موقع 24:
2025-02-07@08:55:48 GMT

بري رجل الساعة

تاريخ النشر: 5th, October 2024 GMT

بري رجل الساعة

في الوقتِ الذي كانتْ فيه الطائرات والصواريخ الإسرائيلية تَدك مواقعَ حزب الله ليل نهارَ، كانَ هناكَ بيتٌ واحدٌ مضيءٌ، هو منزلُ نبيه بري. فيه يستقبلُ الوفود الأجنبية، اتَّجه له وزيرُ خارجيةِ إيرانَ أمس فورَ وصولِه المطار، والمبعوثونَ الغربيون، والوسيطُ الأمريكي أموس هوكستين يسابقُ الإيراني، والسفراء الأجانب.

كثيرونَ ظنُّوا أنَّ بري صارَ منتهِي الصَّلاحيةِ منذ ثلاثينَ عاماً، مجردُ رئيسٍ فخريٍّ لبرلمانٍ منزوعِ الصَّلاحية، وأخرجَ من تمثيلِ الطَّائفةِ الشّيعيةِ بسببِ هيمنةِ حسن نصر الله. اليومَ عددٌ ممَّن تبقَّى من قادةِ «حزب الله» لجأوا إليه، يَنشدونَ مساعدتَه. مع هذا انقلبَ على مواقفِ زعيمِهم القتيل. أعلنَ القَبولَ بقرارِ مجلسِ الأمنِ 1701، بإرسالِ الجيشِ إلى الحدود، الذي كانَ مطلبَ إسرائيلَ وسببَ الهجومِ الحالي.
أهميةُ بري، إلى جانبِ الشرعيةِ البرلمانيةِ الضروريةِ لتفعيلِ أي حل سياسي يبدأ بانتخابِ رئيسٍ للجمهورية، أنه يمثل الطائفة الشيعية في وقتٍ تمرُّ فيه باضطرابٍ خَطير. إسرائيلُ تقومُ منذُ أسبوعين، بشكلٍ شبهِ يومي، بعمليةِ اجتثاثٍ لحزب الله، مثلمَا تمَّ اجتثاثُ حزب البعث بعدَ إسقاطِ صدام. وكمَا فعلَ الحلفاءُ في ألمانيا باجتثاثِ القياداتِ النازيةِ، وفي اليابانِ إبانَ الحربِ العالميةِ الثانية. القضاءُ على قادةِ الضاحيةِ يتسبَّبُ في فراغٍ خطيرٍ يستوجبُ أن يملأَه قيادي شيعي حتى يمنعَ الفوضَى، ويحولَ بين الطموحينَ من الحزب وتسلقِ السلم. بري لا يزالُ من أهمّ الشَّخصياتِ السياسيةِ اللبنانيةِ بشكلٍ عام، وقيادتُه المرحليةُ عمليةَ الإنقاذِ السياسية لا يمكن أن تتمَّ من دون مشاركةِ المكوِّنِ الشّيعي، مع بقيةِ الطَّوائف، حتى تمنحَ هذا الحلَّ التأييدَ الشَّعبيَّ والشرعيةَ الضرورية.
بغيابِ نصر الله هناكَ عقباتٌ أمامَ زعامةِ بري لطائفتِه، بعضُهم يعترضون عليهِ بحكم سِنّهِ، 86 عاماً، وكذلكَ لرفضِ الشَّارعِ اللبنانيّ للقياداتِ التقليديةِ القديمة، وهناكَ أصواتٌ تغمزُ بأنَّ بري سارعَ للتتويجِ قبل دفنِ نصر الله، وأنَّه انقلابٌ مدبَّرٌ وجزءٌ من مؤامرة. وقد تكونُ زيارةُ وزيرِ خارجيةِ إيرانَ على عجلٍ إلى بيروتَ محاولةً لوقفِ عمليةِ شطبِ «حزب الله» سياسياً، ويريدُ عرقلةَ نقلِ السّلطات له.
لا يمكن أن ننسَى أنَّ نصر الله وإيرانَ هما من قادَا، ليس الشيعة وحسب، بل كل لبنانَ إلى المذبح. وما نراه من مآس موجعةٍ هو نتيجةٌ طبيعيةٌ لفتحِهم لبنانَ جبهةِ حرب، في حربٍ ليسَ له فيها ناقةٌ ولا جمل، واختطفوا البلدَ لثلاثةِ عقودٍ على الأقل.
المثيرُ أن الحَراكَ الجديدَ أفرز نتائجَ مهمةً وسريعةً بل وجريئة بأكثرَ ممَّا توقعتْه القوى الخارجية. أولاهَا الإعلانُ عن فصلِ لبنانَ عن "ملف المساندة"، أي التخلي عن المشروعِ الإيراني بالاشتباكِ مع إسرائيل في غزة. وكانَ ذلك التزامَ نصر الله.
الثانيةُ التراجعُ عن شرطِ وقفِ الهجومِ الإسرائيلي بوصفه شرطاً لانتخابِ رئيسِ للجمهورية، والإعلان عن بدءِ الإجراءاتِ من دون الانتظارِ لأسابيعَ أو أشهرٍ حتى تنتهيَ العمليةُ العسكريةُ الإسرائيلية. حينَها سيتمُّ تنصيبُ الرئيسِ اللبناني الأول الحرّ منذ عقود، وسيكونُ حاكماً عسكرياً بحكم ِالظَّرف الخَطير. فقد عاشتِ البلادُ تحتَ هيمنةِ القوى الأجنبية: منظمةِ التَّحريرِ الفلسطينية في السبعينات، ثم سوريا في الثمانيناتِ والتسعينات، وفي الألفيةِ سيطرت إيرانُ ممثلةً بحزب الله.
الأرجحُ أن الرئيسَ سيكون قائدَ الجيش، الذي ينتظرُه دور تاريخي ومهمة صعبة، هي بسطُ سيادةِ الدولةِ أخيراً من الحدود السورية إلى الحدودِ الإسرائيلية. وبهذا تنتهِي محنةُ لبنان، بالنيابة عن إيران، بمواجهةِ إسرائيل، وحينَها لا تصبحُ لدَى إسرائيلَ الذَّريعة لما تبقَّى من كيلومتراتٍ تحتلُّها. هذه الخطواتُ تحدَّثَ عنها بري، طبعاً بلغتِه السياسية، وجاءَ في البيانِ المشتركِ أنْ يتمَّ "نشرُ الجيشِ فوراً على طول الخط الأزرق، كخطوةٍ أولى لتطبيقِ اتفاق الطّائف والقرارات الدولية 1701، 1680، 1559، ممَّا يُؤدّي إلى تثبيتِ اتّفاق الهدنةِ مع إسرائيل، وضبطِ الحُدود وحمايةِ لبنان، واستردادِ الدَّولةِ لقرارِ السّلمِ والحرب، وحصرِ السّلاح بيدِها فقط". والجملةُ الأخيرة هي الأهمُّ والأصعبُ، نزع سلاح الميليشيات.
عودةُ بري إلى المسرحِ السياسي سيدعمُها صف طويل من القوى اللبنانية، والدولِ الإقليمية، والقوى الدولية، مع رغبةٍ حقيقيةٍ عند المجتمع الدولي في إنهاء حالةِ الفوضى والحرب الأهلية التي عاشهَا لبنانُ زمناً أطولَ من أي بلدٍ آخر في العالم. الرغبةُ الدوليةُ نابعةٌ من المخاطر التي أصبحَ لبنان مصدّراً لها. فقد أصبحَ محطةَ نشاطِ التَّخريبِ الإقليميةَ، والتهريبِ الدولية.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية إسرائيل وحزب الله حزب الله نصر الله

إقرأ أيضاً:

لبنان يقدم شكوى ضد إسرائيل إلى مجلس الأمن

قدمت وزارة الخارجية والمغتربين اللبنانية، اليوم الثلاثاء، شكوى إلى مجلس الأمن الدولي رداً على خرق إسرائيل للقرار 1701 وإعلان وقف الأعمال العدائية.

وفندت الشكوى، التي قدمتها بعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك، "انتهاكات إسرائيل المستمرة لإعلان وقف الأعمال العدائية منذ دخوله حيز التنفيذ في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي،  ومواصلة اعتداءاتها البرية والجوية وتدميرها المنازل والأحياء السكنية، بالإضافة إلى ارتكابها انتهاكات جسيمة تمثلت في عمليات خطف لمواطنين لبنانيين من بينهم جنود في الجيش اللبناني، والاعتداء على مدنيين عائدين إلى قراهم الحدودية، ما أدى إلى مقتل نحو 24 مدنيا وإصابة أكثر من 124"، حسب بيان صادر عن وزارة الخارجية والمغتربين.

وأشارت الشكوى "إلى استهداف إسرائيل دوريات للجيش اللبناني ومراسلين صحافيين، بالإضافة إلى إزالتها خمس علامات محددة على خط الانسحاب (الخط الأزرق)، في انتهاك واضح للقرار  1701 وللسيادة اللبنانية".

#لبنان يقدم شكوى ضد إسرائيل بمجلس الأمن الدولي لخرقها القرار 1701 وانتهاكاتها المستمرة لاتفاق وقف الأعمال العدائية منذ سريانه في 27 نوفمبر ومواصلة اعتداءاتها البرية والجوية. (بيان للخارجية اللبنانية)#مركز_الأخبار pic.twitter.com/hwVWJO9UD1

— مركز الأخبار (@omantvnews) February 4, 2025

وأكدت الشكوى: "رفض لبنان هذه الاعتداءات والخروق الإسرائيلية الممنهجة ورفضه إزالة إسرائيل علامات خط الانسحاب وأي محاولة من قبلها لإعادة وضع هذه العلامات بشكل أحادي".

ودعا لبنان "مجلس الأمن، لا سيما الدول الراعية إلى ترتيبات وقف الأعمال العدائية إلى اتخاذ موقف حازم وواضح إزاء هذه الانتهاكات المتكررة، والعمل على إلزام إسرائيل احترام التزاماتها".

وطالب لبنان " بتعزيز الدعم للجيش اللبناني وقوات اليونيفيل، لضمان حماية السيادة اللبنانية وسلامة المواطنين اللبنانيين".

وزارة الخارجية قدمت شكوى الى مجلس الأمن ضد إسرائيل لخرقها القرار 1701 وإعلان وقف الأعمال العدائية #LBCINews https://t.co/kj1UuMZtYK

— LBCI Lebanon News (@LBCI_NEWS) February 4, 2025

وبدأ تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل في 27  نوفمبر  (تشرين الثاني) الماضي،  ووافقت الحكومة اللبنانية على استمرار العمل بموجب  الاتفاق حتى 18 فبراير  (شباط) المقبل، ولم تلتزم إسرائيل به منذ دخوله حيز التنفيذ.

مقالات مشابهة

  • ترامب يقر عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية بسبب إسرائيل
  • بسبب إسرائيل.. ترامب يقر عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية
  • إيران تهدد إسرائيل بـرد قاس على أي هجوم يستهدف النووي
  • الرئيس اللبناني يشدد على ضرورة انسحاب إسرائيل وإطلاق سراح الأسرى اللبنانيين
  • تقرير استخباراتي أمريكي : صواريخ إيران الجديدة تهدد إسرائيل
  • إيران: مقترح ترامب يتماشى مع خطة إسرائيل لإبادة الشعب الفلسطينى وندعو لإدانته دوليًا
  • إسرائيل تهدّد مصورة صحافية بالقتل
  • بالصورة: إسرائيل تهدد الصحفيين الأجانب في جنوب لبنان!
  • على بعد أسبوعين.. هل تنسحب إسرائيل من الجنوب اللبناني كما هو متفق عليه؟
  • لبنان يقدم شكوى ضد إسرائيل إلى مجلس الأمن