البوابة نيوز:
2024-10-04@18:28:38 GMT

الأب مدرسة الحياة.. وبر الوالدين النجاة

تاريخ النشر: 4th, October 2024 GMT

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في حياة كل منا، يترك الأب بصمة لا تُمحى، ويظل أثره يعيش في قلوب أبنائه حتى بعد رحيله، حيث يُعتبر الأب رمزًا للحنان والتضحية والأمان، والسند والمعلم في مدرسة الحياة، يزرع في أبنائه الطموح الذي يدفعهم نحو المستقبل، وهذا ما مثّله والدي، "الحاج عمر"، الذي رحل عنا فجأة، تاركًا وراءه إرثًا من القيم والدروس، فقد كان والدي مثالًا يُحتذى به في حسن الخلق، والسيرة الطيبة، عُرف بتواضعه وكرمه، وكان يسعى دائمًا لإسعاد من حوله، تعب طوال حياته ليؤمن لنا حياة كريمة، لم يكل أو يمل، كان يستيقظ فجرًا ليبدأ يومه بالعمل، بهمة ونشاط مهما كانت الظروف، كان يؤمن بأن الرزق يأتي من الله، لكنه كان أيضًا يدرك أهمية السعي والاجتهاد وترك الكسل والصلابة في كل موقف.

 لقد ربيتنا يا أبي، رجالًا ونساءً، على القيم والمبادئ، والصبر، والرضا، وحب الخير، وكأنك تُضيء لنا طريق العز والشرف بسمعتك الطيبة وسيرتك العطرة، كيف لي أن أنسى ضحكاتك الطفولية التي كانت تملأ المنزل سعادة، ووجهك الذي يبعث الأمل في قلوبنا؟، كنت ساعيًا للرزق الحلال، تسعى لتأمين حياة كريمة لنا، رغم الصعوبات والتحديات؛ لقد نجاك الله من حريق الدنيا، وسينجيك بكرمه وجوده من عذاب النار في الآخرة، وهذا يُعطي قلبي بعض السلوى، فقد كنت والله نعم الأب الصالح، والصديق المخلص، والروح الهادئة، مثلك مثل الأشجار الطيبة، تُثمر وتعطي بلا حدود، وقد كنت مثلاً يُحتذى به في كل ما فعلته، أعمالك الصالحة ستبقى خالدة في ذاكرة من عرفوك، وكلماتك الطيبة ستبقى صدى في قلوبنا.

سأفتقد يا حبيبي تلك الأيام التي قضيناها معًا في الحج والعمرة، حيث كنت تقودني نحو بيت الله، تُعلمني كيف أرفع يدي بالدعاء، وتساعد الكبير والصغير، وأنت تنظر إليَّ بفخر واعتزاز وتخاف عليّ وعلى أمي من الزحام وهول المشهد، تلك اللحظات كانت تتجاوز الكلمات، إذ كانت تملؤنا بالسكينة والطمأنينة والفرح.

مناجاة ودعاء

أدعو لك، يا أبي، بالرحمة والمغفرة، وأتوسل إلى الله -العلي القدير- أن يُدخل روحك فسيح جناته، أما أمي، فقلبي معها، أُعزيها على فراق رفيق دربها، ابن عمها، البار بها، محور حياتها، صبركِ يا أمي على هذا الفراق هو ثمرة الحب الذي جمعكما، أما أنا  فتعجز الكلمات في التعبير عن مدى اشتياقي لأبي الغالي، لكنني أعدك يا نبض قلبي أن أُكمل مسيرتك، وأكون كما كنت تُريد لي، سأعمل بجد، وأحافظ على السمعة الطيبة التي زرعتها فينا، فقلبي مليء بالدعوات الصادقة لك، يا أبتِ، وأنت في جنات الخلد؛ رغم أن الحياة دونك تبدو باهتة، ورحيلك أوجاعًا في الروح، وصوتك وابتسامتك لا تفارق ذاكرتي، لكن ذكراك تضيء دربي، لأنك السند الذي لا يُستغنى عنه في الأوقات الصعبة، أُناجيك بأنني أؤمن بلقاءٍ قريب، والأمل في الله كبير أن نلتقي في جنة الخلد، حيث سنجتمع سويا على سرر متقابلين، وسأكون فخورة بأنني ابنتك.

الرحيل مدرسة الحياة..  وبر الوالدين نجاة 

رحيل والدي المفاجئ علمنا الكثير، أول درس هو أن الحياة قصيرة ولا يمكن التنبؤ بما سيحدث،  لذلك، يجب أن نقدر كل لحظة مع من نحبهم، علينا أن نعبّر عن مشاعرنا ونقدم الدعم لبعضنا، لأننا قد نفقدهم في أي لحظة، كما نبهني رحيل أبي لأهمية بر الوالدين وخفض الجناح لهما، فبرهما نجاة ودعواتهما بركة، فكم كانت دعوات أبي وأمي لنا سببًا في كل توفيق في حياتنا، لقد زرعا  فينا حب الخير، وعلّمانا أن نكون بارين بأهلنا، حتى في غيابهم،  يقول الله تعالى في كتابه الكريم: "وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ".. لا تنتظروا حتى يفوت الأوان لتعبّروا عن حبكم وبركم لوالديكم، احرصوا على تلبية احتياجاتهم، شاركوا معهم لحظات الفرح والحزن والتعب، فالأب والأم هم أعظم نعمة، ويستحقون منّا كل العطاء والاحترام.

وختامًا.. يا أبتِ يا من كنت النور لدربي وقلبي، يا مدرسة الحياة التي علمتني الكثير، بكيتك يا أبي والدمع يُبكي المقلَ أنت الحنان الذي غمرني برأفةٍ، وفي عينيك كانت كل العبرات تُقالُ، علمتني معنى الحب والعطاء، وجعلتني أسيرةً في دروب الكمالِ، ذكراك في القلب كنجمة تضيء، تجعل الأيام تحمل طيفك الجليلِ، أدعو لك في كل صلاة وتوجه يا غالي الروح، يا أجمل الخصالِ، يا من كان الأمان لي وفي ضلوعه تنمو زهور الأملِ، سأظل أفتقدك يا أغلى من في القلب، أدعو الله أن ينعم عليك بالرحمة والمغفرة، وأن يجمعني بك في جنات النعيم.

وسيبقى "الحاج عمر" في قلوبنا رمزًا للتضحية والعطاء، لن ننسى ذكراه، وسنستمر في نقل قيمه وتعاليمه إلى الأجيال القادمة، لأن الأثر الذي يتركه الأب الصالح يظل خالدًا إلى الأبد، وسأظل أعبر عن امتناني لكل ما علمني إياه أبي، فكل خطوة أُخطوها هي ثمرة من ثمار تربيتك، وكل ذكرى تحمل طيفك تجعلني أبتسم وأبكي في آن واحد، وستبقى ذكراك خالدة في قلوب كل من عرفك، وسأظل أحملك في قلبي، وذكراك شعلة تُضيء دربي، جعلك الله ممن قال فيهم ﴿جَنَّـٰتُ عَدۡنࣲ یَدۡخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنۡ ءَابَاۤىِٕهِمۡ وَأَزۡوَ ٰجِهِمۡ وَذُرِّیَّـٰتِهِمۡۖ وَٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ یَدۡخُلُونَ عَلَیۡهِم مِّن كُلِّ بَابࣲ ۝٢٣ سَلَـٰمٌ عَلَیۡكُم بِمَا صَبَرۡتُمۡۚ فَنِعۡمَ عُقۡبَى ٱلدَّارِ ۝٢٤﴾ [الرعد ٢٣-٢٤].

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الأب بر الوالدين مدرسة الحياة مدرسة الحیاة

إقرأ أيضاً:

إيران كانت في الموعد

 

ناجي بن جمعة البلوشي

أقدمت إيران على مهاجمة إسرائيل ردا على ما فعلته إسرائيل بها من ضربات موجعة، وكنَّا نتساءل لماذا بهذا التوقيت قامت بذلك؟

لا يخفى على أحد أنه قد سبق هذا الهجوم إعلان أمريكا إرسال مجموعة حاملة الطائرات "يو إس إس ترومان" وأسراب من الطائرات وعدد من الجنود الأمريكيين كقوات إضافية إلى الشرق الأوسط، كما فعلت ذلك بريطانيا بإرسالها 700 جندي إلى قبرص، حتى وإن كانت تحت غطاء أعذار أخرى لكنها في الواقع لدعم إسرائيل وحماية ظهرها في حربها على لبنان؛ فهي ترى أن الفرصة الآن سانحة للقضاء على حزب الله، الذي أوهمت إسرائيل نفسها أولا والعالم بأنه قد تدمَّر وانتهت قدراته وبدت محدودة وليس له قوة تذكر، وأنها أعادته إلى ما قبل عشرين سنة مضت، ويمكنها بهذه التداعيات بالتعاون مع الداعمين مسحه من الوجود والقضاء عليه، وبالتالي إنهاء نفوذ إيران في المنطقة فهو ذراعها الأوسع والأقوى والأعنف على إسرائيل.

لكن ما حصل غير ما تتمنى إسرائيل ومعاونوها فحزب الله يفاجئها بالنهوض من جديد ويبدأ في قصف إسرائيل بلا هوادة وفي كل أراضي فلسطين المحتلة وقد وضع الإسرائيلين جميعهم في الملاجئ، وبردة الفعل هذه ترددت إسرائيل في دخول لبنان  فهي تعلم ما هي قدرات حزب الله في الحرب البرية ومواجهته تعني دخولها إلى جحيم دامٍ لن تخرج منه إلا وهي تدفع ثمن فعلتها بالتنازل عن ملفين مُهمين فشلت في الاستحواذ عليهما وهما ملف غزة والمتمثل في مقاومة حماس وملف لبنان والمتمثل في مقاومة حزب الله فأهدافها التي رسمتها في غزة أرادت أن تأتي بها من لبنان عن طريق الضغط على حزب الله لرفع يده عن مساندة غزة والنأي بنفسه عن دعم المقاومة ليكون التفاوض مع السنوار سهلاً ولتحصل على مرادها بمجرد فتح باب التفاوض من جديد.

غير أنها تفاجأت بالرد من حزب الله الذي انتفض من تحت الأنقاض ودك مواقع عسكرية وأمنية واستخباراتية حساسة ما كانت إسرائيل تفكر بإمكانية الوصول إليها بعدما دمرت مركز القيادة وقتلت كبار قادته وأمينه العام فهي اليوم في ذهول مما يحدث بعد أن وضعت الخطط وسمت الأشياء بمُسمياتها فتغيير اسم المعركة في شمال إسرائيل من أسهم الشمال إلى النظام الجديد لم يكن من باب الصدفة وقد استعانت بأمريكا ومن معها لتعود مجددا تلك الدول المارقة أخلاقيا في الواجهة من جديد بتقديم كل ما لديها من دعم عسكري أمني استخباراتي.

وبعد أن اكتملت الحلقة من كل جوانبها هنا وضعت الظروف إيران بين خيارات ضيقة إما الهجوم على إسرائيل لإبراز قوتها لأمريكا ولإسرائيل ومن يدعمها في رسالة حتى وإن كانت رمزية بما تمتلكه من أسلحة نافذة يمكنها أن تصل العمق الإسرائيلي؛ بل وبنك الأهداف المراد تحقيقها أو بين دخول إسرائيل إلى الجنوب اللبناني بمساندة غربية عمياء للقضاء على حزب الله.

لكن ما فعلته إيران كان في الموعد حتى وإن ردت إسرائيل مجددا بالقصف في لبنان أو أماكن أخرى أو في إيران ذاتها فهذا لن يغير قناعة الأمريكان وغيرهم من الدول الداعمة لإسرائيل بأن مصالحها في المنطقة باتت في خطر وذلك مقارنة بما في قواعدها وما تمتلكه إسرائيل من قوة دفاعية مضادة للصواريخ بداية مقلاع داوود والقبة الحديدية وبطاريات باتريوت وغيرها من الأنظمة المتقدمة إضافة إلى القواعد والسفن الحربية الأمريكية في المنطقة وربما أسلحة جوية من دول خافت على مجالها الجوي. والآن وبعد أن فشل ذلك المخطط الغربي الجديد الذي كانت تريده تلك الدول في المنطقة فإن إسرائيل الحالمة بالنصر المزعوم وبأيّ ثمن وطريقة وحال كاعتقادها بأن تشريد وتهميش أهل غزة سيؤدي إلى استسلام حماس أو تشريد المدنيين من جنوب لبنان سيكون ورقة سياسية قوية على لبنان بإنهاء مساندته للمقاومة لعودة سكان الشمال الإسرائيلي فإن هذا محال فكل محور المقاومة كان واضحا في هذا الملف توقف الحرب في غزة هو ما سيوقف كل شيء.

ولهذا فإن قصف إيران للعمق الإسرائيلي بتلك الصواريخ الجديدة التي كانت تتمناها إسرائيل بنفس النموذج السابق في القوة والسرعة والدقة إلا أنها تفاجأت هي وحلفاؤها بالجديد الذي غير الواقع  إلى واقع يقول بأن كل محاولات نتنياهو في معالجة الملفين بالحرب والقوة العسكرية فاشلة وعلى كل العالم أن يصدق أن القوة العسكرية الإسرائيلية لا تستطيع  تغيير الواقع أو الحصول على ما يتمناه في مخيلته العمياء  المدعومة غربيا.

بعد الضربة الإيرانية تغيرت المعادلة في الإقليم وهناك حسابات دقيقة لابد أن تدرسها القيادة الأمريكية وإلا ستتلقى الضربات الموجعة التي ستزول بكل ما بنته منذ أن وضعت رجلها في المنطقة ومن بين تلك الحسابات حل الدولتين بأسرع مما كانت تظن وإلا فإن الحدود الإسرائيلية ستتآكل قريبا.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • هذه حقيقة السيدة اليزيدية التي كانت في قطاع غزة / فيديو
  • الشيخ كمال الخطيب يكتب .. عقوق الوالدين وعقوق الوطن والدين
  • ما الذي قاله قائد أنصار الله عبد الملك الحوثي عن الضربة الصاروخية الإيرانية التي أرعبت “إسرائيل”؟
  • قائد الثورة يكشف تفاصيل حساسة بشأن الهجوم الإيراني على كيان العدو والمواقع التي تم استهدافها وما الذي حدث بعد الضربة مباشرة
  • المعهد الديمقراطي: ندوب الحرب التي دامت عقد من الزمان لا تزال تلازم كل جوانب الحياة في اليمن
  • في الطيبة... إصابات طفيفة في صفوف الصليب الأحمر
  • نتيجة اعتداء من جانب العدوّ.. استشهاد عسكري وإصابة آخر بجروح في الطيبة
  • التميمي يزور مدرسة بركات الزهراء التي نشرنا عنها سابقا ويوعز بحل المشكلات فيها
  • إيران كانت في الموعد