إسرائيل والصحفيون بغزة.. إستراتيجية قتل الشهود لطمس مسرح الجريمة
تاريخ النشر: 5th, October 2024 GMT
رغم الحماية التي يجب أن يتمتعوا بها، لم يتوانَ الجيش الإسرائيلي عن استهداف الصحفيين الفلسطينيين على مدى عام من حرب الإبادة التي يشنها على قطاع غزة على مرأى ومسمع من العالم.
ومنذ اندلاع الحرب المدعومة بشكل مطلق من أميركا، ونتيجة للعمليات الإسرائيلية، قُتل 174 صحفيا فلسطينيا في القطاع، وأصيب أكثر من 190 آخرين، في حين دُمرت 87 مؤسسة إعلامية، بحسب المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة إسماعيل الثوابتة.
وبدعم أميركي مطلق تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية على قطاع غزة أسفرت عن أكثر من 138 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تواصل إسرائيل هجومها على قطاع غزة متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.
مقتل العشراتوقال إسماعيل الثوابتة إن الاحتلال الإسرائيلي يضع الصحفيين والإعلاميين في دائرة الاستهداف منذ بدء حرب الإبادة الجماعية بغزة، حيث يتعمد قتلهم وتصفيتهم.
وكشف الثوابتة عن أنه بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة "نتحدث اليوم عن ارتقاء 174 شهيدا من الصحفيين والإعلاميين، وإصابة 396 آخرين، على مدى عام من الإبادة".
وتابع "كما وثقنا اعتقال إسرائيل 36 صحفيا خلال الحرب نفسها، أُفرج عن 4 منهم، بينما لا يزال 32 في السجون".
وعن أسباب استهداف الصحفيين، أوضح أن "الاحتلال يهدف إلى ترهيبهم، وطمس الحقيقة، ومنعهم من التغطية الإعلامية لجرائمه ضد الأطفال والنساء والمدنيين، في إطار حرب الإبادة الجماعية على جميع أطياف شعبنا".
ورغم تلك الاستهدافات، أكد الثوابتة أن "الصحفيين والإعلاميين الفلسطينيين تمكنوا من اختراق حاجز الخوف والإرهاب، الذي حاول الاحتلال فرضه عليهم".
وأوضح أنهم تمكنوا من إيصال رسالة مظلومية الشعب الفلسطيني إلى العالم، وفضح الاحتلال وجرائمه ضد الإنسانية، التي كان أكثرها قسوة قتل الأطفال والنساء وقصف المنازل.
وطالب الثوابتة الاتحادات الصحفية والهيئات الإعلامية والحقوقية بإدانة هذه الجرائم والضغط على الاحتلال لوقف هذه الحرب الإجرامية ضد الصحفيين والمدنيين.
تحذيرات دولية
وخلال العام، حذرت مؤسسات فلسطينية ودولية من استهداف الجيش الإسرائيلي للطواقم الصحفية في قطاع غزة، لكنه واصل استهدافهم رغم ارتدائهم سترات الصحافة والخوذ الإعلامية، متحديا بذلك التحذيرات الدولية.
وفي الخامس من سبتمبر/أيلول المنقضي، دعا المفوض العامّ لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فيليب لازاريني الصحفيين ومؤسسات الإعلام الدولية لدعم زملائهم في غزة.
كما دعا لازاريني الصحفيين إلى الضغط على إسرائيل، للسماح بدخول طواقم الصحافة إلى قطاع غزة، لتنقل المعاناة فيه بحُرية.
وأعرب عن إعجابه بالصحفيين الفلسطينيين، وتقديره لهم، مشيرا إلى أنهم "يواصلون حمل الشعلة، رغم مقتل العديد منهم".
ويواجه صحفيو غزة الموت البطيء كغيرهم من الفلسطينيين بالقطاع، حيث تعرضوا للنزوح، والجوع، ونقص الدواء والماء والطعام والمأوى، إضافة إلى انقطاع الإنترنت الذي يؤثر على قدرتهم على نقل صورهم وتقاريرهم.
ألم ومعاناةفي كل مرة يحاول المصور الصحفي الفلسطيني محمد الزعانين (43 عاما)، التقاط صورة لانتهاكات إسرائيل في غزة، يخشى أنه قد يكون مكان الضحية في المرة القادمة.
وقال الزعانين "نحن في جنوب القطاع بعد نزوحنا من مدينة غزة (شمال)، أعاني كأي مواطن من معاناة النزوح القسري، لكن عملنا رسالة وطنية يجب أن نوصلها للعالم".
وأضاف "تعرضت للإصابة في يوليو/تموز الماضي، وتعافيت، وما زلت لا أستطيع ممارسة عملي مصورا لنقل صورة الأوضاع وآلام شعبنا في قطاع غزة".
وأكد أن الاحتلال لا يفرّق بين صحفي وطبيب ورجل دفاع مدني، فالكل مستهدف في غزة، معربا عن أمله أن تنتهي حرب الإبادة، ويعود مع أسرته إلى مدينة غزة، وينتهي من معاناة النزوح وآلام الحرب.
حماية مفقودة
ولا يختلف عن أوضاع زملائه، حال الصحفي غازي العالول، الذي يصر على مواصلة عمله رغم معاناته النزوح، وفقد العديد من أفراد عائلته، خلال الحرب المستمرة منذ عام على قطاع غزة.
واستنكر أن يكون الصحفي في كل العالم محميا، لكن في قطاع غزة يتعرض لاستهدافات مباشرة من الاحتلال الإسرائيلي.
وقال "مسؤوليتنا هي تغطية الأحداث ونقل صورة قضيتنا ومناصرة الإنسان الفلسطيني الذي يعاني"، وأضاف "لم نأخذ يوما واحدا من الراحة على مدى عام، بسبب استمرار العمليات العسكرية".
وعن موازنته بين واجبه الصحفي ودوره رب أسرة، أجاب العالول "تقع علي مسؤولية كبيرة لا يمكنني أن صف مدى صعوبة عملي كوني زوجا وأبا لطفلين".
وأوضح أنه يقضي جزءا من وقته مع عائلته في المخيمات ليطمئنهم، ثم يتركهم ولا يعرف هل سيعود إليهم مجددا، متوجها لأماكن الاستهداف لتغطية الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على القطاع.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات على قطاع غزة حرب الإبادة فی غزة
إقرأ أيضاً:
جنوب أفريقيا: لن نتراجع عن دعوى الإبادة ضد إسرائيل رغم ضغوط ترامب
واستعرضت حلقة 2025/2/20 من برنامج "من واشنطن" -الذي يبث على منصة "الجزيرة 360"- تطورات العلاقات المتوترة بين الولايات المتحدة وجنوب أفريقيا، في أعقاب قرار ترامب وقف المعونات المالية لبريتوريا على خلفية موقفها من إسرائيل وحربها على قطاع غزة.
وأكد السفير الجنوب أفريقي في واشنطن إبراهيم رسول في حوار خاص مع "من واشنطن" أن بلاده لن تتراجع عن دعواها ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية، واصفا القرار الأميركي بأنه "محاولة تنمر" لثني بلاده عن موقفها.
وأوضح مراسل الجزيرة في جوهانسبرغ حافظ مريبح أن قرار ترامب أثار استياء واسعا في جنوب أفريقيا، خاصة أن المعونات الأميركية البالغة 453 مليون دولار كانت تذهب إلى برامج مكافحة الإيدز الذي يصيب نحو 8 ملايين شخص.
وفي السياق ذاته، قال مراسل الجزيرة في أديس أبابا حسن رزاق للبرنامج إن القمة الأفريقية الأخيرة أظهرت دعما قويا لموقف جنوب أفريقيا، إذ أدان القادة الأفارقة بالإجماع الممارسات الإسرائيلية في غزة ورفضوا مخططات تهجير الفلسطينيين.
تناقض أميركي
ورفض السفير رسول اتهامات ترامب بشأن مصادرة أراضي البيض، مؤكدا أنها "تستند إلى إشاعات وكلام مغرض"، وأشار إلى التناقض في موقف واشنطن التي تنتقد مصادرة الأراضي في جنوب أفريقيا، في حين تدعم "مصادرة غزة".
إعلانلكن السفير رسول أكد أن بلاده لن تتخلى عن مبادئها، مشيرا إلى أن فهم جنوب أفريقيا معاناة الفلسطينيين نابع من تجربتها مع نظام الفصل العنصري، مضيفا "نحن نفهم جيدا ما هي معاناة الفلسطينيين، ولذلك لا يمكن أن نسمح بما يحدث من إبادة جماعية".
من ناحيته، أوضح الحاخام وارن غولدستون كبير حاخامات اتحاد الكُنُس اليهودية الأرثوذكسية في جنوب أفريقيا للبرنامج أن بعض الأصوات في المجتمع اليهودي تدعم قرار ترامب رغم الدور التاريخي لليهود في النضال ضد نظام الفصل العنصري من خلال المؤتمر الوطني الأفريقي.
ويأتي هذا التوتر في العلاقات الأميركية الجنوب أفريقية في وقت يواجه فيه المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم تحديات داخلية غير مسبوقة، إذ يحكم للمرة الأولى من خلال تحالف مع أحزاب أخرى منذ سقوط نظام الفصل العنصري.
وكشف مراسل الجزيرة في جوهانسبرغ عن تأجيل الإعلان عن ميزانية جنوب أفريقيا لمدة شهر بسبب خلافات بشأن زيادة الضرائب، مما يعكس الضغوط المالية التي تواجهها الحكومة رغم تأكيدها أن قرار ترامب لن يؤثر على سياساتها.
ولفت البرنامج إلى أن الموقف الجنوب أفريقي المدعوم أفريقيا يعكس تحولا في المواقف الدولية تجاه الحرب في غزة، إذ تستند بريتوريا إلى خبرتها في مكافحة الفصل العنصري لتقديم رؤية مختلفة للقضية الفلسطينية على الساحة الدولية.
20/2/2025