موفدان من جنبلاط في دارة فرنجية والبحث تناول انقاذ البلد
تاريخ النشر: 5th, October 2024 GMT
استقبل رئيس تيار المرده سليمان فرنجية في دارته في بنشعي النائبين وائل أبو فاعور وراجي السعد، موفدين من الرئيس السابق للحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط والنائب تيمور جنبلاط بحضور النائب طوني فرنجيه والوزيرين السابقين يوسف سعادة ويوسف فنيانوس.
وقال السعد بعد اللقاء: "نستمر في الجولة، أنا وزميلي النائب وائل أبو فاعور موفدين من وليد بك جنبلاط واللقاء الديمقراطي برئاسة الأستاذ تيمور جنبلاط في محاولة لتقريب المسافات بين الأطراف اللبنانية في محاولة للتوصل الى حل داخلي لجزء من أزماتنا الكبرى بدءًا بانتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة لنتمكن من الانصراف الى العمل الجدي مع المجتمع الدولي للتوصل الى وقف لاطلاق النار وللحرب المجنونة".
وتابع: "طبعاً عرضنا للأوضاع مع سليمان بك وخصوصاً أنه زعيم يمثل ما يمثله وهو مرشح أساسي للرئاسة، وبحضور الصديق طوني بك فرنجيه والوزيرين السابقين يوسف سعادة ويوسف فنيانوس، واليوم ثمة باب للنقاش الجدي، هذا النقاش الذي يجب ان يمر حكماً ببنشعي.
واعتقد أن الوزير فرنجيه يعمل بشكل جاد لما فيه انقاذ البلد من الوضع الخطير الذي يمر به، وكنا متوافقين على كثير من النقاط ونأمل أن نتمكن من التوصل الى مساحة مشتركة بين الجميع لما فيه خير جميع اللبنانيين عبر استعادة الدولة اللبنانية واعادة الحياة للمؤسسات الدستورية لنعمل لوقف الحرب مع اعترافنا بان قرار الحرب او وقف اطلاق النار ليس بيد اللبنانيين".
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
المثقف في العصر الرقمي .. بين الضياع والبحث عن دور
كان المثقف في الماضي هو الضمير الحي للمجتمع، وكان العقل الذي يستشرف المستقبل، واللسان الناطق باسم الحقيقة، حتى في مواجهة أكثر السلطات جبروتًا. أما اليوم، فقد أصبح المثقف نفسه يعيش أزمة هُوية، ليس لأنه فقد أدواته الفكرية، ولكن لأنه فقد موقعه ودوره في عالم لا يلتفت كثيرًا للمعرفة العميقة، بل بات يتجه نحو السرعة، والتبسيط المخل، والضوضاء التي تصنع الأبطال الوهميين.
لكنّ هذه الأزمة ليست وليدة اللحظة الآنية، بل هي تراكم لعقود من التحولات العميقة التي مسّت بنية المجتمعات الحديثة، من تراجع دور الأيديولوجيا، إلى تلاشي المشاريع الثقافية الكبرى، وصولا إلى صعود نخب جديدة لا تستمد قوتها من المعرفة، بل من قدرتها على التأثير في عالم منصات التواصل الاجتماعي. وفي ظل هذا التحول، أصبح المثقف التقليدي يواجه معضلة وجودية: أين موقعه وسط هذا العالم الجديد؟ هل لا يزال بإمكانه أن يكون فاعلا في المجتمع، أو أنه أصبح مجرد ظاهرة من زمن مضى؟
الإجابة عن هذا السؤال معقدة، لكنها تكشف عن مفارقة جوهرية: المثقف لم يختفِ، لكنه فقد البوصلة. فبدل أن يكون قائدا للرأي، أصبح متفرجا على تحولات المجتمع، أو في أفضل الأحوال، باحثا عن دور يناسب المرحلة الجديدة؛ وهنا تكمن خطورة المأزق، إذ لم يعد التحدي مقتصرا على قدرة المثقف على فهم الواقع، بل في قدرته على التأثير فيه وسط حالة الفوضى المعلوماتية التي تصنع «المؤثرين» بدلا من «المفكرين».
ما زاد من تعقيد المشهد هو تحول وسائل التواصل الاجتماعي إلى ساحة الصراع الجديدة، حيث لم يعد التنافس قائما على جودة الفكرة، بل على قدرتها على الانتشار. وفي هذا المشهد المضطرب وجد المثقف نفسه أمام خيارين: إما أن يحافظ على عمقه الفكري ويتقبل العزلة التدريجية، أو أن يلجأ إلى استراتيجيات التأثير الرقمي، وهو ما قاد بعضهم إلى تبني خطاب شعبوي يتماهى مع الجماهير، لكنه يفتقر إلى المضمون الحقيقي.
وهكذا، بدلًا من أن يكون المثقف مرجعية فكرية، أصبح في كثير من الأحيان مجرد «مؤثر» ينافس نجوم الترفيه، لكنه يفتقد إلى تأثيرهم الحقيقي. لقد تغيرت قواعد اللعبة، وأصبح التفاعل الرقمي معيارا للحضور، حتى وإن كان على حساب الحقيقة والعمق.
ولكن رغم قتامة المشهد ومرارته إلا أن المثقف لا يزال يمتلك دوره، شرط أن يعيد تعريفه وفق متطلبات العصر.. فبدلا من الانزواء أو محاولة التكيف السطحي، يحتاج المثقف إلى استعادة جوهر مهمته: إنتاج المعرفة، وإثارة الأسئلة الجوهرية، وتقديم رؤية نقدية للمجتمع. لكن هذا لا يمكن أن يتم بمعزل عن الواقع، بل من خلال فهم الأدوات الجديدة والتعامل معها بذكاء، دون أن يسقط في فخ الاستعراض أو البحث عن الشعبية على حساب الفكرة كما هو حاصل الآن.
إن أهم أزمات المثقف اليوم ليست في قلة الأفكار، بل في تراجع التأثير، والمهمة الحقيقية ليست في العودة إلى الماضي حيث كان للمثقف دور ومكانة، بل في قدرة المثقف على إيجاد موطئ قدم في الحاضر، وإعادة بناء دوره بوصفه صوتا نقديا مستقلا، لا كصدى لضجيج الإعلام الرقمي. فالمجتمع، مهما تغيرت وسائله، لا يزال في حاجة إلى منارة فكرية ترشده وسط العواصف، لا إلى مجرد موجّه آخر في بحر التفاهة.