استطاع فلكيون رسم خريطة شاملة لمجرة درب التبانة بالأشعة تحت الحمراء، تعد الأكبر والأشمل من نوعها، لتضم أكثر من 1.5 مليار جرم سماوي، وحُقِق هذا الإنجاز الباهر باستخدام مرافق المرصد الأوروبي الجنوبي على مدار 13 سنة من المراقبة والرصد.

وتحتوي الخريطة على مجموعة واسعة من الظواهر الفلكية بما في ذلك النجوم فائقة السرعة، والكواكب المارقة (المسافرة بعيدا عن كواكبها) والأقزام البنية وهي غالبا ما تُعرف بالنجوم الفاشلة نظرا لعدم امتلاكها الكتلة الكافية لإجراء الاندماج النووي.

وتعتبر هذه الخريطة بمثابة فسيفساء كونية حقيقية لقبّة السماء، رُكِبت من أصل 200 ألف صورة التُقطت بواسطة تلسكوب "فيستا" للأشعة تحت الحمراء التابع للمرصد الأوروبي الجنوبي، وقد نُشرت نتائج هذا العمل مؤخرا في دورية "إسترونومي آند إستروفيزكس".

وقد أعرب دانتي مينيتي قائد المشروع والمؤلف المشارك من جامعة أندريس بيلو عن أهمية هذا العمل في بيان صحفي من منصة المرصد الأوروبي الجنوبي، مؤكدًا أن الاكتشافات الجديدة ستغير وجهة نظرنا عن مجرة درب التبانة إلى الأبد.

سديم مسيية 17 (الفضاء الأوروبية) أداة خارقة تتجاوز ما تراه العين البشرية

وللوصول إلى هذه النتائج الدقيقة، استخدم الباحثون كاميرا الأشعة تحت الحمراء المتقدمة "في آي آر سي إي إم" التي تمكنت من اختراق سحب الغبار والغاز الكثيف الذي يملأ قرص مجرة درب التبانة، وسمحت هذه الكاميرا الفريدة للعلماء برؤية تفاصيل للمجرة لم يصل إليها أحد من قبل، كاشفة عن الأقزام البنية والكواكب البعيدة الهاربة من مجموعاتها النجمية في ربوع المجرة.

وتُظهر الدراسة الممتدة بين عامي 2010 و2023 كيف تمكن الفريق من مراقبة الأجرام السماوية وتتبع تغيرات في مداراتها وسطوعها عبر الزمن، وستمنح جميع هذه التفاصيل قاعدة بيانات ضخمة للفلكيين لدراسة الأجرام السماوية بمختلف أنماطها ومواقعها.

كما تغطي المجموعة الهائلة من البيانات مساحة تعادل 8600 قمر مكتمل -كما يبدو رؤيته من الأرض- وتحتوي على حوالي 10 أضعاف عدد الأجسام الموجودة في الخريطة السابقة التي أصدرها الفريق نفسه عام 2012.

ومع اكتمال جاهزية الخريطة، يتجه التركيز الآن نحو التحسينات المستقبلية لكلّ من تلسكوب فيستا والتلسكوب العملاق التابع للمرصد الأوروبي الجنوبي، ومن خلال هذه التعديلات المنتظرة سيتمكن العلماء من تحليل الضوء المنبعث من الأجرام السماوية إلى مكوناته الطيفية، مما سيفتح المجال لتحليل أعمق لتركيباتها الكيميائية وسيعزز من فهم الفلكيين للعدد الهائل من الأجرام التي اكتشفت بهذا المسح الشامل لمجرة درب التبانة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الأوروبی الجنوبی درب التبانة

إقرأ أيضاً:

لأول مرة.. لقطة لنجم يحتضر خارج مجرة درب التبانة

كُشِف عن نجم محاط بغلاف على شكل بيضة في أول صورة مقربة لنجم خارج مجرة درب التبانة، فحتى الآن لم يكن من الممكن رؤية النجوم في المجرات الأخرى إلا كنقاط ضوء صغيرة، حتى عند استخدام التلسكوبات.

وبفضل التلسكوب التداخلي التابع للمرصد الأوروبي الجنوبي، تمكّن الفلكيون من التقاط أول صورة مكبرة له.

وقال الدكتور "كيتشيتشي أوناكا" أستاذ الفيزياء الفلكية في جامعة أندريس بيلو الوطنية في تشيلي: "اكتشفنا غلافاً على شكل بيضة يحيط بالنجم عن كثب".

وأضاف: "نحن متحمّسون، لأن هذا قد يكون مرتبطاً بالطرد المفاجئ للمادة من النجم المحتضر قبل انفجار المستعر الأعظم".

حول درب التبانة 

ويقع النجم، الذي يُدعى "ووه جي 64" على بعد 160 ألف سنة ضوئيّة في سحابة ماجلان الكبرى، وهي واحدة من المجرات الصغيرة التي تدور حول مجرّة درب التبانة.

ويُعتقد أنه أكبر نجم في المجرة، ويصنف على أنه عملاق أحمر ويبلغ حجمه حوالي 2000 ضعف كتلة الشمس، ومع ذلك فإن مراقبة هذا النجم العملاق بتفاصيل دقيقة لا تزال تتطلّب دقة تعادل رؤية رائد فضاء يسير على القمر من على سطح الأرض، وفقاً لصحيفة "الغارديان" البريطانية.
وقال الدكتور "جاكو فان لون" أستاذ الفيزياء الفلكية في جامعة كيلي والمؤلف المشارك في ورقة توضح الملاحظات التي نشرت في مجلة علم الفلك والفيزياء الفلكية: "لسنا قادرين على القيام بذلك باستخدام التلسكوبات العادية".

???? ESO's VLTI takes the first close-up picture of a star outside our galaxy!

Located in the Large Magellanic Cloud, this star is roughly 2000 times larger than our Sun and is in the last stages before it becomes a supernova: https://t.co/tB8afRxhVY

???? ESO/K. Ohnaka et al.

— ESO (@ESO) November 21, 2024

وتكشف الصور أن النجم يمرّ بمرحلة انتقالية دراماتيكية، وتشير إلى أنه في العقد الماضي أو نحو ذلك قذف طبقاته الخارجية، تاركاً إياه محاطاً بغلاف على شكل بيضة من الغاز والغبار.

ويمكن تفسير الشكل الطويل إما بسبب دوران النجم أو بسبب تأثير نجم رفيق لم يكتشف بعد. 
ويبيّن العلماء أنّ هذا قد يشير إلى دخول النجم المرحلة النهائية من حياته قبل أن يصبح مستعراً أعظم، وقال "فان لون": "تنفجر النجوم الضخمة بطاقة تعادل ضوء الشمس طوال حياتها التي تبلغ 10 مليارات سنة".

وأضاف: "رأى الناس هذه الانفجارات المستعرة، وعثر الفلكيون على بعض النجوم التي انفجرت في صور أقدم، لكننا لم نشهد أبداً نجماً يتغيّر بطريقة تشير إلى موته الوشيك".
وهناك أدلّة على أن بعض النجوم تبدو وكأنها تتخلّص من طبقاتها الخارجية قبل سنوات أو عقود فقط من نهايتها في مستعر أعظم.

ولكن رؤية الأحداث وهي تدور في الوقت الفعلي ليست مضمونة، وقال فان لون: "قد يستغرق الأمر عشرات الآلاف من السنين".

وأضاف: "بالنسبة لعالم الفلك فإن هذا وشيك؛ لأن النجوم تعيش ملايين أو مليارات السنين".

مقالات مشابهة

  • نجم أكبر من شمسنا 2000 مرة
  • أول صور دقيقة لـ نجم خارج مجرة درب التبانة
  • تدريب موظفه الإحصاء فى الصحة بالفيوم على الخريطة الصحية
  • 300 مليار دولار لمكافحة تغير المناخ سنوياً.. ما القيمة التي يشكلها هذا المبلغ مقارنة بقطاعات أخرى؟
  • لأول مرة.. لقطة لنجم يحتضر خارج مجرة درب التبانة
  • تركيا تنشئ قاعدة فضائية في الصومال
  • Rolls-Royce تخطط لتطوير مفاعلات نووية فضائية صغيرة الحجم
  • هل تختبئ كائنات فضائية في عوالم موازية؟ نظرية جديدة جريئة
  • المشاط تستقبل وفد من الاتحاد الأوروبي لمناقشة تفعيل آلية ضمانات الاستثمار بقيمة 1.8 مليار يورو
  • المشاط تستقبل وفد الاتحاد الأوروبي لمناقشة تفعيل آلية ضمانات استثمار 1.8 مليار يورو