من "الأم الحنون الحامية إلى دور المتفرج".. كيف فقدت فرنسا نفوذها في لبنان؟
تاريخ النشر: 5th, October 2024 GMT
كثفت فرنسا من جهودها الدبلوماسية مؤخراً لتهدئة الصراع المتنامي في لبنان بين حزب الله وإسرائيل، ولكن يبدو أنها فقدت نفوذها السياسي في لبنان بشكل كبير في السنوات الأخيرة.
بعد يومين فقط من اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، توجه وزير الخارجية الفرنسي الجديد جان نويل بارو إلى بيروت.
وقبل عشرة أيام، كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد خاطب اللبنانيين مباشرةً عبر مقطع فيديو مصوّر نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي. وقال ماكرون، محاطًا بالعلمين الفرنسي واللبناني: ” لبنان يضربه الحزن والخوف“. ودون أن يذكر حزب الله، أشار إلى أنه يعمل على إيجاد حل دبلوماسي في ضوء قيم فرنسا و”المشاعر الأخوية“ تجاه لبنان.
وفي حين أن فرنسا زودت لبنان بمساعدات إنسانية، بما في ذلك 12 طناً من الأدوية والمعدات الطبية و10 ملايين يورو، يبدو أن جهودها الدبلوماسية لم يكن لها تأثير يذكر في لبنان. فما هي الأسباب التي تقف وراء ذلك؟
”الفشل الذريع“ في سورياجاءت نقطة التحول الحقيقية في عامي 2015-2016 مع الحرب في سوريا، كما يقول فابريس بالانش المتخصص في شؤون الشرق الأوسط. والذي يصف سياسة فرنسا آنذاك بـ”الفشل الذريع".
ويُضيف: "لقد اعتقدنا أن بشار الأسد سيسقط، ودعمنا (المتمردين) وسقطت البلاد في حرب أهلية"، مما أدى إلى توجه أكثر من مليون لاجئ سوري إلى أوروبا. وانتهى المطاف بغالبيتهم في ألمانيا.
ويقول بالانش: ”دفعت ألمانيا ثمن هذا الفشل الفرنسي الذريع، ومنذ ذلك الحين بدأ الألمان في الاستحواذ على السلطة الحقيقية داخل أوروبا".
ويلفت إلى إن ألمانيا وضعت حدًا لسياسة فرنسا في استخدام الأموال الأوروبية لصالح سياستها الخارجية، لا سيما في لبنان.
Relatedإسرائيل تتغول: وقواتها تتوغل في لبنان وحزب الله ينفي.. ومسؤول إسرائيلي: "لا نية للغرق في الوحل"تفاصيل جديدة: خامنئي حذر نصر الله قبل أيام من الاغتيال والأمين العام لحزب الله آثر البقاء في لبنانمأساة في لبنان.. شحّ في معدات الدفاع المدني وعمليات الإنقاذ ما زالت مستمرة تحت النيرانالولايات المتحدة بديلاًتجلّى تضاؤل نفوذ فرنسا بلبنان في آب/ أغسطس 2020، عندما زار ماكرون لبنان للضغط من أجل جهود إعادة الإعمار في أعقاب انفجار مرفأ بيروت.
وقد ساعدت دعوته للتضامن في جمع 250 مليون يورو من المساعدات التي كانت هناك حاجة ماسة إليها في جميع أنحاء العالم. لكن رسالة ماكرون الأخرى، وهي أنه ”يشعر بالخجل من السياسيين اللبنانيين“ وأن على النخبة الحاكمة إدخال إصلاحات سياسية واقتصادية، لم تلقَ قبولاً لديهم.
يعلق بالانش قائلاً: ”عندما أعطى أوامره للقادة اللبنانيين، كان يتحدث إليهم باستخفاف". وفي الوقت نفسه، أزعج إصرار الرئيس على ضرورة أن يتحدث القادة اللبنانيون مع حزب الله الأمريكيين.
يتذكر بالانش ما قاله المبعوث ديفيد شينكر، الذي كان آنذاك مسؤولاً عن شؤون الشرق الأدنى في وزارة الخارجية الأمريكية، في زيارة لبيروت: ”لا تنسوا! إن الأميركيين والسعوديين هم من يوقعون الشيكات".
يقول بالانش إن الحكومات بحاجة إلى الدفاع عن خط واضح: "لا يمكننا أن نقول للإسرائيليين 'لديكم الحق في الدفاع عن أنفسكم، سنقوم بإنشاء تحالف دولي ضد حماس على غرار التحالف ضد داعش'. ثم نقول للدول العربية: ”إن ما تفعله إسرائيل في غزة فضيحة".
إذا كان لفرنسا وزن أكبر في لبنان خلال فترة رئاسة شيراك، فيعود ذلك جزئيًا إلى امتلاكه سياسة واضحة مؤيدة للعرب، كما يقول بالانش.
وقد رسم كتاب صدر مؤخرًا لدبلوماسي فرنسي كبير سابق صورة قاتمة لحالة الدبلوماسية الفرنسية في أوكرانيا والشرق الأوسط والقارة الأفريقية، واصفًا إياها بأنها ”مشوشة".
ودعا المؤلف، وهو السفير جان دي جلينيستي الذي شغل منصب سفير فرنسا لثلاث مرات، إلى إحياء فرنسا لقيمها التقليدية مثل احترام السيادة والاختلافات والتطلعات الوطنية.
لاحظ بالانش، الذي عمل في المعهد الفرنسي في بيروت من عام 2003 إلى عام 2007، انخفاضًا كبيرًا في استخدام اللغة الفرنسية في لبنان، مضيفاً: "الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 30 عامًا لم يعد يتحدثون الفرنسية.“
ويعود ذلك بشكل جزئي إلى قلة الاستثمار في المؤسسات الثقافية الفرنسية في لبنان، فعدد الموظفين العاملين في برامج التعاون الثقافي الفرنسي أصبح قليلاً. وإن أولئك الذين يتم إرسالهم هم على الأرجح متدربون أكثر من كونهم أساتذة.
ويأسف بالانش قائلاً: ”إن اللغة الإنجليزية أرخص. كل ذلك لعب دوراً في انهيار الوجود الفرنسي في لبنان".
شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية مظاهرات في فرنسا تطالب بتحسين الأجور ونظام التقاعد فرنسا: ما نوع الإصلاحات المالية التي تدرسها الحكومة؟ محاكمة كبرى لليمين المتطرف في فرنسا: اتهامات باختلاس ملايين اليوروهات فرنسا إسرائيل سوريا لبنان الصراع الإسرائيلي الفلسطيني حزب اللهالمصدر: euronews
كلمات دلالية: الصراع الإسرائيلي الفلسطيني اعتداء إسرائيل حزب الله حركة حماس جنوب لبنان فيضانات سيول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني اعتداء إسرائيل حزب الله حركة حماس جنوب لبنان فيضانات سيول فرنسا إسرائيل سوريا لبنان الصراع الإسرائيلي الفلسطيني حزب الله الصراع الإسرائيلي الفلسطيني اعتداء إسرائيل حزب الله حركة حماس جنوب لبنان فيضانات سيول البوسنة والهرسك محكمة سوريا الحرس الثوري الإيراني بريطانيا استثمار السياسة الأوروبية یعرض الآن Next الفرنسیة فی فی لبنان حزب الله
إقرأ أيضاً:
أزمة دبلوماسية جديدة| الجزائر تطرد 12 موظفًا من السفارة الفرنسية .. وباريس تتوعد بالرد
في خطوة مفاجئة تحمل في طياتها أبعاداً دبلوماسية وأمنية حساسة، طلبت السلطات الجزائرية من 12 موظفاً في السفارة الفرنسية مغادرة أراضيها خلال مهلة لا تتجاوز 48 ساعة. القرار الذي أعلنه وزير الخارجية الفرنسي، جان-نويل بارو، أثار موجة من الجدل وفتح الباب أمام أزمة جديدة في العلاقات الثنائية المتقلبة بين البلدين.
توقيف جزائريين في فرنسا على خلفية "مخطط إرهابي"
تأتي الخطوة الجزائرية كرد فعل على توقيف ثلاثة جزائريين في فرنسا، أحدهم يعمل في قنصلية جزائرية، بتهم تتعلق بالخطف والاحتجاز التعسفي في سياق تحقيق مرتبط بمخطط إرهابي، بحسب ما أعلنت النيابة العامة الفرنسية المختصة بمكافحة الإرهاب. ويُشتبه في أن الموقوفين الثلاثة ضالعون في اختطاف المعارض والمؤثر الجزائري أمير بوخرص، المعروف بلقب "أمير دي زد"، الذي جرى اختطافه في أبريل 2024 داخل الأراضي الفرنسية.
بين اللجوء والاتهام بالإرهاب
يبلغ أمير بوخرص من العمر 41 عاماً، ويقيم في فرنسا منذ عام 2016، حيث حصل على اللجوء السياسي في 2023، بعد أن رفض القضاء الفرنسي تسليمه إلى الجزائر عام 2022. وتتهمه الجزائر بالاحتيال وارتكاب جرائم إرهابية، وقد أصدرت بحقه تسع مذكرات توقيف دولية، مطالبة بتسليمه لمحاكمته أمام العدالة الجزائرية.
رد فرنسي وتحذير من التصعيد
في تعليقه على القرار الجزائري، قال الوزير الفرنسي بارو: "أطلب من السلطات الجزائرية التراجع عن قرار الطرد الذي لا علاقة له بالإجراءات القضائية الجارية في فرنسا"، مؤكداً أن بلاده لن تقف مكتوفة الأيدي، وأضاف: "إذا تمسكت الجزائر بطرد موظفينا، فسنكون مضطرين للرد فوراً".
مصدر دبلوماسي فرنسي أوضح أن بعض الموظفين المشمولين بقرار الطرد يتبعون لوزارة الداخلية الفرنسية، ما يعكس حساسية الموقف وتصعيده لأعلى المستويات.
الجزائر: لن نترك القضية دون تبعات
من جهتها، أصدرت وزارة الخارجية الجزائرية بياناً شديد اللهجة مساء السبت، وصفت فيه الموقف الفرنسي بـ"غير المقبول وغير المبرر"، معتبرة أن ما حدث "من شأنه الإضرار بالعلاقات الجزائرية-الفرنسية"، وأكدت تصميمها على أن "لا تمر هذه القضية دون عواقب".
اللافت أن هذه التطورات تأتي بعد أيام فقط من إعلان وزير الخارجية الفرنسي عن "مرحلة جديدة" في العلاقات بين البلدين، عقب لقائه بنظيره الجزائري أحمد عطاف والرئيس عبد المجيد تبون.
أزمة مفتوحة على كل الاحتمالات
هذه الاحداث الجديد بين الجزائر وباريس يعيد العلاقات بين البلدين إلى مربع التوتر وعدم الثقة، ويضع مصير التقارب الذي جرى الترويج له مؤخراً على المحك. ما إذا كانت هذه الأزمة ستتطور إلى قطيعة أوسع، أم ستفتح باباً لمراجعة العلاقات وبحث جذور الخلافات يبقى رهناً بالقرارات السياسية المقبلة في كلا العاصمتين.