شمسان بوست / متابعات:

كشف مرصد مختص بالبيئة عن استخدام الأقمار الاصطناعية في الكشف عن تأثير مواقع النفايات غير الرسمية في اليمن على البيئة وزيادة معدل الاحتباس الحراري، وقال إن هذه المواقع تشكل مخاطر تلوث بيئية كبيرة عبر الهواء والماء والتربة، فضلاً عن المواد المسرطنة والمعادن الثقيلة.

ووفق دراسة لمرصد الاستشعار عن بُعد، فإن الحرب في اليمن أثرت بشكل عميق على إدارة النفايات الصلبة، مما أدى إلى زيادة الإغراق والمخاطر على البيئة والصحة العامة، وقالت الدراسة إنه يتم استخدم الأقمار الاصطناعية في تحديد مواقع الإغراق، وبالتالي المساعدة في إيجاد التدابير العلاجية وسياسات إدارة النفايات.

وأوضح المرصد أنه رغم تراجع حدة الصراع الذي دام قرابة عقد من الزمان في اليمن، فإن البلاد لا تزال بعيدة عن السلام، إذ احتلت في بداية الصراع بالفعل المرتبة 160 من أصل 177 على مؤشر التنمية البشرية، مما عزز مكانتها بوصفها واحدة من أكثر دول العالم فقراً.



وأثناء الصراع أشار المرصد إلى نشوء عديد من تحديات إدارة النفايات، ما أدى إلى انتشار مواقع الإغراق غير الرسمية وتفاقم المخاطر البيئية والصحية، كما أدت الحرب إلى إجهاد الموارد الاقتصادية، وتعطيل البنية التحتية للنفايات، وتحويل الانتباه بعيداً عن إدارتها.



وأكدت الدراسة أن مواقع النفايات غير الرسمية المليئة بالنفايات الخطرة تسبب تلوث الهواء أثناء إحراقها، ما يؤدي إلى إطلاق غازات مثل ثاني أكسيد الكبريت، فضلاً عن المواد المسرطنة والمعادن الثقيلة، ورجحت أن يكون تفشي الكوليرا في اليمن عام 2016، الذي أسفر عن وفاة 3000 شخص، مرتبطاً بالنفايات الطبية غير المعالجة التي تلوث المجاري المائية.



100 حريق سنوياً

وأوضح المرصد أنه استعمل الأقمار الاصطناعية لتحديد ومراقبة مثل هذه المواقع باستخدام نظام معلومات الحرائق التابع لوكالة «ناسا»، وكشف عن تسجيل 1350 حريقاً بين أكتوبر (تشرين الأول) 2014، وأكتوبر2023، وقال إن هذه الحرائق تتركز في المناطق الحضرية على طول السواحل الغربية والجنوبية المكتظة بالسكان في اليمن.

ووفق ما جاء في دراسة المرصد فإن الصور أظهرت أن غالبية الحرائق وقعت في عامي 2019 و2021، حيث وقعت 215 و226 حادثة على التوالي، بينما شهدت الفترة بين 2014 و2016 عدداً أقل من الحرائق، حيث سُجل 17 حريقاً فقط في عام 2016، لكن المرصد نبه إلى أنه على الرغم من انخفاض وتيرة الحرائق في عامي 2022 و2023، فإن كلا العامين لا يزالان يسجلان أكثر من 100 حريق سنوياً.

وبحسب البيانات فإن مواقع هذه النفايات كانت حول المدن الكبرى، إذ كان لدى كل من صنعاء والحديدة مكبّان جديدان للنفايات، كما ظهر معظم النفايات حول مدينة عدن؛ التي شهدت انخفاضاً كبيراً في معدلات جمع النفايات، وهو ما يفسر انتشار المكبات غير الرسمية.



ومع ذلك أكدت الدراسة أن ظهور مكبات النفايات غير الرسمية الجديدة لم يكن متأثراً بما إذا كانت المنطقة خاضعة لسيطرة الحوثيين أو الحكومة، كما أن قربها من مكبات النفايات الرسمية لم يمنع تشكلها، كما يتضح من حالات في عدن والمكلا.



ضرر على البيئة

نبهت دراسة مرصد الاستشعار عن بُعد، أن نظام إدارة النفايات المتدهور في اليمن يسبب ضرراً كبيراً على البيئة والسكان، ذلك أن لها تأثيرات على البيئية والمناخية، خصوصاً في ميناء «رأس عيسى» النفطي على البحر وصنعاء.

ففي «رأس عيسى» أوردت الدراسة أن ممارسات الإلقاء غير السليمة بالقرب من الساحل تساهم بشكل كبير في تلوث المياه البحرية والجوفية، كما يتسرب السائل الناتج عن تراكم النفايات إلى التربة ويصل إلى المياه الساحلية، مما يؤدي إلى تعطيل النظم البيئية البحرية وتعريض الأنواع للخطر.




وتقول الدراسة إن المواد البلاستيكية تتحلل من هذه المكبات إلى جزيئات بلاستيكية دقيقة، تبتلعها الكائنات البحرية وتتراكم بيولوجياً من خلال سلسلة الغذاء، أما في صنعاء، فتساهم مكبات النفايات في تغير المناخ بشكل كبير، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى انبعاثات غاز الميثان؛ لأنه مع تحلل النفايات العضوية بشكل لا هوائي، يتم إطلاق الغاز مما يؤدي إلى تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري والتلوث الجوي المحلي.



وطالب المرصد باستراتيجية شاملة للتخفيف من هذه التأثيرات، بما في ذلك أنظمة التقاط غاز مكبات النفايات واستخدامه لتحويل الميثان إلى طاقة، وممارسات تحويل النفايات مثل التسميد وإعادة التدوير للحد من النفايات العضوية.



ولكنه رأى أن الصراع المستمر في اليمن غالباً ما يهمش جهود حماية البيئة، مما يجعل من الصعب معالجة هذه القضايا الحرجة بشكل فعال.

وأعاد مرصد الاستشعار عن بُعد التذكير بأن تحديد المخاطر البيئية الفعلية على الناس والنظم البيئية أمر مستحيل باستخدام هذه الأساليب وحدها. وقال إن تحديد المواقع «ليس سوى جزء صغير من الحل». وأكد أن معالجة إدارة النفايات الصلبة ستظل معقدة طالما بقي الوضع السياسي في اليمن على حاله.

المصدر: شمسان بوست

كلمات دلالية: إدارة النفایات مکبات النفایات غیر الرسمیة على البیئة فی الیمن

إقرأ أيضاً:

الخضرة تواجه التصحر: العراق يكتب قصته البيئية

2 أكتوبر، 2024

بغداد/المسلة: شهدت العراق في السنوات الأخيرة تحولًا إيجابيًا نحو التشجير كجزء من الجهود الرامية لمواجهة التحديات البيئية والمناخية المتزايدة.

وهذا التحول، المدعوم من المجتمع المدني والحكومة، يعكس فهمًا أعمق للتأثيرات الضارة للتغييرات المناخية والتلوث على البلاد.

وفي مارس 2023، أعلنت الحكومة العراقية عن مبادرة كبرى لزرع خمسة ملايين شجرة بهدف تعزيز الغطاء النباتي في البلاد.

ويقول المهندس الزراعي سعد الحيدري “إن التشجير ليس مجرد نشاط بيئي، بل هو جزء أساسي من الحلول التي يمكن للعراق تبنيها لمواجهة التغير المناخي والحد من التصحر. نعمل الآن على توجيه جهودنا نحو تقديم التدريب والإرشاد للسكان حول أنواع الأشجار الملائمة لبيئة العراق، مع التركيز على الأنواع ذات القدرة العالية على تحمل الجفاف ودرجات الحرارة المرتفعة”.

وأضاف أن “تفاعل المواطنين مع هذه الحملات كان مشجعًا للغاية، حيث بدأوا بإظهار اهتمام كبير بزراعة الأشجار في منازلهم ومساحات أراضيهم الخاصة”.

واعلن امين بغداد المهندس عمار موسى كاظم عن انطلاق الحملة الوطنية للتشجير عبر زراعة 101 الف شجرة، اشارة الى عمر مؤسسة أمانة بغداد الذي تجاوز المائة عام.

ونقل بيان للامانة عن امين بغداد قوله ان “حملة التشجير الوطنية الكبرى تم اطلاقها هذا اليوم في عموم مناطق العاصمة بغداد ، بدءاً من حديقة بغداد في منطقة البياع ضمن قاطع بلدية الرشيد التي شهدت زراعة اول شجرة”.

بينما أكد المهندس الزراعي علي الجبوري أن: “تحدي التغير المناخي في العراق يتطلب مشاركة جماعية من المجتمع. نعتمد على الحملات التوعوية ومواقع التواصل الاجتماعي لرفع مستوى الوعي بأهمية التشجير. لاحظنا زيادة واضحة في التجاوب الشعبي، حيث بدأ الناس يتوجهون إلينا للحصول على مشورة حول كيفية زراعة الأشجار بطريقة مستدامة.”

و  تزايد التفاعل الشعبي مع حملات التشجير جاء كنتيجة لتكثيف الجهود الإعلامية والتوعية من قبل المهندسين الزراعيين والمتخصصين البيئيين اذ يعكف هؤلاء على نشر الوعي بضرورة التشجير عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مع تقديم نصائح وإرشادات بشأن أنواع الأشجار الملائمة لبيئة العراق.

و المشاتل الزراعية، تسهم بشكل كبير في تسهيل الوصول إلى الشتلات بأسعار مخفضة، مع تقديم النصائح اللازمة للمزارعين والهواة. ي

وفي ضوء هذه التطورات، أصبحت الحملات البيئية والتشجير جزءًا لا يتجزأ من التوجه الوطني لمكافحة التغير المناخي. من المتوقع أن تسهم حملات مثل حملة التشجير الكبرى المقررة في أكتوبر المقبل في تعزيز الغطاء النباتي، والتخفيف من آثار التصحر، فضلاً عن تحقيق فوائد اقتصادية بيئية من خلال تحسين البيئة المحيطة وزيادة الغطاء الأخضر الذي يقلل من درجات الحرارة ويزيد من جودة الهواء في العراق.

و قال كريم الزيدي، صاحب مشتل في بغداد: “في السنوات الأخيرة، شهدنا تزايدًا في الطلب على الأشجار والشتلات، وهذا يعكس تزايد الوعي الشعبي بأهمية التشجير. نقوم في مشتلنا بتقديم خصومات خاصة على الأشجار سريعة النمو والمتوافقة مع مناخ العراق لتشجيع الناس على زراعتها. نعتبر أنفسنا جزءًا من هذه الجهود الوطنية، ونساهم من خلال تقديم الاستشارات المجانية وتوفير الشتلات للمبادرات البيئية المحلية.”

هذه الجهود المشتركة بين الحكومة، المجتمع المدني، والمواطنين، تعكس التزامًا حقيقيًا بتحسين جودة الحياة والتصدي للتحديات المناخية، حيث يلعب كل فرد دورًا في تحقيق رؤية بيئية أكثر استدامة للبلاد.

أما فاطمة العامري، وهي صاحبة مشتل آخر في بغداد، فأشارت إلى أن: “التشجير أصبح حاجة ملحة للعراق بسبب مشكلات التصحر وتراجع المساحات الخضراء. نحن في المشاتل نقوم أيضًا بتنظيم ورش عمل توعوية لمساعدة المواطنين في فهم كيفية العناية بالنباتات والأشجار بشكل صحيح، وأعتقد أن نشر ثقافة الزراعة هو جزء من الحل لمواجهة تحديات البيئة الحالية.”

من جانبه، قال المواطن أحمد الربيعي، الذي شارك في إحدى حملات التشجير: “بدأت بزراعة الأشجار حول منزلي بعد أن أدركت تأثيراتها الإيجابية على البيئة. الأشجار لا تضفي جمالًا فقط، بل تساعد أيضًا في تقليل الحرارة وتنقية الهواء. المشاركة في الحملات البيئية أصبحت نشاطًا ممتعًا ومفيدًا لي ولعائلتي.”

بينما عبرت أمينة حسين، وهي موظفة عن تجربتها في التشجير قائلة: “قبل سنوات قليلة لم أكن أعرف الكثير عن أهمية الأشجار، لكن بعد حملات التوعية الأخيرة، أدركت دورها في تحسين الهواء وتقليل الأتربة. الآن أقوم بزرع أشجار في الفناء الخلفي لمنزلي وأشجع جيراني على فعل الشيء نفسه.”

المهندسون الزراعيون، أصحاب المشاتل، والمواطنون يتكاتفون جميعًا لتعزيز الوعي بأهمية التشجير، في سبيل مواجهة التحديات المناخية التي تواجه العراق. هذا التعاون المشترك يعكس التزام الجميع بتحسين البيئة والمساهمة في بناء مستقبل أكثر استدامة للبلاد.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • تقليل وقت الجلوس يمنع تفاقم آلام الظهر
  • مستقبل الطاقة وإدارة النفايات على طاولة مناقشات «ويتيكس»
  • المرصد الأورومتوسطي: إسرائيل دمرت سلة الغذاء وأسس الإنتاج المحلي بشكل ممنهج في قطاع غزة
  • النفط يرتفع مع تفاقم توترات الشرق الأوسط
  • زيادة أسعار النفط نع تفاقم الصراع في الشرق الأوسط
  • إيلام الفيلية.. الحرائق وغياب الثقافة البيئية يهددان غابات عروس زاغروس
  • رويترز: تفاقم الأوضاع في الشرق الأوسط ينال من ثقة المستثمرين
  • تراجع أسعار العملات المشفرة وسط تفاقم الاضطرابات الجيوسياسية
  • الخضرة تواجه التصحر: العراق يكتب قصته البيئية