يمن مونيتور:
2025-01-31@21:08:49 GMT

عن فتحية الجرافي

تاريخ النشر: 4th, October 2024 GMT

عن فتحية الجرافي

عندما نشر في 17 مارس/ آذار 2024 خبر وفاة زوجة الشاعر اليمني القدير عبدالله البردوني فتحية الجرافي تساءل الكثيرون من هي هذه المرأة، ومتى تزوجها؟

للأسف، مثل كثيرات من اليمنيات اللواتي كانت لهنّ بصمة في تاريخ اليمن، لم تُوثّق حياة فتحية الجرافي، ولم يُوضع كتاب يتناول سيرة حياتها، على الرغم من أنها لم تكن زوجة شاعر بارز فحسب، وإنما كانت من اليمنيات الرائدات في المجتمع المدني اليمني.

في شمال اليمن قبل ثورة 1962 كان هناك شح في المدارس التعليمية باستثناء ما يسمى “المعلامة”، وهي المكان الذي يتعلم فيه الأطفال تلاوة القرآن الكريم. لكنّ فتحية الجرافي كانت من الفتيات القليلات اللواتي سافرن إلى مصر، وتعلّمن في الجامعة، وتخرّجت في منتصف الستينات. عادت فتحية الجرافي لتكون أول معلمة للغة الإنكليزية في شمال اليمن.

يصف البردوني حبيبته في قصيدته “جلوة” على النحو التالي:

كرائحة الصمت بعد الضجيج

كإغفاءة الحزن بعد النشيج

كأجمل من كل ما في الجمال

تجلّيتِ ذات مساء بهيج

وهي صفات اتّفق معها عدد من طالباتها اللواتي وصفنها بأنها كانت تميل إلى الخجل، لا تفتعل الكلام والنقاش، وتقول فكرتها بهدوء كان غالبا على شخصيتها.

تعرّف البردوني الى فتحية الجرافي خلال توليه إدارة البرامج بإذاعة صنعاء، وكانت هي مديرة لـ”مدرسة بلقيس” المجاورة للإذاعة، إذ كانت طالباتها يطلبن منها سماع البردوني، وهو يُلقي الشعر.

ويقول عبد الرحمن الغابري، المصور والفنان والروائي اليمني، إنه عرف فتحية الجرافي قبل زواجها من البردوني عندما كان يعمل في إذاعة صنعاء، حيث عملت الجرافي مدرّسة في مدرسة بلقيس، ومدرسة الصبَّاح. ثم بعد ذلك حضر حفل زفافهما، الذي كان في بدايات حكم الرئيس الحمدي عام 1976.

وقد عرفت الجرافي باهتمامها بالأيتام، وأيضا بتنشئة جيل جديد واعٍ يحبّ الفنون والعلم.

يقول الغابري بأن الجرافي تبوَّأت مركز وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لقطاع الأمومة والطفولة، وكانت مشرفة على دور رياض الأطفال الحكومية.

لم تكن فتحية الجرافي مهتمة بتوثيق حياتها كواحدة من أولى الأكاديميات في اليمن والعاملات في المجتمع المدني رغم أهمية سيرتها في مسيرة الحراك النسوي، والكتاب الوحيد الذي نشرته لم يكن يحكي عن مسيرتها الشخصية، وإنما عن مسيرتها مع البردوني، وسفرياته التي رافقته في معظمها، والمقابلات الصحافية التي أجراها، وإلى يومنا هذا لا يزال كثيرون يتساءلون مَن هذه المرأة التي تجلس بجانب البردوني، وترتدي النظارات و”المَصَر”، ولا يعرفون أن هذه المرأة كانت من الرائدات اليمنيات في مجال التعليم والعمل المدني، وغيّرت الكثير بكل هدوء، وبدون ضجيج كما وصفها البردوني.

سيرة حياة فتحية الجرافي التي لا نعرف عنها الكثير هي مجرّد مثال للكثير من قصص النساء الرائدات التي نسيها التاريخ

تقول البروفسورة والكاتبة إلهام مانع “إن عدم تدوين تاريخ النساء اليمنيات الرائدات هي ظاهرة لا تقتصر على اليمن فقط، بل نجدها في العديد من دول العالم، ومنها إقليمنا العربي. هناك مقولة تقول إن التاريخ يكتبه المنتصر. وأنا أفضّل القول، إن التاريخ يكتبه الرجل، بغضّ النظر عن هويّته القوميّة. التركيز هو على دور الرجال في صنع التاريخ، ويغفل عن إدراج المرأة في هذا السياق كأنها هامش. ولذا كان من الضروريّ إعادة النظر في هذا التدوين والبحث، إن لم يكن التنقيب عن دور هذه المرأة، في صنع التاريخ”.

‏سيرة حياة فتحية الجرافي التي لا نعرف عنها الكثير هي مجرّد مثال للكثير من قصص النساء الرائدات التي نسيها التاريخ بسبب عدم الاهتمام، أو تعمد تجاهل توثيقها. “حان وقت البدء في تدوين تاريخ المرأة في اليمن على نسق مؤسسة المرأة والذاكرة في مصر. فالصمت عن هذا التاريخ، يظهر لنا طبيعة المجتمع الذي نعيش فيه. ويعكس لنا أيضا واقع المرأة فيه” كما ترى إلهام مانع.

المقال نقلاً عن جريدة المجلة

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: آراء كتابات مقال هذه المرأة

إقرأ أيضاً:

أساطير شخصية.. رحلة في دراما التاريخ بمعرض الكتاب

احتضنت قاعة "فكر وإبداع" بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته السادسة والخمسين ندوة لمناقشة كتاب "أساطير شخصية.. صعود الآلهة الصغيرة ودراما التاريخ" للكاتب محسن عبد العزيز، والصادر عن بيت الحكمة للثقافة.

جاءت الندوة ضمن محور "كاتب وكتاب"، وشهدت حضور نخبة من المثقفين، حيث شاركت الدكتورة كرمة سامي، رئيس المركز القومي للترجمة، والكاتب محمد سلماوي في مناقشة الكتاب، فيما أدارت الجلسة الكاتبة الصحفية سمر الجمل.

استهلت سمر الجمل الندوة بالترحيب بالحضور، مشيدة بأهمية الكتاب الذي يتناول دور الأساطير في تشكيل الشخصيات الكبرى في التاريخ المصري الحديث والقديم، من عصر محمد علي إلى شخصيات ما بعد ثورة 1952، وصولًا إلى مصر القديمة. وأكدت أن العمل يمثل محاولة جادة لتفكيك البعد الأسطوري في حياة القادة والمفكرين، مقدماً رؤية تحليلية تتجاوز السرد التقليدي للسير الذاتية.

أما الكاتب محسن عبد العزيز، فقد عبر عن سعادته بمناقشة كتابه ضمن فعاليات المعرض، موجهاً شكره للدكتورة كرمة سامي لدعمها وتشجيعها لهذا العمل. وأوضح أن فكرة الأساطير ظلت تلازمه لفترة طويلة قبل أن يقرر الخوض فيها بشكل موسع من خلال هذا الكتاب، مشيرًا إلى أن الأسطورة ليست مجرد قصة قديمة، بل هي عنصر حيوي متكرر في حياة الشخصيات والأمم.

وأضاف: "الأساطير ليست مجرد حكايات جامدة، بل هي محركات خفية في صناعة التاريخ. بعض الحروب قامت على أساطير لا يمكن إثبات صحتها، لكن تأثيرها كان حقيقيًا".

كما أشار إلى أن مصر نفسها كانت مهدًا للعديد من الأساطير التي صاغت هويتها على مدار العصور.

من جانبه، عبر الكاتب محمد سلماوي عن إعجابه بالكتاب، مشيرًا إلى أنه اطلع عليه حتى قبل نشره وأدرك أهميته منذ اللحظة الأولى. وقال: "محسن عبد العزيز لم يقدم مجرد كتاب عن السير الذاتية، بل استطاع أن يكشف لنا الجانب الأسطوري في شخصيات لم نكن نراها من هذه الزاوية من قبل".

وأكد سلماوي أن الكاتب نجح في خلق "نسق أسطوري جديد" لشخصيات حديثة، مستلهمًا الأساطير القديمة مثل الإغريقية والرومانية والمصرية والهندية، مما يعكس أن لكل مجتمع أساطيره الخاصة التي تشكل وعيه الجمعي.

وأشار إلى أن هذا النهج المبتكر يجعل من الكتاب إضافة نوعية في حقل الدراسات التاريخية والسير الذاتية.

أما الدكتورة كرمة سامي، فقد أشادت بالسرد السلس والممتع الذي يتميز به الكتاب، مؤكدة أنه "لا يقتصر على كونه عملاً توثيقيًا، بل هو رحلة فكرية في عالم الأسطورة".

وأضافت: "الكتاب يجمع بين العمق المعرفي والأسلوب المشوق، مما يجعله مناسبًا للقراء بمختلف اهتماماتهم".

وفي اقتراح طموح، دعت كرمة سامي إلى توسيع نطاق العمل وتحويله إلى موسوعة تضم أساطير الشخصيات المصرية والعربية عبر العصور، كما أوصت بإنتاج أفلام وثائقية تستند إلى محتوى الكتاب، لما يحمله من إمكانيات سردية وبصرية ثرية.

مقالات مشابهة

  • ترامب: المروحية العسكرية التي اصطدمت بطائرة الركاب كانت تحلق على ارتفاع عالٍ جدا
  • متحف كرة القدم المغربية يفتح أبوابه للعموم ابتداءً من هذا التاريخ
  • مناقشة في حضرة التاريخ والمؤرخين لـ زكريا الشلق بمعرض الكتاب
  • أساطير شخصية.. رحلة في دراما التاريخ بمعرض الكتاب
  • في هذا التاريخ... حزب الله سيُشيّع نصرالله وصفي الدين
  • قصة مايتا ـ ماريوباراغاس يوسا.. مقاربات مع التاريخ الطهراني للثورات في الأردن
  • نهلة الصعيدي: المرأة القوية التي تحسن تربية الأبناء وتقدر على صنع المستحيل
  • الآثار والمتاحف تعلن فتح أبوابها أمام البعثات الأثرية التي كانت تعمل في سوريا
  • رويترز: طائرة بلاك هوك العسكرية التي اصطدمت بطائرة الركاب كانت في رحلة تدريبية
  • ندوة "عُمان ومصر.. وئام أزلي" تغوص في أعماق التاريخ المشترك