مرة أخرى نعود لوهم المصالحة في أجواء القتل والاعتقال ونهب الممتلكات والتهديد والتحريض في مربع الانقلاب الآثم في مصر، على الطرف الآخر -في مربع المعارضة- ما زال الانقسام والتشرذم سيد الموقف بين الأحزاب والكيانات بل داخل الكيان الواحد، انقسام بسبب الاختراق الأمني أو بسبب الاختراق الذاتي في اختلاف أنماط الإدارة ومناهج التغيير والتعاطي، وعلى طول الخط الفاصل بينهما يعاني المجتمع المصري المزيد من الانقسام والتشتت بل والتيه الذي كُتب على بني إسرائيل لسنوات طوال، عندما اجتمع على المصريين كل ألوان البلاء المادي والمعنوي من نظام حكم عسكري فاسد وفاشل وقاتل، ومعاناة معيشية يومية مقصودة، حتى أصبح الشعب يعيش في نفق مظلم ومغلق.
المصالحة في هذه الأجواء لن تكون إلا صورة من صور الاستسلام، بل ورفع الراية البيضاء، ومن يصالح في هذه الأجواء سيكون جزءا من المشروع الصهيوخليجي شاء أم أبى (حزب النور السلفي نموذجا)، حتى ولو ساق المبررات الواقعية والأسانيد الشرعية، وما أسهل أن تجعل الدين مطية.
إن كان هناك من مصالحة وهي فريضة شرعية وضرورة إنسانية وحقوق دستورية، فلتكن بهذا الترتيب المتدرج، وإن طال الوقت ليكون البناء على أساس وليس على وهْم فيكون بيت العنكبوت.
أولا: المصالحة داخل الأحزاب والجماعات والكيانات، لوحدة الصف ولم الشمل وتمكين البناء، وإدارة الحوارات والنقاشات لتكون رؤى الكيانات رؤى جماعية مؤسسية وليست رؤى شخصية.
ثانيا: المصالحة الشعبية والمجتمعية، حين تقوم المعارضة بمشروع استعادة الوعي مقاومة لتطييب الوعي الحالي، وهذا يتطلب كفاءات لها قبول ولغة خطاب تناسب المرحلة وخطورتها، وتناسب قطاعات الشعب ومتطلباته.
ثالثا: التواصل مع المؤسسات الأهلية، والقطاعات الشبابية، بلغة خطاب تعبر عن همومهم وقضاياهم وحقوقهم وأدوارهم ومسؤولياتهم، مع تعزيز الرهان عليهم في التغيير المنشود وإنقاذ الوطن.
رابعا: فتح قنوات تواصل على المستوى الإقليمي والدولي لكسب الدعم المصري والعربي في الخارج، وعرض القضية على الإدارات والمنظمات ذات التأثير صاحبة المصالح، لتوضيح الرؤية بأن استمرار السيسي ونظامه خطر على مصالحهم في المنطقة وعلى علاقاتهم بمصر، فالشعب الدائم وليس السيسي الزائل، وقتها لن تحتاج لمصالحة النظام لأنه سيكون في خبر كان.
خامسا: مصالحة لم الصف وإعادة اللحمة.
1- الاعتراف بالخطأ من شيم الرجال وسجية من سجايا آدم عليه السلام.. والعناد ضعف ولمز من الشيطان.
(أ) الاعتذار عن القرارات والتصرفات والانفعالات التي صدرت من هنا ومن هناك في حق الأحياء والأموات.
(ب) تشكيل لجنة محبة وليس لجنة تحقيق لإزالة ما علق في النفوس من رواسب.
(ج) رصد وزيارة كل القامات والكفاءات والتخصصات والخبرات الفكرية والإدارية لكل الشخصيات التي غادرت المشهد لأي سبب من الأسباب، ودعوتهم للالتحام بصف الجماعة.
2- التفريط في أخ واحد في الصف انفراط في عقد الأخوّة، والتفريط في عقد الأخوة انفراط في عقد الصف، وهذه آداب يجب الحفاظ عليها والعض عليها بالنواجذ.
3- دعوة كل مؤسسات الجماعة بلا استثناء -أقوال الجميع- لوضع روية جديدة لإدارة المرحلة المقبلة.
4- التطور والتطوير سنة من سنن الله في خلقه، وقد طورت الجماعة نفسها في كثير أو قليل من المراحل السابقة.. والمؤسسة الآن في أمسّ الحاجة لتدشين مشروع جديد للأمة -أقوال الأمة- يعالج السلبيات الفائتة بفكر جديد يواجه تحديات البعد الدولي وكل التحديات بوجه عام.
5- عيوننا وعقولنا وقلوبنا تتجه إلى الشباب حملة الدعوة وأوعية الخير، فهم الحاضر والمستقبل تقديم طوق النجاة وتجنب أزمات 1949، و1954، و1965، و2013.
6- الوقت جزء من العلاج كان زمان.. بات وبان بعد طوفان الأقصى أن الصراع الدائر على الإسلام نفسه كدين، وليس على أبناء المقاومة أو الحركة الإسلامية فحسب، وهذا الصراع ديناميكي وسريع ومتغير ولا يتوقف، وبالتالي كل لحظة تمر دون جهد وبذل وحركة وعطاء غير مبررة وتفقدنا الكثير من اللحظات الفارقة.
حفظ الله مصر أرضا وشعبا وأملا.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المصالحة مصر السيسي مصر السيسي الإخوان المصالحة مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
توحيد الصف الفلسطيني أساس الصمود
استفاد كيان الاحتلال من دعم (صهاينة العرب والغرب) وواصل جرائمه بهدف تصفية القضية الفلسطينية وأضاف إلى جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية جرائم التطهير العرقي وشمل الضفة الغربية وقطاع غزة ورفح على الحدود المصرية وفق مؤامرة معدة وتخطيط مسبق حسب اعتراف وزير الدفاع الإسرائيلي السابق-موشي يعلون-(ان حاخام الطائفة السرية اليهودية دوف ليئور افتى نتنياهو بتسريع الحرب الأخيرة اويأجوج ومأجوج أو الحرب الكبرى؛ وهو حاخام أيضا لكل من سموتريش وبن غفير) كان ذلك قبل طوفان الأقصى بأكثر من سبعة أشهر؛ وهذه الطائفة خططت لتفجير قُبة الصخرة وقبل ذلك فجرت الحافلات في القدس وباروخ جولد شتاين احد أعضائها ارتكب مجزرة الحرم الإبراهيمي وحسب اعترافه -ان هذه الطائفة ترتكز على نظرية تفوّق العرق اليهودي وتريد حسم المعركة في أسرع وقت.
الإجرام اليهودي يستهدف- حسب رأي أمين عام المبادرة الوطنية الفلسطينية د.مصطفي البرغوثي:( القضاء على الوجود الفلسطيني الذي يمثل معضلة استراتيجية للمشروع الاستيطاني للحركة الصهيونية القائم على الاستيلاء على الأرض وتهجير السكان ) .
الهوس الإجرامي الذي يمارسه الاحتلال يريد إبادة كل شيء على الأرض بدءاً من الإنسان والحيوان والجماد حتى يستطيع ترسيخ وجوده فيها وتحقيق المقولة الاستعمارية للتحالف الصهيوني الصليبي-أرض بلا شعب لشعب بلا أرض-.
جرائم التهجير والتطهير العرقي والإبادة انتقلت إلى الضفة الغربية الخاضعة للسلطة الفلسطينية، رغم التنسيق الأمني ورغم الاتفاقيات الموقعة معها، فقد اجتاحت القوات الصهيونية المخيمات ووصل عدد المهجَّرين منها إلى الأردن حتى الآن أكثر من خمسة وأربعين الفا بعد ان دمر مخيماتهم بالكامل وسياتي الدور على بقية المخيمات الـ(13) لأنه لم يكتف بتدمير غزة ولا بتدمير تلك المخيمات بل يسعى للقضاء على الوجود الفلسطيني وتحقيق تفوقه العددي على الأراضي المحتلة.
الحرب الإجرامية التي استوردت أحدث وافتك الأسلحة من أمريكا ودول الاتحاد الأوروبي وغيرها، والدعم المادي والمعنوي من بعض الدول العربية تزامن مع خطوات إجرامية تهدف إلى محو الوجود الفلسطيني وتصفية القضية نستعرض أهمها لمعرفة بعض أبعاد المخطط الإجرامي الذي يُراد تنفيذه على حساب القضية المركزية للامة العربية والإسلامية وهي الاتي:
1 -اصدار الكنيست الإسرائيلي قانونا بإلغاء وكالة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة التي أوكل لها الإشراف على مخيمات اللاجئين بعد صدور قرار التقسيم منذ عام 1947م؛ بفضل دعم أمريكا وصهاينة العرب والغرب الذين هددوا أولا ومنعوا ثانيا كل الالتزامات التي عليهم للوكالة من اجل تسخيرها للعمل لصالح كيان الاحتلال وشنوا عليها حملات تشويه انها تابعة لفصائل المقاومة.
2 – الغاء مخيمات اللجوء الإنساني عمليا من خلال ارتكاب المجازر فيها واستهدافها بالطيران والمدفعية والقناصة بعد ان كانت تمثل حلا يأوي اليها بعد تدمير أكثر من 85% من المباني السكنية في قطاع غزة والآن في الضفة الغربية في إجرام لم يسبق له في التاريخ مثيل.
3 – اصدار قانون من الكنيست اليهودي بعدم السماح بقيام دولة فلسطينية بقرار منفرد في تحد سافر للإرادة الدولية وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن وكل الاتفاقيات التي وقعها الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي، وذلك لمواجهة الاجماع الدولي بالاعتراف بدولة فلسطين الذي وصل إلى اكثر من 97 % من دول العالم ومعارضه هامشية لا تتجاوز 9 دول بسبب الضغوط الأمريكية عليها .
4 – مصادرة حق تقرير لمصير للشعب الفلسطيني وهو حق طبيعي وأصيل للشعوب والأمم بموجب القانون الدولي لا يجوز التنازل عنه ولا التفاوض حوله ولا يتوقف منحه على إرادة أي طرف .
5 – اصدار قانون يمنع حق عودة اللاجئين الفلسطينيين؛ واصدار قانون يشجع هجرة اليهود إلى فلسطين بهدف التغلب على الأكثرية العددية للمواطنين الفلسطينيين وتحقيق التفوق العددي للمستوطنين اليهود.
6 – إلغاء قانون الاعتقال الإداري للمستوطنين اليهود وقصره على الفلسطينيين؛ من أجل الاستعانة بهم (المستوطنين) وتشجيعهم على القيام بجرائم الإبادة والتطهير العرقي وعدم تحميل الجيش الإجرامي المسؤولية بعد ان فُضحت جرائمه على كل المستويات .
7 – استهداف منطقة رفح على حدود مصر بهجوم واسع والسيطرة عليها وإنشاء مناطق أمينة عازلة تمتد إلى عمق رفح تسيطر عليها إسرائيل سيطرة مشددة وفرض واقع جديد والتحكم بدخول المساعدات الغذائية والدوائية وتحويل القطاع إلى ارض طاردة للسكان .
8 – تحويل قطاع غزة بأكمله إلى معسكر اعتقال وفرض ظروف تجعل الحياة فيه غير قابلة للعيش على الاطلاق واستكمال خطط التهجير والترحيل القسري التي يجري تنفيذها في الضفة وقطاع غزة رغم التنسيق الأمني والاتفاقيات الموقعة مع السلطة الفلسطينية ورغم القرارات الدولية ذات الصلة .
فالحرب اليوم تستهدف الوجود الفلسطيني، كما يؤكد د.مصطفي البرغوثي (تهديد وجودي للمدنيين وللمنطقة بأسرها مما يستوجب توحيد الصف الفلسطيني وتفعيل اتفاقية -بكين- بين السلطة وفصائل المقاومة، فالإجرام الذي يمارسه الاحتلال الاستيطاني يريد القضاء على الوجود الفلسطيني ولن ينجو منه أحد حتى السلطة نزع صلاحياتها ونقض كل الاتفاقيات الموقعة معها).
ما يريده الاحتلال الاستيطاني هو ما صرح ويصرح به قادته، وهو ما يصرح به ساسة أمريكا وعلى رأسهم ترامب وغيرهم من الداعمين للإجرام الصهيوني وهو ما يريده صهاينة العرب ولولا ذلك لما بدأ واستمر حتى الآن .
المقاومة الفلسطينية والسلطة اليوم أمام حرب وجودية لا تستثني أحدا تريد القضاء على الوجود الفلسطيني برمته، اما الذين يتحدثون عن إمكانية تحقيق السلام فهم يراهنون على شئين معدومين برأي د.البرغوثي الأول: إمكانية وجود سلام مع اليهود فقد نسفوا كل الاتفاقيات الموقعة مع السلطة الفلسطينية ونزعوا كل صلاحياتها.
الثاني: أمريكا لم تعد وسيطا نزيها بل أصبحت طرفا لتمكين المشروع الاستيطاني اليهودي.
فالحروب فكرة أمريكية- حسب تصريح الخبير الاقتصادي العالمي الأمريكي جيفري ساكس- لتغيير أنظمة الحكم المعادية للعودة، فإسرائيل لا تستطيع الصمود ليوم واحد بدون الدعم الأمريكي-توفير التمويلات؛ وتوفير الدعم العسكري؛ والبحري والعمليات الاستخباراتية وتوفير الذخائر.
الشهداء تجاوز عددهم حتى الآن الـ51 ألفا والجرحى والمفقودون أكثر من 130 ألفاً وما قيل انها هدنة لتبادل الأسرى كانت لترتيب الأوضاع واستئناف الإجرام وتوسيع مداه إلى الضفة ورفح ولبنان وسوريا واليمن؛ كشفت عملية التبادل الإجرام الذي يعانيه الأسرى الفلسطينيون، ولذلك سعى اليهود لاستكمال جرائم الإبادة والتهجير القسري وفرضوا شروطا تعجيزيه ومستحيلة سعيا لتحقيق نصر لم يستطيعوا تحقيقه طوال حربهم الإجرامية التي استمرت لأكثر من خمسة عشر شهرا ومازالت مستمرة .
فصائل المقاومة لم تخرق الاتفاقات والتزمت بكل الشروط لكن اليهود هم من نقضوها وهذه الشروط كشف عنها د.البرغوثي ؛ما اقترحه –نتن ياهو-
1 – اطلاق احد عشر أسيرا بدون ضمانات وبدون مقابل
2 -نزع سلاح المقاومة بكل فصائلها وليس حماس او الجهاد فقط
3 – خروج حماس من قطاع غزة.
الشعب الفلسطيني اليوم يواجهه أخطر موجة من حروب الإبادة والتهجير القسري في القرن الواحد والعشرين، هم يريدونها الحرب الأخيرة أو الكبرى باتفاق السلطة والمعارضة اليهودية ودعم وإسناد صهاينة العرب والغرب، فهل تتجاوز السلطة الفلسطينية وفصائل المقاومة المخاوف والتوجسات وكل الشكوك والظنون من أجل حماية الشعب الفلسطيني ومواجهة الخطر الوجودي، فمهمه القادة كما يؤكد د.البرغوثي (الخوف على شعوبهم لا الخوف على انفسهم).
توحيد الصف الفلسطيني سيؤدي إلى تعاظم دعم الشعوب التي تنعم بالحرية والديمقراطية والرأي العام العالمي والإنساني؛ أما الشعوب التي يحكمها الإجرام والطغيان والفساد والظلم فيكفي انها أصبحت تدرك وتعي حقيقة هذه الأنظمة التي باعت قضيتها ودنست عروبتها وإسلامها.
توحيد الصف الفلسطيني سيؤدي إلى فضح الدعايات الكاذبة والإجرامية والمضللة للتحالف الصهيوني الصليبي، اما ان استمر الحال لا سمح الله كما هو عليه- فسيؤدي إلى استمرار جرائم الإبادة والتهجير القسري والإبادة الجماعية وهو ما صرح به- نتن ياهو –انه يريد تحقيق الإنجازات التي حدثت في حرب 1967م وذلك بالاستعانة بجهود الرئيس الأمريكي ترامب ودعم صهاينة العرب والغرب الذين سيمولون عملية تهجير الشعب الفلسطيني واستثمار أرضه واستقدام اليهود حتى تكون لهم خالصة وإقامة إسرائيل الكبرى التي رفع خريطتها المجرم المطلوب للعدالة -نتن ياهو- وطاقم حكومته وأدواته الإجرامية؛ لكن دماء الأبرياء والشهداء لن تذهب هدرا وسيجني المجرمون عواقب السوء في الدنيا قبل الآخرة ((ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون انما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الابصار)) .