قائد سرية مشاة: الجندي المصري أظهر معدنه.. ورأيت أسودا تركض نحو النصر
تاريخ النشر: 4th, October 2024 GMT
فى ذكرى حرب السادس من أكتوبر عام 1973تحدث اللواء دكتور محمد ثروت نصيرى، مستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية من سلاح المشاة، وأحد قادة الحرب، عن ذكرياته فى المعركة ودوره الميدانى فى الضفة الشرقية وقت العبور، وأوضح كيف استردت مصر أرضها بالقوة، وأسباب الانتصار الإعجازى رغم الحديث عن استحالته فى البداية، وخطة الرئيس الراحل محمد أنور السادات الذكية، التى استخدم فيها الخداع الاستراتيجى من أجل حسم الانتصار، مستخدماً جميع طوائف الشعب جنباً إلى جنب مع القوات المسلحة، وإلى نص الحوار:
فى البداية.
- حرب 73 بالنسبة لى أعتبرها قفزة من الفقدان إلى الاسترداد، عشت هذه الفترة وكنت وقتها «نقيب» قائد سرية مشاة بقطاع القنطرة بالفرقة 18، وذكرياتها عالقة فى وجدانى حتى الآن وكأنها حدثت بالأمس القريب، كونها أظهرت معدن الجندى المصرى عندما يصمم ويصر على النجاح فى المعركة، وفعلاً هذا ما حدث تماماً، نتيجة أكثر من سبب مثل التخطيط الجيد لهذه الحرب، والإعداد المسبق، وتلافى السلبيات التى ظهرت فى حرب 67، وتحويلها لإيجابيات فى 73.
عاصرت حربى 67 و73.. برأيك ما الفرق فى التخطيط بين الحربين؟
- خلال حرب 67، كنت ملازماً حديث التخرج، ورأيت أن القوات المسلحة آنذاك لم تكن جاهزة للحرب فى ذلك الوقت، لذا حلت الهزيمة، ولكن الأمر كان مختلفاً تماماً فى 73، وحدث الإنجاز بعزيمة الرجال وبالاحترافية، وبالتخطيط الجيد لإعداد القوات المسلحة لتحرير سيناء على 4 مراحل رئيسية، تمت بجدية شديدة، و6 سنوات من العمل الشاق والدؤوب بهدف التحرير، جميعنا فى هذا الوقت جندى وقائد، كان لدينا عقيدة قتالية «النصر أو الشهادة»، وكان هناك إصرار لبذل أقصى جهد فى التدريب لتوفير الدم فى المعركة، وهو ما حدث بالفعل.
كيف ساهم التدريب الجيد فى نصر أكتوبر؟
- كنا نتدرب ليلاً ونهاراً على عملية العبور وعلى اقتحام قناة السويس، فى مناطق مشابهة لأماكن العمليات الحقيقية فى منطقة تسمى «البعالوة»، وهو ما ساعد على تنفيذ المهمات بنجاح، وكان الأمر أشبه بتناغم رائع بين القوات الجوية والبحرية والمشاة والمدفعية، فى العبور وإنشاء رأس كوبرى على مسافة 20 كيلو من القناة وتحقيق الانتصار.
بعين المقاتل.. كيف رأيت حرب أكتوبر من أرض المعركة؟
- أستطيع أن أقول إن ما تم فى حرب أكتوبر إنجاز وإعجاز فى وقت واحد، كان كل الفخر لنا بالمشاركة فى هذه الحرب، ومحو الهزيمة فى 67 وتحويلها إلى نصر، بفضل الجندى المقاتل الذى استطاع باحترافية شديدة أن ينفذ المهام القتالية، فلقد رأيت أسوداً تركض نحو النصر حتى تحقق، لذا أرى أن الحرب تعد تحولاً من واقع مؤلم إلى انتصار للعرب جميعاً.
كيف أثر التضامن العربى فى انتصار أكتوبر؟
- كان هناك تضامن عربى كبير غير مسبوق، لا أنساه فى 73، ودعم كامل من جميع الدول العربية، بالمال والسلاح والمعدات، فكان النصر فخراً للعرب جميعاً، وكان هناك تجمع عربى مثمر حول الحق.
حدثنا عن إعداد الدولة المصرية لحرب أكتوبر؟
- إعداد الدولة لهذه الحرب كان مثالياً، جميع أجهزة الدولة كانت تشارك فى الحرب وليس فقط القوات المسلحة، بل جميع طوائف الشعب، إذ لم يكن هناك أى تظاهر أو خلافات، بل كان الجميع سنداً لمصر وللقوات المسلحة.
كيف شاركت جميع طوائف الشعب فى الحرب؟
- كل بيت كان به مقاتل وأكثر، بالنسبة لى شاركت مع إخوتى فى الحرب، كنّا ثلاثة إخوة هدفهم هو نصر بلدهم، خدمت بالقنطرة شرق وكان أخى ضابط احتياط فى الغرب، وأخى الثالث فى الزعفرانة، بل وكان هناك 5 و6 إخوة فى وقت واحد مجندون، هدفهم محو الهزيمة واسترداد الأرض، لذا كُلِّل هذا المجهود بالنجاح والانتصار، وها نحن نحتفل به كل عام كعيد قومى للمصريين جميعاً.
ماذا كان دورك ميدانياً فى الحرب؟
- أنا كنت «نقيب» قائد سرية مشاة فى الحرب، كانت مسئولة عن عبور قناة السويس وتخطى الضفة الشرقية للقناة، وعمل رأس كوبرى للقوات المسلحة، وكان قوام السرية 120 جندياً مصرياً مصممين على القتال، وهزيمة العدو الإسرائيلى وانتزاع أرض سيناء بالقوة، وهذا ما حدث، والخداع الاستراتيجى الذى تم على أعلى مستوى ساعدنا على النجاح وشجعنا على تنفيذ المهام.
كيف تسبب الهجوم السريع فى الحرب فى ارتعاش أيادى قيادات إسرائيل؟
- على سبيل المثال، جولدا مائير يوم 9 من أكتوبر اتصلت بريتشارد نيكسون، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، وأبلغته وهى تبكى وتقول «أنقذوا إسرائيل»، لقد دُمر لنا 50 طائرة و450 دبابة فى أول 3 أيام، لهذا أمر «نيكسون» بتعويض خسائر إسرائيل بإنشاء جسر جوى فى 13 أكتوبر وجسر بحرى يوم 16.
ما أبرز الخدع الاستراتيجية التى أسهمت فى تحويل كفة الحرب لصالح مصر؟
- بالتأكيد اختيار اليوم كان مهماً، فكان يوم 6 أكتوبر 1973 هو عيد الكيبور للإسرائيليين، الذى يأخذونه كعطلة رسمية لا يعملون به، وأيضاً اختيار ساعة الظهر شديدة الحرارة عليهم والقتال على مواجهة واسعة، فضلاً عن حائط الصواريخ العتيد، الذى أوقف وصدّ طيران العدو الذى كان يصول ويجول داخل سماء مصر قبل الحرب، ولكن مع الحرب استطاع حائط الصواريخ تدمير50 طائرة فى أول ثلاثة أيام، لتعود بعد أيام السيادة المصرية كاملة على سيناء.
«ما أُخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة»مصر استردت أرضها بالحرب وليس بالمفاوضات السياسية، حيث حاول الرئيس السادات بطل الحرب والسلام التفاوض مع الجانب الإسرائيلى فى البداية، ولكن كان واضحاً التعنت والغطرسة من جانبهم، نتيجة أنهم كسبوا أراضى لم يحلموا بها من قبل، وهى سيناء 61 ألف كم2، والجولان 1865 كم2، الضفة الغربية 5875 كم2، غزة 360 كم2، وجميعها تمثل خمسة أمثال مساحة إسرائيل التى لا تتعدى 21 ألف كم2، ولكن بعزيمة الرجال والقتال جاء النصر كثمرة لجهد 6 سنوات وإخلاص فى العمل من جميع القيادات.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: القوات المسلحة حرب أکتوبر کان هناک فى الحرب
إقرأ أيضاً:
أيّها الكذابون : الحرب لم توحد الشعب بل مزقته
أيّها الكذابون : الحرب لم توحد الشعب بل مزقته
خالد فضل
غالبية دعاة ومؤيدي الحرب في السودان تراهم يعتبرون حسنتها ،بأنها وحّدت الشعب السوداني خلف قواته المسلحة ضد (جنا) رحمها الولود؛ الدعم السريع ، ذات الشعب الذي كانت نفس مراكز الدعاية الحالية تقول في سياق حرب دارفور إنّه توحّد خلف ( قواته المسلحة وقوات الدعم السريع )ضد حركات العمالة والإرتزاق (صارت اليوم مشتركة فوووق) مثلما قيلت دعاية التوحد خلف (القوات المسلحة والدفاع الشعبي) على أيام حرب الجهاد الإسلامي ضد الصليبيين في الجنوب القديم( فصار د. جون قرنق وليّ حميم) ! لم يذكروا أبدا وحدة غالبية الشعب وإلتفافه حول (موعد الواحدة بتوقيت الثورة على ساعة تجمع المهنيين) والهتاف الداوي (تسقط بس) وتعني سقوط نظام الجبهة الإسلامية المهيمن منذ إنقلابها في 30يونيو1989م، لا يتذكرون أبدا إلتفاف الشعب حول مبادئ السلام والعدالة والحرية ومدنية خيار الشعب، هذا الإلتفاف الثوري الصادق والواعي يغيظهم فيصورون الثورة بكل نضجها، ويبخسونها بالقول الفصيح : هوجة صبيانية، ثورة مصنوعة من المخابرات والسفارات والعملاء، خيانة داخلية بين أعضاء الحركة الإسلامية ويتندرون (أها شفتوا بعد الإطاحة بالبشير حصل ليكم شنو), ويتوعدون بوأد الثورة ودفن الثوار، ويتفكهون (العود أحمد) !! وتجد بضاعتهم المسمومة سوقا لدى جمهرة من الشعب تراها تتنادى بدعاوي الجهل والجهالة لنصرة المليشيات والقبائل والجهات عوضا عن الجهر بالصوت العاقل أوقفوا الحرب تقف الإنتهاكات وإزهاق الأرواح، مثلما فعلت تلك السيّدة الواعية أمام البرهان في إحدى قرى الشمالية، وكم كان هزيلا وضحلا وخفيضا صوت أؤلئك الذين حاولوا ترديد الهتاف (خاوي المضمون) جيش واحد شعب واحد فإذا كان هذا هو الواقع فلماذا الحرب أصلا ؟ الحقيقة العارية لا الجيش واحد ولا الشعب كذلك، فمتى يفيق المغيبون !
ما هي القوات المسلحة التي يلتف حولها الشعب ؟ الأمر يبدو كمزحة، فكل مجموعة تحمل السلاح هي قوات مسلحة سيقول قائل، بل هناك قوات مسلحة واحدة والأخرى مليشيا متمردة ( تفزع) معها مليشيات مجرمة متمردة مثلها قوامها عشرات القبائل من مختلف الجهات ومئات الآلاف من المقاتلين . بالنتيجة هناك قسم كبير من الشعب(الواحد) لم يتوحد خلف قواته المسلحة ( الواحدة) إذن، بل توحد ويقاتل ضدها فهل هذه من حسنات الحرب أم سيئاتها ؟ أم على الناس أن تلغي عقولها وتنكر الواقع وتكشط عناصر الدعم السريع وأهلهم ومجتمعاتهم بأكملها من قائمة الشعب السوداني الموحد خلف قواته المسلحة ؛ حتى تصح مقولتهم . ثم بذات المنطق نسأل أصحاب أكذوبة التوحيد هؤلاء، ماذا عن عشرات القوات المسلحة في مناطق سيطرة القوات المسلحة الواحدة دي ؟ سيقولون (فصائل وتشكيلات) تساند القوات المسلحة وتشاركها الخندق ضد الخونة المرتزقة الإرهابيين آل دقلو ( لا تنس أنّ الشعب كان موحدا خلف الأشاوس وقيادتهم آل دقلو؛ ذات حرب قريبة )، ثمّ لا تمر مرور الكرام على وقائع حاضرة لم يمض عليها شهر واحد، فقد كان جزء من الشعب السوداني في تمبول والهلالية والشرفة وشرق الجزيرة عموما يقف ويلتف حول (الجاهزية) وقائدها كيكل البطل/الخائن في آن واحد , وفي غضون 24ساعة تحولوا للإلتفاف حول (بل بس) وقائدها المرحوم شاع الدين، أي جيش وأي شعب يا هؤلاء ؟ إنّهم لا يتصورون أبدا أنّ لبعض الناس عقول لم يخونوها ما تزال تعمل وليست في عطلة مستدامة منذ نيّف وثلاثين سنة !! لأن الحقيقة التي أمام كل العالم اليوم وقبل ذلك أمامهم هم أنفسهم، هي وجود عدد لا يحصى من (القوات المسلحة) قدّرتها بعض التقارير الإعلامية ب(100) فصيل مسلّح، يلتف حول كلا منها عدد من أفراد الشعب السوداني، صفة سوداني ليست منحة يتفضل بها من يساند هذا الفصيل المسلّح أو ذاك ، وغض الطرف عن كونها فصائل يتقاضى أفرادها رواتبهم من وزارة المالية بالجنيه السوداني، أو( تغترب) عناصرها إلى اليمن والسعودية فينالون الراتب بالريال السعودي أو الدرهم الأماراتي !!!! أو ينالون حافزا (بالدولار) نظير صبرهم وجلدهم في الذود عن عاصمة السلطان علي دينار . أو كانت تلك القوات المسلحة تعمل بالقطعة والغنيمة، أو تأخذ حوافزها بقوة سلاحها في الإرتكازات . ثمّ وقبل أيام أوردت وسائل الإعلام زيارة السيد الأمين داؤود قائد إحدى الفصائل المسلحة إلى الشقيقة إرتيريا والتباحث مع رئيسها الثائر أسياس أفورقي ؛ عقب نشر وحدات الأورطة الشرقية في الإقليم الشرقي (وهو من أقاليم السودان حتى الآن) . فخلف من يلتف الملتفون (الأورطيون) ؟ وهل هم ضمن عداد الشعب الواحد ؟
أيّها الكذابون المخادعون، كفّوا عن تضليل الناس بأنّ تأييدهم للحرب ووقوفهم خلف القوات المسلحة يعني توحيدهم، والجميع يعلم أنّ قسما واسعا من السودانيين/ات يلتف ويقف بقوة وحماس وينحاز دون موربة لخيار السلام والدعوة لوقف الحرب وليس الاصطفاف خلف هذا أو ذاك من (قوات مسلحة)التي تدور شكوك معقولة أن بعضها (أجنبية) وأهل (مناطق سنجة) أدرى بارتكازاتها، فما رأي (أنكل توم) !! فقل لي أي وحدة يزعمها الكذابون .
يا بني السودان وبناته، في تقرير للبي بي سي مؤخرا حول سوريا بعد 13سنة من الحرب الأهلية حصيلتها أربع مناطق نفوذ بقوات مسلحة منعزلة جميعها محمية بقوى أجنبية، تركية، روسية، أمريكية، إيرانية، تمتد علاقات بعضها مع تنظيم الإخوان المسلمين وقطر، وبعض شيعية تحت راية ملالي (قُم ) .
السودان ليس نسيج وحده، فهو بتركيبته البشرية والجغرافية بل بخبربته التاريخية الذاتية ينطوي على قابلية للتقسيم إلى أكثر من أربع مناطق نفوذ عسكرية محلية وأجنبية بحماية إقليمية ودولية، مثل سوريا واليمن وليبيا و الصومال، وما يزال البعض يضلل الناس بالوحدة والتوحد خلف قواته المسلحة ! من يدعون إلى إستمرار الحرب خلف أي راية وشعار، هم من يعملون فعليا على تقسيم البلاد والشعب لا وحدته كما يزعمون، هم من يفككون القوات المسلحة السودانية لصالح مليشياتهم الإرهابية وجماعاتهم الإجرامية التي أسقطها الشعب يوم توحد يطلب حرية سلام وعدالة، ينشد كرامته عبر سلطته المدنية، فهل يتعظ من له ذرة من عقل ويكف عن التهريج المهرجون، وعن الكذب الكذابون هل ؟.
الوسومالحرب الشعب السوداني الكذابون خالد فضل