موقع 24:
2024-11-22@09:46:31 GMT

بري رجل الساعة

تاريخ النشر: 5th, October 2024 GMT

بري رجل الساعة

في الوقتِ الذي كانتْ فيه الطائرات والصواريخ الإسرائيلية تَدك مواقعَ حزب الله ليل نهارَ، كانَ هناكَ بيتٌ واحدٌ مضيءٌ، هو منزلُ نبيه بري. فيه يستقبلُ الوفود الأجنبية، اتَّجه له وزيرُ خارجيةِ إيرانَ أمس فورَ وصولِه المطار، والمبعوثونَ الغربيون، والوسيطُ الأمريكي أموس هوكستين يسابقُ الإيراني، والسفراء الأجانب.

كثيرونَ ظنُّوا أنَّ بري صارَ منتهِي الصَّلاحيةِ منذ ثلاثينَ عاماً، مجردُ رئيسٍ فخريٍّ لبرلمانٍ منزوعِ الصَّلاحية، وأخرجَ من تمثيلِ الطَّائفةِ الشّيعيةِ بسببِ هيمنةِ حسن نصر الله. اليومَ عددٌ ممَّن تبقَّى من قادةِ «حزب الله» لجأوا إليه، يَنشدونَ مساعدتَه. مع هذا انقلبَ على مواقفِ زعيمِهم القتيل. أعلنَ القَبولَ بقرارِ مجلسِ الأمنِ 1701، بإرسالِ الجيشِ إلى الحدود، الذي كانَ مطلبَ إسرائيلَ وسببَ الهجومِ الحالي.
أهميةُ بري، إلى جانبِ الشرعيةِ البرلمانيةِ الضروريةِ لتفعيلِ أي حل سياسي يبدأ بانتخابِ رئيسٍ للجمهورية، أنه يمثل الطائفة الشيعية في وقتٍ تمرُّ فيه باضطرابٍ خَطير. إسرائيلُ تقومُ منذُ أسبوعين، بشكلٍ شبهِ يومي، بعمليةِ اجتثاثٍ لحزب الله، مثلمَا تمَّ اجتثاثُ حزب البعث بعدَ إسقاطِ صدام. وكمَا فعلَ الحلفاءُ في ألمانيا باجتثاثِ القياداتِ النازيةِ، وفي اليابانِ إبانَ الحربِ العالميةِ الثانية. القضاءُ على قادةِ الضاحيةِ يتسبَّبُ في فراغٍ خطيرٍ يستوجبُ أن يملأَه قيادي شيعي حتى يمنعَ الفوضَى، ويحولَ بين الطموحينَ من الحزب وتسلقِ السلم. بري لا يزالُ من أهمّ الشَّخصياتِ السياسيةِ اللبنانيةِ بشكلٍ عام، وقيادتُه المرحليةُ عمليةَ الإنقاذِ السياسية لا يمكن أن تتمَّ من دون مشاركةِ المكوِّنِ الشّيعي، مع بقيةِ الطَّوائف، حتى تمنحَ هذا الحلَّ التأييدَ الشَّعبيَّ والشرعيةَ الضرورية.
بغيابِ نصر الله هناكَ عقباتٌ أمامَ زعامةِ بري لطائفتِه، بعضُهم يعترضون عليهِ بحكم سِنّهِ، 86 عاماً، وكذلكَ لرفضِ الشَّارعِ اللبنانيّ للقياداتِ التقليديةِ القديمة، وهناكَ أصواتٌ تغمزُ بأنَّ بري سارعَ للتتويجِ قبل دفنِ نصر الله، وأنَّه انقلابٌ مدبَّرٌ وجزءٌ من مؤامرة. وقد تكونُ زيارةُ وزيرِ خارجيةِ إيرانَ على عجلٍ إلى بيروتَ محاولةً لوقفِ عمليةِ شطبِ «حزب الله» سياسياً، ويريدُ عرقلةَ نقلِ السّلطات له.
لا يمكن أن ننسَى أنَّ نصر الله وإيرانَ هما من قادَا، ليس الشيعة وحسب، بل كل لبنانَ إلى المذبح. وما نراه من مآس موجعةٍ هو نتيجةٌ طبيعيةٌ لفتحِهم لبنانَ جبهةِ حرب، في حربٍ ليسَ له فيها ناقةٌ ولا جمل، واختطفوا البلدَ لثلاثةِ عقودٍ على الأقل.
المثيرُ أن الحَراكَ الجديدَ أفرز نتائجَ مهمةً وسريعةً بل وجريئة بأكثرَ ممَّا توقعتْه القوى الخارجية. أولاهَا الإعلانُ عن فصلِ لبنانَ عن "ملف المساندة"، أي التخلي عن المشروعِ الإيراني بالاشتباكِ مع إسرائيل في غزة. وكانَ ذلك التزامَ نصر الله.
الثانيةُ التراجعُ عن شرطِ وقفِ الهجومِ الإسرائيلي بوصفه شرطاً لانتخابِ رئيسِ للجمهورية، والإعلان عن بدءِ الإجراءاتِ من دون الانتظارِ لأسابيعَ أو أشهرٍ حتى تنتهيَ العمليةُ العسكريةُ الإسرائيلية. حينَها سيتمُّ تنصيبُ الرئيسِ اللبناني الأول الحرّ منذ عقود، وسيكونُ حاكماً عسكرياً بحكم ِالظَّرف الخَطير. فقد عاشتِ البلادُ تحتَ هيمنةِ القوى الأجنبية: منظمةِ التَّحريرِ الفلسطينية في السبعينات، ثم سوريا في الثمانيناتِ والتسعينات، وفي الألفيةِ سيطرت إيرانُ ممثلةً بحزب الله.
الأرجحُ أن الرئيسَ سيكون قائدَ الجيش، الذي ينتظرُه دور تاريخي ومهمة صعبة، هي بسطُ سيادةِ الدولةِ أخيراً من الحدود السورية إلى الحدودِ الإسرائيلية. وبهذا تنتهِي محنةُ لبنان، بالنيابة عن إيران، بمواجهةِ إسرائيل، وحينَها لا تصبحُ لدَى إسرائيلَ الذَّريعة لما تبقَّى من كيلومتراتٍ تحتلُّها. هذه الخطواتُ تحدَّثَ عنها بري، طبعاً بلغتِه السياسية، وجاءَ في البيانِ المشتركِ أنْ يتمَّ "نشرُ الجيشِ فوراً على طول الخط الأزرق، كخطوةٍ أولى لتطبيقِ اتفاق الطّائف والقرارات الدولية 1701، 1680، 1559، ممَّا يُؤدّي إلى تثبيتِ اتّفاق الهدنةِ مع إسرائيل، وضبطِ الحُدود وحمايةِ لبنان، واستردادِ الدَّولةِ لقرارِ السّلمِ والحرب، وحصرِ السّلاح بيدِها فقط". والجملةُ الأخيرة هي الأهمُّ والأصعبُ، نزع سلاح الميليشيات.
عودةُ بري إلى المسرحِ السياسي سيدعمُها صف طويل من القوى اللبنانية، والدولِ الإقليمية، والقوى الدولية، مع رغبةٍ حقيقيةٍ عند المجتمع الدولي في إنهاء حالةِ الفوضى والحرب الأهلية التي عاشهَا لبنانُ زمناً أطولَ من أي بلدٍ آخر في العالم. الرغبةُ الدوليةُ نابعةٌ من المخاطر التي أصبحَ لبنان مصدّراً لها. فقد أصبحَ محطةَ نشاطِ التَّخريبِ الإقليميةَ، والتهريبِ الدولية.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية إسرائيل وحزب الله حزب الله نصر الله

إقرأ أيضاً:

القرار 1701 .. حجر الزاوية لأي هدنة بين إسرائيل وحزب الله

سرايا - يُنظر إلى قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701 الذي أنهى الجولة السابقة من الصراع القاتل بين جماعة حزب الله اللبنانية وإسرائيل في عام 2006 على أنه حجر الأساس لاتفاق جديد لوقف إطلاق نار تتفاوض بشأنه الولايات المتحدة.

وتم اعتماد القرار المكون من 19 فقرة في آب 2006، وكان عاملا أساسيا في إنهاء الحرب التي استمرت شهرا بين إسرائيل وحزب الله وفي تمهيد الطريق لاستقرار طويل الأمد على الحدود.

ونص القرار على الوقف الفوري للأعمال العدائية، إذ وافق الطرفان على وقف القتال. وعلى الرغم من أهمية وقف إطلاق النار فقد واجه القرار تحديات وانتهاكات على مر السنين، لكنه وضع الأساس لإنهاء صراع مفتوح.

وفيما يلي البنود الرئيسية للقرار مع الإشارة إلى الانتهاكات والتوترات اللاحقة:

احترام الخط الأزرق واتخاذ ترتيبات أمنية

يتعين على الطرفين احترام الخط الأزرق، وهو الحدود بين لبنان وإسرائيل. وينص القرار أيضا على إنشاء منطقة عازلة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني (على بعد نحو 30 كيلومترا شمالي الحدود)، خالية من المسلحين والعتاد والأسلحة باستثناء تلك التابعة للسلطات اللبنانية ولقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل).

نزع سلاح كل الجماعات المسلحة

يدعو القرار إلى نزع سلاح كل الجماعات المسلحة في لبنان ومنع مبيعـات أو إمـدادات الأسـلحة والمعـدات ذات الـصلة إلى لبنـان عـدا مـا تـأذن بـه حكومته.

منع وجود قوات أجنبية في لبنان دون موافقة حكومته

ينص القرار على عدم وجود أي قوات أجنبية في لبنان دون موافقة الحكومة اللبنانية. ويهدف هذا البند إلى حماية استقلال لبنان ومنع أي نفوذ خارجي على شؤونه الداخلية.

نشر قوات اليونيفيل والقوات اللبنانية

كان أحد العناصر الرئيسية للقرار 1701 التفويض الموسع لقوة اليونيفيل التي تشكلت في عام 1978 لمراقبة انسحاب القوات الإسرائيلية التي اجتاحت جنوب لبنان قبل ذلك خلال الحرب الأهلية اللبنانية.

وتم تكليف اليونيفيل في عام 2006 بمراقبة وقف إطلاق النار، والإشراف على انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان، وضمان بقاء المنطقة خالية من أي جماعات مسلحة باستثناء الجيش اللبناني.

وبالتوازي مع ذلك تم إلزام الجيش اللبناني بمهمة السيطرة على جنوب لبنان.

توترات وانتهاكات منذ عام 2006

على الرغم من أن وقف إطلاق النار ظل صامدا إلى حد كبير بعد اعتماد القرار 1701 فقد استمرت الانتهاكات والتوترات على مر السنين. وتبادل الجانبان اتهامات بالاستفزاز.

وتقدم لبنان بعشرات الشكاوى إلى الأمم المتحدة لا سيما بخصوص الانتهاكات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية، بما في ذلك أكثر من 35 ألف انتهاك للمجال الجوي اللبناني منذ عام 2006، كما صرح رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي في أيار.

وفي الوقت نفسه شكت إسرائيل منذ فترة طويلة من عدم تنفيذ القرار واستمرار وجود جماعة حزب الله مسلحة على الحدود.

وأكدت المفاوضات التي تقودها الولايات المتحدة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله أن القرار ظل ضروريا في التخفيف من حدة الجولات الأحدث من الصراع أو إنهائها، ولكن هناك حاجة إلى تنفيذه بشكل أفضل.

رويترز





تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا


طباعة المشاهدات: 1018  
1 - ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. 22-11-2024 09:07 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
رد على :
الرد على تعليق
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
اضافة
امرأة تقتل 14 صديقة بالسم .. هكذا كشف أمرها سيدة أميركية تتعرض لعملية احتيال .. ما علاقة إيلون ماسك؟ بمبلغ خيالي .. بيع "أغلى موزة في العالم" قتل والدته ووالده وأخته .. متهم يكسر جدار غرفة التحقيق ويحاول الهروب مطالب بوقف العمل بتمديد نظام التوقيت الصيفي - تفاصيل النائب صالح العرموطي يمطر الرئيس "جعفر... "مسبوقة بالأمطار" .. موجة برد سيبيرية... جريمة تحولت لحرب سياسية .. إدانة قاتل الطالبة... أردني غاضب يدهس عمه وابنته في الشارع .. وهذه... نتنياهو يرفض الاعتراف بمذكرة اعتقاله وإسرائيل تدرس...الأمم المتحدة: حياة مليوني فلسطيني على المحك في غزةالجنائية الدولية توجه أعضائها بتنفيذ مذكرات توقيف...نواب أمريكيون يسعون لوقف بيع بعض الأسلحة للإماراتمرشح ترامب لوزارة العدل ينسحب .. فكيف علّق الرئيس..."جمع تواقيع" .. مطالبات بفرض عقوبات على..."حزب الله" يستهدف 3 قواعد و16 تجمعا لجنود...غزة .. مقتل عسكري إسرائيلي يرفع الحصيلة إلى 804غزة .. تسمم 15 طفلا وامرأة بسبب معلبات غذائية... بعد وعكته الصحية .. أول ظهور لـ علي جابر في ”آرابز... مريم أوزرلي تعود إلى الشاشة بعد 11 عامًا بدور العشيقة علي جابر يعود بقوة لـArabs Got Talent: انتقاد لجنة... ممثل أميركي يرفض كوب "ستاربكس" على المسرح... بسبب صباح الجزائري كانت وفاء موصلي سترفض "باب... الأردن يستضيف دورة الألعاب الرياضية العربية عام 2035 ما هو المرض الذي يعاني منه بيكهام .. وليس له علاج؟ نادي هلال القدس يهنئ نادي السلط بعد فوزه بلقب درع الاتحاد 200 دينار لكل لاعب بنادي السلط من الحياصات "عبء ثقيل" .. ديشان يجتمع مع مبابي لسحب "شارة القيادة" لا يوجد له علاج .. ما هو المرض الذي يعاني منه بيكهام؟ أثناء عمله في قبو .. سباك يعثر على كنز "ذهبي" بيع موزة وشريط لاصق بـ6.2 ملايين دولار مرض دماغي غامض يثير رعبا في كندا .. والسلطات تتدخل بطريقة دفنه .. البابا فرنسيس يتخلى عن عُرف استمر لقرون الملياردير الهندي جوتام أداني متهم في قضية رشوة بقيمة 265 مليون دولار جريمة تحولت لحرب سياسية .. إدانة قاتل الطالبة الأميركية سجن طبيب تخدير أمريكي 190 عاما لحقنه مادة حاصرة للأعصاب وأدوية أخرى في الأكياس الوريدية في حادثة غريبة .. "آيفون" يوثّق لقطات من داخل فم قرش النمر .. فيديو بعد ماكدونالدز .. الجزر يتسبب بوفاة واحدة وعشرات الإصابات بأميركا

الصفحة الرئيسية الأردن اليوم أخبار سياسية أخبار رياضية أخبار فنية شكاوى وفيات الاردن مناسبات أريد حلا لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر(وكالة سرايا الإخبارية) saraynews.com
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2024
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...

مقالات مشابهة

  • القرار 1701 .. حجر الزاوية لأي هدنة بين إسرائيل وحزب الله
  • لا إيران تنهي الحزب ولا إسرائيل تنهي الحرب
  • حزب الله يستعرض مشاهد استهدافه مقر قاعدة "شراغا" شمالي إسرائيل
  • وزير خارجية إيران: المقاومة في لبنان كيان مستقل
  • حزب الله يستهدف قاعدة شراغا وتجمعا للعدو الصهيوني شرق الخيام
  • «حزب الله» ينفّذ 19 عملية ضد إسرائيل  
  • إسرائيل.. قتيل بصواريخ أطلقت من لبنان على نهاريا
  • صحف عالمية: إسرائيل فشلت أمام صواريخ حزب الله وترامب قد يقصف منشآت إيران
  • هل تريد إسرائيل فعلًا التوصل إلى تسوية مع لبنان؟
  • هوكشتاين سيُطلع إسرائيل على رد لبنان