موقع 24:
2024-10-05@06:18:23 GMT

بري رجل الساعة

تاريخ النشر: 5th, October 2024 GMT

بري رجل الساعة

في الوقتِ الذي كانتْ فيه الطائرات والصواريخ الإسرائيلية تَدك مواقعَ حزب الله ليل نهارَ، كانَ هناكَ بيتٌ واحدٌ مضيءٌ، هو منزلُ نبيه بري. فيه يستقبلُ الوفود الأجنبية، اتَّجه له وزيرُ خارجيةِ إيرانَ أمس فورَ وصولِه المطار، والمبعوثونَ الغربيون، والوسيطُ الأمريكي أموس هوكستين يسابقُ الإيراني، والسفراء الأجانب.

كثيرونَ ظنُّوا أنَّ بري صارَ منتهِي الصَّلاحيةِ منذ ثلاثينَ عاماً، مجردُ رئيسٍ فخريٍّ لبرلمانٍ منزوعِ الصَّلاحية، وأخرجَ من تمثيلِ الطَّائفةِ الشّيعيةِ بسببِ هيمنةِ حسن نصر الله. اليومَ عددٌ ممَّن تبقَّى من قادةِ «حزب الله» لجأوا إليه، يَنشدونَ مساعدتَه. مع هذا انقلبَ على مواقفِ زعيمِهم القتيل. أعلنَ القَبولَ بقرارِ مجلسِ الأمنِ 1701، بإرسالِ الجيشِ إلى الحدود، الذي كانَ مطلبَ إسرائيلَ وسببَ الهجومِ الحالي.
أهميةُ بري، إلى جانبِ الشرعيةِ البرلمانيةِ الضروريةِ لتفعيلِ أي حل سياسي يبدأ بانتخابِ رئيسٍ للجمهورية، أنه يمثل الطائفة الشيعية في وقتٍ تمرُّ فيه باضطرابٍ خَطير. إسرائيلُ تقومُ منذُ أسبوعين، بشكلٍ شبهِ يومي، بعمليةِ اجتثاثٍ لحزب الله، مثلمَا تمَّ اجتثاثُ حزب البعث بعدَ إسقاطِ صدام. وكمَا فعلَ الحلفاءُ في ألمانيا باجتثاثِ القياداتِ النازيةِ، وفي اليابانِ إبانَ الحربِ العالميةِ الثانية. القضاءُ على قادةِ الضاحيةِ يتسبَّبُ في فراغٍ خطيرٍ يستوجبُ أن يملأَه قيادي شيعي حتى يمنعَ الفوضَى، ويحولَ بين الطموحينَ من الحزب وتسلقِ السلم. بري لا يزالُ من أهمّ الشَّخصياتِ السياسيةِ اللبنانيةِ بشكلٍ عام، وقيادتُه المرحليةُ عمليةَ الإنقاذِ السياسية لا يمكن أن تتمَّ من دون مشاركةِ المكوِّنِ الشّيعي، مع بقيةِ الطَّوائف، حتى تمنحَ هذا الحلَّ التأييدَ الشَّعبيَّ والشرعيةَ الضرورية.
بغيابِ نصر الله هناكَ عقباتٌ أمامَ زعامةِ بري لطائفتِه، بعضُهم يعترضون عليهِ بحكم سِنّهِ، 86 عاماً، وكذلكَ لرفضِ الشَّارعِ اللبنانيّ للقياداتِ التقليديةِ القديمة، وهناكَ أصواتٌ تغمزُ بأنَّ بري سارعَ للتتويجِ قبل دفنِ نصر الله، وأنَّه انقلابٌ مدبَّرٌ وجزءٌ من مؤامرة. وقد تكونُ زيارةُ وزيرِ خارجيةِ إيرانَ على عجلٍ إلى بيروتَ محاولةً لوقفِ عمليةِ شطبِ «حزب الله» سياسياً، ويريدُ عرقلةَ نقلِ السّلطات له.
لا يمكن أن ننسَى أنَّ نصر الله وإيرانَ هما من قادَا، ليس الشيعة وحسب، بل كل لبنانَ إلى المذبح. وما نراه من مآس موجعةٍ هو نتيجةٌ طبيعيةٌ لفتحِهم لبنانَ جبهةِ حرب، في حربٍ ليسَ له فيها ناقةٌ ولا جمل، واختطفوا البلدَ لثلاثةِ عقودٍ على الأقل.
المثيرُ أن الحَراكَ الجديدَ أفرز نتائجَ مهمةً وسريعةً بل وجريئة بأكثرَ ممَّا توقعتْه القوى الخارجية. أولاهَا الإعلانُ عن فصلِ لبنانَ عن "ملف المساندة"، أي التخلي عن المشروعِ الإيراني بالاشتباكِ مع إسرائيل في غزة. وكانَ ذلك التزامَ نصر الله.
الثانيةُ التراجعُ عن شرطِ وقفِ الهجومِ الإسرائيلي بوصفه شرطاً لانتخابِ رئيسِ للجمهورية، والإعلان عن بدءِ الإجراءاتِ من دون الانتظارِ لأسابيعَ أو أشهرٍ حتى تنتهيَ العمليةُ العسكريةُ الإسرائيلية. حينَها سيتمُّ تنصيبُ الرئيسِ اللبناني الأول الحرّ منذ عقود، وسيكونُ حاكماً عسكرياً بحكم ِالظَّرف الخَطير. فقد عاشتِ البلادُ تحتَ هيمنةِ القوى الأجنبية: منظمةِ التَّحريرِ الفلسطينية في السبعينات، ثم سوريا في الثمانيناتِ والتسعينات، وفي الألفيةِ سيطرت إيرانُ ممثلةً بحزب الله.
الأرجحُ أن الرئيسَ سيكون قائدَ الجيش، الذي ينتظرُه دور تاريخي ومهمة صعبة، هي بسطُ سيادةِ الدولةِ أخيراً من الحدود السورية إلى الحدودِ الإسرائيلية. وبهذا تنتهِي محنةُ لبنان، بالنيابة عن إيران، بمواجهةِ إسرائيل، وحينَها لا تصبحُ لدَى إسرائيلَ الذَّريعة لما تبقَّى من كيلومتراتٍ تحتلُّها. هذه الخطواتُ تحدَّثَ عنها بري، طبعاً بلغتِه السياسية، وجاءَ في البيانِ المشتركِ أنْ يتمَّ "نشرُ الجيشِ فوراً على طول الخط الأزرق، كخطوةٍ أولى لتطبيقِ اتفاق الطّائف والقرارات الدولية 1701، 1680، 1559، ممَّا يُؤدّي إلى تثبيتِ اتّفاق الهدنةِ مع إسرائيل، وضبطِ الحُدود وحمايةِ لبنان، واستردادِ الدَّولةِ لقرارِ السّلمِ والحرب، وحصرِ السّلاح بيدِها فقط". والجملةُ الأخيرة هي الأهمُّ والأصعبُ، نزع سلاح الميليشيات.
عودةُ بري إلى المسرحِ السياسي سيدعمُها صف طويل من القوى اللبنانية، والدولِ الإقليمية، والقوى الدولية، مع رغبةٍ حقيقيةٍ عند المجتمع الدولي في إنهاء حالةِ الفوضى والحرب الأهلية التي عاشهَا لبنانُ زمناً أطولَ من أي بلدٍ آخر في العالم. الرغبةُ الدوليةُ نابعةٌ من المخاطر التي أصبحَ لبنان مصدّراً لها. فقد أصبحَ محطةَ نشاطِ التَّخريبِ الإقليميةَ، والتهريبِ الدولية.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية إسرائيل وحزب الله حزب الله نصر الله

إقرأ أيضاً:

إسرائيل: لدينا القدرة على ضرب أي موقع بالشرق الأوسط رغم تهديدات إيران

أكد رئيس الأركان الإسرائيلي، الجنرال هرتسي هليفي، أن الجيش الإسرائيلي يمتلك القدرة على الوصول إلى أي مكان في الشرق الأوسط واستهداف أي موقع، مشيراً إلى أن الهجمات الإيرانية الأخيرة لن تثني إسرائيل عن تنفيذ خططها العسكرية ،  حيث أشار إلى أن إيران أطلقت أكثر من 200 صاروخ على إسرائيل في الهجوم الأخير، معبراً عن تصميم القوات المسلحة الإسرائيلية على الرد بقوة على هذا العدوان.

 

وأكد هليفي أن "إسرائيل لن تتهاون مع أي هجوم يهدد أمنها القومي". وأضاف أن القوات المسلحة تتأهب لأي تصعيد محتمل، مشدداً على أهمية التنسيق مع الحلفاء في مواجهة التهديدات الإيرانية المتزايدة في المنطقة. كما أشار إلى أن العمليات العسكرية الإسرائيلية تهدف إلى حماية المدنيين وضمان الأمن في مواجهة الأنشطة العدائية.

 

تأتي هذه التصريحات في وقت تصاعدت فيه التوترات في المنطقة، خاصة بعد الهجمات الإيرانية على إسرائيل والتي تمثل تصعيدًا غير مسبوق. وكانت إيران قد بررت هجماتها بأنها جاءت ردًا على عمليات اغتيال مسؤولين بارزين من حماس وحزب الله في هجمات سابقة، مما يسلط الضوء على تعقيد العلاقات في المنطقة.

 

من جهة أخرى، تتوالى الدعوات الدولية من أجل التهدئة، حيث يطالب العديد من القادة السياسيين بوقف الأعمال العدائية والعودة إلى طاولة الحوار. ورغم هذه الدعوات، يبدو أن الوضع مرشح للمزيد من التصعيد، مما يثير مخاوف من تفجر صراع واسع النطاق قد يشمل عدة دول في المنطقة. 

 

ستتابع إسرائيل تطورات الأوضاع عن كثب، حيث يتم استنفار القوات على الحدود مع لبنان، في وقت يتزايد فيه الحديث عن عمليات عسكرية محتملة ردًا على التهديدات القائمة.

 

مركز "زيف" الطبي الإسرائيلي يستقبل 39 جندياً مصاباً في اشتباكات جنوبي لبنان

 

أعلن مركز "زيف" الطبي الإسرائيلي اليوم عن استقباله 39 جندياً مصاباً، وصلوا إلى المركز بواسطة المروحيات ومركبات الإسعاف العسكرية. هؤلاء الجنود أصيبوا في اشتباكات دارت في المناطق الجنوبية من لبنان، حيث تتصاعد حدة المواجهات بين القوات الإسرائيلية وميليشيات حزب الله.

 

تشير التقارير إلى أن الاشتباكات في المنطقة شهدت استخداماً مكثفاً للأسلحة الثقيلة، واندلعت نتيجة للتوترات المتزايدة بين الجانبين، بعد أن نفذ حزب الله عدة عمليات ضد القوات الإسرائيلية، مما أسفر عن وقوع إصابات في صفوف الجيش الإسرائيلي. ويعتبر هذا العدد من الإصابات من بين الأعلى في الآونة الأخيرة، مما يبرز تفاقم الوضع العسكري في المنطقة.

 

في إطار هذه التطورات، شدد حزب الله على استمراره في مواجهة ما وصفه بـ"العدوان الإسرائيلي"، حيث أعلن عن استهدافه لقوات العدو في عدة مواقع، مؤكدًا تحقيق إصابات مباشرة. كما تزايدت الدعوات في لبنان لوقف إطلاق النار واحتواء التصعيد الحاصل.

 

تتزامن هذه التطورات مع دعوات دولية للتهدئة، حيث يطالب المجتمع الدولي بضرورة العودة إلى الحوار الدبلوماسي للحيلولة دون تفاقم الأوضاع. ومع استمرار القتال، تتزايد المخاوف من تداعياته على المدنيين في المنطقة، مما يجعل الحاجة إلى استجابة عاجلة من جميع الأطراف أمراً ملحاً. 

 

تتجه الأنظار الآن إلى كيف ستؤثر هذه الاشتباكات على الأوضاع في لبنان وإسرائيل، خاصة في ظل استمرار التصريحات الحادة من قبل المسؤولين في كلا الجانبين.

مقالات مشابهة

  • غارات إسرائيلية تقطع الطريق الدولية بين لبنان وسوريا.. وحزب الله يتصدى لتقدم قوات الاحتلال
  • عراقجي يحدد شرطين وضعتهما إيران لتوقيع هدنة بين إسرائيل وحزب الله
  • نازحون يعبرون الحدود سيرًا على الأقدام بعد غارة إسرائيلية قطعت الطريق الدولية بين لبنان وسوريا
  • الجامعة العربية تدعم لبنان وتطالب بمحاسبة إسرائيل أمام المحافل الدولية
  • إيران ترفض بيانا لمجموعة السبع يندد بهجومها الصاروخي على إسرائيل
  • مندوب لبنان بالجامعة العربية: ندعو الهيئات الدولية لمحاسبة إسرائيل على جرائمها
  • حروب المسرحيات بين إيران وأذنابها والقوى الدولية!
  • إسرائيل: لدينا القدرة على ضرب أي موقع بالشرق الأوسط رغم تهديدات إيران
  • بعد الهجمات على إسرائيل.. إيران تُعلن موقفها من حرب أوسع في المنطقة