فيشو: الإرهاب هو العلامة المسجلة للجيش الإسرائيلي
تاريخ النشر: 5th, October 2024 GMT
المرجع في تاريخ الاغتيالات التي نفذتها أجهزة الموساد، والشين بيت، والجيش الإسرائيلي منذ مولد دولة «عصابات الإرهاب» (حسب النعت الرسمي البريطاني، وحسبما لا يزال يشهد به أرشيف الحكومة وأرشيف الصحافة) عام 1948 هو الكتاب التحقيقي الذي أصدره مراسل يديعوت أحرونوت والنيويورك تايمز للشؤون العسكرية والاستخبارية رونن برغمان عام 2018 بعنوان «بَكِّرْ بالنهوض واقتُل أوّلا: التاريخ السري لاغتيالات الاستهداف الإسرائيلية».
وقد صدر الكتاب بالعبرية، ونشر في العام ذاته مترجما إلى الإنكليزية في كل من بريطانيا وأمريكا. ويحيل العنوان المثير إلى أحد تعاليم التلمود: «إذا جاء أحد ليقتلك فانهض واقتله أولا». فهو تحريض، دنيوي بقدر ما هو ديني، لليهودي على النهوض باكرا حتى يكون هو قاتل عدوه لا قتيله، أي حتى يتغدى هو بالعدو قبل أن يتعشى العدو به، حسب القولة العامية الشهيرة.
يقول برغمان إن إسرائيل اغتالت، منذ الحرب العالمية الثانية، من الناس أكثر مما اغتالت أي دولة غربية أخرى. فقد نفذت حتى عام ألفين حوالي 500 عملية اغتيال قتل فيها أكثر من ألف شخص بين مقاتلين ومدنيين. ونفذت أثناء الانتفاضة الثانية ألف عملية اغتيال «نجح» منها 168.
ومنذئذ حتى 2018 نفذت 800 عملية اغتيال أخرى. في المقابل، نفذت أمريكا 48 عملية اغتيال طيلة رئاسة بوش، و353 طيلة رئاسة أوباما. ويؤكد برغمان أن الاستخبارات الإسرائيلية أنشأت أقوى ماكينة اغتيال في التاريخ، اعتمادا على ما تستقيه من معلومات استخبارية «ممتازة، بل وشهيّة» حسب وصف مدير السي أي ايه السابق مايكل هايدن.
ويشرح الصحافي بأن «اتّكال إسرائيل على الاغتيال أداةَ عسكرية ليس وليد الصدفة» بل إن أحد أسبابه المتعددة أنه ناجم عن «الأصول الثورية والنضالية للحركة الصهيونية»!
إسرائيل اغتالت، منذ الحرب العالمية الثانية، من الناس أكثر مما اغتالت أي دولة غربية أخرى. فقد نفذت حتى عام ألفين حوالي 500 عملية اغتيال قتل فيها أكثر من ألف شخص بين مقاتلين ومدنيين
وكما ترى، فهذا تعبير مبالغ في البراءة الرومانسية. أما المراقبون والمؤرخون المحايدون فإن لهم في هذا الشأن تعابير وأوصافا أكثر دقة وواقعية. والدليل أن القائد السابق لسلاح البحرية الفرنسية الأميرال جان-لوي فيشو قال يوم 18 أيلول/ سبتمبر، على قناة ال سي اي، تعليقا على تفجيرات أجهزة «البيجر» في لبنان: «لا ينبغي أن ننسى أن ميراث الجيش الإسرائيلي هو في المقام الأول ميراث إرهابي.
ذلك هو أصل الجيش الإسرائيلي وأساسه. إذ بعكس الجيوش الأخرى التي نشأت في إطار القانون، كان الجيش الإسرائيلي في البدء منظمة إرهابية».
سأله المذيع داريوس روشبان: وهل حافظ على هذا الطابع الإرهابي؟ فأجاب: بلا شك. عندها قال المذيع: «أتذكّر أني حاورت رئيس الوزراء إسحاق شامير الذي مارس هو نفسه الإرهاب، فقد كان إرهابيا ضد البريطانيين، وقال إن أثر تلك التجربة الأولى لا يزول».
ليس هذا الكلام، بالطبع، إلا تقريرا لوقائع معروفة. ولكن رغم صحته، فإنه من الخطورة بحيث لا يمكن أن تسمع له مثيلا على أيّ من القنوات البريطانية، ناهيك عن الأمريكية.
وقد أعاد المذيع السويسري الكرّة يوم 24 أيلول/ سبتمبر، حيث استضاف الدجال الصهيوني السيئ الذكر برنار هنري-ليفي وتركه «يغنّي وجناحه يردد أنغامه» طيلة عشر دقائق، ثم أعلن مفاجئا: والآن ينضم إلينا الأميرال فيشو، وقبل أن يجلس ابتدره قائلا: لقد أثرت اهتمامي قبل أيام عندما قلت لي إن تجربة الجيش الإسرائيلي غير النظامية تفيده في حروبه الحالية، فإذا بالأميرال يجدد أقواله بكل ثقة ووقار، غير مدرك على ما يبدو أن الحقيقة التي سيجهر بها إنما هي صفعة موجعة في وجه الدجال الصهيوني الذي بقي محصنا على مر العقود بمناخ إعلامي من الاحتفاء والتبجيل.
أجاب فيشو: «أي نعم. لقد وُلد الجيش الإسرائيلي في الإرهاب. إذ لم تكن دولة إسرائيل موجودة، وكان هؤلاء القوم يريدون آنذاك تحرير أرض ليست لهم! فأساس هذا الجيش هو الإرهاب. وجميع القادة الإسرائيليين ورؤساء الحكومات الأوائل مارسوا العمل الإرهابي. وكانت جميع الدول والسلطات القائمة تَعُدّهم إرهابيين وتصنفهم كذلك. وقد سمح لهم هذا بإنشاء إسرائيل ثم إكسابها مقومات الدولة. ولكن يبقى أن الجيش الإسرائيلي لا يزال يحمل هذه العلامة المسجلة».
أثناء ذلك بُهت ليفي واغتمّ، وظل وجهه مسودّا وهو كظيم. وأكاد أجزم أنه لم يسبق للجمهور أن رآه، هو الشخصية الطاووسية المختالة أبدا، في مثل هذه الحال المُزرية. حاول المسكين المبارزة فردد لازمة الهولوكوست (طبعا) ولأنه ليس عديم الحيلة فقد أطرب السامعين بزعمه أن «الحامض النووي للجيش الإسرائيلي إنما هو الكفاح ضد الاستعمار»!
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه عصابات الإرهاب الإرهاب الجيش الاسرائيلي عصابات دولة الاحتلال سياسة صحافة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الجیش الإسرائیلی عملیة اغتیال
إقرأ أيضاً:
نھج أمریكي أكثر جرأة لإنھاء الحرب في السودان: معالجة التھدیدات الرئیسیة وتحدید المصالح
الأھلیة الدائرة في السودان الیوم تسببت في أسوأ أزمة إنسانیة في العالم وأثارت أعمالًا إبادة جماعیة. كما أنھا تشكل تھدیدات وفرصًا جدیدة للولایات المتحدة. ھنا، یتم توضیح ھذه التھدیدات والفرص لأولئك الذین یقیّمون الإجراءات التي قد تتخذھا الولایات المتحدة، إن وجدت، بشأن الصراع في السودان. من الأھمیة بمكان أن تحدد أي سیاسة تتعلق بالسودان
بقلم: السفیر دونالد إي. بوث
الأھلیة الدائرة في السودان الیوم تسببت في أسوأ أزمة إنسانیة في العالم وأثارت أعمالًا إبادة جماعیة. كما أنھا تشكل تھدیدات وفرصًا جدیدة للولایات المتحدة. ھنا، یتم توضیح ھذه التھدیدات والفرص لأولئك الذین یقیّمون الإجراءات التي قد تتخذھا الولایات المتحدة، إن وجدت، بشأن الصراع في السودان. من الأھمیة بمكان أن تحدد أي سیاسة تتعلق بالسودان خطوطًا إرشادیة داخلیة واضحة حول المصالح الأمریكیة، وبالتالي تحدید ما یستحق استخدام القوة والنفوذ الأمریكي لتحقیقھ أو منعھ. تحدید المصالح والتھدیدات الأمریكیة في السودان.
یشكل الصراع الحالي في السودان تھدیدات خطیرة محتملة للولایات المتحدة، وأبرزھا خطر عودة الإرھاب. فقد استضاف النظام الإسلامي الذي حكم السودان لمدة ثلاثین عامًا حتى عام 2019 أسامة بن لادن وغیره من المنظمات الإرھابیة التي استھدفت الولایات المتحدة وإسرائیل. ومن السودان، خطط تنظیم القاعدة لھجمات إرھابیة عام 1998 على السفارات الأمریكیة في شرق إفریقیا والھجوم على المدمرة الأمریكیة یو إس إس كول عام 2000. أنھت الثورة الشعبیة في 2018 و2019 ذلك النظام.
ومع ذلك، یعتمد الجیش السوداني (القوات المسلحة السودانیة - SAF) الآن بشكل متزاید على القوى السیاسیة الإسلامیة المتجددة والمیلیشیات المسلحة التي تعود جذورھا إلى النظام السابق في حملتھ ضد قوات الدعم السریع (RSF)، التي ارتكبت إبادة جماعیة في بعض المناطق التي تسیطر علیھا. قد یكون اعتماد قیادة الجیش السوداني على الدعم الإسلامي نتیجة نقص البدائل القابلة للتطبیق أكثر من كونھ بسبب توافق أیدیولوجي. یمكن أن یؤدي عودة حكومة إسلامیة في أعقاب انتصار الجیش إلى إحیاء التھدید الإرھابي للولایات المتحدة. كما قد یؤدي ذلك إلى تنفیذ اتفاق النظام السابق لمنح روسیا قاعدة بحریة على البحر الأحمر، وتعزیز النفوذ الاقتصادي الصیني، وإحیاء التعاون الأمني الإقلیمي مع إیران.
إلى جانب كونھا تھدیدات للمصالح الأمریكیة، بما في ذلك حریة الملاحة في البحر الأحمر، فإن ھذه النتائج غیر مرغوبة لشركائنا الإقلیمیین الرئیسیین – مصر، والإمارات العربیة المتحدة، والمملكة العربیة السعودیة. كما أن التزام السودان باتفاقیات إبراھام سیكون معرضًا للخطر مع عودة القوى السیاسیة الإسلامیة السودانیة. لن یتم ترسیخ النفوذ الأمریكي في السودان وتحقیق الاستقرار إلا من خلال إنشاء حكومة مدنیة دیمقراطیة غیر إسلامیة تعمل مع قوات مسلحة سودانیة موحدة ومھنیة.
تنسیق نھجنا مع الشركاء الرئیسیین في المنطقة – مصر، السعودیة، والإمارات العربیة المتحدة یكمن مفتاح تحقیق السلام المستدام وتجنب النتائج الضارة بالمصالح الأمریكیة في
تنسیق نھج الشركاء الإقلیمیین. حالیًا، تدعم مصر الجیش السوداني (SAF)، بینما تدعم الإمارات العربیة المتحدة قوات الدعم السریع (RSF). الفرصة المتاحة لجعل مصر والإمارات تتعاونان تكمن في رغبتھما المشتركة في منع عودة النظام الإسلامي. أما المملكة العربیة السعودیة، فھي غیر مھتمة برؤیة السودان یعود إلى الوضع الذي كان علیھ قبل عام 2019، عندما كان بحاجة دائمة إلى الموارد بدلاً من أن یكون وجھة استثماریة مستقرة. ھناك مؤشرات على أن الإمارات قد تعید تقییم دعمھا لقوات الدعم السریع في ضوء انتكاساتھا العسكریة الأخیرة.
یجب أن تركز المشاركة الأمریكیة بشأن السودان أولاً وقبل كل شيء على تحقیق تفاھم مع ھذه الدول الثلاث وبینھا حول كیفیة إنھاء الحرب عبر اتفاق یحمي المصالح الأمنیة والسیاسیة والاقتصادیة الأساسیة للولایات المتحدة وشركائھاالإقلیمیین في السودان. التوفیق بین المصالح الاقتصادیة والحكم المدني والعسكري یتطلب تحقیق المصالح الأمریكیة تعاونًا سودانیًا بالإضافة إلى التعاون الإقلیمي. أثبتت الثورة في 2018-2019 الرغبة العارمة للسودانیین في حكومة مدنیة دیمقراطیة. یمكن لتحالف مدني واسع للسلام أن یسرّع تحقیق السلام وإعادة ھیكلة الحوكمة. ومع ذلك، لا یمكن تحقیق ذلك إلا إذا تم طمأنة قیادة الجیش السوداني بأن القوات المسلحة الموحدة والمھنیة ستظل ركیزة مؤسسیة رئیسیة ولاعبًا اقتصادیًا مھمًا في السودان الجدید.
ھناك بالفعل أدلة على أن أعدادًا متزایدة من المدنیین السودانیین ینظرون إلى الجیش السوداني كمنقذ من الأفعال المفترسة لقوات الدعم السریع. في عام 2021، أطاح الجیش السوداني وقوات الدعم السریع معًا بالحكومة الانتقالیة المدنیة إلى حد كبیر لأن تلك الحكومة بدت وكأنھا تتخذ إجراءات عدوانیة لتقویض المصالح الاقتصادیة للقوات المسلحة وقوات الدعم السریع. في الآونة الأخیرة، أشارت قیادة الجیش السوداني إلى انفتاحھا على حكومة انتقالیة. في المستقبل، قد تكون ھناك فرص للعمل مع تحالف مدني أوسع من الأحزاب السیاسیة ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الشعبیة، لا سیما إذا كان ذلك سیسرع من إنھاء الحرب.
كلما طال أمد القتال، زاد اعتماد الجیش السوداني على الإسلامیین ومیلیشیات أمراء الحرب الإقلیمیة، مما یؤدي إلى تكوین تحالفات ھشة وتقلیل سیطرة الجیش السوداني بشكل عام. ھذا یھدد أھداف الجیش السوداني وكذلك المصالح الأمریكیة المستقبلیة. المساعدات الإنسانیة الكبیرة التي قدمتھا الولایات المتحدة في السودان تمنحھا نفوذًا لدى المدنیین السودانیین، خاصة إذا تم توجیھ المزید منھا إلى “غرف الطوارئ الشعبیة”. كما أن العقوبات المفروضة على قیادة الجیش السوداني تمنح الولایات المتحدة القدرة على التوصل إلى اتفاق بین الجیش والمدنیین.
إن وجود سودان مدني یقوده جیش محترف وموحد یمكن أن یمكّن البلاد من الالتزامباتفاقیات إبراھام ویؤسس لشریك أفریقي استراتیجي مستعد للتعاون في مجالات أخرى ذات أھمیة للولایات المتحدة. قوات مسلحة سودانیة موحدة ومھنیة عنصر رئیسي آخر مطلوب لجعل السودان مستقرًا وقابلًا للحكم وجاذبًا للاستثمار الأمریكي والإقلیمي ھو تشكیل جیش وطني واحد مستدام. قد یؤدي إقناع قیادة الجیش السوداني بأن الولایات المتحدة مستعدة، من خلال العمل أساسًا مع شركائنا الإقلیمیین الرئیسیین، للمساعدة في تشكیل قوة موحدة ومھنیة إلى كسب تعاون الجیش السوداني في حمایة المصالح الأمریكیة ووضع السودان على طریق الحكم المدني الدیمقراطي.
قد تنضم بعض المیلیشیات المسلحة المتحالفة مع الجیش السوداني طوعًا، بینما قد تحتاج أخرى إلى حوافز لقادتھا وأفرادھا، في حین قد یكون من الضروري قمع البعض بالقوة. إنشاء جیش وطني موحد ومھني ھو في مصلحة شركائنا الإقلیمیین الذین یریدون شریكًا موثوقًا بھ على طول قناة السویس والبحر الأحمر ونھر النیل، وبالتالي فھم مؤھلون بشكل جید لمساعدة السودان في ھذه المھمة الضروریة.
توفر مشاركة الولایات المتحدة مع السودان فرصة لیس فقط لتجنب نتائج خطیرة محتملة، ولكن أیضًا لبناء تعاون مفید مع الشركاء الرئیسیین في الشرق الأوسط. إن وجود سودان مدني یقوده جیش موحد ومھني یمكن أن یعزز التزام السودان باتفاقیات إبراھام، ویجعل منھ شریكًا أفریقیًا استراتیجیًا مستعدًا للتعاون في المجالات الأخرى ذات الاھتمام الأمریكي.