الجارديان: متى تنتهي الفظائع الإسرائيلية رغم مرور عام على طوفان الأقصى؟
تاريخ النشر: 5th, October 2024 GMT
تساءل المحامي الفلسطيني رجا شحادة، مؤسس منظمة «الحق» الرائدة في الدفاع عن حقوق الإنسان والتابعة للجنة الحقوقيين الدولية، في مقال رأي في صحيفة الجارديان البريطانية، عن توقيت انتهاء الفظائع الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، رغم مرور عام على هجمات 7 أكتوبر، أو كما تُسمى طوفان الأقصى.
وأوضح شحادة، أنه في بداية حرب إسرائيل على غزة، عندما بدأ القصف المكثف للمدنيين، كانت الفكرة في ذهنه هي كيف سيعيش الفلسطينيون مع الإسرائيليين بعد هذا؟ وبعد اثني عشر شهراً، ومع استمرار عمليات القتل وتدمير غزة بلا هوادة، ومع قيام إسرائيل بنشر الصراع إلى الضفة الغربية، حيث قُتل أكثر من 700 فلسطيني، وهجماتها التصعيدية في لبنان وإيران، أصبح السؤال أكثر إلحاحاً.
وأضاف شحادة، أنه خلال الأشهر الاثني عشر الماضية، ارتُكبت العديد من الفظائع، بدءاً بقتل الفلسطينيين 1200 جندي ومدني إسرائيلي في طوفان الأقصى، ثم قيام الجيش الإسرائيلي بقتل أكثر من 41 ألف فلسطيني، بما في ذلك أكثر من 17 ألف امرأة وطفل، و287 عامل إغاثة، و138 صحفياً وعاملاً في وسائل الإعلام. ولكن هذا لا يشمل أولئك الذين لا يزالون تحت أنقاض ثلثي المباني في غزة التي تضررت أو دمرت.
وتابع شحادة، أن إسرائيل كانت تعتقد أنها تستطيع إخفاء هذه الفظائع عن العالم من خلال تقييد وصول الصحفيين وعدم السماح للغرباء بإجراء تقارير مستقلة في غزة، مما يجعل من السهل التشكيك في الروايات الفلسطينية للأحداث وأرقام القتلى ومدى الأضرار التي لحقت بها. ولإلقاء المزيد من الشك، فإن العدد الهائل من الأرواح المفقودة عادة ما يكون مصحوبا بتحذير وزارة الصحة التي تديرها حماس تدعي ذلك.
وذكر أن هذا الاعتقاد جعل الجيش الإسرائيلي يتعامل بقسوة وشراسة حيث قتل أعدادا كبيرة من الفلسطينيين في غارات جوية واحدة، وجعل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يلاحق زعيم حماس يحيى السنوار، سواء بالقتل أو الاعتقال كهدف رئيسي للحرب التي لم يعتبر ثمنها مفرطا.
ولكن في الوقت نفسه، لم تستخدم إسرائيل قنابل دقيقة عندما كانت هناك معلومات استخباراتية عن مكان وجود السنوار، بل استخدمت قنابل تزن 2000 رطل (900 كجم)، مما أسفر عن مقتل وإصابة مئات الفلسطينيين الأبرياء. وقد تكرر هذا الأمر عدة مرات على مدار العام الماضي واستمر حتى بعد أن توقفت الولايات المتحدة عن تزويد إسرائيل بهذا النوع من القنابل بسبب استخدامه في المناطق المدنية، وفقا لشحادة.
وأشار إلى أن هذه الأحداث أجبرت الفلسطينيين في قطاع غزة، ومعظمهم من اللاجئين من مدن وقرى أصبحت إسرائيل في عام 1948، على الانتقال عدة مرات حيث تعاملت إسرائيل مع السكان باعتبارهم ممتلكات يمكن الاستغناء عنها ويمكنها التحرك بحرية، وفي الأشهر التي تلت طوفان الأقصى، نزح ما يقرب من جميع سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة من منازلهم.
ونوه أنه في بداية الحرب، اعترف بأنه لم يتعامل بجدية مع التصريحات الأولية لقادة إسرائيل المتشددين، مثل وعدهم بتحويل غزة إلى صحراء غير صالحة للسكن ووصف الفلسطينيين بمصطلحات دون الإنسانية. وكما أظهرت الأحداث، فإنهم كانوا يقصدون هذه الكلمات، والآن تركوا قطاع غزة غير صالح للسكن فعلياً ولقد تحققت هذه التحذيرات المخيفة.
وتابع: «ما لم أدركه أيضاً هو أنه بمجرد أن يتمكنوا من الإفلات من العقاب على مثل هذه الفظائع في غزة، فإن زعماء اليمين سوف ينتهزون الفرصة لمتابعة جرائم مماثلة في الضفة الغربية والآن في لبنان. وهكذا بدأوا في تدمير البنية الأساسية للمخيمات والبلدات في الضفة الغربية، واستخدموا الطائرات بدون طيار لقتل الفلسطينيين من الجو تماماً كما يفعلون في قطاع غزة».
وأضاف أن أحد التطورات التي كان يعلق عليها آمالاً كبيرة في نهاية الإفلات الإسرائيلي من العقاب كانت مع القضية الجنوب أفريقية ضد إسرائيل في لاهاي حيث شعر بقدر كبير من البهجة من البيان الصحفي الذي أصدرته المنظمة في عشرين مايو الماضي، والذي ذكر أن عصر الإفلات من العقاب لصناع القرار في إسرائيل قد انتهى، مشيرا إلى أنه كان تفاؤلاً زائفاً لأنه حتى الآن لم يتراجع قادة إسرائيل.
ولفت إلى أنه بالنسبة للإسرائيليين، أصبحت أحداث السابع من أكتوبر من العام الماضي أشبه بما أسماه الطبيب النفسي فاميك فولكان "الصدمة المختارة"، والتي وصفها بأنها حدث يربط بين شعور المجتمع بذاته حتى لو كان بإمكانه إغلاق إمكانية الشفاء وإحلال السلام.
ومع ذلك، فإن أحداث السابع من أكتوبر ليست الصدمة المختارة الوحيدة في ماضي إسرائيل المتقلب. غالبًا ما تروي إسرائيل العلاقات بين الإسرائيليين والفلسطينيين على أنها مليئة بالصدمات التي لا تُنسى أبدًا وتُستخدم لإضفاء الشرعية على قتل الفلسطينيين كأداة فعالة للحفاظ على دولة يهودية آمنة وإعداد الشباب الإسرائيلي ليكونوا جنودًا جيدين وومن أجل مواصلة ممارسات الاحتلال، كما زعمت الأستاذة الإسرائيلية نوريت بيليد-إلهانان في دراستها التي نشرتها عام 2010 تحت عنوان شرعنة المجازر في كتب التاريخ المدرسية الإسرائيلية.
كما أن هناك احتمالا ضئيلا بأن يستيقظ الشعب الإسرائيلي في نهاية المطاف ويدرك الضرر الذي ألحقه بالفلسطينيين في الماضي والحاضر. ففي مايو الماضي، وجد استطلاع أجراه مركز بيو للأبحاث أن 39% من الإسرائيليين قالوا إن الرد العسكري الإسرائيلي ضد حماس في غزة كان صحيحاً، في حين قال 34% إنه لم يذهب بعيداً بما فيه الكفاية، و19% فقط اعتقدوا أنه ذهب بعيداً للغاية ولهذا يبدو احتمال عودة هذا الجمهور إلى رشده بعيداً.
وكشف أنه لا يوجد أمل أيضاً في أن يتراجع تيار الدعم غير المشروط لإسرائيل من قِبَل الولايات المتحدة في أي وقت قريب أو أن تبدأ الإدارة الأمريكية في إدراك أن الدعم غير المشروط لإسرائيل يؤدي إلى هزيمة الذات ويضر بإسرائيل فضلاً عن أنه مكلف للغاية.
وذكر أنه مع كل ما سبق، تظل الحقيقة المؤلمة أن الفلسطينيين هم لب المسألة حيث أنه بعد مرور سبعة وخمسين عامًا من قول وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه ديان في ذلك الوقت: نحن الآن إمبراطورية، تظل إسرائيل غير قادرة على تحقيق السلام لأنها ترفض باستمرار الاعتراف بحق تقرير المصير الفلسطيني.
وأشار إلى أنه بعد القتال على عدة جبهات، يعاني اقتصاد إسرائيل بشدة، ولا يزال اعتمادها على الدعم من الولايات المتحدة، وسرعان ما يتضح أن إسرائيل ستضطر إلى الاستمرار في خوض حرب تلو الأخرى وستظل دولة تحت الحصار إلى الأبد إذا استمرت على هذا المسار.
واختتم مقاله بالقول: «فقط عندما تدرك إسرائيل أن تكلفة تدمير الفلسطينيين باهظة للغاية، ستجد الدولتان طريقة للعيش معًا في سلام».
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: فلسطين الاحتلال القضية الفلسطينية الاحتلال الإسرائيلي غزة الجارديان جرائم الاحتلال العدوان الاسرائيلي طوفان الأقصى فی غزة إلى أن
إقرأ أيضاً:
مصر تحذر من تفجير الأقصى.. موقف حازم يصدح في وجه التطرف الإسرائيلي
في ظل تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية ضد المقدسات الدينية في القدس، أصدرت وزارة الخارجية المصرية بيانًا شديد اللهجة أعربت فيه عن بالغ إدانتها واستنكارها للدعوات التحريضية الصادرة عن منظمات استيطانية إسرائيلية متطرفة، والتي دعت بشكل سافر إلى تفجير المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة، في خطوة استفزازية خطيرة تهدد استقرار المنطقة وتشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي.
وفي قراءة تحليلية لهذا الموقف الرسمي المصري، رحب الدكتور محمد محمود مهران، الخبير في القانون الدولي، بالبيان الصادر عن الخارجية، واصفًا إياه بأنه "موقف مبدئي وتاريخي يعكس ثوابت السياسة المصرية" في الدفاع عن المقدسات وحقوق الشعب الفلسطيني، ويجسد في الوقت ذاته المسؤولية الأخلاقية لمصر تجاه قضايا الأمة العربية والإسلامية.
شدد مهران على أن هذه الدعوات المتطرفة لتفجير المسجد الأقصى وقبة الصخرة تمثل استفزازًا خطيرًا لمشاعر ملايين المسلمين حول العالم، وتنذر بانفجار الوضع في القدس، بل وفي عموم المنطقة، مؤكداً أن هذا التصعيد يهدد استقرار الشرق الأوسط برمّته.
وأضاف مهران في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن البيان المصري جاء في توقيت حساس يشهد تصاعدًا مقلقًا في الانتهاكات الإسرائيلية بحق المقدسات الإسلامية، معتبرًا أن موقف مصر يتجاوز الإدانة الدبلوماسية الروتينية، ويُعد تعبيرًا صريحًا عن المسؤولية التاريخية والدينية والقومية في حماية المسجد الأقصى والهوية الإسلامية والمسيحية للقدس.
موقف يعكس ثوابت السياسة المصريةأوضح مهران أن موقف مصر لا ينفصل عن ثوابتها التاريخية في دعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، والدفاع عن القدس ومقدساتها، مشيرًا إلى أن مصر لطالما كانت الصوت الأعلى في الساحة الدولية للدفاع عن المدينة المقدسة، ورفض كل محاولات تهويدها أو تغيير معالمها الدينية والتاريخية.
وأضاف أن هذا الموقف المتزن والقوي يؤكد من جديد على دور مصر المحوري كقوة إقليمية راعية للسلام، وحريصة على منع الانزلاق نحو العنف والفوضى التي قد تنتج عن مثل هذه الدعوات التحريضية.
من تطرف هامشي إلى تيار سياسي مقلقلفت الخبير في القانون الدولي إلى أن الخطير في هذه الدعوات ليس فقط فحواها الصادم، وإنما ما تعكسه من تصاعد للخطاب المتطرف داخل المجتمع الإسرائيلي، مشيرًا إلى أن هذه التصريحات لم تعد محصورة في الهامش، بل باتت تلقى أحيانًا دعمًا ضمنيًا أو صريحًا من بعض الشخصيات داخل الحكومة الإسرائيلية.
وأكد أن غياب المحاسبة الدولية لهذا النوع من الخطاب يشجع على المزيد من التطرف، ما يُنذر باندلاع موجات عنف قد يصعب احتواؤها.
وشدد الدكتور مهران على أن هذه الدعوات التحريضية تشكل خرقًا فاضحًا للقانون الدولي، وبالأخص:
• اتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاعات المسلحة.
• اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين تحت الاحتلال.
• قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة التي تؤكد على الوضع الخاص للقدس وحرمة المقدسات فيها.
وأوضح أن المسجد الأقصى وقبة الصخرة ليسا مجرد أماكن عبادة، بل جزء من التراث الإنساني العالمي، وأي محاولة للاعتداء عليهما تعد جريمة ضد الإنسانية وضد الحضارة.
دعوة صريحة للمجتمع الدولي للتحركأكد الدكتور مهران أن دعوة مصر للمجتمع الدولي للتحرك الفوري لا تندرج ضمن التصريحات الدبلوماسية المعتادة، بل تُعد مطلبًا قانونيًا وإنسانيًا نابعًا من ميثاق الأمم المتحدة، الذي يُلزم الدول الأعضاء باحترام حقوق الإنسان وحماية دور العبادة والمقدسات الدينية.
وأضاف أن الصمت الدولي تجاه هذه الدعوات التحريضية من شأنه أن يشجع على المزيد من التصعيد، ويهدد بتأجيج صراع ديني واسع النطاق، قد لا يمكن احتواء تداعياته في المدى القريب.
حماية مقدسات القدسأشاد الدكتور مهران بتأكيد الخارجية المصرية على ضرورة حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، واصفًا هذا التأكيد بأنه يعكس إدراكًا عميقًا للطبيعة الدينية المتعددة للمدينة، وأهمية الحفاظ على هويتها التاريخية كرمز للتعايش والتنوع الحضاري.
وأشار إلى أن هذا التوجه يُعبّر عن روح القانون الدولي، الذي ينص على احترام المقدسات والتراث الديني والثقافي للشعوب، ويضع حماية الأماكن المقدسة ضمن مسؤولية المجتمع الدولي بأسره.
صوت مصر.. صوت العقل والحكمةاختتم الدكتور محمد محمود مهران تحليله بالتأكيد على أن الموقف المصري يجسد صوت العقل والاعتدال في مواجهة موجات التطرف، مشيرًا إلى أن دعوة مصر لوقف هذه الانتهاكات، والدفاع عن المقدسات، هو موقف نابع من منظومة قيم ومبادئ راسخة، تستند إلى القانون الدولي، والإرث الحضاري، والدور التاريخي لمصر كدولة رائدة في المنطقة.
جدير بالذكر أن وزارة الخارجية المصرية قد أصدرت بيانًا رسميًا أدانت فيه بأشد العبارات الدعوات التحريضية التي أطلقتها منظمات استيطانية إسرائيلية متطرفة، والتي دعت علنًا إلى تفجير المسجد الأقصى وقبة الصخرة، معتبرةً ذلك استفزازًا بالغًا لمشاعر المسلمين حول العالم، وانتهاكًا صارخًا لجميع المواثيق والأعراف الدولية.
وأكد البيان على رفض مصر القاطع لهذه التصريحات، وعلى ضرورة تحرك المجتمع الدولي لوقف هذه التهديدات التي تمثل مساسًا مباشرًا بالسلام والاستقرار في المنطقة.
وهذا الموقف المصري الحازم، كما أشار الدكتور مهران، ليس فقط دفاعًا عن الأقصى والقدس، بل هو تأكيد على أن مصر ستبقى في طليعة الدول المدافعة عن كرامة الأمة ومقدساتها، ولن تسمح بتمرير خطاب الكراهية والتحريض دون رد حاسم وموقف راسخ.