة أن الكذب هو الكذب.

بالطبع الكتب السالفة الذكر غنية بالفائدة، وليست بحاجة لشهادة أحد، إنما أحدثك عمّا طرأ في البال أثناء التحضير، فإن كنت مخطأً، فالله من وراء القصد.

سأعطيك مثالًا عن السياسي الذي لا يفصح ويحافظ على السرية وبنفس الوقت لم يرتكب الكذب، تخيل مؤتمرًا صحفيًا أو لقاءً مع سياسي خارج للتو من اجتماع يناقش حدثًا مهمًا وساخنًا، فيسأله الصحفي: ما الذي حدث في الاجتماع؟ فيرد السياسي بأنه تمت مناقشة المواضيع ذات الاهتمام، وبُذلت جهود لتقريب وجهات النظر، ولا نملك سوى التفاؤل بقادم الأيام. مما سبق هل صرح المسؤول بشيء؟ لا، هل أفصح عن شيء؟ لا، والأهم: هل كذب؟ لا، هذا هو المهم، والأهم في الواقع .

صحيحٌ أن السياسي يتحمل مسؤولية جسيمة في نقل الحالة الحاصلة بكل صدق وموضوعية، ولكن إن حدثت في الاجتماعات أشياء غير قابلة للنشر ومحظورة، فعليه ألّا يقع في الكذب، ويتعامل مع الكلمات بحذر وتحفظ، توافقًا مع المصلحة العامة للاتفاق المبرم. وفي ذلك احترام لنفسه وللجهة التي يمثلها، ولعامة الجمهور.

أما توزيع الأوهام، واللعب بكلمات متقاطعة لها إيحاء معين، فهنا نحن أمام كذب من نوع بذيء!

أن تكون سياسيًا فهذا معناه أنك ناضج العقل، حسن السيرة، كيِّس السمت، غزير المعرفة، عالي الخلق، ملتزم وصادق وأمين، أما غير ذلك فلك أن تعطي الشخص أي صفة أخرى؛ فالدبلوماسية لها أصول، وهي علم راقٍ يُدرَّس في مجمعات ومعاهد العلم المتخصصة، التي تخرِّج سياسيين على مستوى عالٍ، لهم شخصياتهم المحترمة ويتعاملون مع مصالح بلدانهم بمنتهى المسؤولية والتفاني.

قال تعالى: "فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ" (الرعد: 17).

 

 

يوسف عوض العازمي

 

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

خبير سياسات دولية: بقاء إسرائيل ومستقبلها جزء من السياسة الأمريكية

قال الدكتور أشرف سنجر، خبير السياسات الدولية، إن المناظرة بين تيم والز مرشح الديمقراطيين لمنصب نائب الرئيس الأمريكي، ومنافسه الجمهوري جيمس ديفيد (جيه دي) كانت مهمة، إذ ناقشا ما يحدث في غزة ولبنان، كما أنها كانت في وقت كانت إسرائيل تحت الضرب الصاروخي من قبل إيران.

وأضاف «سنجر»، خلال مداخلة على شاشة قناة القاهرة الإخبارية، أن مستقبل إسرائيل وبقائها وسياستها جزء من السياسة الأمريكية، ومحط اهتمام السياسيين الأمريكيين، متابعًا أن مراكز الأبحاث السياسية، ترى أن إسرائيل تجر الولايات المتحدة الأمريكية إلى الوحل، فأمريكا لديها قدرتها على تقديم نفسها كدولة مهيمنة على النظام الدولي، إلا أن إسرائيل تزيل هذه الهيمنة وتجعل أمريكا في موقف بائس في إدارة مشهد السياسات الدولية بالمعايير العادلة.

وأكد أن الدول الكبيرة هي التي يجب أن تمتلك الأسلحة النووية، لأن الدول الصغيرة تكون غير راضية واحتمالات استخدامه الأسلحة النووية أكثر، وبالتالي يجب إبعاد إسرائيل عن السلاح النووي نظرًا لأنه ليس لها وزن في القوى الشاملة الإقليمية إلا بدعم أمريكا.

مقالات مشابهة

  • “الشرق الأوسط: رقصة السياسة على حدود الرمال”
  • ملامح السياسة الخارجية لرئيس سريلانكا الجديد
  • المستجدات ومنطق السياسة
  • من هم خبراء ترامب في السياسة الخارجية؟
  • السيسي: نصر أكتوبر يذكرنا بتماسك المصريين للحفاظ على سلامة الوطن وتبديد أوهام أي طرف
  • الرئيس السيسي: بناء القوات المسلحة حفاظا على سلامة الوطن وتبديد أي أوهام لدى أي طرف
  • خبير سياسات دولية: بقاء إسرائيل ومستقبلها جزء من السياسة الأمريكية
  • يتحدثون في السياسة والعسكرة دون اختصاص
  • تباين حاد في نهج السياسة الخارجية الأميركية بين هاريس وترامب