تعتبر الشائعات من أبرز الظواهر التى ترافقت مع ظهور شبكات التواصل والإعلام الرقمى بشكل عام، حيث أصبحت تقوم بدور ملحوظ فى تشكيل توجهات قطاع كبير من الرأى العام وتوجيه سلوك الأفراد فى كثير من المواقف والقضايا، ما يتطلب استجابة فعالة من الدولة ومؤسساتها لبناء وعى مجتمعى قوى. وتُعرف الشائعات بأنها معلومات غير مؤكدة تُنقل من شخص لآخر، وقد تحمل طابعاً سلبياً أو إيجابياً، وتعتمد الشائعات على عوامل نفسية واجتماعية، مثل القلق وعدم اليقين، ما يجعل الأفراد أكثر انفتاحاً على تصديقها.

وتتعدد مصادر الشائعات بدءاً من الأخبار السياسية والاجتماعية وصولاً إلى قضايا الصحة والاقتصاد. وتنتشر الشائعات بسرعة فى ظل الأزمات أو الظروف الصعبة، حيث يميل الناس إلى البحث عن تفسيرات أو معلومات تدعم مشاعر القلق وعدم اليقين.

وتُعتبر الدولة المسئولة الأولى عن حماية مواطنيها من تأثير الشائعات، حيث يجب على المؤسسات الحكومية أن تلعب دوراً توجيهياً من خلال توفير معلومات دقيقة وموثوقة، وذلك بصورة سريعة.. وفى ظل التطورات التكنولوجية ووسائل التواصل الاجتماعى، أصبح من السهل انتشار الشائعات بشكل أسرع. لذا، من الضرورى أن تضع الدولة استراتيجيات فعالة لمواجهة هذه الظاهرة، تتمثل أبرزها فى:

- التوعية والتثقيف: ينبغى على الحكومة تعزيز برامج توعية تستهدف جميع فئات المجتمع، تشرح كيفية التحقق من المعلومات ومصادرها، خاصة عبر البيئة الرقمية الحديثة، الأمر الذى يؤدى لزيادة الوعى حول آليات انتشار الشائعات وطرقها خاصة عبر شبكات التواصل الاجتماعى.

- تعزيز دور الإعلام المسئول: تبرز أهمية دور الإعلام فى نشر المعلومات الدقيقة خاصة أوقات الشائعات، حيث يتعين على وسائل الإعلام (التقليدية والشبكية) الالتزام بالمعايير المهنية وتجنب نقل الشائعات دون التحقق من صحتها، وكذلك العمل على نقل وجهات النظر المختلفة دون الانحياز لتوجه ما، ما يزيد من قابلية تلقى الجمهور للمعلومات من خلالها وتصديقها.

- توفير المعلومات: تنتشر الشائعات أثناء غياب المعلومات الكافية، فتعزيز الشفافية فى تناول المعلومات يضمن عدم انتشار الأخبار الكاذبة، وبالتالى كلما زادت سرعة استجابة الأجهزة والمؤسسات الحكومية فى توفير المعلومات عن موضوع الشائعة، ساعد ذلك الأمر فى تقليل سرعة انتقال الشائعة وانتشارها بصورة كبيرة بين فئات المجتمع.

- التفاعل مع المجتمع: يجب أن تستخدم الحكومة وسائل التواصل الاجتماعى بشكل فعال للتواصل مع المواطنين، وتوضيح الحقائق والرد على الشائعات، سواء كان ذلك الأمر بصورة مباشرة من خلال صفحات المؤسسات الرسمية أو بصورة غير مباشرة من خلال الاعتماد على المؤثرين وصانعى المحتوى بما يعمل على نشر المعلومات عن موضوع الشائعة بصورة سريعة، ويقلل من حجم انتشارها بين القطاعات المستهدفة من الشائعة.

- تعزيز دور المؤسسات التعليمية: تعد المؤسسات التعليمية ركيزة أساسية لبناء الوعى المجتمعى من خلال المناهج التعليمية، حيث يجب تعزيز مهارات التفكير النقدى والتحقق من المعلومات لدى الطلاب، ما يسهم فى تقليل تأثير الشائعات على المجتمع.

إن فن صناعة الشائعات يمثل تحدياً كبيراً فى المجتمعات فى العصر الحديث، حيث تتطور آليات وموضوعات صناعة الشائعات بصورة كبيرة وملحوظة، وتتطلب مواجهتها تضافر جهود الدولة ومؤسساتها مع المجتمع بشكل عام، وذلك من خلال بناء وعى مجتمعى قوى وتوفير معلومات موثوقة، يسهم فى تقليل تأثير الشائعات وتعزيز الاستقرار الاجتماعى، ويبقى الوعى هو السلاح الأكثر فاعلية فى مواجهة الشائعات، فكلما زاد معدل الوعى بمختلف الموضوعات وزيادة الثقة، أدى ذلك لوجود مجتمع أكثر استقراراً ووعياً.

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: حروب الشائعات ترويج الأكاذيب قوى الشر من خلال

إقرأ أيضاً:

رفيق شلغوم يكتب: آلة الإعلام.. المؤثرون وصناع المحتوى الخلفيات والأهداف: قرار البيت الأبيض نموذجا

و أنا أرتشف قهوتي الصباحية بمكتبي كما هي عادتي دائما  ، وإذ بصديقي الجديد  يرسل لي تنبيها يحتوي على مقال خبري ارتأى أنه قد يكون مهما.

طبعا، قد عرفتموه، فصديقي الجديد ليس إلا "آلة الاعلام" الجديدة، والخاصة بي، والتي نشرت بخصوصها ثلاثة ( 3 ) مقالات بهذه الصحيفة الالكترونية المحترمة.

فقد زودتها بأنظمة للذكاء الاصطناعي، تسمح لها بالتقاط كل شيء، قد يكون مهما، وفي الوقت المناسب، لترسله لي، أين ما أكون.

فتحت الرسالة، فإذا بها مقال نشر عبر، صفحة "روسيا توداي"، مصدره قناة "فوكس نيوز".

يتناول المقال، آخر قرار لإدارة دونالد  ترامب الجديدة.

ففي سابقة  هي الأولى من نوعها سمحت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بحضور المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي للمؤتمرات الصحفية لتغطية نشاطات البيت الأبيض.

و صرحت السكرتيرة الصحفية الجديدة للبيت الأبيض كارولين ليفات بما يلي: "السماح للمدونين والمؤثرين بتقديم طلبات الحصول على تراخيص التغطية".

وأضافت أن “هذا القرار يأتي  تماشيا مع المنهج الاعلامي الثوري للرئيس ترامب والذي بدأه خلال حملته الانتخابية عبر التحدث مع مضيفي البودكاست المشهورين وأصحاب النفوذ على وسائل التواصل الاجتماعي".

وأشارت ذات المتحدثة  إلى أنه " تماشيًا مع المنهج الاعلامي الثوري، سيتحدث البيت الأبيض في عهد ترامب إلى جميع وسائل الاعلام والشخصيات وليس فقط مع الاعلام التقليدي ” مشيرة إلى أن ” استطلاعات الرأي تظهر انخفاضا في الثقة بوسائل الاعلام الأمريكية، خاصة بين الشباب".

إن الثورة في النهج الإعلامي، تفرض يقينا وجوب إمتلاك "آلة الاعلام"، تكون صانعة  لثورتك في النهج الإعلامية، كما تكون “اللجام” الذي لا يستغنى عنه لترويض جنوح ثورة النهج الإعلامي المضادة لك.

فآلة الاعلام، هي الأداة الأسمى لتحقيق الأمن المجتمعي، ومن أجل هذا يتوجب أن تمتلك هذه الآلة، كل الأدوات والآليات، البرامج والخزان، لتقوم بعملها بكل صمت، ذكاء وفعالية.

تمتلك هذه الآلة عدة غرف، كل لها خصوصيتها.

فبعد  استكمال  المسار التقني الدقيق، والحصول على المعلومة، والتي على أساسها بنيت الاستراتجية الاعلامية،واتخد القرار لتنفيذها، نصل الآن إلى أدوات التنفيذ..فماهي ياترى؟

إنَّهُم المؤثرون وصناع المحتوى.

ففي عصرنا هذا، أصبحنا، نرى فيديوهات تنشر على وسائل التواصل الاجتماعي يراها الملايين، بل العشرات ان لم نقل المئات من الملايين..ولا تتفاجأ، فليست فوكس نيوز، CNN، الجزيرة،  العربية، أو BeIn Sport، ولا غيرها من نشرها، بل، شخص،ولايهمك من يكون، إنه صانع محتوى، ولا يهم هذا المحتوى، فما تراه انت سذاجة، قد ينتحر من أجله آخرون، وقد يجلب أصوات إنتخابية كانت ذاهبة  لصالح جهة أخرى، بل قد  تغير قناعات لمجتمعات..وهذا ما أثبتته التجارب وأكدته الوقائع.

هذا، الشخص وبهاتفه النقال، يزعزع عرش إمبراطوريات إعلامية بأكملها،بإمكانياتها، بوسائلها التقنية، وبطاقمها وخبرائها، بتاريخها وسمعتها..

باختصار، العالم يكاد يصبح بين أيدي هذه الفئة !

صناع محتوى، يؤثرون، ويستقطبون، دون أن تعرف نواياهم، أو من يمولهم ويحركهم؟، وماهي الخطوة القادمة التي سيقدمون عليها؟.

في الآخر وليس أخيرا،بادرني  سؤال مهم:

هل آلة الإعلام هي التي تتبع خطوات الإدارة الأمريكية الجديدة، أو العكس ؟

أو أنَّ الواقع والمنطق والمنهج، يأخذنا في اتجاه واحد ؟

يُتبع..

مقالات مشابهة

  • نقيب الإعلاميين: كتاب "الأسس العلمية لإدارة المؤسسات الإعلامية والصحفية" مرجع لكل من يعمل في مجال الإعلام
  • كيف يمكن للمرأة المساهمة في بناء مجتمع مثقف؟
  • تنسيقية الأحزاب تعقد ندوة «الفن والإبداع.. معركة بناء الوعي ودعم القضية الفلسطينية»
  • رفيق شلغوم يكتب: آلة الإعلام.. المؤثرون وصناع المحتوى الخلفيات والأهداف: قرار البيت الأبيض نموذجا
  • الدكتور علي جمعة: منكروا السنة يسعون في الحقيقة لهدم الدين
  • د.غانم السعيد يكتب: الدين واللغة.. دعائم الهوية
  • أبرز ندوات معرض الكتاب اليوم.. بينها «الفن والإبداع ومعركة بناء الوعي»
  • الخطيب: الرسول كان معصومًا من الخطأ في أمور الدين بشكل كامل
  • أبراج ترافقها الشائعات دوما وأخرى تختلقها.. هل أنت منهم؟
  • "الفن والإبداع.. معركة بناء الوعي ودعم القضية الفلسطينية" ندوة للتنسيقية.. غدًا