"طوفان الأقصى".. الشرارة من غزة ولهيبها امتدّ للضفة
تاريخ النشر: 5th, October 2024 GMT
نابلس - خــاص صفا
لم يكن السابع من أكتوبر 2023 يومًا عابرًا في تاريخ الضفة الغربية، مثلما هو الحال بالنسبة للمنطقة ككل؛ فما قبل يوم "طوفان الأقصى" ليس كما بعده، ومنذ ذلك التاريخ وطوال سنةٍ كاملة دخلت الضفة مرحلة جديدة وغير مسبوقة في المواجهة المفتوحة مع الاحتلال.
ففي الوقت الذي كانت تُبثّ فيه المشاهد من غزة لاختراق السياج الفاصل وأسر جنود الاحتلال؛ كانت تلك اللقطات دافعًا استثنائيًا لشباب الضفة، واقتناعهم بجدوى المقاومة وحدها، وفشل ما سواها من حلول.
ورغم الأسلوب الدموي الذي اتبعه الاحتلال للقضاء على مقاومة الضفة، لكن ذلك لم يكن سوى صب لمزيدٍ من الزيت على النار المضرمة تحت الرماد، وفتحٍ للباب أمام انخراط فئاتٍ جديدة في العمل المقاوم، بشقيه المنظم والفردي.
وفي ظلال الذكرى السنوية الأولى للمعركة، يعتقد الكاتب والمحلل السياسي سري سمور أن "طوفان الأقصى" أعطى الحالة الوطنية والشعبية في الضفة زخمًا أكبر ودفعة للأمام.
وقال لوكالة "صفا" إن "الطوفان" أدى إلى تغذية الحالة الوطنية التي بدأت تتصاعد بالضفة في السنوات الأخيرة، مع ازدياد الرغبة بالثأر لما يجري من مجازر في قطاع غزة.
كما أن المقاومة في غزة بصمودها وأدائها الميداني المميز، وفق سمور، شكلت نموذجًا يحتذى للشباب المقاوم في الضفة في الإبداع، وأعطتهم الدافعية للاستمرار وعدم الإحباط، بل ومحاولة تقديم الإسناد لغزة.
ووصل عدد الشهداء في الضفة منذ بداية الطوفان وحتى اليوم نحو 740 شهيدا، ونحو 6 آلاف جريح، وهو ما لم يسجل خلال نفس المدة الزمنية في أي من الانتفاضات والهبّات السابقة.
لكن سمور يرى أن تأثير الطوفان في الضفة كان بطيئًا، ويعزو ذلك لعدة أسباب موضوعية، يُجملها هنا بأن "الطوفان أثّر على كل العالم، ومن باب أولى أن تتأثر الضفة، ولكن لم يكن بالشكل المتوقع".
ويشير إلى أن ساحة الضفة متعبة ومرهقة منذ سنوات عديدة بفعل ما مارسه الاحتلال فيها من سياسات تهدف لمنع انخراطها بالعمل الوطني والشعبي.
وبين أن الاحتلال سارع منذ اليوم الأول للطوفان لاتخاذ إجراءات وقائية في الضفة، وأشغل الناس بالبحث عن الأمن ولقمة العيش، وفي الوقت نفسه عمل على إفراغ الساحة من قيادات ورموز العمل الوطني التي يمكن لها أن تقود الشارع، كما أنهك الضفة بالاجتياحات المتكررة خاصة للبؤر المشتعلة كما في طولكرم وجنين.
ويلفت إلى أنه في الأيام الأولى للطوفان، كانت المشاركة الشعبية بالمسيرات المساندة كبيرة، ثم أخذت الأعداد تتراجع إلى أدنى مستوىً، وهذا سببه عدم وجود قيادات فاعلة والتي تم اعتقالها وتغييبها.
وأوضح أن الحالة الثورية تركزت في شمال الضفة، رغم ظهور حالات محدودة في مناطق أخرى بالمنطقة، وحتى في شمال الضفة كان التركيز في طولكرم وجنين أكثر من غيرهما.
ورغم التأثير المحدود، لكن سمور لا يقلل من أهمية هذا الأثير، فهو مثل المياه التي تسقي الشجرة ولكن لا تظهر الثمار مباشرة، بل أنها تحتاج إلى مزيد من الوقت فحسب.
الاعتماد على الذات
ويقول الكاتب ومدير مركز رؤية للتنمية السياسية، أحمد العطاونة إن معركة "طوفان الأقصى -على مستوى الضفة الغربية- أعادت التأكيد على صورة العدو بوصفه احتلالاً استيطانيًا، إحلاليًا، فاشيًا، متطرفًا، دمويًا.
كما أعادت إلى الواجهة البرنامج السياسي والهدف الأساسي للاحتلال، وهو إنهاء الوجود والهوية الفلسطيني الفلسطينية، والتنكر للحقوق الوطنية، وهذا ما أفضى إلى قناعة بأنه لا أفق لحلول سياسية، ولا "حل الدولتين"، ولا تسوية يُمكن أن يدفع نحو حلٍ ما، وفق العطاونة.
وذكر أن المعركة دفعت للالتفات إلى ظاهرة الاستيطان في الضفة، إذ جاءت هذه الحرب بالتزامن مع زيادة تسليح المستوطنين حتى تحولوا إلى ميليشيات تهدد حياة الفلسطينيين، ولم يعد أمام الفلسطينيين سوى الدفاع عن أنفسهم، وهذا ما تبنّته الضفة الغربية وشبابها.
وأشار العطاونة في حديثه لوكالة "صفا" إلى أن هذه المعركة دفعت الفلسطينيين للاعتماد على الذات، ففي ظل التخاذل الدولي والإقليمي؛ حيث أدرك الفلسطينيون أنه من أجل إعادة الاعتبار لحقوقهم وقضيتهم ووضعها على سلم اهتمامات العالم؛ لا بد أن يكون هناك جهد فلسطيني خاص، والاعتماد على الذات في المواجهة مع الاحتلال.
واعتبر العطاونة أن من أهم انعكاسات الطوفان على الضفة، إعادة الاعتبار للمقاومة وإحيائها في الضفة رغم كل الظروف المعقدة الأمنية والميدانية، ورغم الجهد الطويل والكبير الذي بذل على الضفة بعد "السور الواقي" وانتفاضة الأقصى لثنيها عن المقاومة.
وأشار إلى أن الجيل المقاوم الجديد وُلد بعد الانتفاضة الثانية، وهذا يؤكد أن الشعب الفلسطيني هو صمام الأمان لقضيته، وهو الحامي لهذه القضية والحافظ لحقوق شعبه، وأنه مهما وضعت سياسات وإجراءات، ومهما تدخلت دول فإن هذا الشعب لا يمكن أن يفرط بحقوقه، وكلما جاء جيل جديد تبنى خيار المقاومة والمواجهة والتصدي للاحتلال، مما يبقي القضية حية.
وأضاف أن الجيل الجديد أدرك واستلهم الحالة من قطاع غزة، ومما يراه ويشاهده من بطولات وصمود ومواجهة، وتأثر بها بشكل كبير، وسار على ذات الطريق، وهي طريق الصمود والمواجهة ومقاومة الاحتلال، ورفض الاستكانة والخنوع.
وأكد أن الشباب الفلسطيني في الضفة أدرك حقيقة أن هذا الاحتلال لا يمكن التعامل معه إلا بالصمود والمواجهة والمقاومة، ولهذا بدأت تتنامى ظاهرة المقاومة في الضفة.
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية: طوفان الأقصى طوفان الأقصى فی الضفة إلى أن
إقرأ أيضاً:
تحليل بيانات: صافرات الإنذار دوت في إسرائيل أكثر من 28 ألف مرة منذ طوفان الأقصى
كشف تحليل بيانات أجرته وكالة سند للرصد والتحقق الإخباري في شبكة الجزيرة أن صافرات الإنذار دوت في إسرائيل أكثر من 28 ألف مرة من الشمال حتى أقصى جنوب البلاد منذ عملية طوفان الأقصى التي بدأتها المقاومة الفلسطينية من غزة يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وأظهر التحليل أن صافرات الإنذار دوت بمعدل 78 مرة يوميا، خلال عام واحد، بفعل هجمات فصائل المقاومة في غزة، وحزب الله من لبنان، والحوثيين من اليمن، وإطلاق صواريخ ومسيرات من العراق وإيران.
خريطة صافرات الإنذار من المستوى الأحمر منذ أكتوبر 2023 وحتى أكتوبر 2024ويستند التحليل على بيانات قيادة الجبهة الداخلية الإسرائيلية التي توفرها أنظمة الإنذار المختلفة وأبرزها تسيفا أدوم وتسوفار بمعنى الإنذار الأحمر، وهي الأنظمة المتخصصة في توجيه الإنذارات المتعددة للإسرائيليين في عموم المدن والمناطق حال وقوع هجمات صاروخية مختلفة.
ومنذ بداية عملية طوفان الأقصى، شهدت إسرائيل زيادة غير مسبوقة في عدد الإنذارات التي غطت معظم المدن والمناطق بما في ذلك القواعد العسكرية والمواقع والأهداف التابعة للجيش.
ضراوة الهجوم الصاروخيفي صباح السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، أطلقت كتائب القسام عند الساعة 6:25 دفعات صاروخية مكثفة استهدفت المواقع العسكرية الإسرائيلية ومنظومات القيادة والسيطرة، حيث بلغ عدد الصواريخ في الضربة الأولى 5500 صاروخ وقذيفة، وفق إعلان القسام، وهو بطبيعة الحال ما انعكس على المشهد الأمني في مدن إسرائيلية واسعة في جنوب ووسط إسرائيل.
حيث تظهر البيانات أن صافرات الإنذار دوت في يوم هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول أكثر من 4175 مرة داخل المدن الإسرائيلية، وكان جلها بين الساعة 6:29 صباحا حتى الواحدة ظهرا، وتأتي مدن القدس وتل أبيب الكبرى والرملة وهرتسيليا وديمونا واللد وجنوب يافا من بين أبرز المدن، في حين تركزت الهجمات الصاروخية على استهداف المواقع الإسرائيلية والمستوطنات في الجنوب، من بينها مدن عسقلان وبئر السبع وأسدود وعرعرة في النقب وقاعدة حتسريم الجوية.
خريطة صافرات الإنذار في السابع من أكتوبر 2023وبحسب صحيفة هآرتس، فقد قتل 39 إسرائيليا غالبيتهم جنود بفعل الضربات الصاروخية والطائرات المسيرة خلال العام، وحوالي نصف القتلى كانوا في القصف الأول يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ودوت صافرات الإنذار نحو 8535 مرة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، وذلك مع استمرار إطلاق الصواريخ والمسيرات من غزة ولبنان مع دخول حزب الله على خط المواجهة، ولم يختلف الوضع في أكتوبر/تشرين الأول 2024 عن سابقه، حيث جرى إصدار 4980 إنذارا مع بلوغ الحرب بين حزب الله وإسرائيل ذروتها ودخول مدن جديدة مثل صفد وحيفا وعكا وتل أبيب في دائرة الاستهداف.
خريطة صافرات الإنذار في أكتوبر 2023 و2024 التركيز على الهجمات الصاروخيةتشير البيانات إلى أن الغالبية العظمى من الإنذارات الصادرة عن الجبهة الداخلية كانت مرتبطة بهجمات صاروخية، حيث تشكل الإنذارات الحمراء أكثر من 23 ألفا و67 من إجمالي الإنذارات، مما يجعلها ضمن التحذيرات الأكثر شيوعا، وخاصة على صعيد المناطق القريبة من خطوط المواجهة، مستوطنات غلاف غزة، والبلدات والمواقع الواقعة في الجليل الأعلى شمالي إسرائيل.
وخلال العام نفسه، جرى تسجيل 5739 إنذارا بسبب التوغلات الجوية، حيث تتصدرها الطائرات المسيرة بدون طيار، التي يستخدمها حزب الله اللبناني بشكل يومي، وأطلقت أيضا من العراق واليمن عدّة مرات، وهو السلاح الذي برز بشكل كبير في هذه الحرب.
وتبين الإحصاءات كيف بدأت الهجمات الصاروخية بكثافة في أكتوبر/تشرين الأول، ووصلت إلى أدنى مستوياتها في فبراير/شباط 2024، ثم عادت للزخم والكثافة مع بداية سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول من العام الحالي.
وكانت مخاوف التسلل حاضرة بين الإنذارات لكنها بنسبة أقل، حيث جرى إصدار 23 إنذارا على مدار العام، خاصة على صعيد المستوطنات في الضفة الغربية والمناطق الحدودية مع لبنان.
ودفعت عملية "طوفان الأقصى" الجيش الإسرائيلي للتفكير في إضافة إشارة إنذار إضافية في مستوطنات غلاف غزة، إلى جانب إنذار الصواريخ، حيث تختص الإشارة الجديدة للتحذير من عمليات تسلل مسلحين، وفق صحيفة معاريف.
المدن والمناطق الأكثر تأثراوتصدرت منطقة "خط المواجهة" كما تعرفها الجبهة الداخلية الإسرائيلية، وهي الحدود الشمالية لإسرائيل، أكبر عدد من الإنذارات بواقع نحو 8728 إنذارا، كما شهدت منطقة "غلاف غزة" وهي المنطقة المحيطة بقطاع غزة قرابة 3288 إنذارا، إلى جانب نحو 2013 إنذارا في الجليل الأعلى ومنطقة "لاخيش" شمال النقب بواقع 2379 إنذارا.
وتوضح المعطيات أن مدينة كريات شمونة في الجليل الأعلى والقريبة من الحدود اللبنانية، شهدت أكبر عدد من الإنذارات، حيث تم تسجيل 417 إنذارا، مما يشير إلى تركيز حزب الله هجماته الصاروخية على هذه المدينة التي تركها غالبية سكانها، كما شهدت بلدات شمالية أخرى مثل تل حاي ومرغليوت عددا كبيرا من الإنذارات، حيث تم تسجيل 276 و273 إنذارا على التوالي.
وأكدت القناة 13 الإسرائيلية أن السلطات عملت على إجلاء أكثر من 23 ألف ساكن من مدينة كريات شمونة الشمالية منذ بداية الحرب وبقي فيها عدد قليل، لكن حزب الله طالب من تبقى بالمدينة ومدن ومواقع أخرى بالإخلاء باعتبارها أهدافا عسكرية يتحصن بها الجيش الإسرائيلي.
وفي جنوب إسرائيل، شهدت مستوطنة نتيف هعسراه القريبة من الحدود الشمالية لقطاع غزة حوالي 240 إنذارا، حيث تعرضت لعمليات استهداف بالصواريخ والقذائف بشكل متكرر.
الهجمات الإيرانيةعلى مدار العام الحالي، شنت إيران هجومين صاروخيين منفصلين على إسرائيل، الأول كان في أبريل/نيسان، حيث أطلق الحرس الثوري عشرات الصواريخ والطائرات المسيرة على أهداف إسرائيلية ردا على قصف سفارة طهران بدمشق، والهجوم الثاني هو الأوسع والأعنف، والذي وقع في مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، واستخدمت فيه إيران نحو 180 صاروخا أصابت بعضها قواعد عسكرية إسرائيلية، وذلك ردا على اغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس والأمين العام لحزب الله حسن نصر الله وعباس نيلفروشان القيادي في الحرس الثوري الإيراني.
خريطة الإنذارات في يوم 1 أكتوبر 2024 إيلات ساحة معركةكانت مدينة إيلات على مدار السنوات الماضية منطقة هادئة وبعيدة عن تقلبات الواقع الأمني الإسرائيلي، حتى أصبحت ملجأ لعشرات الآلاف من سكان جنوب إسرائيل والشمال أيضا في ظل التوتر، لكنها تحولت مع الحرب إلى أحد الأهداف الإستراتيجية للصواريخ والطائرات المسيرة التي تطلق من اليمن والعراق على مدار الأشهر الماضية.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن مدينة إيلات استضافت نحو 35 ألف ساكن من مستوطنات الجنوب ومحيط غزة، بينهم 6 آلاف من مدينة سديروت.
ودوت صافرات الإنذار بفعل الهجمات الصاروخية من لبنان ما يزيد على 12 ألفا و530 مرة خلال عام واحد، وتأتي غزة في المرتبة الثانية، حيث جرى تسجيل نحو 11 ألفا و160 إنذارا، و418 إنذارا بفعل عمليات إطلاق صواريخ ومسيرات من اليمن، و60 مرة بفعل إطلاق من الأراضي السورية، و29 مرة من العراق، وفق ما أوردته البيانات.