في العاصمة الأردنية عمّان، تشهد الشوارع تجمعات متكررة لمئات الأشخاص الذين يرفعون شعارات تأييد لجماعات مسلحة مدعومة من إيران، مما يعد نموذجا للمأزق الذي تعاني منه بعض الدول العربية، في ظل تزايد التوترات والتهديد بحرب أوسع نطاقاً في الشرق الأوسط.

وحسب تقرير نشرته وكالة "بلومبيرغ" الأميركية، فإن هناك مخاوف من توسع الحرب، مع توعد إسرائيل لطهران عقب استهدافها بصواريخ باليستية إيرانية، إثر مقتل زعيم جماعة حزب الله اللبنانية، حسن نصر الله، في غارة إسرائيلية قبل نحو أسبوع.

وكانت إسرائيل قد بدأت قبل عام، حملة عسكرية ضد حركة حماس في قطاع غزة، لكنها وسعت عملياتها مؤخرًا لتشمل تصعيدا ضد حزب الله، مما أسفر عن مقتل المئات في لبنان وتشريد قرابة مليون شخص، حسب إحصائيات الأمم المتحدة. 

ودفعت الهجمات الصاروخية المستمرة من حزب الله نحو إسرائيل على مدار عام، عشرات الآلاف من الإسرائيليين إلى النزوح من المناطق الحدودية.

وتصاعد النزاع الإقليمي بعد مصرع نصر الله، حيث زاد مقتله من تأجيج المشاعر الشعبية المناهضة لإسرائيل في بعض الدول العربية، خاصة في الأردن، وفق الوكالة الأميركية.

وألقى مقتل نصر الله بظلاله على المنطقة، حيث يرى محللون إن الوضع بات أكثر تعقيدًا، وأصبحت احتمالية اندلاع نزاع أوسع أكثر ترجيحًا. 

مسؤولون أميركيون: السنوار يصر على "الحرب الأكبر" نقلت صحيفة نيويورك تايمز قولهم إن زعيم حماس يحيى السنوار على أمل بأن "تتورط إسرائيل في صراع إقليمي أوسع". الأردن بين التحالفات الغربية و"الغضب الشعبي"

ويعاني الأردن الذي وقع معاهدة سلام مع إسرائيل في عام 1994، من ضغوط داخلية متزايدة، نتيجة الدعم الشعبي المتزايد للحركات الإسلامية والجماعات المسلحة مثل حركة حماس وحزب الله، وكلاهما على قوائم الإرهاب في الولايات المتحدة ودول أخرى.

ومع ذلك، يحافظ العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، على علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة وإسرائيل، بالرغم من المعارضة الشعبية المتزايدة.

ويحتضن الأردن أعداداً كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين، حيث إن 60 بالمئة من سكانه البالغ عددهم 11 مليون نسمة، هم من أصول فلسطينية، وهو ما يعقد الأوضاع أكثر، وفق "بلومبيرغ".

وتزيد الأزمات الاقتصادية والسياسية في البلاد من حالة الغليان الشعبي، حيث "يشعر الكثير من الأردنيين بالإحباط من الأداء الحكومي، ومن عدم وجود تقدم ملحوظ في حل القضية الفلسطينية"، حسب بلومبيرغ.

وفي خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤخرًا، عبّر الملك عبد الله الثاني عن إدانة الأردن لهجمات حماس، لكنه في الوقت نفسه انتقد "التصعيد الإسرائيلي غير المسبوق" ضد قطاع غزة. 

وطالب الملك بضرورة إنشاء "آلية حماية" للفلسطينيين، معتبرًا أن هذه الآلية من شأنها أن تضمن أمان الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء.

وقالت "بلومبيرغ" في تقريرها، إن التيارات المتشددة تستفيد من الغضب الشعبي تجاه إسرائيل والدعم المتزايد للقضية الفلسطينية، لافتة إلى أن تلك التيارات "سواء كانت جماعات سياسية أو مسلحة، تمكنت من استغلال ذلك الغضب لتعزيز شعبيتها ونفوذها". 

وفي هذا السياق، حقق حزب "جبهة العمل الإسلامي"، الذي يُعد الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، انتصاراً كبيراً في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وحصد عددًا غير مسبوق من المقاعد.

الأردن يؤكد على موقف "دائم وواضح".. كيف تعاملت المملكة مع صواريخ إيران ضد إسرائيل؟ أعلن الناطق باسم الحكومة الأردنية، محمد المومني، أن موقف بلاده "واضح ودائم" بأنه لن يكون ساحة للصراع لأي طرف، وذلك في أعقاب إعلان عمّان اعتراض صواريخ في أجواء المملكة في خضم الهجوم الإيراني الذي استهدف إسرائيل، الثلاثاء.

ويعكس ذلك النجاح حجم التأييد الشعبي المتزايد للجماعات الإسلامية التي ترى في دعم "المقاومة المسلحة" حلاً في مواجهة إسرائيل، وفق الوكالة الأميركية.

وفي الوقت نفسه، يتمتع الحزب بشعبية كبيرة بين الشباب الأردني، الذي يرى أن "التيارات الإسلامية هي الأقدر على تحقيق تغيير حقيقي". 

وأوضح حمد القاطبي، وهو طالب طب أردني في العشرينيات من عمره، أنه صوت هو و20 من أصدقائه لصالح "جبهة العمل الإسلامي" في الانتخابات الأخيرة، بسبب "موقفها المؤيد لحماس".

من جهة أخرى، يسعى ذلك الحزب الإسلامي، كما يقول خبراء، إلى "العمل من داخل النظام لتحقيق إصلاحات تدريجية، مع مطالبته بقطع العلاقات مع إسرائيل وإخراج القوات الأجنبية من الأردن". 

ويرى قادة الحزب أن "الضغوط الداخلية قد تؤدي في نهاية المطاف إلى تحولات جذرية في سياسات البلاد، خاصة في ظل تفاقم الأوضاع الاقتصادية".

"دعم خليجي"

وفي مواجهة هذا "الغليان الشعبي"، تسعى دول خليجية مثل السعودية والإمارات، إلى تقديم "دعم مالي" لدول عربية مثل الأردن ومصر، "للحيلولة دون حدوث اضطرابات داخلية".

وضربت "بلومبيرغ" مثالا بدولة الإمارات، مشيرة إلى أنها "استثمرت مليارات الدولارات في مشاريع تنموية في مصر والأردن، في محاولة لدعم اقتصادات هذه الدول ومنع حدوث اضطرابات داخلية". 

وأعلنت أبوظبي في نوفمبر الماضي، عن استثمار بقيمة 5.5 مليار دولار في الأردن، بينما استثمرت السعودية قرابة 24 مليار دولار في مشاريع متنوعة في دول عربية، بما في ذلك الأردن.

لكن رغم هذه الاستثمارات، لا يشعر المواطن الأردني العادي بأنها أحدثت فرقاً كبيراً في حياته اليومية، وفقًا لما يقوله مراد عضيلي، أحد قادة جبهة العمل الإسلامي. 

لبنان والأردن ومصر.. ما المخاطر الاقتصادية لـ"الحرب الشاملة"؟ ومع التحذيرات المستمرة من احتمالية توسع رقعة الصراع ليتحول إلى حرب شاملة، خرج البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، ليعلن في بيان، الخميس، أن الأحداث المتصاعدة في الشرق الأوسط سوف تفاقم الأزمة السياسية والاقتصادية في لبنان وتضر بدول مثل الأردن ومصر.

ويرى عضيلي أن الإصلاحات السياسية والاقتصادية المطلوبة "لم تتحقق بعد"، وأن الأردنيين "لا يشعرون بأنهم شركاء في صناعة القرار".

ومع تصاعد "الغضب الشعبي" في الأردن والمنطقة، هناك تحذيرات من احتمالية اندلاع موجة جديدة من الاحتجاجات على غرار ما يعرف بـ"الربيع العربي"، وفقًا لما يقوله المحلل السياسي الأردني، عريب الرنتاوي.

وأضاف الرنتاوي أن "جميع عوامل اندلاع احتجاجات جديدة موجودة، وتتمثل في الفقر والبطالة والفساد والقمع السياسي"، لافتا إلى أنها "تضاف إلى الدعم الشعبي المتزايد للقضية الفلسطينية، الذي قد يُشكل شرارة لموجة جديدة من الاحتجاجات". 

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: فی الأردن حزب الله

إقرأ أيضاً:

سيناريو ترامب للتطهير العرقي بغزة يعكس خلفيته العقارية

واشنطن- بعد ساعات فقط من موافقة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على رفع الحظر الذي فرضه سلفه جو بايدن على شحن القنابل التي يزيد وزنها على 900 كيلوغرام لإسرائيل، قال ترامب إنه يود أن يرى الأردن ومصر ودولا عربية أخرى تستقبل مزيدا من اللاجئين الفلسطينيين من قطاع غزة بحجة "تطهير المنطقة التي مزقتها الحرب".

واعتبر غريغوري أفتانديليان، خبير ملف سلام الشرق الأوسط والأستاذ بالجامعة الأميركية بواشنطن، أن تصريح ترامب يعكس خلفيته العقارية من جهة، وصداقته مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من جهة أخرى.

ويوضح أن ترامب يرى من الناحية العقارية أن إعادة إعمار غزة ستكون أسهل بكثير إذا كان هناك عدد أقل من النازحين في القطاع، أما من ناحية علاقته بنتنياهو، فهو يريد إقناعه بأن هذه الخطة تهدف إلى إبقاء العديد من الفلسطينيين لاجئين إلى الأبد خارج قطاع غزة، لإفساح المجال للمستوطنين الإسرائيليين.

رفض أردني ومصري

من جهته، رد الأردن وبسرعة على لسان وزير خارجيته أيمن الصفدي الذي نفى بصورة قاطعة موافقته على أي خطط لترحيل سكان غزة، كما أصدرت الخارجية المصرية بيانا صارما بالمعنى نفسه.

وكان ترامب قد أثنى على الأردن لقبوله اللاجئين الفلسطينيين سابقا، وقال إنه أخبر الملك عبد الله الثاني "أود أن تستقبل المزيد، لأنني أنظر إلى قطاع غزة بالكامل الآن أنه في حالة فوضى حقيقية"، وقال إن "هذه الحركة الجماعية للفلسطينيين قد تكون مؤقتة أو طويلة الأمد".

إعلان

وقال ترامب، خلال لقاء سريع مع الصحفيين على متن طائرة الرئاسة مساء السبت، إنه ناقش رؤيته في مكالمة في وقت سابق مع ملك الأردن، وأضاف أنه سيتحدث الأحد مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، معلقا على ذلك "أود من مصر أن تأخذ الناس، أنت تتحدث عن 1.5 مليون شخص على الأرجح".

وحتى انقضاء منتصف يوم الاثنين بتوقيت واشنطن، لم يصدر أي بيان من البيت الأبيض عن مهاتفة ترامب للسيسي، رغم صدور عدة بيانات عن مكالمات أجراها ترامب خلال اليوم، لكنها لم تتضمن واحدة مع نظيره المصري كما كان متوقعا.

ويتكوف (يمين) التقى نتنياهو في القدس قبيل الإعلان عن التوصل لتفاهمات لاتفاق لوقف إطلاق النار (الصحافة الإسرائيلية) قطعة أرض

جاءت طلبات ترامب بتهجير سكان غزة خارج القطاع متسقة مع اختياره لصديقه وزميله في قطاع العقارات بنيويورك ستيفن ويتكوف، مبعوثا خاصا للبيت الأبيض إلى الشرق الأوسط، وهو ما يعكس فهم ترامب لطبيعة الصراع على أنه "خلاف على قطعة أرض".

ورغم أن ويتكوف لم يتلق أي تدريب دبلوماسي، وليس له أي خبرات سياسية، فإن أصدقاءه يشيرون إلى عمق علاقاته التجارية والاستثمارية التي بناها في المنطقة، خاصة في الإمارات وقطر وإسرائيل، كما أن له علاقات جيدة مع جاريد كوشنر صهر ترامب والمطور العقاري، الذي لعب دورا أساسيا بالتمهيد لتوقيع "اتفاقيات أبراهام" قبل 5 سنوات.

وامتدح ترامب مبعوثه ويتكوف بعد دوره البارز ومساهمته بالتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة بين حركة حماس وإسرائيل، وخصه بمعاملة خاصة في مراسم تنصيبه، وسمح له بتوجيه كلمة شاهدها الملايين حول أميركا والعالم.

ربح شخصي

يعتقد تشارلز دان، المسؤول السابق بالبيت الأبيض ووزارة الخارجية، والخبير حاليا بالمعهد العربي بواشنطن، "أن ترامب قد يراقب ما إذا كان هناك ربح شخصي يمكن تحقيقه من الاتفاق، سواء عن طريق الشراكة مع الشركات الإسرائيلية التي ستعمل على إعادة السكان اليهود للمستوطنات، أو العلاقات المالية مع دول الخليج التي قد تشارك في إعادة إعمار غزة".

إعلان

وأشار دان إلى تصريحات لكوشنر، حين ذكر في مقابلة مع الباحث في جامعة هارفارد طارق مسعود في مارس/آذار 2024 أن "ممتلكات الواجهة البحرية في غزة يمكن أن تكون ذات قيمة كبيرة، الأوضاع مؤسفة بعض الشيء هناك، ولكن من وجهة نظر إسرائيل سأبذل قصارى جهدي لإخراج الناس ثم تنظيف المنطقة".

واعتبر دان أن "هذا يذكرنا بقوة بحديث ترامب الأخير عن تطهير غزة، ويشير إلى أن المنطقة بأكملها يتم النظر إليها بعين مثمن عقاري، وهذا بالطبع رأي شخصي، ولكن في ظل الظروف وبالنظر إلى التصريحات، فمن المؤكد أنها ضمن نطاق الاحتمالات الواردة".

من ناحية أخرى، وفي حديث له مع شبكة "سي إن إن"، قال السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام المقرب من ترامب "لا أعرف ما الذي يتحدث عنه ترامب، لكن عندما أذهب للتحدث إلى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، أو إلى الإمارات أو مصر، وأسألهم عن خطتهم للفلسطينيين وإذا كانوا يريدون منهم أن يغادروا، فإني أرى أنهم يريدون أن يتمكن الفلسطينيون من العيش بكرامة مع توفير الأمن لإسرائيل".

وأضاف السيناتور غراهام "لكن السؤال المطروح هو سؤال جيد، هل يدعم العالم العربي إبعاد الفلسطينيين من غزة؟ سأتفاجأ إذا وافقوا على ذلك".

مقالات مشابهة

  • سياسي أنصار الله: دماء القادة الشهداء هي مشعل المقاومة ووقود حركتها والطوفان المتجدد الذي لن يتوقف إلا بزوال إسرائيل
  • سياسي أنصار الله: دماء القادة الشهداء مشعل المقاومة ووقود حركتها والطوفان الذي لن يتوقف إلا بزوال إسرائيل
  • عاجل. الشرطة السويدية: مقتل اللاجئ العراقي سلوان موميكا الذي أحرق القرآن بالرصاص
  • الاتحاد الأوروبي يدعم الأردن بـ3 مليارات يورو
  • ‏قائد المنطقة الشمالية في إسرائيل: حزب الله هُزم وإذا حاول الرد فسنقضي عليه وعلى قيادته
  • عندما يريد شيئًا.. فإنه يحدث.. تحليل خطة ترامب في غزة وخيارات دول عربية وسط إشادة اليمين الإسرائيلي المتشدد
  • الأردن يستضيف المنتدى الإقليمي لتنمية الاتصالات
  • سيناريو ترامب للتطهير العرقي بغزة يعكس خلفيته العقارية
  • الأردن يعلن اسئناف عمل المنطقة الحرة الحدودية مع سوريا
  • وسام العباسي زعيم خلية سلوان الذي حاكمته إسرائيل بـ26 مؤبدا