سودانايل:
2024-10-05@11:20:46 GMT

أفكار عامة حول دعوات جلب قوات لفرض سلام في السودان

تاريخ النشر: 5th, October 2024 GMT

في تقديري، يجب التعامل مع دعوات إدخال قوات فرض سلام للسودان برفض جاد وحاسم!
أولاً لا يوجد سلام في السودان بعد، لتتدخل قوات لحفظه، بل هناك حرب لم تنهض إرادة حقيقية لوقفها أو إنهائها، وبالتالي دعوات إدخال قوات ستكون لفرض سلام وليس لحفظ السلام ( المصطلح المستخدم في الأمم المتحدة هو قوات حفظ السلام)، وسأتعامل فيما يلي مجازاً مع المصطلح المعتمد، مع التنبيه إلى أنه ليس المتوقع حصوله حتى اللحظة!
وبعيداً عن الصعوبات القانونية والاشتراطات الموضوعية غير المتوفرة حالياً لإدخال قوات حفظ سلام للسودان، فإن مبدأ مناقشة هذا الأمر إن كان تحت الطاولات أو فوقها، يجب أن يثير قلق العالمين بمآلاته، والوطنيين المشفقين على بلادهم!
كما والأوجب قلق جميع الأطراف المتحاربة وقيادتها من مثل هذه الدعوات.


هناك من سيقول لك: وصلنا الحد ياخ! وهؤلاء يعتقدون أن دخول مثل هذه القوات قد يحلّ مشكلتهم! هذا غير صحيح، فإدخال قوات أجنبية هو مشكلة جديدة في الوضع الحالي لبلادنا، وهو حلّ البصيرة أم حمد، فلا ثوراً سيبقى ولا جرّة ستُصان.
هناك عدة طرق لحدوث مثل هذا النوع من التدخل، وكلها لن تؤدي لسلام أو استقرار حقيقي، وفق تجربتنا الوطنية أو بعض التجارب من حولنا، وإحدى هذه الطرق- وهي الراجحة راهناً- هي محاولة إنفاذه بشكل أحادي أو عبر تحالف دولي محدود! أي خارج نطاق الأمم المتحدة، وهذه هي أسوأ وسائل إنفاذه!
أكثر الجهات التي تعلم مدى فشل هذه التجربة في بلادنا هي الحركات المسلحة التي حاربت الإنقاذ، بالإضافة إلى حكومة المؤتمر الوطني البائدة( طبعاً هؤلاء استفادوا منها برغم علمهم مسبقاً بعدم جدواها) وبعض السياسيين المخضرمين. وأكثر من لا علم لهم بخطرها، أو لديهم علم قشري بهذا الخطر من الوطنيين، هم من ينادون باستخدام هذه الآلية مجدداً الآن.
* قوات حفظ السلام وفق القوانين الدولية تستجلب في حال وجود اتفاق سلام دائم أو اتفاق سلام مؤقت، وكجزء من مطلوبات إنفاذ هذا الاتفاق، وهذا ما لم يحدث بعد في الحالة السودانية، وبالتالي فالحديث في حقيقته هو عن قوات فرض سلام.
- قوات حفظ السلام ذاتها، تحافظ على سلامها هي أولاً، وبذلك هي غير أمينة على سلام الشعوب الأخرى (الأجنبية) بأكثر من سلامها هي، ولن تسمح دولة تحترم جيشها وشعبها، بأن تغامر بجنودها فتدخلهم في أتون حربٍ لم ينجّلِ غبارها بعد.
* الميزانيات التي تصرف على قوات حفظ السلام أولى بها من تشرّدوا ونزحوا ولجأوا وفقدوا ذويهم وممتلكاتهم، كجزء من التعويض الخاص أو التعويض العام، بعد وقف الحرب أو إنهاءها تفاوضياً.
* ⁠القوى المدنية بتشرذمها الحاصل الآن، وفي حال استمرار الحرب، لن تكون قادرة على أي فعل جدي مؤثر في هذا الشأن، لا دعماً ولا منعاً، وحين تقع الواقعة، لن تنفع بيانات الشجب والاستنكار، أو هرجلة الدعم والاستنفار!
* ⁠القوات المتحاربة لو قبلت بهذه الدعوات أو أذعنت لها تكون قد أثبتت ليس فشلها في الحسم العسكري، بل عجزها عن هذا الحسم، والفرق كبير بين الفشل والعجز؛ الفشل في الحسم العسكري قد يؤدي إلى طاولات التفاوض، فالنجاح لا تُعرف قيمته الحقيقية في الأغلب الأعم، إلا بالمرور عبر تجربة فشل والتعلم منها، وهذا في الغالب لن يلحق وصمة وطنية تاريخية دائمة بهذه القوى وقادتها وأفرادها؛ أما العجز عن هذا الحسم العسكري فيعني هزيمة جميع الأطراف وإذعانهم لخيارات ليست خياراتهم، ويعني رسوخ وصمة أن عجزهم هذا أدّى للاستعانة بآخرين، ليس عسكرياً فحسب، بل سياسياً وإدارياً، فهذه كلها حزمة واحدة، وبذلك وبالطبع فإن العجز، وليس الفشل، هو آخر محاولات الوصول للنجاح( استطالة أمد الحرب هو أحد العوامل الحاسمة هنا). وما يمكن اللحاق به اليوم قد لا يتيسّر غداً!
* ⁠المطلوب في وضعنا الراهن هو إنفاذ إرادة سياسية وليس إرادة عسكرية، فإنفاذ الإرادة السياسية يحافظ على درجة من القدرة العسكرية لمواجهة أخطار أكبر وآلام أوجع لم تأتِ بعد، ولكنها في الطريق، كما ويحافظ على وحدة البلاد أو حتى تقسيمها بإرادة أهلها( أبغض الحلول)؛ أما محاولة إنفاذ إرادة عسكرية فهو نقيض للاستقرار، ولن يحقق سيطرة كاملة، ولن يحسم أمر احتمال العودة لحرب مجدداً حتى بين المتحالفين عسكرياً حالياً أو من سيتحالفون عسكرياً مستقبلاً، وهو أيضاً بداية الطريق لتقسيم البلاد بغير رغبة أو مصلحة أهلها!
* ⁠لازال أفضل الحلول متاحاً، وهو الحل المتفاوض عليه والذي يحافظ على "الدولة" من الانهيار التام- ليس بالمفهوم السطحي التحشيدي الرائج حالياً- ويحفظ سيادتها وما تبقّى من قوتها البشرية والعسكرية، ويحافظ على مقدراتها ومواردها من التفرّق بين جيوب أصحاب المصالح الإقليمية والدولية، والشعب السوداني هو أول الخاسرين حينها.
* ⁠الحل المتفاوض عليه يفسح الطريق أمام عدم الإفلات من العقاب وأمام المحاسبات التاريخية السياسية والجنائية لكل من أجرم في حق الشعوب السودانية، وأمام الحقيقة والمصالحة، وأمام تحقق العدالة والسلام المستدام، وليس سلام الخناجر المخفية بين الجُنُوب.
* ⁠دعوتي- ضمن دعوات أخريات وآخرين- لحملة واسعة يقودها وينخرط فيها وطنيون حادبون لمواجهة هذا الخطر، كبداية لتشكيل جبهة عريضة حقيقية وراسخة وذات أسس واضحة، لإيقاف أو إنهاء الحرب، عبر حوار السودانيين وتوافقهم، وفق ما يحقق المصالح العليا للشعوب السودانية، ووفق وضوح ومكاشفات تستصحب التجربة السابقة ومآلاتها كافة.
* ⁠ما كتبته أعلاه هو محاولة متواضعة لطرح فكرة عامة أوّلية، لا ادّعي فيها التمحيص الكامل أو إعمال أدوات بحث علمي محقق، أو الدقة أو العمق الكافي، أو غياب الشوائب والهنّات بين ثناياه، بل هو محاولة فقط لفتح مناقشات أوسع، ومع الجميع وبالأخص مع من هم أكثر دربة ودراية ومعرفة وخبرة حول هذا الأمر.
وهذا موقفي حتى الآن
#ضد_التدخل_الدولي
#حرب_السودان  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: قوات حفظ السلام

إقرأ أيضاً:

الرئيس الإيراني : نريد السلام وليس الحرب مع اسرائيل ”فيديو”

الرئيس الإيراني : نريد السلام وليس الحرب مع اسرائيل ”فيديو”

مقالات مشابهة

  • السودان .. تصاعد الحرب وتفاقم الأزمات الأنسانية مع اقتراب موسم الأمطار من نهايته
  • «القاهرة الإخبارية»: لبنان أرض سلام ترفض الاستسلام في وجه العدوان الإسرائيلي
  • مجزرة (تكايا) الحلفايا ستقود السودان إلى حرب أهلية!
  • الوضع كارثي للغاية.. هل تنجح جهود السلام في إنهاء أزمة السودان؟
  • رئيس جنوب السودان يقيل مدير الأمن ويعين أحد المقربين
  • إفصاح!!
  • الرئيس الإيراني : نريد السلام وليس الحرب مع اسرائيل ”فيديو”
  • أمير قطر: ما يحدث في غزة إبادة جماعية.. ولا سلام دون إقامة دولة فلسطينية
  • المبعوث الأميركي يرتب لإرسال قوات أفريقية لحماية المدنيين في السودان .. بيرييلو قال إن «جميع دول العالم تدعم وقف الحرب واستعادة الحكم المدني»