فى ذكرى حرب السادس من أكتوبر عام 1973تحدث اللواء دكتور محمد ثروت نصيرى، مستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية من سلاح المشاة، وأحد قادة الحرب، عن ذكرياته فى المعركة ودوره الميدانى فى الضفة الشرقية وقت العبور، وأوضح كيف استردت مصر أرضها بالقوة، وأسباب الانتصار الإعجازى رغم الحديث عن استحالته فى البداية، وخطة الرئيس الراحل محمد أنور السادات الذكية، التى استخدم فيها الخداع الاستراتيجى من أجل حسم الانتصار، مستخدماً جميع طوائف الشعب جنباً إلى جنب مع القوات المسلحة، وإلى نص الحوار:

فى البداية.

. ما ذكرياتك مع حرب أكتوبر 1973؟

اللواء دكتور محمد ثروت النصيري: تدربنا ليلا ونهارا على لحظة العبور.. وجميع طوائف الشعب شاركت في المعركة

- حرب 73 بالنسبة لى أعتبرها قفزة من الفقدان إلى الاسترداد، عشت هذه الفترة وكنت وقتها «نقيب» قائد سرية مشاة بقطاع القنطرة بالفرقة 18، وذكرياتها عالقة فى وجدانى حتى الآن وكأنها حدثت بالأمس القريب، كونها أظهرت معدن الجندى المصرى عندما يصمم ويصر على النجاح فى المعركة، وفعلاً هذا ما حدث تماماً، نتيجة أكثر من سبب مثل التخطيط الجيد لهذه الحرب، والإعداد المسبق، وتلافى السلبيات التى ظهرت فى حرب 67، وتحويلها لإيجابيات فى 73.

عاصرت حربى 67 و73.. برأيك ما الفرق فى التخطيط بين الحربين؟

- خلال حرب 67، كنت ملازماً حديث التخرج، ورأيت أن القوات المسلحة آنذاك لم تكن جاهزة للحرب فى ذلك الوقت، لذا حلت الهزيمة، ولكن الأمر كان مختلفاً تماماً فى 73، وحدث الإنجاز بعزيمة الرجال وبالاحترافية، وبالتخطيط الجيد لإعداد القوات المسلحة لتحرير سيناء على 4 مراحل رئيسية، تمت بجدية شديدة، و6 سنوات من العمل الشاق والدؤوب بهدف التحرير، جميعنا فى هذا الوقت جندى وقائد، كان لدينا عقيدة قتالية «النصر أو الشهادة»، وكان هناك إصرار لبذل أقصى جهد فى التدريب لتوفير الدم فى المعركة، وهو ما حدث بالفعل.

كيف ساهم التدريب الجيد فى نصر أكتوبر؟

- كنا نتدرب ليلاً ونهاراً على عملية العبور وعلى اقتحام قناة السويس، فى مناطق مشابهة لأماكن العمليات الحقيقية فى منطقة تسمى «البعالوة»، وهو ما ساعد على تنفيذ المهمات بنجاح، وكان الأمر أشبه بتناغم رائع بين القوات الجوية والبحرية والمشاة والمدفعية، فى العبور وإنشاء رأس كوبرى على مسافة 20 كيلو من القناة وتحقيق الانتصار.

بعين المقاتل.. كيف رأيت حرب أكتوبر من أرض المعركة؟

- أستطيع أن أقول إن ما تم فى حرب أكتوبر إنجاز وإعجاز فى وقت واحد، كان كل الفخر لنا بالمشاركة فى هذه الحرب، ومحو الهزيمة فى 67 وتحويلها إلى نصر، بفضل الجندى المقاتل الذى استطاع باحترافية شديدة أن ينفذ المهام القتالية، فلقد رأيت أسوداً تركض نحو النصر حتى تحقق، لذا أرى أن الحرب تعد تحولاً من واقع مؤلم إلى انتصار للعرب جميعاً.

كيف أثر التضامن العربى فى انتصار أكتوبر؟

- كان هناك تضامن عربى كبير غير مسبوق، لا أنساه فى 73، ودعم كامل من جميع الدول العربية، بالمال والسلاح والمعدات، فكان النصر فخراً للعرب جميعاً، وكان هناك تجمع عربى مثمر حول الحق.

حدثنا عن إعداد الدولة المصرية لحرب أكتوبر؟

- إعداد الدولة لهذه الحرب كان مثالياً، جميع أجهزة الدولة كانت تشارك فى الحرب وليس فقط القوات المسلحة، بل جميع طوائف الشعب، إذ لم يكن هناك أى تظاهر أو خلافات، بل كان الجميع سنداً لمصر وللقوات المسلحة.

كيف شاركت جميع طوائف الشعب فى الحرب؟

- كل بيت كان به مقاتل وأكثر، بالنسبة لى شاركت مع إخوتى فى الحرب، كنّا ثلاثة إخوة هدفهم هو نصر بلدهم، خدمت بالقنطرة شرق وكان أخى ضابط احتياط فى الغرب، وأخى الثالث فى الزعفرانة، بل وكان هناك 5 و6 إخوة فى وقت واحد مجندون، هدفهم محو الهزيمة واسترداد الأرض، لذا كُلِّل هذا المجهود بالنجاح والانتصار، وها نحن نحتفل به كل عام كعيد قومى للمصريين جميعاً.

ماذا كان دورك ميدانياً فى الحرب؟

- أنا كنت «نقيب» قائد سرية مشاة فى الحرب، كانت مسئولة عن عبور قناة السويس وتخطى الضفة الشرقية للقناة، وعمل رأس كوبرى للقوات المسلحة، وكان قوام السرية 120 جندياً مصرياً مصممين على القتال، وهزيمة العدو الإسرائيلى وانتزاع أرض سيناء بالقوة، وهذا ما حدث، والخداع الاستراتيجى الذى تم على أعلى مستوى ساعدنا على النجاح وشجعنا على تنفيذ المهام.

كيف تسبب الهجوم السريع فى الحرب فى ارتعاش أيادى قيادات إسرائيل؟

- على سبيل المثال، جولدا مائير يوم 9 من أكتوبر اتصلت بريتشارد نيكسون، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، وأبلغته وهى تبكى وتقول «أنقذوا إسرائيل»، لقد دُمر لنا 50 طائرة و450 دبابة فى أول 3 أيام، لهذا أمر «نيكسون» بتعويض خسائر إسرائيل بإنشاء جسر جوى فى 13 أكتوبر وجسر بحرى يوم 16.

ما أبرز الخدع الاستراتيجية التى أسهمت فى تحويل كفة الحرب لصالح مصر؟

- بالتأكيد اختيار اليوم كان مهماً، فكان يوم 6 أكتوبر 1973 هو عيد الكيبور للإسرائيليين، الذى يأخذونه كعطلة رسمية لا يعملون به، وأيضاً اختيار ساعة الظهر شديدة الحرارة عليهم والقتال على مواجهة واسعة، فضلاً عن حائط الصواريخ العتيد، الذى أوقف وصدّ طيران العدو الذى كان يصول ويجول داخل سماء مصر قبل الحرب، ولكن مع الحرب استطاع حائط الصواريخ تدمير50 طائرة فى أول ثلاثة أيام، لتعود بعد أيام السيادة المصرية كاملة على سيناء.

«ما أُخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة»

مصر استردت أرضها بالحرب وليس بالمفاوضات السياسية، حيث حاول الرئيس السادات بطل الحرب والسلام التفاوض مع الجانب الإسرائيلى فى البداية، ولكن كان واضحاً التعنت والغطرسة من جانبهم، نتيجة أنهم كسبوا أراضى لم يحلموا بها من قبل، وهى سيناء 61 ألف كم2، والجولان 1865 كم2، الضفة الغربية 5875 كم2، غزة 360 كم2، وجميعها تمثل خمسة أمثال مساحة إسرائيل التى لا تتعدى 21 ألف كم2، ولكن بعزيمة الرجال والقتال جاء النصر كثمرة لجهد 6 سنوات وإخلاص فى العمل من جميع القيادات.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: القوات المسلحة حرب أکتوبر کان هناک فى الحرب

إقرأ أيضاً:

ملامح الدور المصري لإنهاء الحرب على غزة

القاهرة- "هذا الاتفاق لم يكن ليتحقق لولا الدور الجوهري والتاريخي الذي تضطلع به مصر في الشرق الأوسط والتزامها بالدبلوماسية لحل النزاعات"، هكذا لخص الرئيس الأميركي، جو بايدن، الدور المصري حيال التوصل لاتفاق بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وأشار، في اتصال هاتفي بالرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، أجري عقب الإعلان عن الاتفاق، إلى الدور الذي لعبته القاهرة كوسيط خلال عملية التفاوض.

ومنذ العدوان الإسرائيلي على غزة، تحاول القاهرة بالتعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين، وأبرزهم قطر والولايات المتحدة، التوصل إلى اتفاق يقر التهدئة في القطاع.

واعتبر رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، في مؤتمر صحفي، اتفاق إنهاء الحرب على غزة بمثابة نجاح للدبلوماسية المصرية وأعمال الوساطة التي تمت على مدار الأشهر الماضية.

في حين قال وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في تصريحات صحفية، إن الوسطاء سيكون لديهم غرفة عمل تشرف على الاتفاق في القاهرة.

وزير الصحة المصري يصل مطار العريش لمتابعة جاهزية المستشفيات لنقل المصابين من غزة (مواقع التواصل) جهود مصرية

في 21 أكتوبر/تشرين الأول 2023، استضافت مصر قمة "القاهرة للسلام"، وأعلنت خلالها إدانة استهداف المدنيين في غزة ورفض تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية والقطاع.

إعلان

وتضافرت جهود الشركاء الإقليميين والدوليين مع القاهرة لتثبيت هدنة في اليوم الـ48 من العدوان الإسرائيلي، بموجبها تم إطلاق سراح 50 محتجزا إسرائيليا في غزة، وتحرير 150 فلسطينيا من سجون الاحتلال.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2023، قدمت مصر مقترحا لإنهاء الحرب، وفي مايو/أيار الماضي قدمت مقترحا آخر تم الأخذ ببعض بنوده، وفق مراقبين، ضمن الاتفاق النهائي.

وشهدت القاهرة، خلال شهري فبراير/شباط، ومارس/آذار الماضيين، سلسلة من المحادثات، تنوعت بين لقاءات الوسطاء وجولات تفاوض غير مباشرة بمشاركة ممثلين عن حماس وإسرائيل.

وفي مايو/أيار الماضي، أعلنت مصر عزمها التدخل رسميا لدعم الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، للنظر في انتهاكات قوات الاحتلال في غزة.

متطوعون من الهلال الأحمر المصري أمام معبر رفح استعدادا لإعادة تشغيله (مواقع التواصل) مصير معبر رفح

وفق الاتفاق المبرم، سيتم تشغيل معبر رفح استنادا إلى مشاورات أغسطس/آب الماضي مع مصر، حيث كانت القاهرة أعلنت إغلاق المعبر، "بعدما أصبح مسرحا لعمليات عسكرية"، وفق تصريحات لوزير الخارجية المصري.

ويبدو أن القاهرة تستعد بجاهزية لوجيستية لفتح المعبر فور سريان وقف النار، حيث وصل، اليوم السبت، إلى مطار العريش وزيرا الصحة والتضامن الاجتماعي، لتفقد الاستعدادات المتعلقة بنقل المساعدات الإنسانية لغزة وجاهزية المستشفيات بشمال سيناء لاستقبال الجرحى الفلسطينيين.

وتتحدث وسائل إعلام مصرية عن ألف شاحنة من المساعدات المحلية والعربية والدولية تم تخزينها في مواقع لوجيستية مجهزة، وهي في انتظار فتح المعبر.

ونقلت وكالة رويترز عن مسؤول مطلع أن اتفاق وقف إطلاق النار يشمل السماح بدخول 600 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية إلى غزة كل يوم من أيام وقف إطلاق النار، 50 منها تحمل الوقود، مع تخصيص 300 شاحنة لشمال القطاع.

وذلك ما يتفق مع التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية المصري الذي أكد استهداف القاهرة فتح المعبر في أقرب وقت "للسماح بدخول 600 شاحنة يوميا، لأن الناس يتضورون جوعا على الأرض"، وفق قوله.

إعلان

بدورها، أكدت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، إجراء التكتل محادثات لإحياء مهمة مدنية لمراقبة معبر رفح من أجل ضمان الاستقرار على الحدود.

وفيما يتعلق بإعادة إعمار القطاع، تضمن الاتفاق المبرم لإنهاء الحرب، البدء بتنفيذ الترتيبات اللازمة لإعادة إعمار شامل للمنازل والبنية التحتية، وتعويض المتضررين تحت إشراف عدة دول ومنظمات، بما في ذلك مصر وقطر والأمم المتحدة.

وأعلن وزير الخارجية المصري، خلال مؤتمر صحفي، استعداد بلاده لاستضافة مؤتمر دولي لإعادة الإعمار بالقطاع.

محددات الموقف

ورأى أستاذ العلوم السياسية، خيري عمر، أنه ومنذ اندلاع الحرب على غزة ركزت مصر على محاور أساسية، وهي التخفيف من آثار العدوان بحيث لا يتفاقم إلى "حرب فتاكة أو شاملة"، وألا يطاح بالطرف الفلسطيني خلال المفاوضات، إضافة إلى الإسراع نحو مبادرات تسوية من أجل إنهاء الحرب.

وعن محددات الدور المصري حيال الاتفاق الأخير، رأى المتحدث ذاته، في حديث للجزيرة نت، أن القاهرة تمسكت بحرصها على عدم تمدد الحرب خارج القطاع سواء في الضفة الغربية أو سيناء أو حتى لبنان، واستطرد "ترى القاهرة أن الحفاظ على أمن القطاع هو ضرورة أساسية لأمن مصر".

من ذلك المنطلق، ظلت مصر حريصة على أن تكون طرفا أساسيا في المفاوضات دون التزحزح عن قناعة أن تكون قيادة غزة للفلسطينيين سواء للسلطة في الضفة أو سلطة مشتركة بين حماس والضفة، حسب قراءة المحلل السياسي للمشهد.

وتوقع المحلل نفسه أن تحرص القاهرة خلال الفترة القادمة على الإسراع في إعادة إعمار القطاع "بحيث لا تكون هناك أي فرصة تفكك اجتماعي أو أمني داخل غزة".

تهميش لمصر!

بينما اعتبر الكاتب الصحفي المختص بالشأن الأميركي، محمد السطوحي، الاتصال "المتأخر" الذي أجراه بايدن بالسيسي والثناء على الدور المصري بمثابة محاولة لتهدئة التوتر كون القاهرة شعرت بالتهميش خلال المفاوضات الأخيرة.

إعلان

وأضاف، للجزيرة نت، أنه لا يمكن الاستغناء عن الدور المصري بحكم الجغرافيا قبل كل شيء خلال عملية متابعة الاتفاق وتنفيذه.

وأردف "لا بد من لجان مراقبة لعملية الانسحاب، ومن الممكن تشكيل قوة أمنية مؤقتة، ومن المؤكد أن مصر سيكون لها دور فيها، إضافة إلى الأمور اللوجيستية ونقل المساعدات الإنسانية ونقل المصابين وعملية الإعمار"

ومعبر رفح هو الأهم في المرحلة القادمة، وفق رؤية السطوحي، متوقعا ألا تكون إسرائيل متعاونة بما يكفي خصوصا في مرحلة الإعمار "فهي بالكاد تسمح بمرور أقل القليل من الطعام والدواء".

وأكد الكاتب على حرص القاهرة على إعادة إعمار القطاع واستقراره أمنيا، "ليس فقط لأسباب إنسانية، ولكن حتى لا يتحول إلى منطقة تفريخ عناصر إرهابية تهدد الأمن بسيناء".

مقالات مشابهة

  • مسيرات إنتحارية تستهدف محطة كهرباء دنقلا .. حريق ضخم وانقطاع للتيار والفرقة 19 مشاة توضح
  • نتنياهو: ملتزمون بتحقيق جميع أهداف الحرب
  • نتنياهو: ملتزمون بإعادة جميع المحتجزين في غزة
  • د. علي عبدالحكيم الطحاوي يكتب: الدور المصري في وقف العدوان على غزة
  • محافظ سوهاج يضع حجر الأساس لإنشاء كوبري مشاة بمنطقة الثلاث كباري
  • محافظ ‫الأحساء‬ يُشارك أكثر من 14 ألف متسابق ومتسابقة في سباق “الحسا تركض 2025” ويتوج الفائزين
  • ملامح الدور المصري لإنهاء الحرب على غزة
  • «السيسى» والصقور أمناء على مقدرات الوطن
  • موندويس: وقف إطلاق النار في غزة يكشف هشاشة إسرائيل وقوة المقاومة
  • لن يمنح بوتين النصر .. كيف سينهي ترامب الحرب على أوكرانيا؟