في وقت يتصاعد فيه الصراع بين إسرائيل وجماعة حزب الله اللبنانية، يرى محللون أن النظام السوري "يحرص على عدم الانجرار" إلى تلك الحرب، وذلك رغم تأثيرها السلبي الكبير على أحد أكبر حلفائه في المنطقة، وفقا لتقرير نشره موقع "صوت أميركا" الإخباري.

والسبت، وصل وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إلى العاصمة السورية دمشق، بعد زيارة إلى لبنان في خضم التصعيد بين بلاده وإسرائيل من جهة، وبين الأخيرة وحزب الله اللبناني من جهة أخرى.

وأشارت وكالة رويترز إلى أن عراقجي سيبحث "التطورات الإقليمية والعلاقات الثنائية" مع مسؤولي النظام السوري.

ورغم الضربات التي تعرضت لها بعض المواقع في دمشق ومناطق أخرى في سوريا، نُسب معظمها إلى إسرائيل، فإن نظام بشار الأسد لم يحرك ساكنا، ولم يتخذ أي "إجراءات انتقامية".

وفي هذا الصدد، أوضح الزميل المساعد في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، سيث فرانتزمان، إن تحفظ النظام السوري على الانضمام إلى تهديدات إيران ضد إسرائيل "ينبع على الأرجح من شعوره بأنه ليس لديه ما يكسبه من التصعيد، وأن هناك الكثير ليخسره".

ونبه إلى أنه مع استمرار الصراع الدموي في سوريا دون حل منذ أكثر من 13 عاما، فإن نظام دمشق "لا يزال يحاول إيجاد طريقة لإعادة قواته إلى المناطق التي تسيطر عليها تركيا في شمال البلاد، بالإضافة إلى رغبته في أن تغادر القوات الأميركية، وأن توقف واشنطن دعمها لقوات سوريا الديمقراطية".

وتابع: "لذلك، فإن النظام السوري لديه ما يكفي من المشاكل".

اعتباران و"استثمار" وراء سلوك الأسد على المعابر مع لبنان عندما بدأت الحملة الإسرائيلية على جنوب لبنان سارع النظام السوري إلى إطلاق خطط استجابة لاستقبال اللبنانيين مع حديثه عن وجود "مراكز إيواء" تتسع للآلاف منهم. وفي حين أن طريقة التعاطي هذه قد تكون إجراء طبيعيا لدولة جارة تختلف الصورة عند النظر إلى الموقف الذي أبدته دمشق مع اللاجئين السوريين هناك، سابقا والآن. "الأسد يعلم"

ويقول خبراء إن مرتفعات الجولان هي إحدى المناطق التي يمكن أن تكون هدفًا للجماعات المدعومة من إيران، والتي لها وجود في سوريا. 

وفي أواخر يوليو، استهدفت قرية في الجزء الذي تسيطر عليه إسرائيل من الجولان بهجوم صاروخي، مما أسفر عن مقتل 12 شخصًا على الأقل، معظمهم من الأطفال. وألقت إسرائيل والولايات المتحدة باللوم على حزب الله في ذلك الهجوم، فيما نفت الجماعة اللبنانية مسؤوليتها.

وقال فرانتزمان إن حزب الله والميليشيات المدعومة من إيران، قد ترغب في تهديد إسرائيل من الجزء السوري من الجولان، لكن حكومة الأسد "من المرجح أن تتظاهر بأنها تتمتع بقدرة معقولة على منع مثل هذا التصعيد".

وتابع: "يعلم الأسد أن إسرائيل ستحمله المسؤولية عن أي دعم للهجمات"، معتبرا أنه "على مدى عقود، أظهرت دمشق أنها تفضل الوضع الراهن مع إسرائيل".

قادما من لبنان.. وزير خارجية إيران يصل إلى سوريا وصل وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، السبت، إلى العاصمة السورية دمشق، وذلك بعد زيارة إلى لبنان في خضم التصعيد على الحدود اللبنانية الإسرائيلية.

وأضاف فرانتزمان: "إنها (دمشق) تخشى المخاطرة.. ورغم أنها تتظاهر بأنها جزء من (المقاومة) ضد إسرائيل، فقد قبلت بأنها لا تستطيع هزيمة إسرائيل منذ سبعينيات القرن الماضي".

من جانبه، رأى العميد أحمد رحال، وهو ضابط سوري سابق انشق عام 2012، إن سياسة "عدم التدخل" من قبل نظام الأسد، ظلت قائمة منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في أكتوبر 2023.

وزاد: " الأسد يعرف أن أي تنشيط لجبهة الجولان يمكن أن يعني نهاية نظامه.. لكنه لا يملك القدرة على السيطرة على حزب الله والميليشيات الأخرى المدعومة من إيران، لذلك اختار البقاء بعيدًا".

"رسالة للأسد"

وفي سياق متصل، قال مسؤولون إسرائيليون إن إيران "تواصل استخدام سوريا لتهريب الأسلحة إلى حزب الله".

وأوضح خبراء أن هذا يمثل أيضًا "خطرًا على النظام السوري في هذه المرحلة من الصراع بين إسرائيل وحزب الله"، وفق "صوت أميركا".

وقال رحال: "نظرًا لأن حزب الله سحب معظم مقاتليه من سوريا للقتال في لبنان، فإنه لا يزال بحاجة إلى شخص لنقل الأسلحة الإيرانية، وهذا الشخص هو ماهر الأسد (شقيق رئيس النظام)، والذي يرأس الفرقة الرابعة في الجيش السوري".

وأفادت العديد من وسائل الإعلام العربية، أن من بين الضربات الإسرائيلية، الأسبوع الماضي، على سوريا، كانت غارة أصابت مسكن ماهر الأسد بالقرب من دمشق.

وختم رحال بالقول: "كانت الرسالة الإسرائيلية للأسد واضحة، وهي (لا تسلموا أسلحة لحزب الله). لذا يبدو أنه في ظل مثل هذه التهديدات الإسرائيلية، اضطر نظام الأسد إلى النأي بنفسه عن إيران في سياق هذا الصراع".
 

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: النظام السوری بین إسرائیل إسرائیل من حزب الله

إقرأ أيضاً:

رأي.. دكتور زاهر سحلول يكتب عن انهيار النظام الصحي في سوريا: دعوة للعمل العاجل والتضامن العالمي

هذا المقال بقلم الدكتور زاهر سحلول، طبيب سوري-أمريكي وبروفسور مساعد في جامعة إيلينوي بشيكاغو ورئيس منظمة "ميدغلوبال" الطبية الخيرية، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.

في زيارتي الثانية لسورية بعد انهيار نظام الأسد قمت بجولة تفقدية على عدة مشافي أهلية في المدن الرئيسية وتحدثت مع عدد كبير من الأطباء لتقييم الوضع الصحي. الوضع كارثي من كل النواحي والنظام الصحي على قاب قوسين أو أدنى من الانهيار. فبعد أكثر من عقد من الحرب، والسياسات الفاشلة، والعقوبات المدمرة، وجائحة كوفيد-19، أصبح النظام الصحي على الإنعاش. المستشفيات عفا عليها الزمن، ومراكز الرعاية الصحية الأولية تفتقر إلى الخدمات الأساسية، والبلاد تعاني من نقص حاد في الإمدادات الطبية والمعدات والكوادر المؤهلة.

يكسب الطبيب السوري في المتوسط 25 دولارًا فقط شهريًا، وهو مبلغ لا يكفي لتغطية نفقات 3 أيام من الطعام والمواصلات. في المشفى الجامعي والمشفى الوطني في حمص قال لي مدير المشفى إن الأطباء المقيمين والممرضين لا يستطيعون الوصول إلى المشفى لأنهم لا يستطيعون دفع أجور المواصلات وأن المشفى لا يستطيع تقديم الوجبات للمرضى والأطباء بسبب عدم وجود تمويل لذلك.

التحديات هائلة. التكنولوجيا القديمة ونقص الرقمنة يعيقان حتى الخدمات الطبية الأساسية. لا يوجد نظام تأمين صحي، والتمويل شبه معدوم. تقوم وزارة الصحة، المكلفة بإحياء النظام، بعملها بقدرات محدودة وعدد قليل من الإداريين. العقوبات الدولية قيدت الاقتصاد وحرمت البلاد من الوصول إلى الموارد الأساسية. دون استراتيجية شاملة، تخاطر سوريا بمزيد من التدهور، مع عواقب قد تستمر حتى بعد انتهاء الحرب كما تظهر الدراسات في الدول التي مرت بحروب وأزمات مشابهة كالبوسنة وكوسوفو وهايتي والصومال والعراق.

تتجاوز الأزمة الصحية البنية التحتية. تواجه سوريا أزمة في الصحة النفسية حيث تتراوح التقديرات أن 30-50%؜ من السوريين لديهم اضطرابات نفسية بسبب الحرب والنزوح والمستقبل غير المضمون والتعذيب وحالات الاختفاء القسري. تعاني أسر الضحايا واللاجئين العائدين والنازحين داخليًا من ندوب نفسية عميقة، بينما الموارد اللازمة لمعالجة احتياجاتهم شبه معدومة. وتتفاقم الأزمة بسبب انتشار الإدمان على المخدرات، خاصة إنتاج واستخدام الكبتاغون، مما دمر المجتمعات وأثقل كاهل نظام هش بالفعل.

في الوقت نفسه، تواجه سوريا عبئًا متزايدًا من الأمراض غير السارية (المزمنة)، بما في ذلك أمراض القلب والسكري وارتفاع ضغط الدم والسمنة وأمراض الكلى المزمنة والسرطان وأمراض الرئة الانسدادية المزمنة. تفاقم هذه الحالات بسبب واحدة من أعلى معدلات التدخين في العالم، وعجز العديد من المرضى عن تحمل تكلفة الأدوية المنقذة للحياة. كما أدى الاستخدام غير المنضبط للمضادات الحيوية إلى ظهور بكتيريا مقاومة للأدوية المتعددة، مما يشكل تهديدًا كبيرًا للصحة العامة.

هذا هو الواقع القاتم لنظام صحي وصل إلى الحضيص، تاركًا الملايين عرضة للأمراض والاختلاطات والوفيات التي يمكن تجنبها.

طريق التعافي محفوف بالتحديات. العقبة الأكثر إلحاحًا هي العقوبات الدولية، خاصة تلك المفروضة من الولايات المتحدة الأمريكية، وتأثيرها المدمر. هذه العقوبات المركبة والمتراكمة منذ السبعينات من القرن الماضي ضد القطاع البنكي والصناعي والمالي، والتي ازدادت حدتها بقانون قيصر الذي فرض ضد نظام الأسد ومن يتعاون معه، تعيق النمو الاقتصادي وتحد من الوصول إلى الإمدادات الطبية الأساسية.

وبينما توفر المساعدات الإنسانية إغاثة مؤقتة، إلا أنها غير كافية لمعالجة القضايا الأساسية.

يتطلب التعافي الكامل رفع العقوبات أولا وتعزيز الجهود المنسقة بين وزارة الصحة والمنظمات غير الحكومية المحلية والدولية والوكالات الأممية مثل منظمة الصحة العالمية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

ومن القضايا الأخرى المهمة هجرة الكفاءات من العاملين في القطاع الصحي. فحسب إحصاءات منظمة الصحة العالمية فقد نزح ما يقارب 70٪ من العاملين الصحيين في سوريا، تاركين وراءهم قوة عاملة هزيلة تكافح من أجل تلبية احتياجات الشعب المتزايدة. في حديثي مع طلاب الطب والمقيمين، الكل لا يزال يفكر بالسفر إلى أوروبا أو أمريكا أو دول الخليج لعدم ثقتهم بالمستقبل وما سيأتي به.

تثبيت الكفاءات ومنعها من الهجرة لن يكون سهلا وسيتطلب أولا تحسين الأجور وتحسين الاقتصاد ومن ثم تحديث التعليم والتدريب الطبي، وتحديث المستشفيات والتكنولوجيا. ولسد بعض الثغرات يمكن للحلول الإبداعية، مثل الاستفادة من خبرات المغتربين السوريين عبر الطب عن بُعد والتعليم عبر الإنترنت، أن تسد الفجوة مؤقتا حتى تعود عجلة الاقتصاد للعمل.

يمثل المغتربون السوريون، وخاصة عشرات الآلاف من الأطباء والعاملين الصحيين في دول الخليج وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، موردًا مهما لإعادة بناء النظام الصحي. وبعد سقوط نظام الأسد انتشرت مبادرات عديدة بين المؤسسات التي تمثل الأطباء المغتربين لدعم النظام الصحي في بلدهم الأم وربط الجهود المبذولة.

فمثلا قامت منظمة " ميدغلوبال" التي تهدف إلى ردم الهوة الصحية في مناطق الكوارث وتنشط في دول مختلفة كالسودان واليمن والأراضي الفلسطينية وأوكرانيا، بمبادرة سمتها "تعافي سوريا" وبدأتها في مدينة حمص التي تضررت كثيرا بسبب الحرب والحصار و النزوح، وتهدف المبادرة إلى ربط الأطباء المغتربين مع مدينتهم من خلال تعريفهم باحتياجات المشافي المحلية وتلبية الاحتياجات العاجلة في الأجهزة الصحية والمستهلكات والأدوية والتعليم والتدريب. قامت المنظمة بتفعيل بعض الخدمات، مثل مركز القسطرة القلبية الوحيد في حمص، وإنشاء عيادة نفسية لضحايا التعذيب والحروب ولتدريب الأطباء النفسيين على معالجة الإدمان على المخدرات الذي ينتشر بين الفئات الشبابية وتوفير أجهزة طبية نوعية ومتقدمة للمشافي ودفع حوافز للأطباء وتوفير عبوات غسيل الكلى للمستشفيات المحتاجة بالإضافة إلى التعليم والتدريب عن بعد وإرسال الفرق الطبية لتدريب الأطباء المحليين على استقصاءات جديدة.

ويعتمد نجاح مثل هذه المبادرات على مركزية دور وزارة الصحة السورية وإزالة الحواجز أمام التعاون. حاليًا، يظل التنسيق بين الجهات الفاعلة محدودًا، مع تركيز الجهود على الاحتياجات العاجلة بدلاً من التعافي طويل الأمد. بينما يعد معالجة الاحتياجات العاجلة أمرًا ضروريًا، إلا أنه غير كافٍ لتحقيق تقدم مستدام.

يجب أن تركز استراتيجية بناء القطاع الصحي على كتل البناء الستة الأساسية للنظام الصحي بما فيها تقديم الخدمات الصحية والموارد البشرية والمنتجات الدوائية واللقاحات والتقنيات والتمويل والحوكمة ونظم المعلومات الصحية. ويجب تطوير هذه الاستراتيجية بالتنسيق بين وزارة الصحة ومنظمات المغتربين والمنظمات غير الحكومية المحلية والدولية والوكالات الأممية.

من دون مثل هذا التنسيق من الصعب أن ينهض النظام الصحي و يمكن أن يستمر بالتدهور رغم وقف الحرب وسيستمر تدهور المعايير الصحية وهجرة العقول والكفاءات.

إن انهيار النظام الصحي في سوريا هو كارثة تضاف إلى كوارث الحرب المدمرة خلال الأربع عشرة سنة الماضية وتتطلب عملًا عاجلًا.

يجب على المجتمع الدولي أن يدرك أن المساعدات الإنسانية وحدها ليست كافية. وأنه يجب رفع العقوبات كلها لدفع عجلة التعافي الاقتصادي وإعادة بناء نظام صحي متكامل يحقق للإنسان السوري عيشا كريما بعد سنوات طويلة من المعاناة. 

سوريانشر الخميس، 27 مارس / آذار 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

مقالات مشابهة

  • تحذير أميركي من هجمات بعيد الفطر في سوريا
  • هدنة إسرائيل وحزب الله تترنح... من المستفيد؟!
  • تقرير حقوقي: نظام الأسد مارس تدميرا ممنهجا للاستيلاء على ممتلكات السوريين بدرعا
  • إلغاء زيارة وزيرة الداخلية الألمانية إلى سوريا بعد تهديد إرهابي محتمل
  • لماذا تأخر إطلاق بث التلفزيون السوري عقب سقوط نظام الأسد؟
  • الأمن السوري يعلن القبض على خلية تابعة لحزب الله قبل تنفيذ عمليات إجرامية
  • أجواء أول عيد فطر في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد: بين الأمل والتحديات
  • لم شمل طال انتظاره.. سوريا الحرة تحتضن أبناءها في عيد الفطر بعد زوال النظام البائد
  • اعتقالات في صفوف فلول نظام الأسد وضبط متفجرات في حملة أمنية بدمشق
  • رأي.. دكتور زاهر سحلول يكتب عن انهيار النظام الصحي في سوريا: دعوة للعمل العاجل والتضامن العالمي