في حمأة هذا الجنون الإسرائيلي، الذي يحرق لبنان ببرودة أعصاب، ووسط انعدام فعالية التأثير الأميركي والأوروبي على تل أبيب لوقف عدوانها المستمرّ بوتيرة تصاعدية يومًا بعد يوم، فإن ما يتعرّض له اللبنانيون اليوم، وما تعرّض له الغزاويون بالأمس واليوم، يوحي بما لا يقبل الشك بأن ثمة مخطّطًا أكبر من جغرافية غزة ولبنان جاري تنفيذه، خصوصًا بعدما دخلت إيران بالمباشر على خط التصعيد بردّها على الاغتيالات الأخيرة، بالتزامن مع تأكيد حكومة حرب العدو بأنها ستردّ على الردّ الإيراني.

وهذا الأمر قد يُدخل المنطقة في حرب شاملة قد تجد الولايات المتحدة الأميركية نفسها مضطرّة للتدخل في شكل أو في آخر في هذه الحرب، التي سعت إلى وأدها من دون أن تتمكن إلى ذلك سبيلًا.
ولأن الوضع الميداني قد خرج عن السيطرة بعدما بذل كل ما يمكن أن يُبذل في لقاءات نيويورك والاتصالات اليومية بعواصم دول القرار لوقف العدوان الإسرائيلي الغاشم على لبنان قرّر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تحريك المياه الراكدة داخليًا في مسعىً لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان، وقبل أن يسبق السيف العزل، وذلك انطلاقًا من ايمانه الراسخ بأن الوحدة الداخلية، وبالأخصّ في الملمات الكبرى هي الوحيدة الباقية بعد أن تتوقف الحرب مهما طالت. وبهذه الوحدة، على رغم كل الخلافات السياسية بين مكونات النسيج الوطني، يستطيع لبنان أن يصمد في وجه آلة القتل الإسرائيلية، وأن يثبت لعالم، ولو بعد حين، أنه بهذه الوحدة قادر على صنع الاعاجيب.
قد يبدو هذا الكلام للبعض في مثل هذه الأجواء الهستيرية مستغربًا أو فيه بعض من مشاهد سوريالية بعيدة عن الواقع، ولكن ما يراه الرئيس ميقاتي من فوق غير ما يراه هذا البعض من تحت. وقد يكون في ما يراه الآخرون بعض من الحقيقة الواقعية، ولكن التفتيش عن الأمل الضائع في كومة من الأحقاد لا يبدو بالنسبة إلى المتمسك برجاء قيامة لبنان من تحت الردم ضربًا من ضروب المستحيلات.
وبهذا الايمان بالغد، وبهذه الثقة بأبناء وطنه، بادر إلى لقاء عُقد في عين التينة وضمّه إلى الرئيس نبيه بري والوزير السابق وليد جنبلاط كنواة للقاء أوسع وأشمل لا بدّ من أن ينضمّ إليه الأفرقاء الآخرون، وبالأخص المسيحيون، وذلك بهدف إيجاد آلية مشتركة لإنقاذ ما يجب إنقاذه قبل أن ينهار سقف المنزل على رؤوس الجميع. وقد يكون المخرج شبه الوحيد تحريك الملف الرئاسي على رغم أن المعطيات التي تطفو على السطح لا تؤّشر إلى أن ثمة دفعًا حقيقياً لإزالة الأسباب المعطلة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وخاصة لدى "المعارضة". ولكن هذه المؤشرات لم تمنع الرئيسين ميقاتي وبري وجنبلاط من توجيه ندائهم إلى اللبنانيين وأكدوا فيه "أهمية وحدة اللبنانيين بمواجهة هذا العدوان وتضامنهم الوطني، وأعلنوا "التزام لبنان النداء الذي صدر في الاجتماعات التي جرت إبان انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبالتالي الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار والشروع في الخطوات التي أعلنت الحكومة التزامها بها لتطبيق قرار مجلس الأمن الرقم 1701 وإرسال الجيش إلى منطقة جنوب الليطاني ليقوم بمهامه كاملة بالتنسيق مع قوات حفظ السلام في الجنوب، وذلك حماية للبنان من استمرار الاعتداءات والأطماع الإسرائيلية، ودعوة المجتمع الدولي إلى التحرك لوقف العدوان الإسرائيلي المستمر بحق لبنان وشعبه." ودعوا "الشركاء في الوطن إلى سلوك درب الوفاق والتلاقي تحت مظلة الوطن الواحد والدستور والمؤسسات الجامعة والاضطلاع بمسؤولياتنا الوطنية المشتركة عبر انتخاب رئيس وفاقي للجمهورية يطمئن الجميع ويبدّد هواجسهم المختلفة لنعيد صياغة أولوياتنا الوطنية في مؤسساتنا الدستورية التي تكفل مشاركة الجميع وحقوقهم، خاصة في وقف العدوان الإسرائيلي وسلوك درب الإصلاح والإنقاذ الاقتصادي والاجتماعي، وفي هذا المجال فإننا نأمل أن يشكل لقاؤنا هذا خطوة أولى للقاء والتقاء جميع القوى والشخصيات المكوّنة لنسيجنا الوطني للانطلاق في هذه المهمة، وندعو إلى البناء على الدينامية الإيجابية التي أطلقتها الاتصالات المتعددة التي قام ويقوم بها الرئيس نبيه بري مع مختلف الكتل النيابية لأجل إنجاز هذا الاتفاق".
إن اللقاء الثلاثي أعطى شارة الانطلاق لمروحة من اتصالات داخلية وخارجية بشأن الإحاطة بالوضع الراهن والعمل على بلورة اتفاق بشأن ملفات ابرزها بذل ما يمكن لوقف الحرب ودرء الفتنة واحترام القرار ١٧٠١ ومعالجة ملف النازحين من المناطق التي تعرضت للعدوان الإسرائيلي كما يجب، على أن للحديث تتمة لاسيما بالنسبة إلى عملية إتمام الاستحقاق الرئاسي، مع مكانية تفاهم على عناوين عريضة من أجل حماية البلد.
وما الزيارة التي قام بها الرئيس ميقاتي لبكركي وإطلاعه البطريرك الراعي على خلفية حقيقة "لقاء عين التينة"، والجولات المكوكية التي قام بها وفد "اللقاء الديمقراطي"على القيادات المسيحية سوى محاولة لرأب الصدع الداخلي وتقريب المسافات الرئاسية بين اللبنانيين. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

الرد وإلا الفصل..ماسك يبعث برسائل تهديد جديدة للموظفين الفيدراليين

ذكرت شبكة سي إن إن الأمريكية، إنه تم إرسال رسالة توجيهية إلى الموظفين الفيدراليين في العديد من الوكالات الحكومية للمرة  الثانية ليقوموا بالإخبار عن إنجازاتهم في العمل خلال الأسبوع الماضي إلى إدارة ترامب، وفقًا لمصدر نقابي والعديد من الموظفين الذين تلقوا الرسائل مساء الجمعة.

قالت المصادر إن رسائل البريد الإلكتروني، التي تحمل عنوان "ماذا فعلت الأسبوع الماضي؟ الجزء الثاني"، أُرسلت إلى موظفين في مكتب السجون، وإدارة الخدمات العامة، ومكتب حماية المستهلك المالي، ومكتب إدارة الموظفين، وإدارة الضمان الاجتماعي، ووزارتي التعليم وشؤون المحاربين القدامى، وغيرهم، وقد اطلعت شبكة سي إن إن على عدد من رسائل البريد الإلكتروني.

تم توجيه العمال مرة أخرى للرد على البريد الإلكتروني والذي كان في جميع الحالات تقريبًا صادرًا عن عنوان البريد الإلكتروني الجديد للموارد البشرية التابع لـ أو بي إم،  في خمس نقاط موجزة حول إنجازاتهم وإرسال نسخة إلى مديريهم.

ولكن تعد هذه المرة، التي قيل لهم أن هذا سيكون مطلبًا أسبوعيًا بحلول الساعة 11:59 مساءً بتوقيت شرق الولايات المتحدة يوم الاثنين.

في يوم السبت الماضي، أُرسلت رسالة بريد إلكتروني جماعية مماثلة دون سابق إنذار إلى أكثر من مليوني موظف فيدرالي بعد وقت قصير من إعلان إيلون ماسك على إكس، أن الموظفين سيضطرون إلى قول ما فعلوه خلال العمل في الأسبوع الماضي، محذرًا من أن "عدم الرد سيُعتبر استقالة". 
وقد تم منحهم مهلة نهائية حتى الساعة 11:59 مساءً بالتوقيت الشرقي يوم الاثنين الماضي.

مقالات مشابهة

  • فضل الله: ألم تتعب الدولة من العدوان عليها وانتقاص سيادتها؟
  • فضيحة انسانية ارتكبها الاحتلال الاسرائيلي جنوباً.. وعدد شهداء الحرب الأخيرة 6 آلاف
  • ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 48 ألفا و388 شهيدا
  • ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 48 ألفا و388 شهيدا
  • الرد وإلا الفصل..ماسك يبعث برسائل تهديد جديدة للموظفين الفيدراليين
  • شهداء وجرحى وحملة اعتقالات في طولكرم نتيجة العدوان الإسرائيلي
  • ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 48,388 شهيدًا
  • ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في العدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة إلى 48.388 شهيدًا
  • سلام يزور جنوب لبنان.. الجيش هو الوحيد المخول بالدفاع عن البلاد
  • العدوان الإسرائيلي على شمال الضفة: اعتقالات حصار وحرق للمنازل