لا يثير دهشتي أن رجلا مثل دونالد ترامب، ذا سجل جنائي طويل وعريض، ومدان قضائيا، وأثبتت الوقائع ان في جمجمته قليل جدا من المادة الرمادية، يصبح رئيسا لأقوى دولة اقتصاديا وعسكريا في العالم، ويبقى في منصبه أربع سنوات، دون أن يترك بصمة إيجابية في سجله الشخصي أو سجل بلاده، ثم يعتزم خوض الانتخابات ليصبح رئيسا مجددا، بل يدهشني أن ملايين الأمريكان يعتبرونه الشخص المناسب للمنصب، ويثير عجبي أن ترامب يخوض الانتخابات باسم الحزب الجمهوري الأمريكي، الذي هو أعرق حزب سياسي في الولايات المتحدة (تأسس عام 1845)، والذي أتى بأشهر رئيس أمريكي، ألا وهو إبراهام لنكون، ولا يرى قادة الحزب سوءات وعورات ترامب المرئية بالعين المجردة، بينما هي مبذولة لكل من له لب، او ألقى السمع وهو شهيد.
أصدر بعض كبار أطباء النفس الأمريكان، تقريرا جاء فيه أن ترامب بحاجة إلى علاج لأنه "معتل اجتماعيا"، والاعتلال الاجتماعي هو أحد صور اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، والمعتل اجتماعيا شخص لا يهتم بمشاعر أحد، ويفكر في مصلحته فقط، ولا ينشغل بتأثير أفعاله على الآخرين.خلال سعيه لخطب ود الناخبين، ظل ترامب يعتلي المنابر، وضيفا ثابتا على قناة فوكس التلفزيونية، وما فتح فمه إلا وأمطر الناس أكاذيب وأعاجيب، مثل قوله مرارا وتكرارا أن المهاجرين من هاييتي، المقيمين في مدينة سبرينغفيلد في ولاية أوهايو، يسرقون الكلاب والقطط من جيرانهم ويأكلونها، ثم وأثناء مخاطبته حشدا جماهيريا في مدينة إيري في ولاية بنسلفانيا، إن أفضل طريقة لمنع تفشي جرائم القتل والعنف، هو تخصيص يوم لمثل هذه الجرائم فيشبع الجناة رغباتهم، ثم يكفون بعدها عن ممارستها، بل قال إن عضو الكونغرس مايك كيلي هو الأنسب لتنظيم يوم كهذا.
قبل نحو شهر، أصدر بعض كبار أطباء النفس الأمريكان، تقريرا جاء فيه أن ترامب بحاجة إلى علاج لأنه "معتل اجتماعيا"، والاعتلال الاجتماعي هو أحد صور اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، والمعتل اجتماعيا شخص لا يهتم بمشاعر أحد، ويفكر في مصلحته فقط، ولا ينشغل بتأثير أفعاله على الآخرين. وهو سلوك تصفه كارلا مانلي ـ المختصة النفسية في كاليفورنيا ـ بأنه "مليء بالأكاذيب والتلاعب". وبدورها تقول أبيغيل مارش، عالمة النفس والأعصاب بجامعة جورج تاون في واشنطن عن ترامب، إنه شخصية سيكوباتية ميالة للسلوك العنيف والتطرف في المواقف، وجاء في التقرير أن العلة التي يعاني منها ترامب ولا تحتاج لمزيد من التشخيص هي النرجسية، والنرجسيون لديهم شعور مبالغ فيه ولا أساس له بأهميتهم ومواهبهم (أي يعانون من هوس العظمة)، وترامب يردد في كل محفل: لا أحد مثلي يفهم في أمور المال والعلاقات الدولية والاقتصاد والحرب والسلام، ولا يفوت عليه أنه يتفوق من منافسته كامالا هاريس على كرسي الرئاسة من حيث الجمال (لم يقل الوسامة او الأناقة). وتأكيدا لتفوقه المزعوم فإنه يصم هاريس بالغباء والقبح والبله والتخلف العقلي (بينما اكتفى جيه دي فانس الذي اختاره ترامب ليكون نائبه في البيت الأبيض بعد الفوز، معايرة هاريس بأنها عاقر بلا ذرية، وأن هذا يجعلها غير مؤهلة لمنصب رفيع).
وعجيب أمر أنصار الحزب الجمهوري الذين باتوا يؤلهون ترامب، بل ان غلاة المسيحيين منهم يعتبرونه ظل المسيح على الأرض، ويتهافتون على شراء نسخة من الانجيل تحمل اسمه، ولا عليهم ان زوجتاه السابقتان مارلا وإيفانا تطلقتا منه، بعد ثبوت ارتباطه بعلاقات حميمة مع عدد من المومسات، بل إن إيفانا طلقته بعد ان "قفشته" في وضع "الخيانة" ميلانيا التي هي زوجته الحالية، ولا على حملة لواء الانجيل أولئك، ان ميلانيا هذه كانت تكسب عيشها من التعري امام الكاميرات قبل زواجها بترامب.
يقول هوارد ستيرن وهو نجم إذاعي يتابعه الملايين في القارة الأمريكية إن الغبي الحقيقي، ليس ترامب بل الذين يناصرون ترامب، ولا يرون إنه كان سيئا في كل ناحية عندما صار رئيسا في 2016، ثم ساءت قواه العقلية وتكشفت سواءته الأخلاقية في 2024، ومع هذا يجد التأييد من البعض "مما يؤكد أن هؤلاء البعض معتلون أخلاقيا وفكريا".
ابتليت العديد من الدول العربية برؤساء من شاكلة ترامب، وربما أضل سبيلا منه، ولكن شعوب تلك الدول بريئة منهم لأنها لم تخترهم، ولو صفقوا لهم علنا، فقد كان ذلك لأنه وبغير ذلك، كانت ستطير رقابهم أو تطير منهم مناصبهموفوق هذا كله فإن ترامب يؤكد في كل أقواله أن مخه "خارج الشبكة"، ويتبدى ذلك في الأخطاء الفادحة في المعلومات التي تخرج من فمه، فعنده صار فيكتور أوبران رئيسا لتركيا (بدلا من المجر)، وصارت نيكي هيلي التي كانت تصبو لترشيح الحزب الجمهوري لها للرئاسة، زعيمة الديمقراطيين في الكونغرس (بدلا من نانسي بيلوسي)، وعند تناوله لمسألة الحرب الروسية على أوكرانيا، قال ترامب إنه سينجح في إنهائها بسبب علاقته الطيبة بالرئيس الروسي بوتين، "الذي لا يكن احتراما لأوباما"، بل كان في مستهل حملته الانتخابية الراهنة يقول إنه يتقدم على أوباما في استطلاعات الرأي، ولا عليه أن أوباما غادر كرسي الرئاسة في 2017، ثم كانت الطامة عندما تحدث عن الأرجنتين باعتبار أنه "شخص شديد الإعجاب بي".
ابتليت العديد من الدول العربية برؤساء من شاكلة ترامب، وربما أضل سبيلا منه، ولكن شعوب تلك الدول بريئة منهم لأنها لم تخترهم، ولو صفقوا لهم علنا، فقد كان ذلك لأنه وبغير ذلك، كانت ستطير رقابهم أو تطير منهم مناصبهم، وسبل كسب قوتهم، ولكن ملايين الأمريكان الذين ينقادون لترامب كما قطيع الضأن، لا يكفون عن التبجح بأنهم من أنصار "ماغا MAGA" وهو الشعار الذي يرفعه ترامب "لنجعل أمريكا عظيمة مجدداً"، ويرون أن عظمة أمريكا تعني وصايتها على بقية دول العالم، لجعلها تقتدي بالنهج الديمقراطي الأمريكي، ولا عليهم أن نهجا يعطي الرئاسة لرجل من شاكلة ترامب، يعاني من إعاقة وعاهات فكرية وأخلاقية، لا يليق بأمم ذوات عقول أن تهتدي به.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ترامب الانتخابات الرأي امريكا انتخابات رأي خطاب ترامب مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها خلال حكم ترامب الثاني المرتقب؟
دونالد ترامب في طريقه إلى البيت الأبيض، ويشكل حكومته ويعين وزراءه يوما بعد يوم. وكان ماسك من أبرز الأسماء فهو رجل أعمال كبير ومن أغنى أثرياء العالم، وقد بات الآن جزءا من السلطة. يسعى صاحب منصة إكس لتقليل الإنفاق الحكومي الأمريكي، الأمر الذي قد يؤثر على الكونغرس وعلى عامة الناس، فماذا هو فاعل؟
اعلانيبدو أن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لم يأخذ الأمر بجدية عندما قدم إيلون ماسك مقترحا بتقليص حجم الحكومة. لكن الاقتراح الذي أخذ على أنه مزحة، قد يصبح حقيقة من الممكن أن تؤدي إلى حصول صراع دستوري حول توازن القوى في واشنطن.
هناك لجنة استشارية خارجية ستعمل مع أشخاص داخل الحكومة لتقليل الإنفاق وتخفيف اللوائح. هذه اللجنة صممت لتصبح وزارة تدعى "كفاءة الحكومة"، ووضع ترامب على رأسها ماسك أغنى رجل في العالم، وفيفيك راماسوامي، رجل الأعمال والمرشح الرئاسي الجمهوري السابق.
بدأت التصريحات تنتشر، وقال ماسك وراماسوامي هذا الأسبوع إنهما سيشجعان ترامب على إجراء تخفيضات، وذلك من خلال رفض إنفاق الأموال المخصصة من قبل الكونغرس، وهي العملية المعروفة باسم الحجز.
يأتي ذلك بالرغم من أن الاقتراح يتعارض مع قانون صدر عام 1974 بهدف منع الرؤساء المستقبليين من السير على خطى ريتشارد نيكسون- الرئيس الأمريكي السابع والثلاثين-، الذي امتنع عن تقديم كل تمويل لا يعجبه.
دونالد ترامب وإيلون ماسك في بنسلفانيا 5 تشرين الأول أكتوبر 2024Alex Brandon/APكتب ماسك ورامسوامي في مقال رأي بصحيفة وول ستريت جورنال: "نحن جاهزون لتلقي هجمات من الكيانات القوية ذات المصالح في واشنطن. نتوقع أن ننتصر. إن الوقت المناسب لاتخاذ إجراءات حاسمة هو الآن".
وكان ترامب قد اقترح فعلا اتخاذ خطوة كبيرة كهذه، وقال العام الماضي إنه "سيستخدم سلطة الحجز المعترف بها منذ فترة طويلة للرئيس من أجل الضغط على البيروقراطية الفيدرالية المتضخمة لتحقيق مدخرات هائلة".
ستكون محاولة مثيرة لترامب من أجل توسيع سلطاته، إذا تمتع بدعم الكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون، وكذا المحكمة العليا الأمريكية ذات الأغلبية المحافظة، وقد تصبح هذه، بين عشة وضحاها، واحدة من أكثر المعارك القانونية التي تشهدها إدارته الثانية.
Relatedبعد جدل في الكونغرس.. إدارة بايدن توافق على صفقة أسلحة بقيمة 20 مليار دولار لدعم إسرائيلالكونغرس يفتح أبوابه للمتحولين جنسيا.. سارة ماكبرايد تصبح أول برلماني أمريكي عن هذه الفئةسكان فلوريدا يحصون خسائر الإعصار ميلتون بانتظار إقرار الكونغرس حزمة مساعدات عاجلةيقول ويليام غالستون وهو زميل بارز في دراسات الحوكمة في مؤسسة بروكينغز، وهي مؤسسة بحثية مقرها واشنطن: "قد ينجو ترامب من العقاب. وسوف تتحول سلطة الكونغرس في الإنفاق إلى رأي استشاري".
خطط مفصلة.. تقليص.. واستعداد للصدقدم ماسك ورامسوامي نظرة أكثر تفصيلاً حول آلية عملهما في وزارة كفاءة الحكومة، فيما أورداه في الصحيفة الأمريكية ذات الانتشار الواسع. وتطال الخطط أهدافا كانت موجودة من أمد بعيد، ومنها قطع مبلغ 535 مليون دولار مخصص لهيئة الإذاعة والتلفزيون العامة.
كما كتب الاثنان أنهما سيعلنان عن "الحد الأدنى لعدد الموظفين المطلوبين في أي وكالة بما يمكنها من أداء عملها حسب الدستور والقانون. وقد يؤدي هذا الأمر إلى "تخفيضات جماعية في عدد الموظفين في جميع أنحاء الحكومة لفيدرالية"، وينظر إلى ذلك على أنه جزء من خطط أخرى تعتبر أكثر طموحًا.
لافتة تشير إلى البحث عن موظفين عند مبنى هيئة البريد الأمريكية في كولورادو 7 تشرين الثاني نوفمبر 2021 David Zalubowski/APوجاء أن بعض الموظفين يمكنهم أن يختاروا أن يحصوا على "مدفوعات نهاية الخدمة الطوعية لتسهيل الخروج السلس". ولكن سيتم تشجيع آخرين على الاستقالة من خلال إلزامهم بالحضور إلى المكتب خمسة أيام في الأسبوع، ما ينهي المرونة التي أتيحت في عصر الوباء بشأن العمل عن بعد.
وقال إيفرت كيلي رئيس الاتحاد الأمريكي لموظفي الحكومة، إن مثل هذه التخفيضات من شأنها أن تضر بالخدمات المقدمة للأمريكيين الذين يعتمدون على الحكومة الفيدرالية.
وقال كيلي إن نقابته التي تمثل 750 ألف موظف في الحكومة الفيدرالية وواشنطن، مستعدة لمحاربة محاولات خفض القوى العاملة. وأضاف "لقد كنا هنا من قبل، وسمعنا هذا النوع من الخطاب، ونحن مستعدون".
المصادر الإضافية • أ ب
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية طهران تنفي صحة التقارير المتداولة حول لقاء سري بين إيلون ماسك والسفير الإيراني لدى الأمم المتحدة بعد اتهامات بالتواصل مع بوتين ومسؤولين روس.. ديمقراطيان يطالبان بالتحقيق مع إيلون ماسك إيلون ماسك رسميًا في البيت الأبيض.. ترامب يفي بوعده للملياردير ويختاره لإدارة لجنة استشارية دونالد ترامبالمحكمة العليا الأمريكيةإيلون ماسكالكونغرسميزانية الحزب الجمهورياعلاناخترنا لك يعرض الآن Next زلزال سياسي: المحكمة الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال في حق نتنياهو وغالانت يعرض الآن Next صفقة كواليس البرلمان الأوروبي: هل هي تثبيت المفوضين؟ أم تجاوز للشفافية؟ يعرض الآن Next تجدد القصف الإسرائيلي على غزة وضاحية بيروت الجنوبية.. ودعوات دولية لاعتقال نتنياهو وغالانت يعرض الآن Next روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ بداية الحرب يعرض الآن Next خلافات تعصف بمحادثات "كوب 29".. مسودة غامضة وفجوات تمويلية تعرقل مسار الاتفاق اعلانالاكثر قراءة حدث "هام" في منطقة الأناضول.. العثور على قلادة مرسوم عليها صورة النبي سليمان سحابة من الضباب الدخاني السام تغلف نيودلهي: توقف البناء وإغلاق المدارس أسعار زيت الزيتون ستنخفض إلى النصف في الأسواق العالمية اليابان ترفع السن القانوني لممارسة الجنس من 13 إلى 16 عاما حب وجنس في فيلم" لوف" اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومكوب 29قطاع غزةضحاياإسرائيلروسياالصراع الإسرائيلي الفلسطيني فرنساالحرب في أوكرانيا بنيامين نتنياهوالذكاء الاصطناعيوفاةصاروخالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesJob offers from AmplyAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024