سودانايل:
2025-03-10@16:35:07 GMT

أفكار عامة حول دعوات جلب قوات لفرض سلام في السودان

تاريخ النشر: 5th, October 2024 GMT

في تقديري، يجب التعامل مع دعوات إدخال قوات فرض سلام للسودان برفض جاد وحاسم!
أولاً لا يوجد سلام في السودان بعد، لتتدخل قوات لحفظه، بل هناك حرب لم تنهض إرادة حقيقية لوقفها أو إنهائها، وبالتالي دعوات إدخال قوات ستكون لفرض سلام وليس لحفظ السلام ( المصطلح المستخدم في الأمم المتحدة هو قوات حفظ السلام)، وسأتعامل فيما يلي مجازاً مع المصطلح المعتمد، مع التنبيه إلى أنه ليس المتوقع حصوله حتى اللحظة!
وبعيداً عن الصعوبات القانونية والاشتراطات الموضوعية غير المتوفرة حالياً لإدخال قوات حفظ سلام للسودان، فإن مبدأ مناقشة هذا الأمر إن كان تحت الطاولات أو فوقها، يجب أن يثير قلق العالمين بمآلاته، والوطنيين المشفقين على بلادهم!
كما والأوجب قلق جميع الأطراف المتحاربة وقيادتها من مثل هذه الدعوات.


هناك من سيقول لك: وصلنا الحد ياخ! وهؤلاء يعتقدون أن دخول مثل هذه القوات قد يحلّ مشكلتهم! هذا غير صحيح، فإدخال قوات أجنبية هو مشكلة جديدة في الوضع الحالي لبلادنا، وهو حلّ البصيرة أم حمد، فلا ثوراً سيبقى ولا جرّة ستُصان.
هناك عدة طرق لحدوث مثل هذا النوع من التدخل، وكلها لن تؤدي لسلام أو استقرار حقيقي، وفق تجربتنا الوطنية أو بعض التجارب من حولنا، وإحدى هذه الطرق- وهي الراجحة راهناً- هي محاولة إنفاذه بشكل أحادي أو عبر تحالف دولي محدود! أي خارج نطاق الأمم المتحدة، وهذه هي أسوأ وسائل إنفاذه!
أكثر الجهات التي تعلم مدى فشل هذه التجربة في بلادنا هي الحركات المسلحة التي حاربت الإنقاذ، بالإضافة إلى حكومة المؤتمر الوطني البائدة( طبعاً هؤلاء استفادوا منها برغم علمهم مسبقاً بعدم جدواها) وبعض السياسيين المخضرمين. وأكثر من لا علم لهم بخطرها، أو لديهم علم قشري بهذا الخطر من الوطنيين، هم من ينادون باستخدام هذه الآلية مجدداً الآن.
* قوات حفظ السلام وفق القوانين الدولية تستجلب في حال وجود اتفاق سلام دائم أو اتفاق سلام مؤقت، وكجزء من مطلوبات إنفاذ هذا الاتفاق، وهذا ما لم يحدث بعد في الحالة السودانية، وبالتالي فالحديث في حقيقته هو عن قوات فرض سلام.
- قوات حفظ السلام ذاتها، تحافظ على سلامها هي أولاً، وبذلك هي غير أمينة على سلام الشعوب الأخرى (الأجنبية) بأكثر من سلامها هي، ولن تسمح دولة تحترم جيشها وشعبها، بأن تغامر بجنودها فتدخلهم في أتون حربٍ لم ينجّلِ غبارها بعد.
* الميزانيات التي تصرف على قوات حفظ السلام أولى بها من تشرّدوا ونزحوا ولجأوا وفقدوا ذويهم وممتلكاتهم، كجزء من التعويض الخاص أو التعويض العام، بعد وقف الحرب أو إنهاءها تفاوضياً.
* ⁠القوى المدنية بتشرذمها الحاصل الآن، وفي حال استمرار الحرب، لن تكون قادرة على أي فعل جدي مؤثر في هذا الشأن، لا دعماً ولا منعاً، وحين تقع الواقعة، لن تنفع بيانات الشجب والاستنكار، أو هرجلة الدعم والاستنفار!
* ⁠القوات المتحاربة لو قبلت بهذه الدعوات أو أذعنت لها تكون قد أثبتت ليس فشلها في الحسم العسكري، بل عجزها عن هذا الحسم، والفرق كبير بين الفشل والعجز؛ الفشل في الحسم العسكري قد يؤدي إلى طاولات التفاوض، فالنجاح لا تُعرف قيمته الحقيقية في الأغلب الأعم، إلا بالمرور عبر تجربة فشل والتعلم منها، وهذا في الغالب لن يلحق وصمة وطنية تاريخية دائمة بهذه القوى وقادتها وأفرادها؛ أما العجز عن هذا الحسم العسكري فيعني هزيمة جميع الأطراف وإذعانهم لخيارات ليست خياراتهم، ويعني رسوخ وصمة أن عجزهم هذا أدّى للاستعانة بآخرين، ليس عسكرياً فحسب، بل سياسياً وإدارياً، فهذه كلها حزمة واحدة، وبذلك وبالطبع فإن العجز، وليس الفشل، هو آخر محاولات الوصول للنجاح( استطالة أمد الحرب هو أحد العوامل الحاسمة هنا). وما يمكن اللحاق به اليوم قد لا يتيسّر غداً!
* ⁠المطلوب في وضعنا الراهن هو إنفاذ إرادة سياسية وليس إرادة عسكرية، فإنفاذ الإرادة السياسية يحافظ على درجة من القدرة العسكرية لمواجهة أخطار أكبر وآلام أوجع لم تأتِ بعد، ولكنها في الطريق، كما ويحافظ على وحدة البلاد أو حتى تقسيمها بإرادة أهلها( أبغض الحلول)؛ أما محاولة إنفاذ إرادة عسكرية فهو نقيض للاستقرار، ولن يحقق سيطرة كاملة، ولن يحسم أمر احتمال العودة لحرب مجدداً حتى بين المتحالفين عسكرياً حالياً أو من سيتحالفون عسكرياً مستقبلاً، وهو أيضاً بداية الطريق لتقسيم البلاد بغير رغبة أو مصلحة أهلها!
* ⁠لازال أفضل الحلول متاحاً، وهو الحل المتفاوض عليه والذي يحافظ على "الدولة" من الانهيار التام- ليس بالمفهوم السطحي التحشيدي الرائج حالياً- ويحفظ سيادتها وما تبقّى من قوتها البشرية والعسكرية، ويحافظ على مقدراتها ومواردها من التفرّق بين جيوب أصحاب المصالح الإقليمية والدولية، والشعب السوداني هو أول الخاسرين حينها.
* ⁠الحل المتفاوض عليه يفسح الطريق أمام عدم الإفلات من العقاب وأمام المحاسبات التاريخية السياسية والجنائية لكل من أجرم في حق الشعوب السودانية، وأمام الحقيقة والمصالحة، وأمام تحقق العدالة والسلام المستدام، وليس سلام الخناجر المخفية بين الجُنُوب.
* ⁠دعوتي- ضمن دعوات أخريات وآخرين- لحملة واسعة يقودها وينخرط فيها وطنيون حادبون لمواجهة هذا الخطر، كبداية لتشكيل جبهة عريضة حقيقية وراسخة وذات أسس واضحة، لإيقاف أو إنهاء الحرب، عبر حوار السودانيين وتوافقهم، وفق ما يحقق المصالح العليا للشعوب السودانية، ووفق وضوح ومكاشفات تستصحب التجربة السابقة ومآلاتها كافة.
* ⁠ما كتبته أعلاه هو محاولة متواضعة لطرح فكرة عامة أوّلية، لا ادّعي فيها التمحيص الكامل أو إعمال أدوات بحث علمي محقق، أو الدقة أو العمق الكافي، أو غياب الشوائب والهنّات بين ثناياه، بل هو محاولة فقط لفتح مناقشات أوسع، ومع الجميع وبالأخص مع من هم أكثر دربة ودراية ومعرفة وخبرة حول هذا الأمر.
وهذا موقفي حتى الآن
#ضد_التدخل_الدولي
#حرب_السودان  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: قوات حفظ السلام

إقرأ أيضاً:

إلى الحرابلة في مأزق لا للحرب: المستقبل يُبنى في الحاضر

وسط النزاع الدامي الذي يعيشه السودان، اختارت مجموعة من القوى السياسية والمجتمعية تبني موقف "لا للحرب"، وعرفت باسم "الحرابلة". ورغم أن هذا الموقف يبدو مبدئياً وشجاعاً، إلا أنه يواجه تحديات حقيقية، لا سيما في ظل التعقيد العسكري والسياسي الحالي. فرفض الحرب وحده لا يكفي، بل يتطلب تقديم بدائل عملية مقنعة تمهد لمستقبل أكثر استقراراً وعدالة.

الغضب الشعبي وانتهاكات الدعم السريع

يواجه الحرابلة معضلة كبرى تتعلق بالغضب الشعبي المتصاعد بسبب الانتهاكات الوحشية التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في مختلف المناطق، وكذلك قام الجيش والمليشيات المتحالفة معه بجرائم وهي أيضاً مدانة، إلا أن جرائم مليشيا الدعم السريع كانت ممنهجة ومتكررة وكبيرة العدد بحيث أصبح من الاستحالة حصرها، وبعضها في مناطق ليس فيها تواجد حتى لنقطة شرطة، هذه الجرائم دفعت الآلاف من المدنيين للاستنفار وحمل السلاح دفاعاً عن أنفسهم واستعادة منازلهم وأراضيهم، ما يجعل دعوات وقف الحرب تبدو منفصلة عن واقع الضحايا ومعاناتهم. فكيف يمكن للحرابلة إقناع المتضررين بموقفهم دون أن يظهروا بمظهر الحياد البارد؟

معضلة السلطة الصفرية

الحرب الدائرة في السودان قائمة على معادلة صفرية، حيث يسعى كل طرف لإلغاء الآخر عسكرياً أو سياسياً تحت ذرائع مختلفة كاذبة، سواء كانت هدم دولة ٥٦ والقضاء على الكيزان وجلب الديمقراطية او حرب كرامة. في ظل هذه المعضلة، يصبح الحديث عن السلام دون تفكيك هذه المعادلة مجرد ترف سياسي. فكيف يخطط الحرابلة للتعامل مع هذا الواقع؟ وهل لديهم رؤية واضحة تضمن عدم تكرار تجارب الفشل السابقة التي بنيت على تقاسم السلطة مع العسكريين دون مساءلة ومحاسبة على الإنتهاكات؟. وفي خطاب رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك حول رؤية "صمود" لإيقاف الحرب دعا للقاء يجمع البرهان وحميدتي وهو ما يوحي بتفصيل دور سياسي لهم بعد الحرب ويقول المثل "من جرب المجرب حاقت به الندامة"

التدخلات الخارجية والموقف الانتقائي

لا يمكن فهم الحرب في السودان دون النظر إلى التدخلات الخارجية التي تغذيها. وبينما يركز البعض على الدعم الذي يتلقاه الجيش، يتم تجاهل الدعم الإماراتي الواسع لمليشيا الدعم السريع. هذا الانتقائية في الطرح تضعف مصداقية تيار "لا للحرب"، فهل يملكون الجرأة على رفض جميع أشكال التدخل الخارجي بوضوح؟. كذلك دعا حمدوك في خطابه بتاريخ ٤ مارس حول رؤية "صمود" لإيقاف الحرب لتشكيل قوة أفريقية و/أو دولية لحفظ السلام، وهذا أمر يبدو بعيد المنال في ظل تقليص الولايات المتحدة دورها الخارجي في أفريقيا وبالتالي دعم قوات حفظ السلام وهي الممول الأكبر لها. كما أن اعتقال ياسر عرمان في كينيا وإطلاق سراحه في تحليلي يبدو بايعاز من كفيل الدعم السريع لكينيا لتوجيه رسالة ل"صمود" لرفضهم مساندة حكومة مليشيا الدعم السريع، أكثر من تنفيذ مذكرة إعتقال حمراء للانتربول والشواهد كثيرة.

الانقسامات الداخلية وخطر التفكك

مع تصاعد الخلافات داخل تيار "لا للحرب"، بدأت بعض مكوناته تدعم مشاريع سياسية مرتبطة بمليشيا الدعم السريع، بل وظهرت كيانات موالية له في مناطق سيطرته. هذا التوجه يثير تساؤلات حول ما إذا كان التيار لا يزال معارضاً للحرب، أم أصبح غطاءاً سياسياً لمشاريع إعادة تشكيل السودان وفق أمر واقع جديد؟. وهل كان هذا الإنحياز للمليشيا يؤثر على مواقف تقدم قبل إنقسامها وتسبب في تضارب رسائلها الإعلامية للسودانيين؟

الضعف الإعلامي وغياب الرسالة الموحدة

تعاني قوى "لا للحرب" من ضعف إعلامي واضح، إذ تفتقر إلى خطاب موحد ومؤثر يصل إلى الشارع السوداني. عليهم تقديم رؤية تخاطب مخاوف المواطن البسيط. فهل يدركون أن مجرد رفع شعار "السلام" دون ربطه بحلول واقعية ويعالج تفكير المواطن البسيط لن يكسبهم تأييد الشارع؟.

غياب الشفافية وإرث المرحلة الانتقالية

كثير من قادة هذا التيار كانوا جزءاً من المشهد السياسي بعد سقوط البشير، ولم يلبوا تطلعات الشارع حينها. هذا الإرث السياسي يضعف الثقة في خطابهم الحالي، لا سيما في ظل غياب بيانات واضحة منهم في كثير من المواقف أثناء الحرب، بل وتضاربها أحياناً. كذلك لم يوضحوا جهودهم وخططهم لوقف الحرب للشارع السوداني.

"لا للحرب" وحدها لا تكفي

في ظل هذه التحديات، يظل السؤال مفتوحاً كيف يمكن تحقيق السلام دون معالجة الغضب الشعبي الناجم عن الانتهاكات؟ وهل لديهم تصور عملي لنزع سلاح المليشيات مع الطرفين التي باتت أمراً واقعاً؟ إذا كانوا يرفضون التدخلات الخارجية، فلماذا يتجاهلون دعم الإمارات للدعم السريع وهي خطر عليهم أيضاً حيث ترفض وتعيق أي تحول ديمقراطي؟ وأخيراً، إذا انتهت الحرب بسيطرة الطرفين كل على جزء من البلاد، فما هو موقفهم من المستقبل، أم أن "لا للحرب" مجرد شعار لا يتجاوز هذه المرحلة؟

mkaawadalla@yahoo.com

محمد خالد  

مقالات مشابهة

  • ما مستقبل اتفاق السلام في دولة جنوب السودان؟
  • اجتماع دولي في السعودية لتقييم فرص السلام في أوكرانيا
  • أمريكا تأمر موظفيها بمغادرة جنوب السودان فورًا
  • الأمم المتحدة ترسم صورة قاتمة للأوضاع في جنوب السودان
  • إلى الحرابلة في مأزق لا للحرب: المستقبل يُبنى في الحاضر
  • الأمم المتحدة تحث قادة جنوب السودان على إنقاذ اتفاق السلام
  • شركة أسلحة تركية ساعدت في تأجيج الحرب الأهلية الوحشية في السودان، قامت بتهريب الأسلحة سرًا إلى الجيش السوداني وفقًا للسجلات
  • روبيو: الرئيس ترامب ملتزم بإنهاء الحرب الاوكرانية في أقرب وقت ممكن
  • الكشف عن مقبرة جماعية ومركز تعذيب في السودان.. واتهامات للدعم السريع
  • ترامب يهدد بفرض عقوبات "واسعة النطاق" على روسيا للضغط من أجل اتفاق سلام مع أوكرانيا