لم تخطئ قيادة حركة حماس حين بادرت بالهجوم على المواقع الصهيونية في معركة طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023م، لم تخطئ قيادة الحركة وهي ترسل طلائع حرب التحرير للانقضاض على المغتصبات الصهيونية التي تلوث أرض فلسطين، لم تخطئ قيادة حركة حماس في قرارها، رغم ما لحق بأهل غزة من دمار وقتل وخراب وتشريد وتجويع، لم تخطئ قيادة الحركة لأنها كانت تقرأ المستقبل، وتدرك الواقع الذي يحرك الأطماع الصهيونية، وتعرف تفاصيل المرحلة التي كان يرتب فيها عدونا الإسرائيلي للمعركة الكبرى ضد الشعوب العربية بشكل عام، وضد القضية الفلسطينية بشكل خاص، وضد أهل غزة استثناءً، لأنها تمثل رأس حربه في صدر العدوان الإسرائيلي، وهذا ما عبر عنه رئيس وزراء إسرائيل نتانياهو، حين قبل يومين: سنعمل على تغيير الأوضاع الاستراتيجية في الشرق الأوسط.
العدوان الإسرائيلي الإرهابي على الشعب اللبناني، جزء من المخطط الصهيوني الهادف إلى كسر شوكة العرب، ونزوح مليون مواطن لبناني، والتدمير المتعمد لشعب لبنان، بهذا الشكل الوحشي الذي لا يقل عن وحشية العدوان على قطاع غزة، كل ذلك جزء من المخطط الصهيوني القائم على فرض الهيمنة الصهيونية على المقدرات العربية دون منازع، ودون أي اعترض أو احتجاج ولو بالكلمة، وكل هذه المؤشرات لتدلل على أن المخطط الصهيوني لتغير وجه الشرق الأوسط كان أسبق من مبادرة حركة حماس في الهجوم المفاجئ على مواقع العدو في السابع من أكتوبر، ذلك السبق المميز، مع المبادرة في توجيه الضربة المعنوية والعسكرية المفاجئة، التي زلزلت ثقة الكيان الصهيوني بقدراته وجيشه واستقراره في المنطقة العربية.
طوفان الأقصى معركة فلسطين كلها، بل هي استحقاق العرب كلهم، وهم يدافعون عن مسجدهم الأقصى، وعن كنيسة المهد، وعن كنيسة القيامة، وعن مقدساتهم الوطنية والدينية التي خص بها الخالق أرض فلسطين، تلك الأرض العربية التي تأبى أن تذوب في كأس الأطماع الصهيونية، فامتشقت البندقية، وبادرت بالهجوم، لأنها تأبى أن تصير جزأً من أرض إسرائيل الكبرى التي كشفت عنها مخططات الصهاينة، وفضحتها الخرافة الإسرائيلية عن أرض الأجداد، والمقصود بأرض الأجداد الصهاينة كل المملكة الأردنية العربية، وكل أرض لبنان العربي، وبعض أرض سوريا وقسم من العراق وأجزاء كبيرة من أرض السعودية، في مخطط توراتي لا يحاكي تاريخ الصهاينة الزائف على أرض فلسطين، وإنما يحاكي المعتقد الصهيوني القائم على تخاريف تدعي أن الرب خاطب يعقوب، الذي صار اسمه فيما بعد «إسرائيل» وفق رواية التوراة الزائفة، وقال له: لنسلك أعطيت هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير، نهر الفرات، وهذا ما جاء في سفر التكوين.
فجاءت معركة طوفان الأقصى لتقرع الأجراس، وتدق ناقوس الخطر أمام المجتمعات العربية، وأمام إصرار الشعوب التي تأبى أن تموت بمشنقة الخوف والصبر والانتظار.
*كاتب ومحلل سياسي فلسطيني.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
مصر التاريخ والحضارة تحت قيادة وطنية
سيسجل التاريخ اسمك بأحرف من ذهب وسيشهد بانك الفارس الحقيقي
حينما يضيء التاريخ سطوره بأحرف من نور لابد أن يخلد أسماء القادة العظماء الذين حملوا علي عاتقهم مسؤولية شعوبهم في أحلك الظروف وتصدوا وواجهوا التحديات والصعوبات بقوة وصبر وثبات وإرادة لا تلين ولا تنكسر، ومن بين هؤلاء القادة الفارس الشجاع الذي قاد مصر في أصعب فتراتها وانتشلها من براثن الفوضى والظلام والإرهاب والدمار والسيطرة من قوى الشر ليعيد إليها هيبتها أمام العالم كله وينشر الأمن والأمان والاستقرار، ويمضي قدما نحو التنمية والرخاء.
فمنذ توليه حكم البلاد عام 2014، واجه السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي تحديات جسيمة، بدءاً من محاربته للإرهاب الذي كاد أن يعصف بأمن واستقرار مصر، مروراً بالإصلاحات وإقامة العديد من المشروعات القومية الجريئة التي أنقذت مصر وشعبها من أزمات كادت أن تعصف بمقدراتها، وصولاً إلى المشروعات القومية العملاقة التي وضعت مصر الآن في مصاف الدول الكبرى اقتصادياً وتنموياً وسياسياً، وفي وسط هذا الزخم كله لم ينس القائد الحقيقي إطلاق العديد من المبادرات التي رسمت لمصر بريقا آخر من قوة تضيء وتظهر للعالم كله ليجعل وطنه وشعبه تحت مظلة السلام، وينعمون بالبيئة المستقرة حتى جعلها دولة قوية بفضل الله عز وجل وإرادة حاكم أمين حتى أعاد لمصر مكانتها إقليميا ودوليا، فضلاً عن الدور الذي لعبه القائد العظيم عبد الفتاح السيسي ورؤيته الصائبة التي كان يتمتع بها منذ توليه مقاليد الحكم، وبحنكة قائد توقع الرئيس السيسي المخاطر قبل وقوعها واستشرف المخاطر واتخذ كل التدابير للاحتواء والسيطرة علي المخاطر بحكمة وقدرة وثبات.
يبدو أن من يعتقد أن مصر يمكن أن تقع لم يقرأ التاريخ جيداً فهي ليست دولة نشأت بالأمس، بل هي حضارة ممتدة منذ أكثر من سبعة آلاف عام، شهدت سقوط إمبراطوريات وصعود أخرى، وواجهت حروباً وغزوات لكنها تقوم من جديد أقوى وأكثر صلابة منذ الفراعنة وحتي العصر الحديث، لم تكن مصر مجرد كيان سياسي بل كانت مركزاً ثقافياً وحضارياً يؤثر في العالم بأسره.
التاريخ يعلمنا.. .مصر تنهض دائما وقوة لا تقهر وهذا ( للتنبيه وللعلم )في الحملة الفرنسية، اعتقد نابليون بونابرت، أن احتلال مصر سيكون أمراً يسيراً، لكنه فوجئ بمقاومة عنيفة من المصريين، حتي اضطر الفرنسيون إلى الرحيل، وعندما جاءت الحملة البريطانية واجهت مقاومة شرسة من أحمد عرابي وجيشه، ولم تستطع فرض سيطرتها إلا بعد خداع وخيانة، وفي العصر الحديث تعرضت مصر لمحاولات تركيع اقتصادي وسياسي لكنها تجاوزت أزمات كبري من حروب 1948، 1956، 1967 حتي نصر 1973 الذي أعاد لمصر مكانتها وأثبتت للعالم كله أنها دولة وشعب لا يقهر أبداً، وحتى من الأزمات الاقتصادية والسياسية التي تأتي علي مصر تستطيع أن تجتازها بفضل من الله تعالى وقائد أمين وحكيم وإرادة شعب جبارة قادرة في كل أزمة علي النهوض وإبهار العالم كله أنه شعب لا يقهر، ووقت أن يستشعر أن وطنه في خطر يهب للدفاع عنه بروح عالية وفي احلك الظروف يظهر المصريون قدرتهم علي التلاحم والتكاتف ليؤكدوا للعالم كله أن مصر ليست ضعيفة بل يقف خلفها شعب واع على قدر المسئولية التاريخية في حماية مقدرات بلاده، هذه الروح الفريدة كانت سر بقاء مصر قوية علي مر العصور، فحينما تشتد الأزمات يكون المصريون هم السد المنيع لمواجهة المخاطر بقوة فولاذية.
مصر اليوم.. .قوة إقليمية محوريةمن يتابع الواقع المصري اليوم يدرك أن مصر ليست مجرد دولة عادية، بل هي قلب العالم وأفريقيا، وعامل استقرار رئيسي في المنطقة، تمتلك جيشاً يعد الآن من أقوي الجيوش في العالم ولديها اقتصاد متنوع يعتمد علي الزراعة والصناعة والسياجة، كما أنها تشهد الآن مشاريع قومية كبري مثل العاصمة الإدارية الجديدة ومشاريع البنية التحتية العملاقة، فهنيئاً لمن يقرأ التاريخ جيداً ويقدر مكانة مصر ويعلم أنها إرث حضاري يمتد لآلاف السنين وشعبها لا يعرف الاستسلام، وكما قال المؤرخ اليوناني هيرودوت منذ قرون: مصر هبة النيل لكنها أيضا هبة أبنائها الذين لا يقبلون أن تكون بلادهم إلا في مقدمة الأمم.