كشفت المستشارة هايدي الفضالي، رئيس محكمة الأسرة سابقًا، عن العديد من الحقائق والتحديات التي تواجه قضايا محاكم الأسرة في ظل التغيرات الاجتماعية والاقتصادية الراهنة، من قضايا الطلاق والنفقة، مرورًا بمشكلات الحضانة والرؤية، وصولًا إلى ظاهرة العنف الأسري

وتقدم الفضالي، في حوار خاص لـ«الأسبوع»، رؤيتها الواضحة وأفكارها القوية لتطوير قوانين الأسرة وتحديثها.

تحمل المستشارة الفضالي في كلماتها خبرة عميقة وحسًا إنسانيًا، إذ تتناول العديد من القضايا المعقدة التي تمس حياة الأسر واستقرارها، وتطرح اقتراحات جوهرية.. وإليكم نص الحوار:

كيف ترين التطور الذي شهدته محاكم الأسرة في الفترة الأخيرة، خاصة فيما يتعلق بقضايا النفقات الزوجية؟

- شهدت محاكم الأسرة تطورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، خاصة في سرعة البتّ في القضايا المتعلقة بالنفقات الزوجية ونفقات الصغار. حيث يتم التعامل مع هذه القضايا بجدية كبيرة نظرًا لأهميتها في تلبية احتياجات الأسرة الأساسية، فتأخيرها يعتبر أمرًا غير مقبول. حتى في الحالات التي تتطلب تحقيقات لإثبات دخل الزوج، يتم التعامل معها بسرعة لضمان تحقيق العدالة. بل إن القاضي غالبًا ما يصدر قرارًا بمنح نفقة مؤقتة في أولى جلسات التقاضي حتى اكتمال التحقيقات، مما يؤكد على التزام محاكم الأسرة بضمان استقرار الأسرة وتلبية احتياجاتها الأساسية في أسرع وقت ممكن.

هل هناك فرق بين قضايا الخلع وقضايا الطلاق من حيث الإجراءات وسرعة التنفيذ؟

- بالطبع، هناك فرق واضح بين قضايا الخلع والطلاق. فالخلع أصبح خيارًا مفضلًا لدى العديد من السيدات بسبب سرعته وسهولة إجراءاته، إذ لا يتطلب إثبات الضرر ولا يخضع للاستئناف، مما يجعله خيارًا أسرع للراغبات في إنهاء العلاقة الزوجية. على العكس، قضايا الطلاق للضرر تحتاج إلى إثبات الضرر من خلال تحقيقات دقيقة، سواء كان بسبب الهجر، أو الزواج من أخرى، أو أي سبب آخر، وهذا الأمر يستغرق وقتًا أطول للوصول إلى حكم نهائي.

هل ارتفعت قيمة النفقات في محاكم الأسرة في ظل التغيرات الاقتصادية؟

- نعم، هذا تحدٍ جديد تواجهه محاكم الأسرة. فقد ارتفعت قيمة النفقات بشكل ملحوظ مؤخرًا بسبب زيادة تكاليف المعيشة. وأصبحت المحاكم تصدر أحكامًا بنفقات تصل إلى 10 آلاف و16 ألفًا، وحتى 20 ألف جنيه، وذلك بناءً على دخل الزوج ومستواه المعيشي. القضاة يتعاملون مع هذه الحالات بدقة، معتمدين على شهادات الشهود والتحقيقات المالية لإثبات قيمة النفقات المناسبة. الهدف هو ضمان أن الزوجة تحصل على كافة مستحقاتها من نفقة العدة، والمتعة، ومؤخر الصداق.

في ظل التغيرات الاجتماعية والاقتصادية، ما هي توقعاتك لمستقبل قضايا الأسرة؟

- أعتقد أن هناك حاجة ماسة إلى تعديل قوانين الأسرة في عام 2024 بما يتماشى مع هذه التغيرات. من الضروري وضع نظام لتقسيم الثروة بين الزوجين في حالة الطلاق، خاصة إذا كان الزواج قد استمر لأكثر من 20 عامًا. هذا التعديل سيضمن حصول الزوجة على مأوى يليق بها، ويمنع أن تخرج بلا حقوق بينما بنى الزوج ثروته خلال سنوات الزواج. أتمنى أن تُجرى هذه التعديلات في أسرع وقت لضمان حصول الزوجات على حقوقهن بشكل عادل ومنصف.

ماذا عن دور مكاتب تسوية المنازعات الأسرية في حل النزاعات، وهل هي فعّالة بما يكفي؟

- للأسف، دور مكاتب التسوية في الوقت الحالي شكلي إلى حد كبير، حيث تُعتبر خطوة إجرائية ضرورية لقبول الدعوى في المحكمة. ومع ذلك، تصبح فعّالة فقط عندما يكون هناك نية حقيقية لدى الزوجين لحل النزاع. في هذه الحالة، يمكنهما إبرام عقد اتفاق في مكتب التسوية، ويوثقه القاضي بصيغة تنفيذية ملزمة للطرفين. لذا، فإن فاعليتها تعتمد بالدرجة الأولى على رغبة الطرفين في التوصل إلى حل.

ما هي التحديات التي تواجهها المحكمة في قضايا الرؤية؟ وكيف يمكن تطوير هذا النظام؟

حين يرفض أحد الوالدين السماح للآخر برؤية الأطفال، تتخذ المحكمة إجراءات حازمة، منها إسقاط الحضانة مؤقتًا وفرض غرامات، وهناك اقتراحات تتضمن عقوبة الحبس في القانون الجديد لضمان حقوق الرؤية. كذلك، أرى ضرورة إلغاء نظام "الرؤية" الحالي واستبداله بنظام «الاستضافة» لإتاحة الفرصة للأب للمبيت مع الطفل، وهذه الخطوة ستُعزز الرعاية المشتركة بين الوالدين، مما يصب في مصلحة الأطفال واستقرارهم النفسي.

اقرأ أيضاًالمستشارة هايدي الفضالي تُفجّر الحقيقة الصادمة لـ«الأسبوع» عن الطلاق الجديد.. فما هو؟

«إلغاء الرؤية واستبدالها بالاستضافة».. المستشارة هايدي الفضالي تطلق دعوة عبر «الأسبوع» لتعديل قوانين الأسرة وحماية الأطفال

المستشارة هايدي الفضالي لـ«الأسبوع»: سب وقذف الأزواج في المحاكم يُعالج بأدلة موثقة.. ولا تهاون في حق الضحايا

في حال تعرض الزوجة للعنف الأسري، كيف تتعامل محاكم الأسرة مع هذه الحالات؟

- محكمة الأسرة ليست المسؤولة المباشرة عن قضايا العنف الأسري، حيث تختص بها محاكم الجنح. ومع ذلك، فإن المحاكم تتعامل بحزم مع قضايا السب والقذف بين الأزواج. يُقبل في المحاكم أي دليل موثق، مثل رسائل الواتساب وغيرها، لإثبات الجريمة. في حالات العنف، يجب أن يُصدر حكم بحبس الجاني، ولو ليوم واحد، لضمان حماية المرأة وحقوقها.

ما هي أبرز اقتراحاتك لتطوير منظومة محاكم الأسرة وتحقيق العدالة؟

- هناك عدة اقتراحات ضرورية، منها:

1. تفعيل نظام الكد والسعاية لضمان حقوق المرأة التي شاركت في بناء الثروة خلال سنوات الزواج.

2. ضمان حق الزوجة في المأوى، بغض النظر عن إنجابها، بحيث يتوفر لها سقف بعد الطلاق.

3. إلغاء عقوبة الحبس في قائمة المنقولات لضمان عدم استغلال هذا الإجراء للضغط على الزوج.

4. منح الأب حق المبيت للطفل لدعم الرعاية المشتركة.

5. تعديل ترتيب الحضانة بحيث تنتقل مباشرة للأب في حال وفاة الأم، لضمان الاستقرار للطفل.

كيف يؤثر الطلاق على الأطفال، وما دور المحاكم في معالجة هذه القضايا؟

- الأطفال هم الضحية الأكبر في نزاعات الطلاق، وهذا ما يؤثر فيّ شخصيًا كقاضية سابقة. المحاكم تسعى لضمان حقوق الأطفال من خلال توفير النفقة وتحديد حضانة عادلة. لكن الظواهر الحديثة، مثل "الصمت الزوجي"، تتطلب تعديلات قانونية جديدة للتعامل معها بشكل فعّال.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: محكمة الأسرة قضايا الطلاق المستشارة هايدي الفضالي المستشارة هایدی الفضالی محاکم الأسرة لـ الأسبوع الأسرة فی مع هذه

إقرأ أيضاً:

أطفال غزة: «معاناة لا يمكن تصورها» وسط القصف والحصار

هديل ذات الـ(35) عامًا أم لأربعة أطفال، تم أسر زوجها من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي في بداية الاجتياح البري لشمال غزة في ديسمبر الماضي، تعرضت لظروف قاسية وصعبة، تتنقل من منطقة إلى أخرى برفقة أبنائها الأربعة، انتهى بها المطاف شهيدة برفقة أولادها خلال الأسبوع الماضي جراء القصف الإسرائيلي العنيف الذي تعرضت له مدينة بيت لاهيا.

أما الطفل عبدالعزيز خريس ذو الـ(10) سنوات، فهو الناجي الوحيد من عائلة استشهدت خلال قصف إسرائيلي في المحافظة الوسطى ولم يتبقَ سواه، أصيب خلال القصف بجروح خطيرة في الصدر والأمعاء والقدم.

أخبرني عمه قائلًا: »لقد ولد عبدالعزيز بعد عقم دام لسنوات طويلة، قام والداه بإجراء عملية زراعة أنابيب بعد محاولات عدة، فرزقا به، وقد تركت ولادته فرحه كبيرة لكافه أفراد العائلة، لكن هذه الفرحة لم تكتمل فقد أصيب عبدالعزيز إصابة خطيرة مكث على إثرها داخل مستشفى شهداء الأقصى، لكنه بحاجة للسفر كي يتمكن من الحصول على العلاج المناسب، لكن إغلاق معبر رفح البري المنفذ الوحيد لقطاع غزة أحال دون سفره».

هذه حكاية واحدة من مئات الحكايا التي تزدحم بها حياتنا، لقد خلّفت حرب الإبادة آثارًا إنسانية كارثية واسعة.

لقد بلغ عدد الأطفال الشهداء منذ السابع من أكتوبر حوالي (17289) طفلًا شهيدًا، كما أن أكثر من (786) طفلًا رضيعًا ولدوا واستشهدوا خلال الحرب وعمرهم أقل من عام، إلى جانب العديد من الأطفال المفقودين تحت الركام، وبلغ عدد المعتقلين الأطفال في فلسطين (270) طفلًا معتقلًا وفق مركز الإحصاء الفلسطيني، كما بلغ عدد الأطفال الذين يعيشون بدون والديهم أو بدون أحدهما (35055) طفلًا وطفلة، وأصيب أكثر من (6168) طفلًا منهم إصابات أدت إلى حالات بتر وإعاقات دائمة، كما يفقد أكثر من (10) أطفال في المتوسط إحدى ساقيهما، أو كلتيهما يوميا في غزة منذ بداية العدوان الإسرائيلي وذلك وفق منظمة إنقاذ الطفولة.

وحسب ما ورد عن الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني فإن أكثر من (3500) طفل وطفلة معرضون للموت بسبب سوء التغذية ونقص العلاج، وأكثر من (816) ألف طفل بحاجة إلى مساعدة نفسية من آثار العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، ووثق (28) حالة وفاة من الأطفال بسبب الحصار والمجاعة وسوء التغذية في المستشفيات.

أما المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة، محمود بصل فقال:

إنه منذ أكثر من 400 يوم يتعرض قطاع غزة لحرب إبادة حقيقية خصوصًا في شمال قطاع غزة وقد ظهرت علامات الجفاف على الأطفال بسبب عدم الحصول على الطعام والغذاء المطلوب، كما أن مدينة غزة تتعرض لسياسة تجويع والاحتلال يمنع عنها الخضار والفاكهة وغاز الطهي.

إن الأوضاع الإنسانية الكارثية التي يعيشها سكان قطاع غزة جراء استمرار حرب الإبادة الجماعية والعدوان الإسرائيلي المتواصل لأكثر من 404 أيام التي سلبت المواطنين في قطاع غزة حقهم في الحصول على مختلف الخدمات الصحية والإنسانية، جراء العقوبات الجماعية واستمرار جريمة النزوح القسري دون توقف، وإغلاق المعابر والممرات والطرق الإنسانية ومنع إيصال المعونات وحرمان المواطنين في قطاع غزة من الحصول على المساعدات الإنسانية ما تسبب في فرض كارثة إنسانية ومجاعة تتعمق فصولها كل يوم من خلال استمرار ارتكاب المجازر وأعمال القتل التي أدت إلى استشهاد وفقدان ما يزيد عن (53163) منهم (11815) شهيدة من النساء و(17289) طفلًا، فيما جرى تدمير قرابة 86% من منازل ومباني القطاع ليصبح أكثر من مليون نازح بلا مأوى، ليصل عدد النازحين المقيمين في مدارس الإيواء (600) ألف يقيمون في أكثر من 92 مدرسة فيما يقدر يعيش قرابة مليون نازح في الخيام، نصفهم يتخذون من الشاطئ مكانًا للسكن الإجباري حيث وصلت المساحة الآمنة حسب مسمى الاحتلال إلى 36كلم بنسبة9.5% من إجمالي مساحة قطاع غزة.

إن ما يجري في قطاع غزة يتطلب من المجتمع الدولي العمل على إجبار الاحتلال الإسرائيلي على تطبيق قرار مجلس الأمن رقم (2728) بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ومطالبة مؤسسات المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان الإسراع واتخاذ كل التدابير اللازمة لتطبيق قرار مجلس الأمن رقم (2720) الخاص بتوسيع المساعدات وضمان وصولها إلى قطاع غزة، بالإضافة إلى حث المجتمع الدولي لتسهيل ومرور المساعدات الطبية والتطعيمات الخاصة بالأطفال لحمايتهم من خطر الموت وتفشي الأمراض وسوء التغذية وضمان وصولهم إليهم دون تعريض حياتهم للخطر، وتقديم التسهيلات اللازمة للأونروا في تقديمهم للمساعدات وعدم استهداف الطواقم الدولية.

كما يجب مطالبة الدول الأطراف في اتفاقية منع الإبادة الجماعية العمل على ضمان محاكمة إسرائيل حول ارتكابها المجازر وجرائم الإبادة الجماعية في قطاع غزة واستخدامها الأسلحة المحرمة دوليًا ضد المدنيين والأطفال، كما يجب على المجتمع الدولي وخاصة الأمم المتحدة إجبار إسرائيل على فتح منافذ المعابر في قطاع غزة وتسهيل حركة المسافرين للعلاج.

مقالات مشابهة

  • ترودو: كندا ستلتزم بكافة قرارات المحاكم الدولية في قضايا الجرائم ضد الإنسانية
  • قضايا فساد كبرى أمام المحاكم بالجزائر.. حملة منظّمة أم إجراءات ظرفية؟
  • قضايا المرأة تعقد مائدة حوار حول "قانون مدني موحد لكل المصريين والمصريات"
  • أطفال غزة: «معاناة لا يمكن تصورها» وسط القصف والحصار
  • «العطش العاطفي».. واعظة تكشف أكثر أسباب الطلاق بين الأزواج |فيديو
  • راوية خليل: «العطش العاطفي» من أكثر أسباب الطلاق بين الأزواج (فيديو)
  • واعظة بالأوقاف: العطش العاطفي سبب من أسباب الطلاق بين الزوجين.. فيديو
  • محاكم دبي تشارك في مؤتمر إدارة المحاكم
  • محاكم دبي تشارك في مؤتمر الجمعية الدولية لإدارة المحاكم
  • انطلاق الحملة القومية الثالثة للتحصين ضد الحمى القلاعية وحمى الوادي المتصدع بالمنيا