بوابة الوفد:
2025-03-16@19:20:12 GMT

رحلة مزمل للتحرر من الخرافة

تاريخ النشر: 4th, October 2024 GMT

اعتاد علماء الاجتماع النظر إلى الموت باعتباره ظاهرة، تعكس اتجاها معينا نحو الحياة ورؤية لمعانيها. وعلى عكس كثيرين ممن يرون أن من الحكمة أن نتخذ من الموت ذريعة للتفكير الدائم فى الفناء، فإن علماء الاجتماع يقولون إننا يجب أن نتخذ منه ذريعة للتفكير فى الحياة، لماذا؟ لأن الحياة لا ينبغى أن تقاس بالطول وحده، إذ إن لها عرضا وعمقا، لا يتحققان، إلا بأن ننغمس فيها، ونقتحم عبابها، حتى لو تعرضنا بذلك للموت المبكر، لأن الوقوف على ساحلها متفرجين، هو موت من نوع آخر، لا يصيب الفرد وحده بالأذى يل يشل قدرات المجتمعات على التطور والتقدم والازدهار.

قبل سنوات قرأت دراسة مهمة لعالم الاجتماع الرائد «سيد عويس» عن ظاهرة الموت، أشار فيها إلى أنها ظاهرة تعكس تحكم الموتى فى الأحياء فى مجتمعنا. وبينت الدراسة الاتجاهات السلبية الناجمة عن ذلك، بينها الإيمان المطلق لكثيرين بكرامات أولياء الله والقديسين والاعتقاد الراسخ بوجود الأشباح والحياة فى القبر، وإرسال الرسائل إلى الموتى طلبا للشفاء، أو منعا لحسد، أو شكوى من ظلم، بما يعنى أن الأحياء لا يعيشون حياتهم كما ينبغى عليهم أن يفعلوا، وما ترتب على استثمار ذلك فى أعمال تجارية تمثلت فى انتشار جمعيات دفن الموتى، وظهور دور الندابات، بجانب النظم الاجتماعية التى نشأت فى العزاء فى الأقرباء والغرباء، وهى نظم تقول الدراسة لا يقرها لا عقل ولا دين. هذا فضلا عن الجانب الثقافى واللغوى، وهو ما جعلنا، برغم محبتنا للدعابة، والتفنن فى صناعتها، وعشقنا للغناء والطرب، نبكى إذا حزنا وإذا فرحنا، ونعود عن فرحنا إذا بدا لنا زائدا عن الحد بالقول «اللهم اجعله خير» بما يعنى العلاقة الوثيقة التى تربط بين تراثنا فى الحزن بنظرتنا إلى الموت.

يستخدم المصريون فى تعبيراتهم اللغوية كلمة الموت مرتبطا حتى بسلوكهم فى الحياة، بما يؤكد أن الموت يشغلنا أكثر من الحياة. ويدلل دكتور عويس على ذلك بقوله إن الإنسان حين يتدله فى حب آخر يقول بحبه موت، ويكره موت، ويصف صنف من الطعام فيقول لذيذ موت، فالموت لا يغيب عنا حين نكره وحين نحب، وحين نحدث الموتى فى صفحات الوفيات بتعبيرات من الأسى والابتهال والدعوات، وكأنهم أحياء.

تذكرت هذه الدراسة الرائدة أثناء مشاهدتى قبل أيام للفيلم السودانى «ستموت فى العشرين» فى سينما زاوية، التى أصبحت ملاذا ثقافيا ومعرفيا لمحبى السينما غير التجارية. ولأن أشقاءنا وأحبتنا فى السودان لديهم تعبير جميل يقول «مصر والسودان حتة واحدة» فإن الظواهر التى رصدها الدكتور سيد عويس عن تحكم الموتى فى حياة المصريين، تنطبق كذلك على حياة السودانيين، وربما تسود معظم الدول العربية.

الفيلم الذى أخرجه «أمجد أبوالعلا» وشارك فى كتابته مع الكاتب الإمارتى «يوسف إبراهيم المأخوذ عن قصة للكاتب السودانى» حمور زيادة من مجموعته القصصية «النوم عند قدمى الجبل». يروى بحساسية شديدة فى التصوير والموسيقى والديكور والتمثيل قصة الفتى «مزمل» الذى يعيش مع أبويه فى قرية فقيرة نائية فى منطقة الجزيرة، التى تحفل بأضرحة الأولياء والجماعات الصوفية. ظل مزمل عشرين عاما يعانق الموت، بعدما أصابته نبوءة عابرة فى طفولته من درويش جاهل أنه سيموت فى العشرين، لكنه عاش ولم يمت، فكيف تعامل البطل مع النبوءة، وكيف يدعو للتحرر منها؟ ذلك حيث آخر.

 

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أمينة النقاش على فكرة الاجتماع النظر الحكمة القبر

إقرأ أيضاً:

صالون بورسعيد الثقافي يناقش ظاهرة التنمر والعنف لطلاب المدارس

تنظم ثقافة ببورسعيد عددا من اللقاءات الثقافية والتثقيفية، ضمن برنامج الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة اللواء خالد اللبان، احتفاء بشهر رمضان المبارك، في إطار أنشطة وزارة الثقافة.

وتضمنت الأنشطة المنفذة تحت إشراف الكاتب محمد ناصف، نائب رئيس الهيئة، صالون ثقافي بالتعاون مع مديرية التربية والتعليم ومدرسه الرساله للغات شارك فيه الدكتوره اماني عميد كليه الطفوله المبكره و احمد تاج مدير اداره جنوب التعليميه و سماح مدير التعليم الخاص و عبير نصر الدين مديره المدرسه، بإشراف شيرين الأمير مسؤل الصالون الثقافي و حضور وسام العزوني مدير عام الفرع

واكدت الدكتوره اماني أن ظاهره التنمر والعنف أصبحت منتشرة بشكل كبير بين طلبة المدارس، و أن التنمر له أشكال مختلفه وأساليب كثيرة يمارسها الأطفال داخل المدرسة في سن صغيرة، وأن العنف سببه التنمر، وينتج عنه الكثير من الأمراض النفسية مثل القلق والتوتر والافكار والسلوكيات الخاطئة، مما يجعل الانسان يتخذ آليات وردود أفعال عدوانيه مما يؤثر علي الطفل والأسرة والمجتمع

وللتنمر عدة أشكال منها، اللفظي وهو المنتشر بشكل كبير وأيضا الاستهزاء والاستبعاد والتجاهل، أما ظاهرة العنف من أهم المشكلات الغير صحية التي تحدث نتيجه إستخدام القوه والعنف البدني عن قصد سواء بالتهديد أو الإيذاء الفعلي ضد النفس أو شخص آخر والعنف أساسه مشكله نفسيه تسيطر علي الإنسان وقت حدوث الموقف ولكن اذا حكم الانسان عقله وسيطر علي انفعاله، يخرج من هذا الموقف بسلام

وأعقب ذلك أقيمت مناقشه تفاعلية بين د.أمانى وبين الطلاب الحضور.

أقيم الصالون الثقافى فى إطار أنشطة إقليم القناة وسيناء الثقافي، برئاسة د.شعيب خلف، مدير عام الإقليم وفرع ثقافة بورسعيد، بإشراف وسام العزونى.

مقالات مشابهة

  • العلاج الجنائزي في كوريا الجنوبية.. الموت 10 دقائق لتخفيف ضغوط الحياة
  • مصرع طفل غرقا بمياه ترعة فى الشرقية
  •  الأمن يحذر من ظاهرة (النوم المؤقت) خلال القيادة!
  • في ذكراه: ظاهرة عباس محمود العقاد!
  • من براميل الموت إلى زهور الحياة .. مروحية تلقي الورد والمناشير في ذكرى الثورة السورية الـ14 .. فيديو
  • طلب إحاطة لمواجهة ظاهرة إعادة تدوير الزيوت المستعملة بطرق غير مشروعة
  • تتطلب تحركا عاجلا .. تحذيرات برلمانية من مخاطر ظاهرة إعادة تدوير الزيوت المستعملة
  • صالون بورسعيد الثقافي يناقش ظاهرة التنمر والعنف لطلاب المدارس
  • الحياة البرية فى خطر.. أوامر ترامب تهدد أنواعًا من الحيوانات بالانقراض
  • د. مزمل أبو القاسم: يوسف عِزَّت ينعي المليشيا!