بغداد اليوم - متابعة

عادت الخلافات الحدودية بين العراق والكويت إلى دائرة الضوء بعد أن أصدر الطرفان خلال الأسابيع الماضية بيانات أشارت إلى أهمية حسم الملفات العالقة والالتزام بالاتفاقات المشتركة، في حين وصف سياسيون ومراقبون بعض القرارات التي فرضت على العراق بـ"المجحفة" وذكروا أن حل الموضوع مرهون بالتزام الطرفين بالدساتير والقانون الدولي.

ففي العراق، أعلن وزير الخارجية، فؤاد حسين، قرب انطلاق المفاوضات بين البلدين لحل "الملفات العالقة". 

وجاء ذلك، خلال لقائه في واشنطن، الخميس، مع مساعدة وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، إذ أشار حسين إلى أن "الحوارات هي السبيل الصحيح لحل المشاكل" بحسب بيان لوزارة الخارجية العراقية.

وفي الطرف الآخر، أكد وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة أهمية "التزام العراق بسيادة الكويت وسلامة أراضيها واحترام الاتفاقيات الدولية وقرارات الأمم المتحدة، سيما قرار مجلس الأمن رقم 833 في شأن ترسيم الحدود بين الكويت والعراق".

وفي بيان صدر عقب اجتماعهم في نيويورك، في 25 من سبتمبر الماضي، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، دعا الوزراء الحكومة العراقية "إلى ضمان بقاء اتفاقية الكويت والعراق لتنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله سارية المفعول".

اتفاقية خور عبد الله .. أصل المشكلة

في يناير عام 2013 أقر مجلس الوزراء العراقي، اتفاقية مع الكويت تتعلق بتنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله المطل على مياه الخليج. وصادق مجلس النواب العراقي على الاتفاقية في وقت لاحق من العام ذاته لتدخل رسميا حيز التنفيذ.

وبعد مضي عقد من الزمن، قررت المحكمة الاتحادية في العراق عدم دستورية الإتفاقية وبررت قرارها "لمخالفة أحكام المادة (61/ رابعا) من دستور جمهورية العراق التي نصت على أن عملية المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية تنظم بقانون يسن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب".

قرار المحكمة العراقية أعاد إلى الواجهة المشاكل الحدودية بين بغداد والكويت، التي تعهد البلدان على تجاوزها مؤخرا، بعد التحسن التدريجي في العلاقات خلال السنوات الماضية.

عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي النائب مثنى أمين لخص أبرز الملفات العالقة بين العراق والكويت منها إعادة رفات الأسرى الكويتين وإرجاع الآثار والمقتنيات  التي "أُخذت من الكويت" أثناء غزو العراق للدولة الخليجية، بحسب تعبيره.

وكان رئيس جمعية "أهالي الشهداء الأسرى والمفقودين الكويتية"، فايز العنزي، قد أوضح في حديث لصحيفة "الأنباء" المحلية في أغسطس الماضي، أن الكويت تمكنت من إعادة رفات 294 شخصا من العراق، فيما لا يزال 311 شخصا في عداد المفقودين، بينهم أشخاص من جنسيات غير كويتية.

الملاحة البحرية .. ملف "معقد" بين الكويت والعراق

الملف الأهم بالنسبة لعضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي النائب مثنى أمين، هو موضوع تنظيم الملاحة البحرية، ويقول إن هذا الملف معقد وفيه إشكالات سيما بسبب رفض أطراف عراقية لبعض الشروط التي فُرضت على بلدهم جراء خضوعه لعقوبات الفصل السابع اثر غزوه للكويت عام 1990، بحسب تعبيره.

أمين قال إن ملف المياه الأقليمية وحرية الحركة فيها مهم جدا بالنسبة للعراق، ودعا إلى ضرورة "إعادة النظر باتفاقيات الملاحة بين البلدين بحيث لا تؤثر سلبا على موانئ العراق وتحجم من دورها" بحسب تعبيره.

عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب العراقي أشار  أيضا إلى أن العديد من العراقيين يرون أن بلدهم فرضت عليه قرارات وصفها بـ"المجحفة" وأنهم يطالبون بإعادة النظر فيها. مشيرا إلى أن "حل مشكلة تنظيم الملاحة البحرية وترسيم الحدود بين البلدين يحتاج إلى مرونة بين الطرفين".

أمين قال أيضا إن العلاقات العراقية الكويتية شهدت تحسنا ملحوظا في الفترة الأخيرة بالأخص بعد أن أغلق مجلس الأمن رسميا، في فبراير عام 2022، ملف تعويضات الكويت بعد تسديد العراق مبلغ 52.4 مليار دولار، بحسب تعبيره

وأوضح أمين أن العراق خرج من طائلة إجراءات الفصل السابع لمجلس الأمن الدولي بعد دفع تعويضات الكويت، وأن العراق نُقل من الفصل السابع إلى الفصل السادس لحل بقية الملفات العالقة مع الكويت.

وبحسب الأمم المتحدة، فإن الفصل السادس معني بـ"التسوية السلمية للنزاعات" ويتناول "ممارسات مجلس الأمن الرامية إلى ترويج وتنفيذ التوصيات أو الطرائق أو الإجراءات التي تروم التسوية السلمية للمنازعات في إطار المواد 33-38 من الفصل السادس والمادتين 11 و99 من ميثاق الأمم المتحدة. وإجمالاً، يحتوي الفصل السادس على شتى الأحكام التي يجوز لمجلس الأمن أن يقدم بمقتضاها توصيات إلى الأطراف المتنازعة أو الأطراف في حالة ما".

اتفاقية خور عبد الله وتبعاتها القانونية والدستورية

تنص الاتفاقية على تقسيم مياه خور عبد الله بالمناصفة بين البلدين، انطلاقا من قرار مجلس الأمن الدولي التابعة للأمم المتحدة "833" الصادر عام 1993 الذي أعاد ترسيم الحدود في أعقاب الغزو العراقي على الكويت. 

ويعترض عراقيون على هذه الاتفاقية لأنهم يعتبرون  أنها تمنح الكويت أحقية في مياه إقليمية داخل العمق العراقي، مما يعيق حركة التجارة البحرية أمام الموانئ المحدودة للبلاد.

يقول الخبير القانوني الدكتور عدنان الشريفي في تصريح إن جميع قرارات المحكمة الاتحادية في العراق ملزمة بحسب مبدأ "سمو الدساتير الدولي" وإن المحكمة استندت إلى المادة 61 من الدستور العراقي عندما قررت عدم دستورية هذه الاتفاقية، مشيرا إلى أن هذه الخطوة هي جزء من "عرف دولي" يخص دور الجهات القضائية في الرقابة على القوانين والمعاهدات.

يضيف الشريفي أن الدستور العراقي اشترط عند التصديق على المعاهدات والاتفاقات، بوجود ثلثي أعضاء البرلمان العراقي، "وهذا لم يحدث في جلسة التصويت على الاتفاقية عام 2013". 

أمام العراق والكويت الآن مساران، كما يقول الخبير القانوني، الأول هو أن يعيد البرلمان العراقي التصويت على الاتفاقية بأغلبية ثلثي الأصوات لتكون نافذة ومُلزمة، أما إذا رفض البرلمان التصويت على الاتفاقية، وهو السيناريو الثاني، فبإمكان الكويت في هذه الحالة اللجوء إلى المحكمة الدولية لقانون البحار.

وأوضح الشريفي أن اتفاقية عام 2013 "جرت دون مشاورة جميع الأطراف العراقية وأن العديد منها ترى أن الاتفاقية بصيغتها الحالية لا تحمي مصالح العراق" مضيفا أن الخيار أمام الكويت الآن هو أن تعيد التفاوض للتوصل إلى اتفاقية جديدة ترضي الطرفين وتحمي حقوقهم وفقا للمعايير والقوانين الدولية.

الخبير القانوني نفى إمكانية تعرض العراق لأي إجراءات ضده بسبب رفضه الاتفاقية الحالية، لكنه أشار إلى تبعات سيتعرض لها البلد في حال رفعت الكويت قضية في المحكمة الدولية وربحتها لكن العراق رفض الالتزام بها، "في هذه الحالة فقط سيتعرض العراق إلى عقوبات دولية".

ويشرح الشريفي المادة 14 من اتفاقية خور عبد الله والتي نصت بوضوح على أنه "يستوجب على الطرفين أولا حل الخلاف ودياً، وفي حال فشل التوافق، يحال الخلاف إلى المحكمة الدولية لقانون البحار التي ستكون قراراتها ملزمة للطرفين". 

ويضيف أنه بناء على بنود الاتفاقية الحالية، فعلى الكويت أولا أن تحل هذا الإشكال عن طريق التفاوض والحل الودي، لكن "لجوء الكويت إلى بيانات الاستنكار والشجب والتصعيد هي مخالفة واضحة لبنود الاتفاقية" بحسب تعبيره.

وفي لقاء متلفز، قال وزير الاعلام الكويتي الأسبق، سامي النصف، أن "الكويت أكدت أكثر من مرة أن القضية "عراقية-عراقية"، وليس لديها أي اعتراض إذا أعادت الحكومة العراقية هذه الاتفاقية إلى البرلمان للمصادقة عليها من جديد".

وأشار النصف إلى أن "أي تحرك أو إجراء آخر سيكون دليلا عن وجود جهات تحاول 'زرع الألغام' في العلاقات بين البلدين، والعراق سيكون هو المتضرر الكبير في حال تم رفض هذه الاتفاقية، لأن الكويت تقع ضمن منظومة خليجية متكاملة ومن مصلحة العراق أن يعزز علاقاته مع هذه الدول".

وبشان اعتراض أطراف عراقية على الاتفاقية التي قالوا إنها تغبن حق العراق في الملاحة، أضاف الوزير الكويتي السابق أن هذا الأمر غير صحيح "بدليل أن العراق يبني الآن واحدا من أكبر الموانئ في المنطقة، ميناء الفاو العراقي أكبر من جميع موانئ الكويت مجتمعة، وبالتالي لا يوجد أي 'خنق' للعراق في الملاحة البحرية. العراق يمتلك أيضا موانئ أخرى على الخليج مثلا ميناء أم قصر والزبير". 

وذكر أن "الكويت تاريخيا ساعدت العراق في الملاحة البحرية، فالموانئ الكويتية هي التي دعمت العراق خلال الحرب مع إيران والتي أجبرت العراق آنذاك على غلق جميع موانئه"، على حد قوله.

المصدر : الحرة

المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: البرلمان العراقی الملاحة البحریة الملفات العالقة العراق والکویت على الاتفاقیة هذه الاتفاقیة الفصل السادس خور عبد الله بحسب تعبیره بین البلدین مجلس الأمن إلى أن

إقرأ أيضاً:

محترفو الدوري العراقي إضافة نوعية أم مجرد سمسرة؟

يشهد الشارع الرياضي العراقي جدلا كبيرا بسبب المستويات المتدنية للاعبين المحترفين في دوري نجوم العراق وعلى وجه التحديد موسمه الحالي، إذ لم تبرز أي أسماء جديدة على غرار ما حدث المواسم السابقة.

ويستعد اتحاد اللعبة إلى إحداث نقلة نوعية في الدوري وذلك باعتماد الملاعب المميزة، وأيضا فتح المجال أمام الأندية للتعاقد مع لاعبين محترفين.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2رونالدو يهدر ركلة جزاء بالوقت القاتل ويتسبب في إقصاء النصر من كأس الملكlist 2 of 2جماهير الشرطة العراقي ناقمون على المدرب بعد التعادل مع القاسمend of list

كما سمح لكل نادٍ بالتعاقد مع 6 لاعبين محترفين، ليكونوا ضمن كشوفات الفرق الموسم الحالي.

أحمد خلف مساعد مدرب العراق السابق (الجزيرة) الكم لا النوع

مساعد مدرب العراق السابق أحمد خلف قال للجزيرة نت "إن الدوري العراقي لا يجذب اللاعبين المحترفين على مستوى عالٍ، إذ يأتي المحترف الذي لم يحصل على فرصة في دوريات الخليج وأوروبا، لأن العراق يعد خيارا أخيرا لهم".

وأضاف "أغلب المحترفين بالدوري اختيروا على أساس مقاطع فيديو دون رؤيتهم على أرض الواقع وكذلك بسبب أسعارهم المنخفضة، لأن أغلب الأندية العراقية تبحث عن المحترف الأقل سعراً وليس عن الأفضل وبالتالي تجد مستوياتهم غير ملبية للطموح".

وتابع خلف "ما يحدث الآن في الدوري بالنسبة للاعبين المحترفين هو اعتماد الكم على حساب النوع. وفي السابق كان الاتحاد يسمح بالتعاقد مع 3 محترفين ولكن الموسم الحالي تم السماح للأندية بالتعاقد مع 6 أي أكثر من نصف الفريق، وهذا أمر سلبي للغاية".

عائق اللغة

يرى وسيط سوق الانتقالات العراقي حيدر سامي أن صعوبة تواصل وتفاهم المدربين مع المحترفين أحد أسباب الإخفاقات، ويقول للجزيرة نت "أغلب المحترفين بالدوري من قارة أفريقيا ويتحدثون الفرنسية أو الإنجليزية لذلك يجيدون صعوبة كبيرة في التواصل مع المدرب العراقي المحلي".

وتابع "أغلب المدربين المحليين لا يجيدون التحدث بالإنجليزية مما يشكل صعوبة كبيرة على المحترفين الذي يحتاجون فهم توجيهات المدرب والواجبات التي تناط إليهم، لذلك تجد بعض الأندية تستعين بمدربين مساعدين يجيدون التحدث باللغات الأخرى كما هو الحال مع الكادر التدريبي لفريق الميناء، إذ إن الكادر الإسباني ومدرب اللياقة عراقي لكنه يتحدث بأكثر من لغة".

البوركيني سامي هين (يسار) محترف فريق النفط (الجزيرة)

وأضاف "في ظل الظرف الحالي فإن اختيار المحترفين صعب جدا وهناك بعض الأندية تختار اللاعبين المحترفين وتجبر المدرب عليهم، لذلك تجد مع بداية الموسم كل ناد يفسخ عقدا أو عقدين من اللاعبين المحترفين بسبب عدم القناعة الفنية من قبل المدرب" لافتاً إلى أن "أغلب الفرق ستغير عدداً من اللاعبين المحترفين في الانتقالات الشتوية وهو أمر سلبي للغاية ويدل على عدم الاختيار الدقيق".

أخطاء وسمسرة

من جانبه أوضح المحلل الفني واللاعب العراقي السابق أحمد صبري أن الأخطاء الإدارية وتأخر وصول تأشيرات دخول اللاعبين أحد أهم أسباب إخفاق المحترف في دوري نجوم العراق.

وقال للجزيرة نت "إن مدة صدور تأشيرة الدخول إلى العراق تستغرق نحو شهر ونصف الشهر، وبالتالي فإن أغلب المحترفين لا يحظون بإعداد جيد قبل انطلاق الموسم الكروي الجديد".

أحمد صبري: تأخر وصول التأشيرات أحد أهم أسباب إخفاق المحترف بدوري نجوم العراق (الجزيرة)

وأضاف "للأسف العلاقات والسمسرة تسيطر على تعاقدات بعض الأندية، فرغم علم بعض الإدارات بعدم وجود جدوى فنية في عملية التعاقد، تلجأ إلى ضم لاعبين للحصول على نسبة من عملية التعاقد وهذه تتم عن طريق العلاقات مع بعض الوسطاء، أي هناك من يتخذ من التعاقدات، عملية سمسرة".

وتابع "المحترف يجب أن يكون أفضل من المحلي، لكن للأسف في الدوري العراقي فإن المحترف هو سد فراغ فقط ومستواه يكون أقل من اللاعب المحلي في وقت يجب أن يكون فيه هو الأفضل ليشكل الإضافة المطلوبة".

ويستقطب الدوري العراقي محترفين من أفريقيا وسوريا والأردن في أغلب مواسمه، وقد شهد الموسم الحالي وجود لاعبين من إسبانيا وفرنسا والأرجنتين ودول أخرى.

مقالات مشابهة

  • في يوم الانتخابات الأميركية... حلقة من مسلسل ذا سيمبسونز تعود إلى الواجهة
  • الأمن النيابية تفصّل خطوات الرد العراقي على اسرائيل: امكانات الردع موجودة - عاجل
  • الأمين العام للتحالف الإسلامي يستقبل وزير الدفاع العراقي
  • منظمة بدر الإيرانية تطالب بإلغاء الاتفاقية الاستراتيجية مع أمريكا
  • مختار: لا ينبغي استمرار انقسام مجلس الدولة الذي يعد الواجهة السياسية للمنطقة الغربية
  • بعد انحسار السيول بنسبة 50%.. مسؤول حكومي يقيّم الطريق الرابط بين قزانية والقرى الحدودية - عاجل
  • حوراء القصاب: الضمانات السيادية تنهض يسوق العمل العراقي
  • ماذا تعرف عن اتفاقية القسطنطينية التي اتخذتها مصر ذريعة لعبور بوارج الاحتلال؟
  • توجيه عاجل من السوداني بشأن السيول والأمطار في العراق
  • محترفو الدوري العراقي إضافة نوعية أم مجرد سمسرة؟