حتى اللحظة يبدو أن الأمور تسير بشكل حسن بخصوص تعيين محافظ جديد للمصرف المركزي الليبي ونائب له، فقد أقر مجلس النواب ترشيحهما بالإجماع، ولأن وضع المجلس الأعلى للدولة مضطرب بسبب الانقسام والخلاف حول رئاسته، تم التغاضي عن موقف موحد من قبله، وبالتالي فإن عملية التسليم والاستلام مرت بسلاسة، في انتظار التوافق على عضوية مجلس إدارة المصرف، والتي قد تكون نقطة خلاف قد تنعكس سلبا على أداء المصرف.



الأهم هو كيفية تعاطي المحافظ ونائبه مع الخلاف المحموم حول عوائد النفط وأوجه إنفاقها، ومن يسند إليه هذه المهمة أو المسؤولية، فهنا مربط الفرس في كل ما دار من نزاع حول إدارة المركزي الليبي، وما لم تحسم هذه المسألة، فإن النزاع مرشح أن ينفجر من جديد.

المجلس الرئاسي الذي كان، ولو ظاهريا، خلف الخلاف الذي وقع حول إدارة المصرف المركزي، يطالب بأن تعد ميزانية عامة يصادق عليها مجلس النواب بثلثي أعضائه، بعد التفاهم حولها مع السلطة التنفيذية التي يتعاطى معها المجلس الأعلى للدولة، والمقصود هو حكومة الوحدة الوطنية في غرب البلاد، وهذان الشرطان كفيلان بنسف الاتفاق الذي أوجد المحافظ الجديد ونائبه في حال الإصرار عليهما.

الأهم هو كيفية تعاطي المحافظ ونائبه مع الخلاف المحموم حول عوائد النفط وأوجه إنفاقها، ومن يسند إليه هذه المهمة أو المسؤولية، فهنا مربط الفرس في كل ما دار من نزاع حول إدارة المركزي الليبي، وما لم تحسم هذه المسألة، فإن النزاع مرشح أن ينفجر من جديد.رئيس المجلس الرئاسي طالب المحافظ الجديد بالسير بألية "الترتيبات المالية" التي تم الأخذ بها لسنوات بديلا عن الميزانية المعتمدة، إلى حين الاتفاق على ميزانية عامة، وهذا ما لا يرضي الاطراف المتنازعة خاصة جبهة الشرق، والتي نحجت في تمرير ميزانية الأشهر الماضية هي الأخضم في تاريخ ليبيا المعاصر تشرف على إنفاقها الحكومة في الشرق الليبي برئاسة أسامة حماد.

على صعيد آخر، وفي حال افتراض المضي في الاتفاق والتوافق حول المصرف المركزي وإدارة الإيرادات العامة للدولة، فإن هناك إشكالية موائمة العوائد للنفقات العامة وذلك في حال تم وقف العمل بالضريبة المفروضة على بيع العملات الأجنبية والتي صدر حكم من المحكمة العليا بإلغائها.

عوائد النفط هي في حدود 22 مليار دولار سنويا وذلك قياسا على المداخيل خلال السنوات الثلاث الماضية وبالنظر إلى أسعار النفط في الأسواق العالمية وسقف إنتاجه محليا، وعند استبعاد حصة المؤسسة الوطنية للنفط والشركاء، فإن صافي الإيراد النفطي هو في حدود 18 مليار دولار أمريكي، أي ما يعادل 86 مليار دينار ليبي وفقا لسعر صرف الدولار الرسمي، دون احتساب الضريبة.

واعتمادا على فاتورة الإنفاق خلال العام الماضية، فإن الإيراد الذي سبق الإشارة إليه لن يغطي الأبواب الرئيسية للميزانية العامة: المرتبات نحو 65 مليار دينار، الدعم الذي يتجاوز 30 مليار دينار، ونفقات تسيير الجهاز الإداري والتي تقترب من 10 مليار، وبالتالي فإن الميزانية ستمول بعجز يبلغ نحو 20 مليار دينار أو يزيد، دون أي مخصصات لمشروعات التنمية.

هناك أربع بدائل لمعالجة هذا الوضع الحرج، الأول هو ارتفاع أسعار النفط، والذي قد يطرأ في ظل الأزمة الحادة التي يشهدها الشرق الأوسط، إلا إن هذا وضعا مؤقتا، ومن غير المنطقي البناء عليه في سد الفجوة  بين الإيرادات والنفقات.

الثاني هو زيادة إنتاج النفط، كما وعدت وخططت المؤسسة الوطنية، غير أن المؤشرات الأولية تؤكد أنه لا أفق لزيادة سقف الإنتاج بشكل ينعكس إيجابا على عائدات البترول، ذلك أنه وبرغم الشروع في خطة تطوير قطاع النفط منذ عامين، إلا إن سقف الإنتاج ظل عند المستوى الذي كان عليه قبل تنفيذ الخطة، ولا مؤشر قوي على إمكان وقوع تطور إيجابي في المدى القصير.

من المرجح أن يكون البديل الأخير هو خيار من تم تعيينهم لإدارة المركزي، فالظروف المحيطة تجبر العقل المدبر ضمن المنتظم السياسي والاقتصادي الرسمي على التفكير في نطاق ضيق، وهو سعر الصرف، لأجل تفادي تراكم الدين العام وتراجع الاحتياطي النقدي وتحقيق الاستدامة المالية.البديل الثالث هو اللجوء إلى الاحتياطي النقدي، وهو ممكن، غير أن استمرار الوضع المختل في الميزانية العامة سيكون له أثر كبير وخطير على الاستقرار النقدي والاستدامة المالية في حال تغطية عجز الميزانية الذي سيستمر لسنوات من الاحتياطي، وبالتالي فإن هناك حاجة إلى بديل آخر في المدى المتوسط والطويل غير الاحتياطي.

البديل الأخير هو تحميل النفقات العامة على كاهل المواطن من خلال تخفيض سعر صرف الدينار بشكل مباشر، أو غير مباشر عبر الإبقاء على الضريبة المفروضة على بيع العملات الأجنبية، والذي يمكن أن حقق مردودا بالعملة المحلية يتجاوز 20 مليار دينار وهو ما يكافئ العجز المتوقع في الميزانية العامة في حال إلغاء الضريبة.

من المرجح أن يكون البديل الأخير هو خيار من تم تعيينهم لإدارة المركزي، فالظروف المحيطة تجبر العقل المدبر ضمن المنتظم السياسي والاقتصادي الرسمي على التفكير في نطاق ضيق، وهو سعر الصرف، لأجل تفادي تراكم الدين العام وتراجع الاحتياطي النقدي وتحقيق الاستدامة المالية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ليبيا ليبيا اقتصاد تحديات رأي مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إدارة المرکزی ملیار دینار فی حال

إقرأ أيضاً:

محافظ المركزي: تخفيض العمولة على البطاقة المصرفية إلى أقل من ‎%‎1

عقد ناجي محمد عيسى محافظ مصرف ليبيا المركزي، اجتماعًا موسعًا مع مدراء المصارف التجارية، بحضور عدد من مدراء الإدارات المعنية بالمصرف المركزي.

يأتي هذا الاجتماع لمتابعة سير عمل تنفيذ سياسات المصرف المركزي بشأن تنظيم بيع النقد الأجنبي، وضمان الامتثال للتعليمات الهادفة إلى تحسين البنية التحتية المصرفية، وتعزيز وسائل الدفع الإلكتروني، بالإضافة إلى معالجة مشاكل السيولة وضمان توافرها لدى كافة المواطنين خاصةً خلال شهر رمضان المبارك. 

شدد المحافظ خلال الاجتماع على ضرورة التزام المصارف بالمعايير والسياسات والإجراءات التي أقرها المصرف المركزي لضمان حماية احتياطي الدولة من النقد الأجنبي، وبما يحافظ على قيمة الدينار الليبي. 

وتابع أنه يساهم في تحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي والاستدامة المالية للدولة. كما تم التأكيد على أهمية تعزيز الشمول المالي عبر التوسّع في خدمات الدفع الإلكتروني، كجزء من خطة التحول الرقمي التي تهدف إلى تقليل الاعتماد على النقد الورقي وتسهيل المعاملات المالية للمواطنين. 

ومن جانبهم استعرض مدراء المصارف الإجراءات المتخذة لتحسين البنية التحتية المصرفية، مؤكدين التزامهم بتنفيذ الخطط التي من شأنها تعزيز كفاءة الخدمات المصرفية، وتوسيع نطاق الخدمات الرقمية، بما في ذلك زيادة نقاط البيع الإلكتروني وزيادة التوسع في إصدار البطاقات المصرفية. 

وفي ختام الاجتماع، أكد المحافظ على استمرار المتابعة الدورية لأداء المصارف، مشددًا على أهمية التعاون المشترك بين المصارف والجهات المختصة لضمان تقديم خدمات مصرفية تلبي احتياجات المواطنين، وتعزز من الاستقرار المالي في البلاد.

وفي هذا الصدد، أصدر المحافظ تعليماته بتخفيض قيمة العمولات المفروضة على استعمالات البطاقة المصرفية على نقاط البيع الى ما دون 1% كحد أعلى لكافة القطاعات دون استثناء، كما تم الاتفاق على فتح مجال السحب النقدي للمواطنين من اي مصرف عن طريق خاصية السحب المسبق (cash advance) على نقاط البيع (PoS).

الوسوممحافظ المركزي

مقالات مشابهة

  • بين الاستقرار الأمني والتحديات الاقتصادية.. عام أخير في مسيرة حكومة السوداني
  • بين الاستقرار الأمني والتحديات الاقتصادية.. عام أخير في مسيرة حكومة السوداني- عاجل
  • هجوم سيبراني خبيث ضرب عدة دول من بينها ليبيا واحتمالية أن يكون أصله ليبي واردة
  • محافظ المركزي: تخفيض العمولة على البطاقة المصرفية إلى أقل من ‎%‎1
  • 7.06 مليار ريال حجم الأصول الأجنبية والسبائك الذهبية بالبنك المركزي بنهاية 2024
  • تحذير نيابي: العراق مقبل على صيف أسوأ لغياب البدائل عن الغاز الإيراني
  • معدل الاعتقال الاحتياطي انخفض بنحو الثلث وفقا لتقرير النيابة العامة
  • البنك المركزي: 47.4 مليار دولار حجم الاحتياطي النقدي بنهاية فبراير 2025
  • تقرير: ليبيا تعزز ثقة المستثمرين عبر استكشافات النفط
  • ما الذي تخطط له واشنطن لتعطيل النفط الإيراني